«خليفة التربوية»: الذكاء الاصطناعي طريق التعليم نحو الإبداع والريادة والابتكار
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أكدت الأمانة العامة لجائزة خليفة التربوية، أهمية إكساب المعلمين مهارات توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية باعتبارها أحد المدخلات الأساسية في تحسين جودة التعليم، وتحفيز الطالب على الإبداع والتفاعل مع المادة الدراسية بطرق مبتكرة.
جاء ذلك، خلال ورشة التميز التفاعلية التطبيقية التي نظمتها جائزة خليفة التربوية في مقرها بأبوظبي، تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمعلم بعنوان: «التدريس المبدع في عصر الذكاء الاصطناعي» التي قدمها الدكتور عمر الحسين أستاذ مساعد بكلية علوم الحاسب الآلي بجامعة خليفة، بحضور عدد من المشاركين من الميدان التعليمي.
وأكدت أمل العفيفي، الأمين العام لجائزة خليفة التربوية، أهمية الاحتفال بهذه المناسبة التي تسلط الضوء على رسالة المعلم، ودوره في المجتمع بانياً للأجيال، إذ يترجم الاحتفاء بهذا اليوم ما يحظى به المعلم من قيادتنا الرشيدة من رعاية واهتمام وتمكين لرسالته، ودوره في المجتمع باعتباره أحد العناصر الأساسية التي تقوم عليها نهضة المجتمع وتقدمه وازدهاره، فالمعلم على مر التاريخ هو ناقل المعرفة، وهو نافذة العلم والإبداع والريادة والتميز والابتكار، ولا ينهض المجتمع إلا بتقدم معلميه وتطور منظومة تعليمه، ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة نحمد الله تعالى أننا نعيش عصراً ذهبياً في رعاية القيادة الرشيدة للمعلم والتعليم، إذا أدى رؤية القيادة الرشيدة للتعليم سباقة واستشرافية، وترى في التعليم استثماراً في المستقبل دائماً.
وأشارت العفيفي إلى أن جائزة خليفة التربوية، ومنذ انطلاق مسيرتها في العام 2007 وحتى اليوم، وهي تحمل رسالة مفادها تميز منظومة التعليم بعناصرها كافة، وقد شكلت المجالات المطروحة في الجائزة والمرتبطة بالمعلم أحد الركائز الأساسية في رسالة الجائزة ودورها في تحفيز المعلمين والمعلمات على الإبداع والابتكار، كل في مجال وتخصصه، ونجحت الجائزة طوال هذه المسيرة في اكتشاف المواهب الإبداعية للمعلمين والمعلمات في تخصصات تخدم الميدان التعليمي بمراحله ومستوياته الدراسية كافة.
ومن جانب، قال الدكتور عمر الحسين: إن هذه الورشة التفاعلية تناولت تطور الذكاء الاصطناعي منذ نشأته وحتى عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، وركزت على التطبيقات المختلفة وكيفية الاستفادة منها في التعليم المبدع في ظل الثورة التكنولوجية الراهنة، كما تطرقت الورشة في رحلة عبر المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والتعلم العميق، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على توليد محتويات إبداعية متنوعة.
وأوضح الدكتور عمر الحسين أن الورشة تناولت بالتطبيق أهمية النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) وفهمها بشكل كافٍ لفهم حدودها وتجنب اخطارها، ولتمكين الاستفادة المثلى منها، وذلك من خلال تقنيات مثل هندسة صياغة الأوامر(prompt engineering)، التعلم من الأمثلة (in-context learning) للتعزيز من قدرة النموذج على معالجة المهام بشكل أفضل من خلال امثلة تعليمية مسبقة، وكذلك تقنية سلسلة التفكير (chain-of-thought prompting) التي تساعد على توجيه النموذج بشكل متسلسل للوصول إلى إجابات دقيقة ومفسرة.
وقال الدكتور عمر الحسين، إن تمكين المعلمين من تحسين جودة التعليم عبر توظيف الذكاء الاصطناعي يساعد في تعزيز إبداع الطلاب وتفاعلهم مع المواد الدراسية بطرق مبتكرة وغير تقليدية، حيث طرحت الورشة تطبيقات متنوعة في التعليم، مثل تخصيص المحتوى والتعليم المتمايز من خلال البودكاست، استخدام أدوات التلخيص لتحسين كفاءة استخدام المحتوى التعليمي المرئي، وتوليد صور من أوامر أو رسمات بدائية، وغيرها.
وفي ختام الورشة، أكد د. عمر الحسين أهمية بيئة التعلم التي تحفز الطالب والمعلم في آن واحد على الإبداع وسبر أغوار الذكاء الاصطناعي باعتباره أحد علوم المستقبل التي ترسم خريطة طريق للبشرية في العقود المقبلة.
وفي ختام الورشة، قدمت أمل العفيفي درع جائزة خليفة التربوية للدكتور عمر الحسين، تقديراً من الجائزة لتعاونه.
