يمانيون:
2025-12-10@21:14:27 GMT

نعمةُ المولد النبوي من منطلق الثقافة القرآنية

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

نعمةُ المولد النبوي من منطلق الثقافة القرآنية

د. حبيب عبدالله الرميمة

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز “وَلَقَدْ أرسلنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُـمَاتِ إلى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ” (سورة: إبراهيم، آية ٥).

من خلال التمعن في سياق الآية نجد دلالات واضحة حول أهميّة الرسالات السماوية وما أوكله الله لرسله من مهمة تتمثل بهداية الناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهذه هي المهمة الأَسَاس للأنبياء، بل والغاية من إرسال الله تعالى لرسله، لكن هذه الغاية هي تحتاج إلى استشعار عملي واقعي بحيث يسند حقيقة ما جاء به الرسل -ومنهم نبي الله موسى المخاطب هنا بالآية- وهذا البرهان العملي هو تذكيرهم بأيام الله كنعمة عليهم، ومن المعلوم أن أَيَّـام الله لا يقصد بها هنا تذكيرهم بأسماء الأيّام والشهور، وإنما ذكر أحداث زمنية حدثت بأيام معينة، تجعلهم يستشعرون أهميّة الرسالة من جهة والنبي المرسل من جهة أُخرى، وعظمة الفارق الذي حصل لهم والتغيرات الكبرى التي أثرت فيما بعد على حياتهم سلباً أَو إيجابا، فالأيّام في سياق القرآن الكريم، نجدها متعددة، قد تكون للتذكير باستشعار نعمة الله ورعايته ونصره بشان الغنائم فيرد في سياق الآية (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأنفال- آية (41)، وقد تكون للتحذير والتذكير من ارتكاب مخالفة ما (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ، إذ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شيئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ) التوبة:آية٢٥.

وقد تكون للترهيب والوعيد الأخروي (يوم القيامة، ويوم الحساب ويوم الدين.. )، وقد تكون لاستشعار أهميّة ولادة شخص معين كنعمة بحد ذاتها تستحق شكر الله وحمده، وهذا ما نجده في سياق الآية السابقة-المشار إليها أول المقال- فبعد أن أمر الله نبينا موسى أن يُذّكر قومه بأيام الله، يأتي قول موسى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، إذ إنجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أبناءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) إبراهيم:آية٦.

وهنا يثور السؤال لماذا اختار سيدنا موسى تذكيرهم بهذه الواقعة التي كان يمارسها فرعون وجنوده، دونا عن بقية الحوادث، مع أن حادثة إغراق فرعون، وضرب البحر بالعصا، وتأييد الله له بالعذاب الذي أرسله على فرعون وقومة، كالضفادع والدم وغيرها، هي أَيَّـام تستحق أن يذكرهم بها لكنه اختار تذكيرهم بواقعهم قبل مولده ومنها ذبح أطفالهم واستحياء نسائهم.

والحكمة والهدف -حسب اعتقادنا -هو تذكيرهم بأهميّة وجوده بينهم، ورعاية الله التي احاطته، وافشلت كيد فرعون وجنوده للتخلص منه، والمقصود يوم مولده، كيوم من أعظم أَيَّـام الله.

فالمتطلع إلى كتب التفاسير تكاد معظمها أن تجمع على رواية مضمونها تحَرّك فرعون لقتل وذبح ذكور بني إسرائيل بعدما تكهنوا له أنه سيولد طفل من بني إسرائيل في تلك السنة يقضي على ملكه. وما يؤيد تلك الروايات هو حالة الاستنفار التي يتحدث بها القرآن بعد أن ولدت أم موسى به، بالوحي إليها بإلقائه في اليم (وَأَوْحَيْنَا إلى أم مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْـمُرْسَلِينَ) سورة القصص- آية (7).

واستجابة أم موسى للأمر يدلل على شدة الموقف الاستثنائي؛ باعتبَار أن رمي طفلها في اليم يتناقض مع

عاطفة الامومة لولا انها لم تجد إلَّا تلك الطريقة الوحيدة لنجاته، لذلك كما قلنا اختار موسى عليه السلام، يوم مولده وتذكيرهم به، كيوم من أَيَّـام الله، ونعمة عليه وعلى بني إسرائيل، إذ لو تمكّن فرعون وجنود من قتله، لكان بنو إسرائيل ما زالوا بسوء العذاب.

