بقلم: محمد بدوي

)١٢)
المشتركات التاريخية بين السودان وتشاد جعل قبرالاب الروحي لسلطنة المساليت السلطان تاج الدين، في مدينة ابشي بينما إحتضن أديم مدينة الجنينة بالمسجد الكبير قبري ابنه وحفيده السلطان بحرالدين، وعبدالرحمن، ثم في حرب أبريل ٢٠٢٣ احتضنت الجنينة قبر الأمير طارق عبدالرحمن بحرالدين، بعد أن قتل بعد التعرف عليه من قبل قاتلية والحوار معه حول توجهه السياسي، وفقا لرواية شهود عيان لهم جميعا الرحمة والمغفرة جاء قتل الأمير طارق بعد أن تم إقتحام مقار سكن( حوش السلطان) بحي المجلس بالجنينة حيث تقيم أسرة السلطان الممتدة، كما أعتقل في الاحداث الأمير أسعد بحرالدين، وياسر يحيي بن أخته قبل إطلاق سراحهما لاحقا في مساء ذات اليوم.



(١٣)
في ذات الثاني عشر من مايو ٢٠٢٣ الذي تم فيه الهجوم علي حوش السلطان، الي جانب القتل والترويع، تم السرقة تحت تهديد السلاح للممتلكات، شملت ما لا يقل عن ثمان سيارات، وكمية من ذهب الزينة الخاص بنساء وفتيات الحوش، والكثير من الاموال المنقولة .
امتد الانتهاكات إلي سرقة خمسة سيوف التاريخية التابعة لسلطنة المساليت وهي الذهب والفضة بالاضافة الي زي التنصيب السلطاني، الذي كان قد إرتداه السلطان بحرالدين، مثل ذلك الحدث التاني عقب سرقة مقتنيات متحف السلطان بحرالدين الكائن بحي الجبل الأمير بالجنينة في ٢٠٢١ بالتزامن أحداث معسكر كريندق -٢.

(١٤)
تواريخ الصراعات السياسية والظروف الطبيعية، دفعت بهجرات مواقيت مختلفة بين السودان وتشاد، المجاعة التي ضربت إقليم غرب أفريقيا في ١٩٧٠ دفع بهجرات نحو السودان من الغرب الافريقي،امتد بعضها عبر الكاميرون إلي شرق أفريقيا حيث دول الكنغو ويوغندا، ثم الحرب التشادية الليبية في السبعينات كان احدي تلك المحطات تلتها مجاعة ١٩٨٤ التي عززت من الهجرة نحو مدن دارفور والاقليمين الاوسط والشرقي أنذاك، هذه الهجرات اغلبها للمجموعات مشتركة قسم وجودها بين الدولتين ترسيم الحدود، فإقليم وداي بتشاد يحتضن المساليت، الزغاوة، التاما، البرقو، الميمي الذين يعرفون في السودان بالميما، الرزيقات، الاسنقور احد فروع الايرنقا، القرعان والمراريت ومجموعات أخري وهي بالمقابل تمثل امتداد لذات المجموعات على الجانب السوداني.
الحركة السياسية من السودان إلي تشاد حملت الرئيس الأسبق حسين هبري ١٩٨٤ رئيسا ثم في العام ١٩٩١ تكرر الحال مع الرئيس السابق الراحل إدريس ديبي الذي كان يقيم بمدينة الفاشر قبل تحركه نحو كرسي السلطة قي تشاد.
في ٢٠٠٨ تحركت حركة العدل والمساواة نحو أمدرمان من محورين وادي هور ومن داخل الأراضي التشادية، العديد من قادة المعارضة التشادية بما فيهم الابرز محمد نور ظلوا بالسودان، لكن جاء التحركات النشطة في الفترة ٢٠٠٦ -٢٠٠٧ التي شهد فيها القصر الرئاسي بانجمينا حصارا، ثم في ٢٠١٠ تحركوا في مساحات واسعة على الشريط الحدودي داخل السودان .

