مناظير الاثنين 9 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* هاجت وزارة خارجية حكومة بوتسودان بعد صدور توصيات بعثة الامم المتحدة لتقصى انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب في السودان، واتهمتها بانها هيئة سياسية وليست قانونية، واعلنت رفضها القاطع لما جاء في تقريرها عن الجرائم التي ارتكبها طرفا الحرب وحلفائهما، وتوصيتها بحظر السلاح وارسال قوة عسكرية دولية لحماية المدنيين!
* نفس هذا السيناريو حدث بالضبط في عام 2006 بعد صدور جملة من التوصيات من لجنة خبراء شكلها مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة للتحقيق في جرائم دارفور، بحماية المدنيين والمشردين داخليا وحماية النساء من العنف، والاطفال من النزاع المسلح، والامتناع عن الاعدام باجراءات موجزة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء، والتعذيب، وحماية الشهود والضحايا، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، ووصول المساعدات الإنسانية، والمساءلة والعدل .
* اثر صدور القرار هاجت حكومة الجبهة الاسلامية، وصدرت البيانات الرافضة وخرجت المظاهرات من اعوان النظام، وظلت تخرج بشكل يومي طيلة ستة اشهر كاملة، وتُستعرض فيها كل انواع الاساءات والبذاءات التي يحفظها ويرددها قادة النظام البائد!
* في إجتماع للهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني بتاريخ 20 يونيو، 2007 أقسم المخلوع أنه " سيقود المقاومة بنفسه ضد القوات الاجنبية إذا دخلت الإقليم"، وكرر ذلك بعد 9 ايام بمناسبة الذكرى المشؤومة لاستيلاء الجبهة الاسلامية على الحكم بانقلاب عسكري في 29 يونيو، 1989، قائلا إنهم لن يسمحوا اطلاقا بدخول قوات أممية الى دارفور، و"إن محاولة دخول القوات الدولية مرفوضة تماماً من كل أهل السودان وأن كل حجة يستند إليها الداعون الى التدخل الدولي هي حجة باطلة لا سند لها، ثم انفعل وحلف طلاق "انو اذا دخلت القوات نسوانو مطلقات"، فتعالت هتافات أعضاء المؤتمر الوطني وهم يرفعون اصابعهم الي السماء: (سير سير يا البشير)!
* وخاطب الاجتماع مدير جهاز الامن (صلاح قوش) قائلا:" ان جهاز الامن يرفض رفضا قاطعا نشر قوات دولية في دارفور، وان قيادة الدولة تفضل الموت والشهادة في سبيل الله على ان تكون الدولة ذات سيادة منقوصة لا تحترم ارادة المواطنين او كرامة الامة، واذا كان الخيار المطروح هو استعمار السودان ودخول الجيوش الاممية الى ترابه فان باطن الارض خير من ظاهرها"، واضاف: "ان المعركة حال نشوبها، فاننا سنبدأ من الخرطوم بالطابور الخامس وعملاء الداخل من المرجفين والمتربصين بأمن الوطن ومواطنيه"، متعهدا "ان جهاز الأمن سيكون في طليعة المقاومة الرسمية والشعبية التي اعلنها الرئيس، وانه لن يسمح بان يكون من بين منتسبيه خائن او عميل لتراب ونداء الوطن"!
* وبعد ايام تلقى صلاح قوش (بيعة الموت) إنابة عن البشير من حشد من قوات الجهاز و(المجاهدين والجنجويد) الذين اقسموا على الطاعة والثبات عند دخول القوات الاجنبية وهم يرفعون بنادقهم ويحملون صورة ضخمة للبشير كُتب عليها (القائد أقسم ولن نرجع ولغير لله لن نركع)!
* وتحدث امام الحشد المدعو (أنس عمر) مخاطبا رئيس الجهاز:" نقسم بأنه لن يتخلف منا رجل ولو خضتَ بنا عرض البحر، ولكم بيعة في اعناقنا، ولن نخذلكم ولن ننكص عنها" .. وقيل كلام كثير من هذا النوع من كل المنافقين والطبالين، تماما مثلما يحدث الآن من شلة المنتفعين والارزقية وبنفس العبارات والكلمات والشتائم !
* مع تعنت نظام الخرطوم بعدم السماح بدخول قوات دولية الي السودان، حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس الحكومة السودانية من عواقب وخيمة في حالة رفضها السماح لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالانتشار في اقليم دارفور، وقالت في كلمة ألقتها في واشنطن، إن أمام السودان خيارين: "إما التعاون أو المواجهة". واضافت "إن الوضع في دارفور مسألة حياة أو موت ، وأن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي"!
* ثم فجأة انتهى الهراء، ووافق البشير وسط دهشة الجميع على نشر قوات أممية في دارفور لحماية المدنيين، وخرج وزير الخارجية (لام أكول) معلنا في مؤتمر صحفي بتاريخ 2 اغسطس 2007، موافقة الحكومة بدون تحفظ على قرار مجلس الامن".
