تحصلت «الشرق الأوسط» على الأوامر المشددة التي أصدرها قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، لقادته العسكريين في الميدان، مشدداً فيها على الامتناع عن أي هجوم وانتهاكات يُمكن أن تتسبب في ضرر على المدنيين، ومساءلة كل من يُخالف الأوامر قانونياً.

ووفق المصادر، التزم حميدتي في رسالة بعث بها إلى الوسطاء والشركاء الدوليين في محادثات جنيف التي جرت في الفترة من 10 إلى 24 أغسطس (آب) الماضي، بإصدار توجيهات صارمة بناءً على ما تم الاتفاق فيما يتعلق بحماية المدنيين.

وجاء في ديباجة مدونة قواعد السلوك لــ«قوات الدعم السريع» أن كل هذه الأوامر تأتي استناداً إلى القانون الدولي الإنساني والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان في حالات السلم والصراع داخل وخارج البلاد، ووفقاً لجميع أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017 المعدل لسنة 2019.

وأكد حميدتي التزام قواته بتنفيذ الأوامر الدائمة لمنع جميع أنواع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني، من أجل تعزيز الانضباط العسكري وحسن السلوك، والسلوك العام. وشدد على الامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يسبب ضرراً عرضياً للمدنيين يكون مفرطاً مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعا إلى معاملة السجناء بطريقة إنسانية مع تقديم الرعاية الصحية اللازمة للجرحى والمرضى.

وأكد قائد «قوات الدعم السريع» أهمية الالتزام بتوفير الحماية للنساء والأطفال وكبار السن وذوي الهمم، وتقديم كل المساعدة الممكنة لهم. والتزم حميدتي باتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي قد يلحق بالمدنيين، بهدف إخلاء منازل المدنيين والمستشفيات والمدارس، مشدداً على أنه لا يجوز استخدام المدنيين دروعاً بشرية.

وحض قواته على تعزيز عمليات التنسيق مع وكالة الإغاثة والعمليات الإنسانية السودانية؛ لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين، وضمان عدم استخدام نقاط التفتيش لانتهاك مبدأ حرية التنقل للمدنيين والجهات الفاعلة الإنسانية.

ودعا إلى الالتزام بحماية واحترام العاملين في المجال الإنساني والأصول والإمدادات والمكاتب والمستودعات والمرافق الأخرى وعدم التدخل في العمليات الإنسانية.

ووجه جميع القادة للتعاون بشكل كامل مع قوة حماية المدنيين التي تم إنشاؤها حديثاً لضمان تنفيذ مهامها، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية، وأي مناطق محاصرة طواعية بأمان. وتعهد بالتزام قواته بحماية الاحتياجات والضروريات لبقاء السكان المدنيين، التي تشمل الغذاء والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية، وحظر النهب والسلب والتخريب.

وشدد قائد «قوات الدعم السريع» على إلزام قواته في كل المواقع بالامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية بما في ذلك العنف الجنسي بجميع أشكاله، فضلاً عن الانتهاكات ضد الأطفال، والقتل والتشويه والعنف الجنسي والتجنيد والاختطاف والاستغلال والحرمان من المساعدات والهجمات على المدارس والمستشفيات.

الالتزام بالأوامر
وحض حميدتي جميع القادة على ضمان وصول هذه الأوامر إلى جميع ضباط الصف والجنود في المواقع، قائلاً: «يجب على القادة في جميع المستويات الالتزام بالأوامر وتنفيذ التعليمات باتباع القواعد التنظيمية المستمدة من قانون (قوات الدعم السريع) وقواعد الاشتباك وقواعد السلوك والإسعافات الأوّلية أثناء القتال بما يتفق مع القانون وقواعد القانون الدولي الإنساني».

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات. وتتهم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة بوسط السودان لكنها تنفي ذلك.

نيروبي: الشرق الأوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

تفاصيل تكرار الدعم السريع قصف مسجد بالفاشر ومقتل مدنيين

الفاشر- في تصعيد دموي جديد، قُتل 13 شخصا على الأقل وأصيب 20 آخرون جراء قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على مسجد يؤوي نازحين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع.

ووقع القصف، أمس الأربعاء، على مجمع "المسجد العتيق" في حي "أبو شوك الحلة"، حيث لجأت أكثر من 100 أسرة فرّت من مناطق القتال، وجاء الهجوم بعد أيام من استهداف مسجد آخر في أثناء صلاة الفجر، وهو "ما يعكس نمطا متكررا في ضرب دور العبادة التي تحولت إلى ملاجئ للمدنيين".

وأكد شهود عيان للجزيرة نت أن القصف كان بالمدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة، واستهدف المسجد بشكل مباشر، إلى جانب عدد من المنازل المجاورة.

تدمير واسع

وقال آدم جمعة، أحد مشايخ المسجد، للجزيرة نت إن القصف أسفر عن مقتل 13 شخصا وإصابة 20 آخرين، بينهم من كانوا قرب مضخة مياه بجوار المسجد. وأضاف أن شدة القصف وتحليق الطائرات حالا دون نقل بعض الجثث، ما اضطر الأهالي إلى دفنها داخل ساحته.

وتداول ناشطون مقاطع مصورة تظهر حجم الدمار في مراكز الإيواء والمستشفى السعودي الوحيد الذي لا يزال يعمل في المدينة.