في ١٩٩٦ عقب أحداث بيضة بغرب دارفور لجا العديد من المدنيين إلي تشاد، تلي ذلك الأحداث الواسعة في ٢٠٠٣، ثم عودة جزئية للبعض عقب توقيع اتفاق وثيقة الدوحة ٢٠١١ لسلام دارفور، عادت أحداث الفترة الانتقالية ٢٠١٩-٢٠٢٢ إلي لجوء اخر للمدنيين إلي تشاد سواء من مناطق جبل مون، كرينك، مستري وغيرها، حرب أبريل ٢٠٢٣ دفعت بلجوء حديث واسع من عدة مناطق منها مستري والجنينة إلي ادري مرة أخري

(١٥)
ادري معسكر يضم في داخله ثلاثة معسكرات ، السلطات التشادية تتعامل معه كمعسر استقبال، ليتم ترحيل اللاجئين الي معسكرات اخري، وهي ابوتنقي، ميجي، علاشا، زابوت، اركوم، بالإضافة إلي المعسكرات الموجودة من الفترة ٢٠٠٣- ٢٠٠٤ وهي معسكري قاقا وفرشنا.
.
التواجد بمعسكرات ادري تمثل أفضلية للاجئين لميزة ادري المدينة وقربها من الجنينة التي تبعد ٢٨ كيلو مترا، والمدن لها ميزات توفر فرص العمل، في ظل حصص الغذاء التي يشتكي الجميع من عدم كفايتها، لكن يظل الخيار مرتبط بالتوزيع في هذه المعسكرات للإقامة.
تظل دولة تشاد تمثل اكبر مستقبل للاجئين السودانيين مقارنة ببقية الدول التي أيضا فتحت اراضيها للسودانيين، فتوتر العلاقة بين الحكومتين، لا علاقة لها بالشعوب لأن المشتركات بينها قادرة على خلق الدبلوماسية الشعبية الاكثر رسوخا

(١٦)
انقذوا الجنينة مبادرة مدنية، أحتضنتها مدينة ادري، جاءت نتاج لجهد مدني إنساني، بالرغم من شروط تسجيل المنظمات وفق للقوانين التشادية، فقد تم تسجيلها عبر جهود نجحت في ذلك، بعد أن سندتها احدي المنظمات الوطنية التشادية في ذلك.
مبادرة تبعث الأمل، فهي تحتضن في داخلها عيادة لأجلك التي تقدم خدماتها الطبية، أقسام المبادرة السبع، خلية نحل ، يقف ورائها شابات شبان شامخات وشامخين العطاء، كملوا جهد بعض في التخصصات الإدارية والصحية، انقذوا الجنينة، المساحة الآمنة والصديقة للناجيات والاطفال.
تدفع العين تقديرا لهذا العطاء الممتد من جيش المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان يصعب المجال للإشارة إليهم بالاسم، فستعيض عن ذلك بلقب " انسان" تعبير عن الضمير الحي، وهم يقفون لبدء وجبات الأطفال صباحا ومساء، فبين يمتد صف ل٢٣٠ طفل في انتظار بدء الاطعام حينها يعزف النشيد الوطني للانسانية، فالوطن هنا الإنسانية والأمان مكانا وزمانا.

(١٧)

بالرغم من المشتركات التاريخية بين اللاجئين والمجتمع المضيف، يمكن أن تلاحظ غياب التواصل، الحوجة للقارات المشتركة بين ممثلي اللاجئين ولادة المجتمع المضيف يمكنها أن تحل المنظمات التي قد تنتج بفعل النشاط اليومي، وبذات القدر بين مجموعات الشباب، وهو ما يمكن أن تقوم به "سينار" الجسم الحكومي المعني بتنظيم العمل الإنساني بتشاد، فالامن الإجتماعي مدخل للاستقرار الكلي، والتواصل وسيلة يمكنها تذليل الكثير من الصعاب وتقليل الجهد والموارد .
(١٨)
السوق " الجوه" بأدري، يكتسي ببعض ألق صوفي تجاني الهوي في عصر الجمعة،
فيرتفع صوت الأذكار في تناغم يتجمع التجار في باحة المصلي بالسوق، ثم يرتفع ذكر عصر الجمعة مرددين " صلاة الفاتح" عامرا.