* يبدو اننا موعودون بنفس السيناريو بكل تفاصيله مرة أخرى، بدءا من البيانات والتهريج والبذاءات و"لغير الله لن نركع"، وانتهاءً بالخضوع والركوع للكفار !
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الناطق باسم يونيفيل للجزيرة نت: الجنوب اللبناني بوضع هش ولم ننسحب
بيروت- عاد ملف قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان "يونيفيل" ليتصدر واجهة المشهدين السياسي والأمني، في لحظة إقليمية دقيقة تتشابك فيها تعقيدات الداخل اللبناني مع التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، لا سيما في ظل عمليتي "الأسد الصاعد" و"الوعد الصادق 3″.
وفي خضم هذا السياق المضطرب، يسابق لبنان الوقت لحشد التأييد الدولي بهدف تجديد تفويض قوات "يونيفيل"، في وقت يذهب فيه خبراء عسكريون، في حديثهم للجزيرة نت، إلى أن إسرائيل تتجه نحو تفريغ الجنوب من أي رقابة دولية توثق خروقاتها المتكررة تمهيدا لتوسيع هامش مناورتها العسكرية.
وعلى وقع التحذيرات المتزايدة من المساس بجوهر القرار 1701 لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، تبرز مؤشرات على ضغوط غير معلنة، لا تستهدف إنهاء مهمة "يونيفيل"، بل إعادة رسم صلاحياتها بشكل يفرغها -بحسب الخبراء- من دورها الأساسي.
من جانبه، أكد الناطق باسم هذه القوات في لبنان أندريا تيننتي، للجزيرة نت، أن ما تم تداوله مؤخرا في بعض وسائل الإعلام بشأن انسحابها أو عدم تجديد تفويضها، لا يستند إلى معلومات دقيقة ويعتمد على مصادر غير معروفة.
وبشأن التحديات المرتبطة بتجديد تفويض "يونيفيل"، لفت تيننتي إلى أن القرار سيعود إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن التي ستحسم في أغسطس/آب المقبل، ما إذا كانت ستُبقي على التفويض الحالي أو تُدخل عليه تعديلات.
وفي ما يتعلق بالميدان، أوضح تيننتي أن الدور الحالي لقوات "يونيفيل" في جنوب لبنان يتمحور حول الحفاظ على الاستقرار في منطقة تشهد في الوقت الراهن "وضعا هشا للغاية قابلا للتدهور في ظل التطورات الأخيرة".
وأشار إلى استمرار إطلاق النار داخل الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى رصد وجود لقوات الجيش الإسرائيلي داخل الحدود اللبنانية ما يُعد "خرقا واضحا للقرار 1701".
إعلانوكشف أن "الأشهر الماضية شهدت اكتشاف عدد كبير من الملاجئ ومخابئ الذخيرة والمواقع العسكرية التي كانت تُستخدم في السابق من قبل جماعات مسلحة أو حزب الله"، وقد تم ذلك بتنسيق وثيق ومسبق مع الجيش اللبناني، الذي اعتبره الطرف الأساسي المعني بحفظ الأمن في الجنوب.
ووفق تيننتي، لا تقتصر مهام "يونيفيل" على الدوريات العسكرية، بل تواصل دعم المجتمعات المحلية في هذه المرحلة الدقيقة من خلال تنفيذ مئات الأنشطة يوميا، تتنوع بين إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة، وفتح الطرق، وتقديم الدعم الطبي، بمشاركة قرابة 10 آلاف جندي حفظ سلام من 48 دولة.
كما شدد تيننتي على أن القرار 1701 يمنحها صلاحية تنفيذ عمليات المراقبة والدوريات داخل منطقة العمليات، سواء بمرافقة الجيش اللبناني أو بدونه، وهو ما كان ساريا منذ عام 2006، رغم ما وصفه بسوء الفهم المستمر لهذا الجانب. وأكد أن جميع الأنشطة تُنفَّذ بالتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني، ولا تُتخذ أي خطوة دون مناقشة مسبقة.
وأشار إلى أن معظم أنشطة البعثة لا تواجه عقبات، غير أن بعض "التصرفات الفردية" قد تتسبب أحيانا في توترات مع السكان المحليين. ودعا جميع أبناء الجنوب اللبناني إلى فهم دور "يونيفيل" على حقيقته بوصفه يرتكز على دعم السكان وإعادة الاستقرار إلى مناطقهم.
ويرى الخبير العسكري العميد حسن جوني، في حديث للجزيرة نت، أن الجدل الدائر حاليا والضغوط المتزايدة حول قوات "يونيفيل" لا تستهدف منع تجديد التفويض، بل تسعى إلى فرض شروط جديدة لتمديده، تمنحها دورا أكثر فاعلية.
