محللون: عملية اللنبي كشفت التوتر الخفي بين الأردن وإسرائيل
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
القدس المحتلة- أجمعت قراءات محللين ومراكز أبحاث إسرائيلية على أن العملية التي نفذها سائق شاحنة أردني على معبر الكرامة (اللنبي) الحدودي مع الأردن وأسفرت عن مقتل 3 مستوطنين من عناصر الأمن في المعبر، كانت "مسألة وقت ليس إلا".
وعزت التقديرات الإسرائيلية هذه العملية إلى تصاعد التوتر الأمني في الضفة الغربية، واستمرار الحرب على غزة، وغياب أي أفق للهدنة، مع تواصل الاحتجاجات قرب السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمّان.
وفي الوقت الذي امتنع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توجيه الانتقادات إلى الأردن، سارع إلى اتهام إيران بالسعي إلى استخدام الأراضي الأردنية لتهريب الأسلحة والأموال إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة، بينما وجهت بعض التحليلات الانتقادات للحكومة الأردنية والقصر الملكي.
وسوّغت القراءات الإسرائيلية انتقاداتها لديوان الملك عبد الله الثاني، كونه وضع على رأس أولوياته تقديم المساعدات الإغاثية للنازحين في قطاع غزة، وذلك على حساب التنسيق الأمني بين الجانبين بشأن المناطق الحدودية، وهو التنسيق الذي وصل إلى أدنى مستوياته بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار.
تأتي هذه التقديرات للمحللين، وسط هواجس للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر من مغبة تعرض استقرار المملكة الأردنية للخطر، وأن يؤدي ذلك إلى خلق وضع تتمركز فيه إيران ووكلاؤها على الحدود الإسرائيلية الأردنية.
وبسبب هذه الهواجس، تجنبت حكومة نتنياهو المواجهة العلنية مع الجانب الأردني، رغم الانتقادات الأردنية الحادة لإسرائيل على خلفية الحرب على قطاع غزة، مراعاة من تل أبيب للاحتياجات الوجودية للمملكة وأمنها القومي، والاستجابة لها عبر قنوات الاتصال السرية.
وقدرت محررة الشؤون العربية والشرق أوسطية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري، أن العملية المسلحة على معبر الكرامة، هي نتاج لتراجع التنسيق والتعاون بين البلدين بكل ما يتعلق بالجوانب الأمنية على المناطق الحدودية، وذلك بسبب استمرار الحرب على غزة.
وحسب وجهة نظر الكاتبة الإسرائيلية، فإن العملية المسلحة تشكل إخفاقا لأجهزة الأمن الأردنية، علما أن الجانبين الإسرائيلي والأردني عملا -كل من موقعه- منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 واندلاع الحرب على غزة، من أجل منع عمليات مسلحة وإحباط أي عمليات تهريب أسلحة بالمعبر.
وتقول بيري إن الجانب الإسرائيلي يحاول ومنذ عدة أشهر الضغط على الأردنيين لإقامة حدود مغلقة في المعبر، مثل محطة الشحن بمعبر كرم أبو سالم "كير شالوم" المتاخمة لقطاع غزة، وأعلن الأردنيون أنهم مهتمون بذلك "لكنهم عمليا لم يتقدموا في هذه الخطوة، مقابل مواصلة الضغط في إسرائيل، لكن دون رد، حيث تقرر سحب طلب إغلاق معبر البضائع".
ومنذ بداية الحرب على غزة، أصبح التعاون الأمني بين الجانبين سلوكا روتينيا، دون تبادل الإحاطة والتحديثات الكثيرة، حسب بيري، وتضيف "في وقت الهجوم مباشرة، تحدثت الملكة رانيا، في مؤتمر بإيطاليا، وألقت مرة أخرى باللوم الرئيسي في الحرب بغزة على إسرائيل".
مسؤولية مشتركةومن وجهة النظر العسكرية، يعتقد المراسل العسكري لموقع "والا" الإلكتروني أودي عتصيون، أن العملية المسلحة في المعبر "كسرت حاجز الهدوء الذي ساد في المكان على مدار 30 عاما"، وعزا تنفيذ العملية للتصعيد الأمني المتوتر بالضفة، واستمرار الحرب على غزة، والرفض الإسرائيلي لوقف القتال والانسحاب من القطاع.
وأوضح أن المعبر الموجود في غور الأردن يقع تحت المسؤولية المشتركة بين إسرائيل والأردن، ويمر عبره كل عام نحو 100 ألف شاحنة وأكثر من 3 ملايين مسافر، وعلى خطى المستوى الإسرائيلي الرسمي تجنب المراسل العسكري توجيه اتهامات مباشرة إلى عمّان وتحميلها مسؤولية ما حدث، مضيفا: "لقد تمكن الأردنيون من الحفاظ على المعبر كجزيرة معزولة للنشاط الاقتصادي والمدني، حتى الحرب على غزة".
وألمح عتصيون إلى أن العملية المسلحة تأتي على خلفية التوتر والفتور بالعلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والملك عبد الله الثاني، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا إن "القدرة على ضمان عدم وصول سائق أردني إلى المعبر مسلحا، تعتمد على جهود القوى الأمنية الأردنية، والجهد الذي استثمرته إدارة الملك عبد الله في هذا الشأن".