(١٩)
برتقال جبل مرة ، في رواكيب السوق الصغير، سوق البرتكان،صار معلما يمكن للوصف أن يهتدي به، لم يكن في السابق يصل البرتكان ابوسرة إلي الجنينة نهايك عن ادري، كانت الشاحنات تأخذه إلي تجاه الشرق فتكون محطتها الأخيرة الخرطوم وليست القلابات على الحدود الشرقية مع الجارة اثيوبيا، فالحرب دفع بالبرتكان غربا ، فاكهة نضرت سوق ادري.

(٢٠)
ختاما : أما آن لهذه الحرب أن تقف!
وطنا حبيبنا رغم البين
هي الاشواق
حنينا إليك يظل دفاق *

*الراحل محمد الحسن سالم حميد

badawi0050@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

WSJ: الهجوم الأوكراني بالطائرات المُسيرة كشف نقطة ضعف القوى العسكرية العظمى

أحرج الهجوم الأوكراني الجريء بطائرة بدون طيار موسكو، لكنه كشف أيضًا عن تهديد لحلفاء كييف الغربيين، ويتمثل ذلك بالضربات منخفضة التكلفة وعالية التقنية التي يمكن أن توجه ضربة متزايدة القوة حتى لأكثر القوى العالمية تحصينا.

وجاء في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن الطائرات بدون طيار الرخيصة، مثل تلك التي استخدمتها كييف لمهاجمة عشرات الطائرات الحربية الروسية المتوقفة في مطارات بعيدة عن أوكرانيا، أصبحت حجر الزاوية فيما يسميه الاستراتيجيون الحرب غير المتكافئة، حيث يتنافس طرفان بقوة عسكرية أو موارد أو أساليب غير متكافئة. 

ووسادت الولايات المتحدة وشركاؤها في منظمة حلف شمال الأطلسي هذا الاختلال في التوازن بفضل ثرواتهم وتقنياتهم المتقدمة.


وأوضح تالصحيفة أنه "الآن، قلب مزيج من التقدم التكنولوجي والصراعات المسلحة المولدة للابتكار المعادلة، تاركًا واشنطن وحلفاءها متخلفين عن التطورات. وبالنسبة للقادة العسكريين، فإن وتيرة التغيير تعني اضطرابًا على نطاق لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية".

 قال رئيس أركان الجيش الأمريكي، الجنرال راندي جورج، في مؤتمر عُقد يوم الاثنين: "علينا أن نكون أكثر مرونة. الطائرات المسيرة في تغير مستمر"، مضيفا أن هجوم أوكرانيا "مثالٌ واضحٌ على سرعة تغيير التكنولوجيا لساحة المعركة".

وأوضح التقرير أنه "بفضل الطائرات المسيرة التجارية الرخيصة والأجهزة الرقمية الأخرى، يمكن للمتمردين والمنظمات الإرهابية والجيوش المتهالكة مثل أوكرانيا تحقيق عوائد على استثماراتهم العسكرية بحجمٍ يكاد يكون مستحيلاً قبل بضع سنوات".

وصرحت أوكرانيا بأنها أطلقت 117 طائرة مسيرة صغيرة في هجمات الأحد على أربع قواعد روسية، وتُباع الطائرات المسيرة التي استخدمتها بحوالي 2000 دولار للطائرة الواحدة. وحتى مع إضافة النفقات الأخرى للعملية، من المرجح أن تكون كييف قد أنفقت أقل بكثير من مليون دولار لتدمير طائرات سيكلف استبدالها أكثر من مليار دولار - وهو أمرٌ لا تملك روسيا القدرة الكافية على القيام به في المستقبل القريب.

وذكر التقرير أن "كييف ضخّمت التأثير من خلال الدعاية، ونشرت صورًا فيديو للهجوم بعد ساعات من تنفيذه. كما أن سهولة انتشار المعلومات عبر الإنترنت تُضفي على العمليات السرية عنصرًا مُزعزعًا للاستقرار في الحرب النفسية، وهو أمرٌ كان مُستحيلًا سابقًا على نطاق عالمي".


