مجموعة السبع: "لن يربح أحد" من التصعيد في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
حذّرت دول مجموعة السبع خلال اجتماع عقد في نيويورك، أمس الإثنين، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة، من أنّ "ما من بلد سيربح من مزيد من التصعيد في الشرق الأوسط".
وقال وزراء خارجية دول مجموعة السبع، في بيان، إنّ "الأفعال وردود الأفعال المضادّة، من شأنها أن تؤدّي إلى تضخيم هذه الدوامة الخطيرة من العنف، وجرّ الشرق الأوسط بأكمله إلى صراع إقليمي أوسع نطاقاً مع عواقب لا يمكن تصورها".
ودعا الوزراء في بيانهم إلى "وقف الدورة المدمرة الحالية".
G7 says nobody will gain from Middle East escalation https://t.co/i4auAlO4lX pic.twitter.com/PSU0DcxpA9
— Reuters (@Reuters) September 24, 2024وصدر البيان، بعدما خلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على أهداف لحزب الله في مناطق عديدة في لبنان، أمس، 492 قتيلاً، بينهم 35 طفلاً، و1645 جريحاً، وفق السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار، على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "قلق بالغ" إزاء التصعيد" والعدد الكبير للضحايا المدنيين" في جنوب لبنان وشرقه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الغارات الإسرائيلية لبنان لبنان إسرائيل
إقرأ أيضاً:
ماذا يريد نتنياهو من «مشروع تغيير الشرق الأوسط» ؟
منذ أكثر من عام طرح «بنيامين نتنياهو»، وكرر ذلك في مناسبات عديدة، هدف سعى ويسعى إليه بإصرار، وهو ما أسماه تغيير خارطة الشرق الأوسط، وحتى عندما شن الحرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي استمرت ما يقرب من أسبوعين، كرر هذه المقولة في أحد خطاباته أنه استطاع أن يساهم في تغيير الخارطة، ولا يزال يتحرك في تغيير هذه المنطقة وكررها في الأمم المتحدة أثناء خطابه، وكأنه يشير إلى أن هذه الحرب مع إيران، من ضمن أهدافها تغيير الشرق الأوسط، أو ما تبقى من بعض الأهداف لتغيير هذه الخارطة، وربما أن هذه الحرب التي شنت على إيران، قد تكون أحد الأهداف للقضاء على من يقف في طريقه لعرقلة هذا الهدف الصهيوني، ولا شك أن هذه الهدف الإسرائيلي في تغيير الشرق الأوسط هدف قديم، تحت ذرائع كثيرة، لعل أهمها الازدهار الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط والديمقراطية، تكون فيها إسرائيل هي القائدة والموجهة لهذه المنطقة، ويسود السلام من خلال الشرق الأوسط الجديد، لكنه لا يحل القضية الفلسطينية، ويبقى الوضع كما هو في ظل سلطة فلسطينية لا تملك سلطة حقيقية، وهي مجرد إدارة محلية للضفة الغربية وقطاع غزة.
وأول من وضع مخطط الشرق الأوسط، تتزعمه إسرائيل، كان رئيس وزراء إسرائيل الأسبق «شيمون بيريز» وكتب هذا المخطط في كتاب سماه: (الشرق الأوسط الجديد)، وقال ما خلاصته: إن الشرق الأوسط الجديد ـ كما يراه ـ سيؤدي إلى السلام بين إسرائيل وجيرانها، وإلى خلق مناخ لإعادة تنظيم أساسية لمؤسسات الشرق الأوسط وإلى نوع جديد من التعاون ويعتبر النظام الإقليمي مفتاح السلام والأمن وسوف يشجع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والتطوير القومي ورفاهية الأفراد. إن إقامة السلام تتطلب ثورة في المفاهيم وأن هدف إسرائيل النهائي هو خلق مجتمع يربط بين مجموعة من الدول بسوق مشتركة وهيئات مركزية منتخبة على غرار الجامعة الأوروبية.
وعلى الرغم من هذا التناول المبالغ فيه إلا أن هناك أهدافًا أخرى ضمن هذا المشروع كما عبر عنها بيريز: «إن معالم النظام الجديد يجب أن تقوم أولًا وقبل كل شيء على هندسة معمارية ضخمة.. هندسة تاريخية لبناء شرق أوسط جديد متحرر من صراعات الماضي ومستعد لأخذ مكانه في العصر الجديد، العصر الذي لا يطيق المتخلفين ولا يغفر للجهلة! وكان المستشرق «برنارد لويس» أول من طالب برسم خريطة جديدة للشرق الأوسط معتبرًا أن انهيار الاتحاد السوفييتي وفر الأجواء المواتية لتبديل المعالم السياسية والجغرافية في منطقة الشرق الأوسط. وكتب في مجلة «فورين افيرز» (شؤون خارجية 92م) خلاصة تصوراته لعناصر النظام الإقليمي الجديد.