وأضاف أن ما يجري يُقرأ ضمن سياق الضغط على الدولة اللبنانية وعلى "حزب الله تحديدا"، لدفعهما إلى القبول بتوسيع هامش تحرك يونيفيل، فالمسألة لا تتعلق بوضع القوات تحت الفصل السابع، بل بتعديل قواعد الاشتباك الميدانية، خصوصا أن هناك إشارات واضحة مفادها أن هذه القوات لا تستطيع تنفيذ مهام مستقلة عن الجيش اللبناني، بالنظر إلى حساسية الواقع الجنوبي وموقف السكان.
وقد يحمل هذا النقاش -وفق جوني- رسالة غير مباشرة مفادها أن أي تحرك منفصل ليونيفيل عن التنسيق مع الجيش لن يكون موضع ترحيب، رغم أن التعديل ما قبل الأخير للتفويض أجاز لها تنفيذ بعض المهام بشكل مستقل، وعليه فإن التلويح بعدم التمديد يبدو أقرب إلى ورقة ضغط منه إلى خيار فعلي.
ويحذر من أن عدم التجديد، إذا ما حصل، ستكون له تداعيات خطيرة:
أولا: تهديد جوهر القرار 1701 الذي يقوم أساسا على وجود قوات الطوارئ الدولية. ثانيا: سيُفقد المنطقة قناة الاتصال غير المباشرة بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، وهي الآلية التي تسمح باحتواء الاحتكاكات ومنع التصعيد.وحسب الخبير جوني، فإن غياب "يونيفيل" يعني أيضا غياب العين الدولية التي ترصد الانتهاكات وتوثّق الاعتداءات الإسرائيلية، مما يمنح تل أبيب هامشا أوسع للتحرك في الجنوب، ويزيد من احتمالات التصعيد من دون رادع دولي.
موقف إسرائيلمن جهته، يرى الخبير العسكري العميد بهاء حلال أن إسرائيل لا تخفي رفضها لوجود قوات "يونيفيل" جنوب نهر الليطاني، خاصة في ظل التنسيق الوثيق بين هذه القوات والجيش اللبناني، مما يجعلها بمثابة "عين راصدة" لتحركات الاحتلال وناقلة دائمة لانتهاكاته.
ويذكّر -في حديثه للجزيرة نت- بأن الجيش الإسرائيلي قصف خلال حرب يوليو/تموز 2006 مركزا ليونيفيل في بلدة قانا، في رسالة واضحة على موقفه المعادي لأي جهة تراقب أداءه الميداني.
إعلانوفيما يتعلق بمصير هذه القوات الدولية، يشير الخبير العسكري إلى أن السيناريوهات المحتملة في صورة عدم تجديد التفويض ترتبط بالمعادلة القائمة حاليا في الجنوب، والتي تضم المواطنين اللبنانيين، والمقاومة والجيش اللبناني إلى جانب "يونيفيل"، ويؤكد أن إسرائيل تعمل على تقويض هذه المعادلة عبر الضغط على كافة مكوناتها، تمهيدا لخلق فراغ أمني وإنساني يسمح لها بتحقيق أهدافها.
ويضيف أن المقاومة التزمت بالقرار 1701 وسحبت عناصرها من جنوب الليطاني وسلمت مواقعها للجيش اللبناني بالتنسيق مع الأمم المتحدة، مما جعل الطرفين الوحيدين المنتشرين على الأرض هما الجيش و"يونيفيل"، إلا أن إسرائيل -بحسب الخبير- لا ترحب بأي دور فعّال للجيش اللبناني وتسعى إلى تقييد حركته، بما في ذلك عبر ما يُعرف بـ"اللجنة الخماسية" المعنية بالتنسيق.
ويحذر من أن تل أبيب تكثف ضغوطها لسحب "يونيفيل"، خصوصا إذا لم يتم التمديد وفق شروطها المتماهية مع الرؤية الأميركية، ويعتقد أن غياب هذه القوات قد يفتح الباب أمام عدوان إسرائيلي جديد يهدف إلى التقدم نحو نهر الليطاني، خاصة في ظل "غياب فعلي للمقاومة جنوبه، وضعف قدرة الجيش اللبناني على خوض مواجهة مفتوحة من هذا النوع".
ولا يقتصر الهدف الإسرائيلي الأميركي على إنهاء دور "يونيفيل"، بل يتعداه إلى إعادة تشكيل هذه القوة ضمن إطار "متعدد الجنسيات"، تعمل تحت الفصل السابع وتنتشر شمال الليطاني، مما يعني عمليا نقل الأزمة من جنوبه إلى شماله، في إطار خطة مدروسة لإعادة رسم خارطة السيطرة في الجنوب اللبناني، وفق الخبير بهاء حلال.