يحذّر خبراء من أن ناقلة نفط مهجورة تحمل أكثر من مليون برميل نفط خام، قد تلوث "مساحات شاسعة" من البحر الأحمر والسواحل المجاورة في حال تفككت أو انفجرت، ما سيشكل "كارثة بيئية" خطيرة سيكون تأثيرها طويل الأمد.

 

بعد أيام من استهدافهم السفينة اليونانية "سونيون" في 21 آب/ أغسطس الماضي، أقدم المتمردون اليمنيون على تفخيخها وتفجيرها مما أشعل فيها النيران وهي تحمل مليون برميل من النفط الخام.

 

وكانت السفينة لا تزال مشتعلة السبت الماضي، بحسب تقرير لقوات بحرية غربية. وتمثل راهنا تهديدا بتسرب هذه الكمية الهائلة من النفط، وهي كمية أكبر بأربعة أضعاف من كارثة "إكسون فالديز" عام 1989 التي تشكل واحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة.

 

وتحذّر منظمة  "غرينبيس"  البيئة من أن أي تسرب أو انفجار على متن السفينة قد يتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها. ويقول مدير البرامج في فرع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة جوليان جريصاتي: "بمجرد تسربها، قد يستحيل تقريبًا احتواء بقعة نفطية بهذا الحجم، ما سيؤدي إلى انتشار التلوث في مساحات شاسعة من مياه البحر والسواحل".

 

ويضيف "قد تكون التداعيات الطويلة الأمد على التنوع البيولوجي البحري، مدمّرة، إذ من المحتمل أن تبقى بقايا النفط في البيئة لسنوات أو حتى عقود".

 

حرب الحوثيين على السفن التجارية

 

ويستهدف  الحوثيون منذ تشرين الثاني / نوفمبر، سفنا تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بالصواريخ والمسيّرات. ويقول المتمرّدون إن السفن التي يستهدفوها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إليها، في ما يعتبرونه دعما لفلسطينيي  قطاع غزة حيث تشنّ إسرائيل حربا ضدّ حركة حماس بعد هجوم الأخيرة على أراضيها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

 

ومنذ أن شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات مشتركة على مواقع تابعة لهم في اليمن، بات الحوثيون يستهدفون سفنا يعتقدون أنها على صلة بالبلدين.

 

وتسبب الهجوم الأول على "سونيون" التي تحمل 150 ألف طنّ من النفط الخام، باندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها، ما دفع أفراد طاقمها البالغ عددهم 25، إلى هجرها. وقد أجلتهم فرقاطة فرنسية تابعة للبعثة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر "أسبيدس".

 

بعد أيام، أقدم الحوثيون المدعومون من إيران، على تفخيخها وتفجيرها ما أشعل حرائق عدة على متنها. وترسو حاليا غرب سواحل الحُديدة، بين اليمن وإريتريا.

 

والأسبوع الماضي، توصلت الشركات الخاصة المعنية بعملية سحب السفينة إلى أن "الظروف غير مواتية" للقيام بذلك، حسب ما أفادت مهمة "أسبيدس" المولجة حماية سفن القطر.

 

ويوضح جريصاتي أنه "نظرا إلى أن السفينة عبارة عن ناقلة نفط كبرى وحمولتها هائلة، وهي الآن معطلة ومشتعلة، فإن الوضع خطير للغاية ولا يمكن التنبؤ به". ويشير إلى أن "هناك احتمالا كبيرا بوقوع كارثة بيئية كبرى، إذ من الممكن أن تتفكك السفينة أو تنفجر في أي وقت".

 

وأسفرت هجمات الحوثيين في اليمنالمستمرة منذ عشرة أشهر إلى مقتل أربعة بحارة على الأقل وإغراق سفينتين، بما في ذلك سفينة "روبيمار" التي غرقت في آذار/مارس الماضي مع حمولتها البالغة 22 ألف طنّ من سماد فوسفات الأمونيوم الكبريتي. غير أن سونيون تمثل التهديد الأخطر حتى الآن.

 

مخاطر كارثة بيئية غير مسبوقة

 

ويرى مدير أحد المشاريع في منظمة "باكس" الهولندية لبناء السلام ويم زفيننبرغ أن "هذا الوضع هو بمثابة كارثة بيئية تنكشف ببطء أمام أعيننا". وبحسب تقرير الأسبوع الماضي لـ"مركز المعلومات البحرية المشترك" الذي يديره تحالف بحري غربي، فإن دوريات جوية يومية تفيد عن وجود "حرائق عدة" على السطح الرئيسي للسفينة، لكن لم يتمّ رصد أي بقعة نفط ظاهرة. وتوقع التقرير أن تبدأ عملية قطر السفينة "هذا الأسبوع".

 

ويضيف زفيننبرغ أنه "تم رصد بقعة نفطية صغيرة في بعض صور الأقمار الصناعية، يُرجّح أنها مرتبطة بالنفط المحترق بعد الانفجارات أو من المحرك"، لكن "لم تظهر أي مؤشرات على تسرب حمولة النفط الخام".

 

وتذكر السفينة "سونيون" بالتهديد الذي كانت تمثّله الناقلة المتهالكة "صافر" التي بُنيت قبل 48 عاما وكانت تُستخدم كمنصّة تخزين عائمة، قبالة السواحل اليمنية.

 

وعلى مدى سنوات، وُصفت "صافر" بأنها "قنبلة موقوتة" إذ إنها لم تخضع لأي أعمال صيانة منذ تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، ما أجّج مخاوف من تسّرب حمولتها التي كانت تبلغ 1.14 مليون برميل من النفط الخام إلى البحر الأحمر.