وما قاله إن اختفاء حدود الاتحاد السوفييتي يتجاوز كل التغيرات الأخرى لأنه يرسم شكل المنطقة ومستقبلها لفترة طويلة. ثم تحدث عن الهزائم التي أسقطت فكرة الوحدة العربية والقومية العربية والنظام العربي مستنتجًا من كل ذلك أن دول الشرق الأوسط دخلت في حالة مشابهة لحال دول أمريكا اللاتينية: هناك ـ كما يقول ـ لغة واحدة وثقافة وتاريخ واحد ودين واحد، مقابل سياسات ومصالح مجزأة وغير موحدة أي أنه اتخذ من الانقسامات العربية بعد حرب الخليج الثانية فرصة مواتية لتنفيذ المشروع القديم لا الجديد ليجعل من هذه الأسباب أن النظام العربي القائم انتهى، ولا بد من أن يقام النظام الجديد الذي ينقذ المنطقة من الفقر والبؤس ويحل التناقضات والمشكلات الإقليمية في التنمية وغيرها.
بحيث يجعل إسرائيل «هونج كونج» الشرق والجسر المتحكم بالتجارة والاقتصاد والسياحة وتسويق الذهب الأسود. فقد ساق بيريز في هذا الكتاب من الكلام المعسول والأفكار الفردوسية لهذا المشروع الجديد ما يتجاوز الأحلام.. وذرف دموعًا هائلة على ضياع فرص التنمية التي أهدرت طوال السنوات الماضية في الحروب والصراعات والكراهية والخسائر البشرية والمادية.
وصدق بعض الكتاب والمثقفين العرب هذا الكلام والبعض الآخر اندفع بخلفيات أخرى أيديولوجية تلتقي مع بعض الإسرائيليين تحت مسميات معروفة وتوجهات تلتبس مفاهيم غير صحيحة وذات أبعاد خبيثة مثل (أنصار السلام) وإعلان كوبنهاجن من أجل السلام الخ. ( ولعل حضور ديفيد كيمحي رجل الموساد المعروف إحدى الدلالات البارزة ) دون أن يدرك الجانب العربي في هذا اللقاء مرامي وأهداف إسرائيل من هذه اللقاءات التي تحصد منها الكثير من المصالح والقضايا المعلقة والإشكالات القائمة عالميًا لتلميع صورة الإسرائيلي القبيح في ما اقترفه من آثام ومن خطوات توسعية في الداخل مثل الاستيطان والتوسع والانتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني وغيرها.
في بداية التسعينات وخلال زيارته للقاهرة التقى شيمون بيريز مع عدد من المثقفين المصريين وتحدث بيريز عن فكرة السوق «الشرق أوسطية» وقال في شرح فكرته «إن الحرب والسلام بين الشعوب لا يقررهما ما بينها من حب وكراهية.. فإن الإنجليز يكرهون الفرنسيين.. والفرنسيون يكرهون الألمان.. والألمان يكرهون الفرنسيين.. الخ! ولكن أوروبا مع ذلك كفيلة بأن تبني نفسها، ذلك أن هناك آليات تحكم هذا البناء.. وهي آليات لا تمت إلى الحب والكراهية بصلة»!
وأضاف بيريز في هذا الحديث «لا ينبغي أن يقف ماضي العلاقات العربية ـ الإسرائيلية عقبة في وجه الفرص المتاحة أمامها الآن، بل ينبغي تركيز الاهتمام كله على المستقبل». ويعلق الكاتب الصحفي المصري محمد سيد أحمد في مقالة له وقتئذ على حديث بيريز بعنوان «بيريز والسوق »ـ وسيد أحمد أحد صناع لقاء كوبنهاجن الأول ـ وانسحب في اللقاء الأخير بسبب عبارة «التحالف» التي تضمنها الإعلان، فيقول: «يبدو أن بيريز اعتقد بإرجاعه العلاقات المستقبلية على اتساع المنطقة إلى آليات «السوق» و «الديمقراطية»، أنه يقف على أرضية صلبة لانتسابه إلى قيم أصبحت بعد سقوط الشيوعية قيم العصر.. وأن العرب إزاء هذا المنطق المفحم ليس أمامهم إلا الاستسلام! ذلك أنه يتداعى مما سبق أن المقاطعة الاقتصادية التي طالما مارسها العرب تجاه «إسرائيل» انتهاك لقيم العصر! وأن الأنظمة العربية لم تعرف في أي يوم بغيرتها على الديمقراطية «!. إن «حكومة إسرائيل «بتلهفها لإسقاط كل الحواجز لا تسعى إلى «ورقة مشتركة » بين أطراف متكافئة، بل إلى تعزيز وجودها عن طريق هيمنتها على اتساع منطقة الشرق الأوسط كلها »! ولا يغيب عن الذهن أن الدعوة إلى الشرق أوسطية ليست جديدة على المنطقة كما يبدو للبعض فهذا المشروع قديم قدم الأهداف التوسعية للقوى الدولية في مطلع هذا القرن، وقد مرت الفكرة بعدة مراحل من أجل أن يتم ترتيب المنطقة على قواعدها وأسسها لكنها في صيغتها الجديدة وفق الترتيب الحالي وإيجاد صيغة للتعاون الإقليمي بهدف طمس وتذويب الهوية العربية عبر استيعاب المنطقة العربية في إطار إقليمي يكون الكيان الإسرائيلي أكثر تفوقًا واحتواء سواء في المجالات الاقتصادية أو العسكرية أو الثقافية، وتعد الأخيرة أخطر الأهداف المبتغاة في هذا الترتيب الجديد.