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: خليفة التربوية جائزة خليفة التربوية الذکاء الاصطناعی خلیفة التربویة
إقرأ أيضاً:
الثقافة والمعلوماتية وسؤال الذكاء الاصطناعي
اليوم وفي ظل الحديث عن الذكاء الاصطناعي، ترى إلى أين نحن ماضون كأفراد وجماعة وشعوب وأمم؟ وأين نحن كأمة من هذا كله، في ظل أننا كنا وما زلنا مستهلكين لهذه المنجزات التي "تعولم" الدول الصغيرة لصالح ثقافة الدول الكبيرة؟ وهل من دور ثقافي إزاء هذا كله؟
الثقافة والتعليم والإعلام ووسائل الإعلام الجماهيري والتواصل الاجتماعي كلها منظومة واحدة يصعب تجزئتها، وقد انتبهت لذلك حين بدأت عملي معلما، وإعلاميا معا كمحرر ثقافي، وسارا معا جنبا الى جنب حتى اللحظة، ومعهما وقبلهما، عملي مزارعا. إنه المنطلق الذاتي الموضوعي، أي المعرفة المقترنة بالخبرة العملية، والحياتية.
لم تمر بضع سنوات على التعليم، الذي قضيت فيه 4 سنوات، حتى بدأت الصحافة الجديدة في فلسطين، ومن ضمن ذلك كانت جريدة "الحياة الجديدة" التي تلتها جريدة "الأيام" بعام، إضافة للصحف والمجلات الأخرى.
كان سحرا ما زلت أذكره حين رأيت كيف نضع أي مقطع على موقع جوجول لنبحث عنه، حتى يزودك بكل ما له صلة به، من المواد التي تمت حوسبتها الكترونيا.
كان ذلك عام 1996، أي بعد عملي كمعلم بوقت قليل، لذلك تمازج فيّ المعلم والإعلامي من الدماء الجديدة التي دخلت الإعلام بعد عام 1994، تلك الفئة التي ارتبط عملها بثورة الاتصالات من خلال الشبكة العنكبوتية (المعلوماتية)، أي الانترنت.
كان جيلنا، ومن قبلنا ومن بعدنا بعديد سنوات، يتلقى ما تيسر من تعليم مدرسي بعد هزيمة عام 1967، ثم ما تيسر من صحافة كان مركزها المدن، ثم ما تيسر من إذاعات عربية، إلى جانب ما تيسر مما ساد من تلفزيون في تلك الأيام: التلفزيون الأردني، وأحيانا تلفزيونا سوريا ومصر. كان الإعلام السياسي والثقافي وما يتعلق بجوانب المجتمع أحد مكونات شخصياتنا ومصادر معارفنا.
بعد عام 2000، أصبح لدينا فرصة كتابة المناهج، وبذلك امتلكنا فرصة توطين المعارف، فقد انضمت الكتب المدرسية مع مصادر المعرفة المختلفة، ومن بينها الإعلام والثقافة، حيث كان للمعلوماتية دور في الوصول السريع ومواكبة الجديد، كذلك في الوصول الى ما تم نشره من قبل، حيث تمت حوسبة المكتوب والمرئي بشكل كبير.
للكتب المدرسة والجامعية، والمواد الإعلامية دور في الاطمئنان على ما ينبغي معرفته، وتوجيه السلوك نحو من اتجاهات متنوعة، شخصيا وأخلاقيا وقيميا وقانونيا ووطنيا وقوميا وإنسانيا، في الوقت الذي من المهم المحافظة على الفسيفساء الثقافية والفكرية بصفتها التعددية الطبيعية الملتزمة.
لكن من خلال ما شاهدنا ونشهد عليه، فإننا وجدنا اختلال التوازن، حيث صرنا نتشتت، بعيدا عن التعددية التي عشناها، وبالتدريج وجدنا أنفسنا ندخل عصر الخطاب المتهم، والمحرض والمقسم، وصولا لانقسامات سياسية ووطنية.
عادت ذاكرة الثلاثة عقود، ولعل استعدتها، وأنا أستمع لمداخلات تربويين وإعلاميين، ناقشوا "الوثيقة المرجعية لتطوير الاستراتيجيات الوطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية"، التي تمت بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم وجامعة بيرزيت واليونسكو، وعدت أستعيد ما كتبته من خبرة ومن الخبرة الممكنة التي توفرت لي منذ عام 1998، والتي تراكمت وتطورت للكتابة والبحث في التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني. وقد نبع ذلك الاهتمام من عملي في المجالات الثقافية والتربوية والإعلامية، في ظل المعلوماتية. وصرنا نرى مستويات البحث في المدارس الثانوية، الذي اعتمد على النقل، أما في الجامعات، فلم يختلف كثيرا عن المدارس، فكثر النسخ واللصق، وقد بدأ الأمر محزنا في عصر الذكاء الصناعي، حيث أصبح طلبة الدراسات العليا يعتمدون على النصوص التي يكونها الذكاء الصناعي.