وَإذَا كانت هذه الآية -التذكير بأيام الله- خَاصَّة بموسى لكنها عامة في جميع الأنبياء، لاشتراكهم معه بالعلة الموضوعية، إخراج قومهم من الظلمات إلى النور، وَإذَا كان موسى اختار ذلك في سياق تذكيرهم بما كانوا عليه والنعمة والرحمة بنجاة الله له كسبب لنجاتهم.

فَــإنَّ سياق القرآن الكريم في آيات أُخرى تذكر بعظمة يوم المولد النبوي، على سبيل المثال ماورد في سورة مريم، بحق يحيى بن زكريا يقول الله تعالى (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) آية:١٣.

ثم يليها في سياق السورة مولد سيدنا عيسى، والمعجزة التي أجراها الله له بتكليمهم في المهد كشاهد على صدق نبوته، واختياره تعظيم أَيَّـام زمنية معينة (والسلام عليَّ يوم وُلدت ويوم أموت ويوم أُبعَثُ حيا) الآية:٣٣.

فالدلالة الزمانية هنا بتعظيمهم لليوم الذي ولدوا فيه؛ لأَنَّ هذا اليوم هو من أَيَّـام الله العظيمة التي

تستحق الشكر والفرح، وقد يقول قائل: وماذا عن ذكر يوم موته؟؛ لأَنَّه يوم من أَيَّـام الله يذكرهم فيه بحدث عظيم، وهو فقدانهم وسلبهم لنعمة من انعم الله عليهم.

أيضا قد يقول قائل: إذَا كان هذا التذكير بأيام الله في مولد الأنبياء قد ورد بالقرآن الكريم صراحة بحق بعض أنبياء الله، فاين نجد أَيَّـام الله التي تذكرنا بمولد النبي -صلوات الله عليه واله- في القرآن الكريم؟ والإجَابَة بكل بساطة هو القرآن الكريم ذاته الذي انزله الله عليه، واختصه به، وبما يحمله من نور وهدى لإخراج الناس كافة من الظلمات إلى النور، فاذا كان تعظيم الله لشهر رمضان عن بقية الأشهر لنزول القرآن فيه (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن) البقرة: الآية-١٨٥. ليكون من فروض القربة إلى الله بالصيام لعلة ظاهرة أنه انزل فيه القرآن، ثم اختص ليلة مباركة من هذا الشهر وهي ليلة القدر الذي انزل فيها القرآن وجعلها خيرًا من ألف شهر، يرفع المؤمنون على وجه المعمورة فيها اكف الرجاء ويبتهلون إلى الله أن ينالوا من خيرها وبركاتها، أفلا يكون يوم مولده من أعظم أَيَّـام الله التي يستشعر بها المؤمن عظمة ونعمة مولد رسول كرحمة مهداة للناس ونور الله للعالمين إلى يوم الدين. وحيثُ إن يوم مولده، قد تواترت عليه الأُمَّــة في شهر ربيع الأول، وَإذَا سلمنا بالاختلاف بتحديد اليوم الذي ولد فيه. فهذا الخلاف لا نراه إلا كمثل ليلة القدر فهي معلومة في نطاقها الزمني بنص القرآن (شهر رمضان) واختلف في تحديد يومها بدقة، ولعل ذلك زيادة في التحري لها ورجاء خيرها طوال الشهر، وخُصُوصاً في العشر الأواخر منه.