والنقطة المهمة التي أبداها المتحفظون على المشروع «الشرق أوسطي» أن هذا المشروع يستهدف طمس هوية المنطقة وينزع عنها خصوصيتها العربية الإسلامية وتصبح بالتالي محيطًا جغرافيًا لا علاقة له بالإنسان أو التاريخ في صورة ملفقة مشوهة لا تصلح سوى لاستيعاب الحضور الإسرائيلي وطموحاته وأطماعه.
كما أنها لا تخلو من افتعال حتى على الصعيد الجغرافي نفسه حيث تسعى إسرائيل إلى إعادة تركيب المنطقة تبعًا لهواها وأحلامها التوراتية المزيفة. ولذلك عندما أثيرت مسألة انضمام إسرائيل للجامعة العربية ظن البعض أنها دعاية عابرة أو مناورة دعائية.
لكن إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حسم الأمر وكشف عن نوايا إسرائيل الحقيقية عندما أعلن ترحيبه بانضمام إسرائيل للجامعة العربية بشرط تغيير اسمها إلى جامعة الشرق الأوسط!! بما يعني عملياً تخلي الجامعة العربية عن هويتها العربية وكونها رابطة أو خصوصية تجمع هذه الأمة في الوحدة والآمال المشتركة.
وهذه المخاطر ـ كما يقول المعارضون للشرق أوسطية ـ لا تتصل بالاقتصاد أو السياسة فقط لكنها تصيب الهوية والثقافة العربية في مقتل وتهدم كيانها.. لأن الهوية العربية الإسلامية هي العائق الرئيسي لذلك المشروع بما تمثله من مقومات وخيارات توحيدية وثقافة متميزة وذاتية، ولا يعني ذلك العزلة ونفي التفاعلات لكن أن توجد ثقافات بديلة ومفروضة على المنطقة يمثل خطرًا على الهوية الذاتية في قرن بدأ يتحدث عن الإرهاب بصورة عمومية وغير منضبطة. والشيء الغريب أن هذا المشروع الجديد يطالب بمحو الخصوصية التاريخية والجغرافية للمنطقة ليستبدل بها خريطة فارغة من أي مضمون قيمي له اعتباره بدعوى عدم التعلق بالأحلام والمثاليات. لكن نسيان هذه الأحلام (ويا للعجب) مطلوب من العرب وحدهم وليس من إسرائيل التي تبسط احتلالها على فلسطين وأجزاء من بعض الدول العربية بدعاوى دينية «أرض الميعاد» ومفهوم توراتي يتجسد في سياسة الاستيطان الخ.
وفي فبراير 2002 تحدث الرئيس بوش في معهد « أمريكان انترابرايز » في ما سماه بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لتطبيق ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الإصلاحات الأخرى في العالم العربي متجاهلا الكثير من المفاهيم والصيغ التي يجب أن يشرك فيها أهل الاختصاص في العالم العربي، إلا أن الولايات المتحدة جعلت من نفسها الوصي على أفكار وقيم وثقافات هذه الشعوب لتضع لها ما تشاء، ومتى تشاء، وكما يقال في الخطابات المعتادة (بالأصالة عن نفسي ونيابة عن هذه الشعوب وحكوماتها قررنا ما يلي !!) ومما قاله الرئيس بوش في هذه الفترة أن «غياب الديمقراطية في الشرق الأوسط يمثل تحديًا للولايات المتحدة، وأن غياب الحرية والتمثيل الديمقراطي في المنطقة أديا إلى نتائج رهيبة للمنطقة والعالم».
فالرئيس بوش لا يشغله في قضية الإصلاح سوى الإرهاب خاصة ما حدث في 11 سبتمبر 2001 والواقع أن لا أحد يرفض الديمقراطية أو ينكر أهمية الإصلاح السياسي والاقتصادي أو غيرها من خطوات الإصلاح في عالم اليوم، شريطة أن يكون الإصلاح الذي تختاره الشعوب ويتفق مع خياراتها بعيدًا عن المصالح أو الأهداف التي يبتغيها هذا الطرف أو ذاك. لكن الإشكالية تكمن في النزعة الفوقية أو التفكير الأبوي الذي يطرح مع واقع العالم العربي، وهذا ما يجعل كل مقولات الإصلاح في مهب الريح للأسف.. ولا شك أن مشروع نتنياهو الذي يريد منه تغيير الشرق الأوسط، سيسقط كما سقط الكثير من مشاريعه قبله، حتى ولو أن الأمة في فترة ضعفها وتراجعها على مستويات كثيرة، فالشعوب لا تقبل هذه المشروعات التي يحركها ويقودها نتنياهو، وهو مجرم حرب مع بعض قيادات جيشه، ولن تبقى الأمور على حالها، كما تريد إسرائيل، ففي الحياة متغيراتها وتحولاتها السياسية دون أن تكون مدركة للكثير من العقول والأفهام في عصرنا الراهن.