السينما بين صوت هند رجب وآن فرانك
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
السينما لها سحرها وقوتها وتأثيرها، وهي أنواع مختلفة؛ منها: الروائي، والملحمي، والتسجيلي، والرومانسي، والتعبيري، والسيريالي، والتحريضي، ومنها كذلك الطويل والقصير. ولهذا تظل السينما هي الحلم من أجل المتعة، ومن أجل التغيير، وكذلك من أجل التحذير.
ولعل فيلم المخرجة التونسية كوثر بن هنية، وصوت هند رجب، خير دليل على ما سبق ذكره؛ فقد اهتزّ مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ82 تأثّرا وتعاطفا مع مأساة تلك الطفلة الفلسطينية التي حاصرها الجيش الإسرائيلي، وهي تطلق صرخات استغاثة مسجّلة، قبل أن تلقى مصرعها هي وأسرتها بالكامل على يد نيران الجيش الإسرائيلي.
لقد ألهب الفيلم عواطف جمهور فينيسيا، ونال تعاطفا كبيرا لما حدث لتلك الطفلة الصغيرة، فحصد الفيلم عاصفة من التصفيق تجاوزت 22 دقيقة، تقديرا لشجاعة وجرأة المخرجة كوثر بن هنية في الطرح، ومشاركة وجدانية في مأساة هند رجب وعائلتها.
نعم، انتصرت سينما كوثر بن هنية للإنسان دونما قيد أو شرط، بل دعمها في ذلك صدق الطرح وجِدّة التناول الفني، إلى جانب دعم المنتجين التنفيذيين الأمريكيين خواكين فينيكس وروني مارا.
ولعل هذا الدعم ينفي دعاوى عنصرية الغرب أو الإمبريالية العالمية ضد السينما المنحازة للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكل هذا الهراء الذي نسمعه وتصدّعت به أدمغتنا. فها هو فيلم صوت هند رجب، بدعم من منتجين أمريكيين، يحصد جائزة الدب الفضي في فينيسيا، بل وجوائز عديدة أخرى، قبل أن يحصد تعاطفا وتأثّرا كبيرين من الرأي العام العالمي، ويوجع ضميرهم ووجدانهم.
لكن الأخطر من ذلك -من وجهة نظر كاتب هذه السطور- أنه درس مجاني لأولئك الذين لم يدركوا بعد تأثير وخطورة الفن السابع على عقل ووجدان الجماهير، وأن كثيرا من المؤتمرات واللجان والندوات لا قيمة لها أمام فيلم جيّد الصنع يصيب الهدف بالفكرة والتأثير المطلوبين.
لقد كان هناك إنتاج أمريكي آخر أخرجه كوستا جافراس، ورغم أنه قدّم عرضا مؤثّرا لجانب من جوانب القضية الفلسطينية، إلا أنّ الاتهام الجاهز ظلّ قائما بأنه "فيلم أمريكي". أما اليوم، فها هو فيلم صوت هند رجب لمخرجة عربية يدحض كلّ هذا التباكي على اللبن المسكوب، ويفنّد الاتهامات الموجهة إلى السينما العربية بالتخاذل أو الصمت الذي يصل حدّ التواطؤ أمام القضايا المصيرية.
ولعل هذا التباكي المرّ يَحلو له جلد الذات عندما يُشيد بفيلم مثل آن فرانك، الذي يتناول قصة طفلة يهودية اضطرت للعيش في قبو مع عائلتها هربا من جحيم الاعتقال النازي في معسكرات الإبادة، قبل أن يُكتشف أمرهم على يد أحد الوشاة، ويتم القبض عليهم جميعا وتنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
نعم، لقد عرفت السينما العالمية كيف تعرض قضاياها بشكل مؤثّر، وتعاطف العالم مع "قضية الآخر"؛ لا لشيء إلا لتقاعس الكثيرين عن عرض سرديتهم في قالب فني مؤثر يجعل الآخر يؤمن بها بل ويدافع عنها. ولهذا كان النصر حليف الآخر.
لكن يأتي فيلم كوثر بن هنية ليقلب هذه المعادلة، وتعود المسألة إلى نصابها العادل، ويسمع العالم صرخة هند رجب فيتأثر ويصدق ويؤيد، وهذا ما يجب أن يفهمه أولو الأمر.
وأخيرا، وليس آخرا، يسعدني انتصار هذا العمل الذي يُعدّ انتصارا للسينما والفن معا.. فليحيا الفن، ولتحيا السينما.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء السينما فيلم هند رجب الفلسطينية سينما فيلم فلسطين غزة هند رجب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کوثر بن هنیة هند رجب
إقرأ أيضاً:
ورشة صغيرة بلوس أنجلوس تحفظ ذاكرة نجوم السينما في القوالب القديمة
في ورشة لصنع الأحذية في لوس أنجلوس، يشرف رجل يقول إن مهنته باتت في طريقها إلى الزوال، على آثار أقدام شخصيات صنعت تاريخ هوليود.