 

وفي آب/أغسطس 2023، انتهت عملية نقل النفط منها إلى سفينة جديدة، في عملية مُكلفة ومعقّدة جدا استغرق تنظيمها سنوات. لكنّ الأمم المتحدة حذّرت حينها من أن "صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي لأنها تحتفظ ببقايا النفط اللزج وتظّل معرضة لخطر التفكّك".

 

وتقول الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نوام رايدن التي ترصد الهجمات على السفن، إن عملية قطر "سونيون" تنطوي على مخاطر كبرى. وتوضح أنه "سيكون من الصعب إيجاد سفن قطر مناسبة في المنطقة مستعدة للعمل في مثل هذا الوضع المحفوف بالمخاطر".

 

وتؤكد الخبيرة أن ما يزيد التعقيدات هو أنه سيتعيّن على القوات البحرية العاملة في المنطقة "البقاء قرب الناقلة لمنع الحوثيين من مقاطعة عملية" قطر السفينة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر البيئة السفينة سونيون تلوث البحر الأحمر کارثة بیئیة النفط الخام من النفط

إقرأ أيضاً:

الغلوسي يحذر من تكرار الأخطاء التي وقعت في الماضي على خلفية المس بالمكتسبات الحقوقية

دعا محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى الحفاظ على  المكتسبات الحقوقية التي تم تحقيقها في السنوات الأخيرة وراكمها المشرع المغربي، معتبرا أن ما جاء في ثنايا مشروع قانون المسطرة الجنائية بات يهدد هذه المكتسبات على خلفية محاربة الفساد.

وانتقد الغلوسي مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي يهدف إلى تعديل الإجراءات القضائية المتعلقة بمكافحة الفساد، معتبرا أنه تقليد لمحكمة العدل الخاصة التي أنشئت في عام 1965.

وقال الغلوسي في تدوينة له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي « فايسبوك »، « سنة 1962 تم وضع مجموعة القانون الجنائي التي تتضمن جرائم تبديد واختلاس أموال عمومية، الغدر، الرشوة، استغلال النفوذ …
وفي مارس 1965 تم إنشاء محكمة العدل الخاصة التي ستتولى النظر في الجرائم المنسوبة للمسؤولين المتورطين في الجرائم أعلاه، محكمة تحال عليها القضايا وجوبا بإذن كتابي صادر عن وزير العدل حتى يتأتى إجراء الأبحاث والمتابعات والمحاكمات ».
وأضاف المتحدث » كما هو معلوم فإن سنة 1965 شهد المغرب مظاهرات واحتجاجات حاشدة كرد طبيعي على نهج وسياسة الفساد والغلاء والقمع والتفاوت الاجتماعي وسياسة التعليم الطبقية، احتجاجات تمت مواجهتها بالقمع الشرس والاعتقالات والمحاكمات الصورية ».

كاشفا أيضا، أنه « خلال يونيو من سنة 2004 تمت المصادقة على القانون رقم 03-79 الذي يتعلق بتغيير وتميم القانون الجنائي وحذف محكمة العدل الخاصة التي أنشئت سنة 1965، وتم حذف هذه المحكمة بعدما وجهت لها انتقادات كثيرة من طرف الحقوقيين والقانونيين، والتي تتركز في مجملها على كون هذه المحكمة هي محكمة استثنائية فضلا عن تبعيتها للسلطة التنفيذية (الحكومة من خلال وزير العدل الذي يوجه إذنا كتابيا للمحكمة لتحريك المتابعة القضائية ).
وبعد إلغاء محكمة العدل الخاصة أحيلت كل القضايا التي لازالت رائجة على محاكم الاستئناف العادية لتواصل النظر فيها ».

وحذر الغلوسي، من عودة الفساد والاستبداد في المغرب، معتبرا أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يهدف إلى حماية الفاسدين.

ودافع رئيس جمعية حماية المال العام، عن ضرورة استمرار دور النيابة العامة في قضايا الفساد، مطالبا أن يظل دورها في مكافحة الفساد مستقلًا عن السلطة التنفيذية.

الغلوسي، دعا أيضا، إلى استفادة المغرب من تجارب الماضي ويتجنب تكرار الأخطاء التي وقعت في الماضي، خاتما تدوينته بالقول: »ما أشبه اليوم بالأمس، ليبقى السؤال من له المصلحة في خرق الدستور واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وضرب المكتسبات الحقوقية والمؤسساتية والعودة بنا إلى الوراء ؟ فهل ستسمح الدولة بهذا العبث؟ ».

 

كلمات دلالية الفساد حماية المال العام قانون المسطرة الجنائية محمد الغلوسي

مقالات مشابهة

  • حفلات الخلع.. ظاهرة نسوية خطيرة تهدد تماسك الأسرة العراقية
  • طقس حار وأمطار رعدية.. تحذيرات من ارتفاع الموج ورياح شديدة في عدة مناطق يمنية
  • 379 مهاجراً عالقين في البحر المتوسط
  • بحرية الصين تؤكد تعلمها من الدروس التي تجرعها الأمريكان على يد اليمن في البحر الأحمر
  • انقذ المدينة من كارثة.. وفاة قائد سيارة البنزين المشتعلة بالعاشر من رمضان
  • مسيّرات تلاحق السفينة مادلين مع اقترابها من سواحل غزة
  • مراقبة دولية حثيثة للوضع الليبي بسبب مخاطر انقطاع تدفقات النفط
  • الغلوسي يحذر من تكرار الأخطاء التي وقعت في الماضي على خلفية المس بالمكتسبات الحقوقية
  • تنفيذ 413 ألف عملية تداول بالبورصة الأسبوع الماضي
  • إعلام عبري: انهيار ايرادات مرفأ “إيلات” بنسبة 80% بسبب حصار القوات اليمنية