ومن ثم نقول أنه لا ينبغي أن يكون عظمة مولد النبي أي نبي، وعلى وجه الخصوص مولد نبي النور وخاتم المرسلين محمد -صلوات الله عليه وآله- محل خلاف، وهو أَسَاساً ليس محل اختلاف بين مذاهب الإسلام المعتبرة ولا بين علمائها سنة وشيعة على مر التاريخ، وأن ظهرت بعض الفرق مثل الوهَّـابية تبدع وتحرم الفرح والاحتفال بذكرى مولده، فهو لمقاصد سياسية بحته لا شان للدين بها، وإلا لكان تجريم الاحتفال باليوم الوطني السعوديّ أولى بالتجريم ولم يسمع ذلك منهم، بل وأعلى من ذلك، ما نجده من تناقض فتواهم وعدم قيامهم بالأمر بالمعروف فيما يحصل من مخالفات شرعية صريحة داخل أرض الحرمين من إفساد وفجور أخلاقي. فهم لا يمثلون علماء دين لله تدور العلة حيثما دار الحكم، وإنما يتخذون من الدين معايير لما تمليه سياسة الحاكم ويحقّق مصالحه ومصالحهم؛ لذلك فالوهَّـابية تنظيم سياسي دون أن تكون مذهب فقهي حقيقي لخدمة دين الله، من حين وجدت، وتحالف سيفان في نجد كحقيقة تاريخية لا يختلف عليها اثنان، سيف باسم الدين وهو مؤسّسها محمد بن عبد الوهَّـاب، وسيف السلطة ممثلا بمحمد بن سعود، بتوقيع اتّفاق الدرعية عام ١٧١٤م. حتى أصبح هذان السيفان شعارًا رسميًّا لها، يتسلطان على رؤوس الأُمَّــة، تارة باسم البدعة وأُخرى باسم الحداثة. وهو موضوع يطول شرحه.

الخلاصة هنا أن ذكرى المولد النبوي بالتعظيم والتمجيد والفرح فيما يتعلق بمولد النبي هو من أَيَّـام الله التي ينبغي أن يتذكرها الناس كنعمة كبيرة؛ لأَنَّها أَيَّـام شكر ورحمة تأذن بها الله تعالى لتغيير كوني بالرسالة الخالدة التي يحملها النبي المولود رحمة ونور للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فما أعظم يوم مولده كيوم من أَيَّـام الله (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ”يونس- آية (58).

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القرآن الکریم بأیام الله یوم مولده الله علیه الله التی ـام الله یوم من أ فی سیاق قد تکون الله ع

إقرأ أيضاً:

مشروعية زيارة الأماكن التي تحتوي على التماثيل

قالت دار الإفتاء المصرية إن هناك جماعة من الفقهاء المحققين الذين أجازوا اتخاذَ التماثيل إذا لم يُقصَد بها العبادة، ونصوا على أن تحريم التماثيل الوارد في الشرع إنما جاء سدًّا لذريعة عبادتها، وحسمًا لمادة تقديسها، فأما المجسمات على صور الحيوانات والبشر التي لا تُتَّخَذُ للعبادة فلا تحرم، فالنهي عن اتخاذ التصاوير والتماثيل التي على هيئة ذوات الروح وعن صناعتها، لم يكن لكونها محرمة في ذاتها.

التماثيل


ومن المقرر أن سُنة الله في خلقه جرت على أن جعلهم شعوبًا وقبائل، وأقام الاختلاف بينهم في العاداتِ، والأعرافِ، والبيئاتِ، والعلومِ؛ ليتعارفوا ويتكاملوا فيما بينهم كأغصان شجرةٍ واحدة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].

التعارف من سنن الله في خلقه

ولا يوجد مانع شرعًا من إقامة المتاحف المعبرة عن الحضارة والتاريخ، والتي تعدُّ وسيلة من وسائل التعليم والتثقيف، وأما النهي الشرعي عن إقامة التماثيل وصناعتها فمخصوصٌ بحالة قصد مضاهاة خلق الله تعالى، أو اتخاذها للعبادة من دونه سبحانه مما يبعد عن مقاصد إقامة تلك المتاحف، ولا مانع أيضًا من عرض التماثيل والصور المجسمة فيها بغرض عرض التاريخ، وكذا لا مانع من الزيارة للمشاهدة والاتعاظ والاعتبار والتعلُّم من آثار السابقين وعلومهم وحضاراتهم.

قال الإمام ابن عجيبة في "البحر المديد" (5/ 434، ط. الدكتور حسن عباس زكي): [الشعوب: رؤوس القبائل.. سُمُّوا بذلك لتشعُّبهم كتشعُّب أغصان الشجرة، والقبائل: دون الشعوب] اهـ.