وأضاف "قد لعب الانتشار الواسع للتقنيات ذات الاستخدام المزدوج - بما في ذلك الطائرات التجارية بدون طيار وبرامج الشبكات المُماثلة لتلك المُستخدمة في خدمات مشاركة الركوب - دورًا كبيرًا في تمكين أوكرانيا من إحباط الغزو الروسي الأولي واسع النطاق عام ٢٠٢٢ والصمود في وجه قوة عسكرية أكبر بكثير".

وذكر أن "بعض ما تعلمه الأوكرانيون تجلّى في الهجوم الأخير. وتمكنت وكالة التجسس في كييف من تنفيذ العملية السرية إلى حد كبير بفضل فهمها لأحدث التطورات في الاستخدامات العسكرية للتقنيات المدنية، مثل استخدام شبكات الهواتف المحمولة العامة على ما يبدو لتوجيه الطائرات بدون طيار".

وخلال الحرب، حققت كل من روسيا وأوكرانيا قفزات في تصميم الطائرات بدون طيار، والدفاعات ضدها، والحرب الإلكترونية. كما قدمت تلك المواجهة لدول أخرى دراسة حالة حول شدة الصراعات المستقبلية - التكنولوجية والعسكرية.

وقال السفير الأمريكي لدى حلف شمال الأطلسي ماثيو ويتاكر: "نحاول تعلم كل درس يمكن تعلمه عن الحروب الحديثة ومدى سرعة تطورها وكيف يجب علينا الابتكار وأن نكون سريعين من الناحية التكنولوجية لمواجهة تلك التهديدات التي تتطور بمرور الوقت".

يخطط الجيش الأمريكي لزيادة هائلة في استخدامه للطائرات بدون طيار، كجزء من تحول أوسع في البنتاغون من الأنظمة الكبيرة والمكلفة. 


ونشرت الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وبكفاءة عالية، طائراتٍ متطورةً بدون طيار، بما في ذلك طائرة RQ-4 Global Hawk - التي يُشبه جناحاها جناح طائرة بوينغ 737 للركاب - وطائرة MQ-9 Reaper، القادرة على إطلاق صواريخ مُصممة للاستخدام من قِبل الطائرات المقاتلة. وتبلغ تكلفة كلتاهما ملايين الدولارات لكل طائرة. والآن، تُطلق الولايات المتحدة مجموعةً سريعة التغير من الوحدات الأصغر حجمًا والقابلة للاستبدال، مُستفيدةً من الدروس المُستفادة من هجماتٍ مثل هجوم أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء السودان: الحرب في طريقها للنهاية والجيش يحقق التقدم
  • WSJ: الهجوم الأوكراني بالطائرات المُسيرة كشف نقطة ضعف القوى العسكرية العظمى
  • شركة كهرباء السودان: مقتل الفنيان “سيف الدين دفع الله والمنشد أحمد” أثناء محاولتهما إعادة تشغيل خط ناقل
  • شاهد بالصورة.. رغم الحرب والظروف الإقتصادية.. السودان أرخص الدول العربية في تكلفة شراء “خروف” الأضحية ومتابعون: (رغم كل شيء نحن الأرخص فمن يستطيع حصارنا)
  • “التي أم أس” تشهد أولى خطوات قيد زيزو مع الأهلي واللاعب يطير إلى تركيا
  • المملكة توزع 1.000 سلة غذائية في ولاية النيل الأزرق بالسودان
  • مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان” تدين الهجوم الذي استهدف قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة
  • “الربط السككي والكهربائي” عدوي يشهد مراسم التوقيع على محضر الاجتماع المشترك بين الهيئة القومية للطرق والجسور بالسودان ومصر
  • “لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال”.. السيسي يلتقي محمد بن زايد في أبوظبي
  • محمدو: ظهور حميدتي في هذا التوقيت ليس سوى غطاء سياسي لتبرير الانتهاكات المتصاعدة التي ترتكبها الميلشيا