تضم صناديق مكدّسة بعضها فوق بعض بهت لونها مع مرور الزمن قوالب على أشكال أقدام مختلف الشخصيات التي لعبت دورا في عاصمة الترفيه الأميركية على مدى أكثر من نصف قرن.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أحمد داش.. تجربة تمثيلية تنضج في صمتlist 2 of 2فضل شاكر يمثل أمام محكمة الجنايات في بيروت وسط إجراءات مشددةend of listفتتضمن المجموعة قالب قدم إليزابيث تايلور إلى جانب بيتر فوندا، وتوم جونز، وهاريسون فورد.
وتتضمن كومة أخرى قوالب لأقدام شارون ستون، وليزا مينيلي، وغولدي هاون، إلى جانب سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارزنيغر.
ويقول صانع الأحذية كريس فرانسيس الذي يحتفظ بقوالب أقدام المشاهير هذه "هناك شيء من الجميع هنا".
وصل فرانسيس إلى المجموعة قبل عدة سنوات بعد وفاة الإيطالي باسكواله دي فابريتسيو الذي عُرف بـ"صانع أحذية النجوم".
ويقول إن "دي فابريتسيو صانع (أحذية) للجميع، من أصحاب الكازينوهات مرورا بالممثلين والمؤدين في فيغاس وبرودواي وهوليود، وصولا إلى (الأحذية التي استخدمت في) الأفلام. لكل من يمكن أن يخطر في البال ممن قدّم عروضا من ستينيات القرن الماضي حتى العام 2008".
وتتضمن بعض الصناديق القديمة تذكارات أو إهداءات من عدد من نجوم الصف الأول.
وتتضمن أخرى على غرار صندوق ساره جيسيكا باركر أو نجمة "ساوند أوف ميوزيك" (Sound of Music) جولي أندروز رسوما لإنتاجات تلفزيونية أو سينمائية.
"قطع فريدة"كانت هوليود في الماضي المكان المثالي لأي صانع أحذية، بحسب فرانسيس، نظرا لحدة المنافسة فيها على الإبداع والتميز.
ويؤكد أن "المشاهير كانوا يتباهون بالمبالغ التي يدفعونها مقابل زوج من الأحذية وأرادوا على الدوام قطعا فريدة"، بينما أنزل صندوقا يحمل قوالب لآدم ويست الذي لعب دور "باتمان" (Batman) في السلسلة التلفزيونية الأصلية في ستينيات القرن الماضي.
إعلانبدأ فرانسيس رحلته في عالم تصميم الأزياء وحصل على أول عرض له عندما اكتُشف وهو يحوك معطفا من الجلد على مقعد حديقة، ويقول ضاحكا "من السهل هنا في لوس أنجلوس أن تكون في المكان المناسب في الوقت المناسب".
لكن اهتمامه الحقيقي كان بالأحذية التي بدأ يتدرّب عليها في مطبخ منزله، فيعلق "كانت بدائية نوعا ما في البداية. كنت فقط أُعلم نفسي كيفية صنعها".
وبحثًا عن شخص يعلمه هذا الفن، بدأ فرانسيس رحلة البحث في أنحاء لوس أنجلوس عمّن يدرّبه، "كانوا جميعا كبارا في السن من الأرمن والروس. جميعهم من العالم القديم، من بلدان مثل إيران وسوريا".
ويضيف "إما أنهم لم يرغبوا في الحديث وإما أنهم لم يتحدثوا الإنجليزية بطلاقة. لذا كان عليك فقط المراقبة والتعلّم عبر التكرار".
ويوضح أن "الأحذية لا ترحم. إذا نسيت خطوة أو قصصت زاوية ما (بالخطأ)، ينعكس الأمر سلبا على الخطوات العشرين التالية. لذا، يتعيّن أن يكون كل شيء دقيقا طوال الوقت".
إنتاج بكميات كبيرةلكن في عالم متغيّر، لم يعد هذا النوع من العمل الحرفي المتقن يحظى بكثير من التقدير. وبينما كان من الممكن في الماضي لبيرت رينولدز، أو روبرت دي نيرو، أن ينفقا آلاف الدولارات بكل سعادة على زوج من الأحذية يدوي الصنع، فإن القطاع كله تحوّل تماما.
ويقول فرانسيس "أجد أن المزيد والمزيد من المشاهير يريدون الحصول على الأحذية بدون مقابل، وهو أمر يقتل صانعي أحذية مثلي".
يتمنى في بعض اللحظات لو عمل بنصيحة بعض صانعي الأحذية القدامى الذين علّموه الحرفة وانضم إلى فرقة موسيقية، نظرا إلى مظهره كنجم روك.
ويضيف "عندما بدأت، قال (أحد الأشخاص) لم تريد أن تصبح صانع أحذية؟ يمكن شراء الأحذية مقابل 20 دولارا في هذه الأيام".
ويشير فرانسيس (48 عاما) إلى أن بعض صانعي الأحذية القدامى تخلوا عن سعيهم لصناعة أحذية من الصفر وبات عملهم يقتصر على إصلاح الأحذية المنتجة بكميات كبيرة والتي قضت على مهنتهم.
ويختم "كمهنة، بات استمرارها صعبا جدا".