إقامة المتاحف التي تحتوي على التماثيل والانتفاع بالتعلم منها

وقال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (26/ 259-260، ط. الدار التونسية): [جُعلت عِلَّة جَعْل الله إياه شعوبًا وقبائل، وحكمته من هذا الجعل: أن يتعارف الناس، أي يعرف بعضهم بعضًا. والتعارف يحصل طبقةً بعد طبقةٍ متدرجًا إلى الأعلى... وهكذا حتى يعمَّ أمَّة أو يعم النَّاس كلهم، وما انتشرت الحضارات المماثلة بين البشر إلا بهذا الناموس الحكيم] اهـ.

حكم صناعة التماثيل ووضعها في المتاحف وأقوال الفقهاء في ذلك

والأصل في صناعة التماثيل وإقامتها في المتاحف أنَّها منهيٌّ عنها في السنة النبوية بأكثر مِن حديث، فمنها: ما أخرجه الإمام مسلم عن أبي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ".

وما أخرجه الإمام البخاري عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباسٍ رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال: إني إنسانٌ، إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا، فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ».

إلا أنَّ نصوص التحريم والنهي عن صناعة التماثيل واتخاذها جاءت متضمنة لحكاية حالٍ مخصوص واشتملت على عللٍ ظاهرةٍ، فذهبت طائفة مِن الفقهاء إلى أنَّ التحريم مخصوص بتلك العِلَلِ والأحوال، وهي أن يكون التمثال على هيئةٍ كاملةٍ مِن ذوات الأرواح أمَّا ما كان على غيرها أو كان عليها إلا أنَّه غير مكتمل فأجازوه؛ عملًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ» أخرجه الإمامان: أبو داود، والتِّرْمِذِي.

المتاحف
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا ومرفوعًا عند البَيْهَقِي وغيره: "الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَليسَ بِصُورَةٍ".

فكانت تلك النصوص مخصِّصة للعموم الوارد في النهي عن صنع التمثال وإقامته، كما وردت به نصوص الفقهاء:

قال الإمام ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 649، ط. دار الفكر): [(قوله: أو ممحوة عضو.. إلخ) تعميمٌ بعد تخصيصٍ، وهل مثل ذلك ما لو كانت مثقوبة البطن مثلا؟ والظاهر أنه لو كان الثقب كبيرًا يظهر به نقصها فنعم وإلا فلا... (قوله: لأنها لا تعبد)؛ أي: هذه المذكورات، وحينئذ فلا يحصل التشبه] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدامة في "المغني" (7/ 216، ط. دار إحياء التراث العربي): [إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدنٍ بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جُعِلَ له رأسٌ وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان] اهـ.

بل ذهب بعض الفقهاء ومنهم الشيخ الإمام محمد عبده إلى أنَّ النهي مخصوصٌ بحال مضاهاة صنع الله أو اتخاذها للعبادة من دون الله، فرأوا أنَّ التعليل الوارد في خصوص هذه المسألة إنما يُخَصِّصُ الحكم بها ولا يُبطل النصوص السابقة وغيرها مما هو في معناها؛ لأنه يجوز استنباط معنى من النَّصِّ يخصِّصُه، ولا يجوز استنباط معنى من النص يَكِرُّ عليه بالإبطال، كما في "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السُّبْكِي (1/ 154، ط. دار الكتب العلمية)، و"غاية الوصول في شرح لُب الأصول" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ص: 122، ط. دار الكتب العربية الكبرى).

مقالات مشابهة

  • أمل مبدى: قادرون باختلاف غيّر الثقافة المجتمعية وحقق نقلة حقوقية حقيقية.. ويجب البناء عليه
  • قومي حقوق الإنسان: الكرامة الإنسانية هي الأساس الذي يُبنى عليه أي نظام ديمقراطي
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”
  • مصر في القرآن الكريم والحديث النبوي.. كم مرة ذكرت في القرآن صراحة؟
  • المدرسة القرآنية الوقفية بالعامرات تكرّم القراء المجازين وحفظة القرآن الكريم
  • المسيرة القرآنية .. إعصار الوعي الذي حطم أدوات التضليل ونسف منظومة الحرب الناعمة للعدوان
  • سجدة الشكر وصلاة الشكر.. ما الفرق بينهما؟
  • مشروعية زيارة الأماكن التي تحتوي على التماثيل
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
  • كواليس لقاء برّي - لودريان... ما الذي جرى بحثه؟