ويضيف أن هذا الهجوم المسلح يأتي في أعقاب "زيادة النشاط العدائي" على طول الحدود الطويلة مع الأردن خلال العام الماضي، "والذي تجلى في زيادة تهريب الأسلحة ودخول المسلحين على طول الحدود إلى منطقة الأغوار، وسط جهود حماس وإيران لإشعال جبهة الضفة"، بحسب تقديراته.
تقويض الاستقرارأما على الجانب الإستراتيجي، فذهبت الباحثة في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أوريت بيرلوف، إلى سيناريو من شأنه أن يزيد من التوتر الأمني على جانبي الحدود في منطقة الأغوار، وذلك في حال استمرت الحرب على غزة، وتصاعدت حدة المظاهرات والاحتجاجات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمّان.
وتساءلت بيرلوف، في تقدير موقف، إذا ما كان ما وصفته بـ"الشر" سيتطور من الشرق؟ وذلك على خلفية استمرار الحرب على غزة، مشيرة إلى أن عودة الاحتجاجات ضد إسرائيل في العاصمة عمّان، قد تهدد بتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن، "وهو تطور ستكون له عواقب وخيمة على أمن إسرائيل".
وأوضحت الباحثة الإسرائيلية أنه بعد مرور نحو 30 عاما على توقيع اتفاق السلام بين المملكة الأردنية وإسرائيل، لا يزال الجمهور الأردني ثابتا في معارضته للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وللسلام والتطبيع مع إسرائيل.
وخلصت للقول إنه "يجب على إسرائيل أن تستجيب بشكل إيجابي للمبادرات الأردنية لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وتفهم الاحتياجات الوجودية للمملكة الأردنية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العملیة المسلحة الحرب على غزة أن العملیة
إقرأ أيضاً:
مكالمة "غاضبة" بين ترامب ونتنياهو تمنع انهيار الهدنة بين إسرائيل وإيران
عبرت الساعات الأولى من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، الثلاثاء، عن توتر وتصعيد مفاجئ كاد أن يطيح بالهدنة الهشة، قبل أن تتدخل مكالمة هاتفية "غاضبة" بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتفادي الانهيار.
انتهاك وقف النار وتصعيد مفاجئرغم إعلان ترامب وقف إطلاق النار، تصاعد التوتر صباح الثلاثاء بإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، وتلويح تل أبيب بالرد بقوة على ما وصفته بانتهاك من قبل طهران، في حين نفى الجيش الإيراني إطلاق أي صواريخ جديدة، ما زاد من الغموض حول الجهة المسؤولة عن التصعيد.
تدخل أميركي حاسمكشف مصدر في البيت الأبيض أن ترامب اتصل بنتنياهو مباشرة، ووجه له طلبًا حازمًا بعدم مهاجمة إيران، معبرًا عن استيائه الشديد من خرق وقف إطلاق النار. ووصفت مصادر أميركية المكالمة بأنها "غاضبة" ولُقيت بنبرة صارمة، حسب تقرير موقع أكسيوس.
تقليص الرد الإسرائيليفي ظل ضغط البيت الأبيض، أكد مسؤولون إسرائيليون أن نتنياهو قرر تقليص حجم الهجوم المخطط له، إذ أبلغه ترامب أنه يجب تجنب ضربات واسعة، والاكتفاء بـ "هدف رمزي واحد". وأعلن الجيش الإسرائيلي لاحقًا تنفيذ غارة على نظام رادار بالقرب من طهران، في ما وصفته هيئة البث الإسرائيلية بأنها رسالة تحذير رمزية.
استمرار التوتر رغم الهدنةعلى الرغم من جهود التهدئة، دوت صفارات الإنذار في مناطق شمال إسرائيل، في الجليل وضواحي حيفا، وسط تحذيرات من الجيش الإسرائيلي بشأن إطلاق صواريخ إيرانية، بينما نفى الجانب الإيراني هذه الاتهامات، وأكد مجلس الأمن القومي الإيراني عدم إطلاق أي هجمات جديدة.
وفي المقابل، واصلت إيران شن هجمات صاروخية ومسيرات على مناطق إسرائيلية متعددة، ما يعكس استمرار حالة التوتر وعدم الاستقرار.
سياق الصراعيأتي هذا التصعيد في سياق حرب استمرت 12 يومًا، شهدت تدخل الولايات المتحدة عسكريًا عبر ضربات جوية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية، في فوردو ونطنز وأصفهان. وردت إيران بضرب قواعد أميركية في قطر والعراق، من دون تسجيل إصابات، قبل أن يفاجئ ترامب العالم بإعلانه وقف إطلاق النار.
وفي تصريحات للصحافيين، شدد ترامب على ضرورة تهدئة إسرائيل، معتبرًا أن الطرفين، لا سيما إسرائيل، لم يلتزما تمامًا بوقف النار. وأضاف في منشور على منصة "تروث سوشيال":
"الطائرات الإسرائيلية توجهت لإيران فقط لأداء تحية ودية، ولن يصاب أحد بأذى، والجميع سيعود أدراجه".