وحسب مراقبين، يبلغ عدد المساجد التي تُقام فيها صلاة الجمعة في الفاشر 124 مسجدا، إلى جانب 95 زاوية مخصصة لتعليم القرآن الكريم. وقد تم تدمير عدد كبير منها تدميرا كاملا أو جزئيا، وخرج معظمها عن الخدمة نتيجة نزوح المواطنين إلى مناطق أكثر أمانا أو هجرتهم إلى دول الجوار.

وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن إدانته القوية للهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على أحياء الفاشر، والتي استهدفت مستشفى السعودي ومسجدا كان يؤوي نازحين، مما أدى إلى قتل ما لا يقل عن 20 مدنيا.

وأكدت أوتشا أن المستشفى هو آخر مرفق طبي عامل في المدينة ويخدم آلاف المتضررين من الحرب، مشيرة إلى أن المدنيين فيها باتوا محاصرين ومقطوعين عن المساعدات، داعية إلى وقف فوري للقتال.

معارك شرسة

من جانبه، وصف الناشط الإغاثي أحمد إسماعيل الهجوم بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان"، قائلا للجزيرة نت إن "الضحايا لجؤوا إلى المسجد بحثا عن الأمان فوجدوا الموت، الاستهداف كان مباشرا ولم يرحم حتى النساء".

إعلان

وفي تحليل للجزيرة نت، قال مدير برنامج شرق أفريقيا بمركز فوكس للأبحاث عبد الناصر سلم حامد إن "انتهاكات الدعم السريع لم تعد حوادث عابرة، بل نمطا ممنهجا"، مؤكدا أن ما جرى "يرقى إلى جريمة حرب موثقة". وطالب بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، محذرا من أن "الإفلات من العقاب يغذي دوامة العنف".

ميدانيا، تشهد الفاشر اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة من حركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

وقال المتحدث باسم المقاومة الشعبية أحمد علي الإمام للجزيرة نت إن المعارك امتدت إلى 3 محاور وكانت عنيفة جدا، مؤكدا أنهم "يخوضون معركة وجود لا خيار فيها سوى الانتصار".

من جهته، كشف جمال عيساوي جوليس عضو اللجنة الإعلامية للقوة المشتركة عن تكبد قوات الدعم السريع خسائر كبيرة خلال المواجهات الأخيرة. وأضاف للجزيرة نت أن "العشرات من عناصرها قُتلوا، وتم تدمير 17 آلية عسكرية والاستيلاء على 3 سيارات"، وأن القوات المشتركة تعمل على تعزيز مواقعها ومنع أي محاولات تسلل.

استهداف ممنهج

وفي ظل استمرار القتال، يعيش سكان الفاشر أوضاعا إنسانية "مرعبة"، وفقا لمنظمات محلية حذرت من أن "أكثر من 500 ألف مدني محاصرون ويواجهون خطر الموت جوعا أو عطشا"، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية.

ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، ظلت مدينة الفاشر مركزا إستراتيجيا للحرب في السودان، وشهدت موجات متكررة من النزوح والاقتتال. ومع بداية حصارها في العاشر من يونيو/حزيران 2024، تحولت إلى ساحة مواجهة مفتوحة، حيث ارتكبت فيها قوات الدعم السريع انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين، حسب تقارير حقوقية.

ورغم تصاعد الهجمات، فلم تُفعّل حتى الآن أي آلية دولية لحماية السكان، ويثير هذا الفراغ الأمني تساؤلات عن مسؤولية المجتمع الدولي في منع تكرار سيناريوهات الإبادة الجماعية التي شهدتها دارفور سابقا.

وإلى جانب المساجد والمستشفيات، تعرضت الأسواق ومراكز توزيع الغذاء للقصف أو الإغلاق القسري، مما أدى إلى حرمان السكان من الحصول على المستلزمات الأساسية، وتفاقم أزمة الجوع في المدينة. وتقول منظمات إنسانية إن "الاستهداف الممنهج للبنية التحتية يعكس رغبة في تفريغ المدينة من سكانها".

ومع استمرار القصف على المساجد والمرافق الحيوية وتفاقم الحصار الإنساني، تتزايد الدعوات إلى تدخل دولي عاجل يوقف دوامة العنف ويضع حدا "لانتهاكات الدعم السريع". غير أن غياب الإرادة الدولية حتى الآن يطرح سؤالا ملحا: هل تُترك الفاشر لمصيرها؟ أم أن المجتمع الدولي سيتحرك قبل أن تتحول المدينة إلى فصل جديد من مأساة دارفور؟

مقالات مشابهة

  • السيادة السوداني يستنكر الصمت الدولي على جرائم الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع تنفي استهداف ملجأً للنازحين بالفاشر
  • لجنة إغاثية سودانية: مقتل عشرات المدنيين بقصف مركز إيواء في الفاشر
  • مقتل 53 وإصابة 21 في قصف ميليشيا الدعم السريع لمركز إيواء بالفاشر
  • 30 قتيلا بقصف للدعم السريع على الفاشر
  • عشرات القتلى في قصف لمسيرات الدعم السريع على مراكز إيواء بالفاشر
  • الأمم المتحدة تدين مقتل عشرات المدنيين في الفاشر على يد الدعم السريع
  • 13 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مسجد في الفاشر في السودان
  • السودان.. مقتل 13 شخصًا بقصف قوات الدعم السريع لمسجد في الفاشر
  • تفاصيل تكرار الدعم السريع قصف مسجد بالفاشر ومقتل مدنيين