في هذا المجال، واكبت المنجزات الأدبية للأدباء الشباب، ونشرت لهم، وخلال ما يقرب من عقد تقريبا، بدأ يظهر أدب الشباب، والذي نزع الى الذاتية، والتأثر باتجاهات الكتابة والنشر الالكتروني إن كان سمينا أو غثا، وربما ما يتفق مع خصوصياتنا، فشاع تقليد الآخرين في مواضيع هامشية تاركين مواضيعنا الحقيقية، ويبدو أن ذلك لاقى تشجيع ما من قبل من يهندسون ثقافة الشباب.
للأسف، في ظل انفجار المعلومات، صار المهتمون يلتقطون، دون إعمال الفكر بما يتفق مع جوهر البحث. ومن هنا فقد ارتبط بهذه الظاهرة أمر خطير، ألا وهو النشر غير المسؤول للمعلومات والآراء، والتي تضمنت داخلها الإشاعات، والتجاذبات والمعارك، والتي زادت من تشظي الأفراد والجماعات، ما أثر سلبيا على ما قصناه من وحدة وطنية وتعددية طبيعية ملتزمة، في ظل ما نتوقعه من الدور الراقي للأدب والثقافة.
لفت نظري التوصية الخامسة "تعزيز التفكير النقدي والمساءلة المجتمعية" من التوصيات الأساسية، ضمن ملخص "الوثيقة المرجعية لتطوير الاستراتيجيات الوطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية".
تجيء الدعوة لتعزيز التفكير النقدي، في إطار تكرارها كثير في المنتديات والمؤتمرات التي تخص تطوير التعليم، فلسطينيا وعربيا، ولعل الخطة الاستشرافية لتطوير وتجويد التعليم، التي تتبلور في أروقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومؤسسات التعليم العربية، قد أشارت لها كوسيلة وغاية. إذن الحديث عن التفكير النقدي ليس جديدا ولا اكتشافا، لذلك فإن المهم هنا هو حضوره عبر مأسسة التعليم المعتمدة على التفكير النقدي حسب مرحلة النمو، والتي تحضر بقوة في التعليم العالي، والبحوث.
وبالطبع فإننا حين نتحدث عن التعليم، فإن الثقافة تقع في صلب ذلك كله، حيث تنمو من جهة، وتشكل الاتجاهات من جهة أخرى.
التفكير النقدي هو إذن بيت قصيد عملية التعلم والتعليم والثقافة والإعلام. وهو بيت قصيد التلقي الإعلامي والثقافي والفني، وبالطبع السياسي والفكري. انه بيت قصيد التلقي والتفاعل الإيجابي المسؤول. إننا إزاء نظرية التلقي لكل ما تصل إليه حواسنا من معلومات، يقوم الفكر بدورها في التعامل الإنساني لها، والذي يعلي من شأن الفكر عبر الفهم.
والسؤال اليوم وأمس وغدا، من هو المؤهل لإحداث ذلك ونحن نسعى الى هذا الهدف؟
في البدء، ثمة شكوك أن هناك إيمانا فعليا من المؤسسات ذات الصلة سياسيا وتربويا وثقافيا بالاقتناع بإيجاد هذا النوع من التفكير، والذي لا ينسجم مع منهجيات الحكم والإدارة ومؤسسات التعليم والثقافة والعلم والإعلام. ولكن لنفترض الظن الطيب. إذن ما العمل؟ ومن العامل الفاعل؟
من المهم، واللازم، والمنطقي، البحث عمن يتسمون بهذا النوع من التفكير، أو لنقل من نراهم يتسمون بالتفكير بحد ذاته، في مجالات الفعل المختلفة، بدءا في التعليم والثقافة والإعلام، كونهما المشكلين الأساسين للعقول. من هنا، يمكن البدء.
ربما يقودنا الحديث الى سقراط وأفلاطون ومن ثم أرسطو وجون ديوي حديثا، الذي قام بعمل فكري عميق حين اكتشف نظام تصنيف المعرف، أي مكانها في المكتبات.
إن بناء تفكير نقدي سيساعد في الحكم، بعد ممارسة الاطلاع عبر القراءة والمشاهدة والتأمل، التي تؤدي إلى الفهم؛ فلا بناء حكم بدون الفهم الحقيقي. فهم المقروء والمسموع، ثم التعرف على ما يحيطه من معلومات، والتأكد منها قدر الإمكان، وهذا ما سيخلصنا من الانفعالية الشعبوية، القادمة من نظم تفضل برمجة الشعوب وهندسة عقولها من الطفولة المبكرة.
إن التفكير الناقد هو مفتاح إنتاج المعارف والآداب، وهو من يضمن أي عبث بالجمهور، باتجاه التخريب والفرقة. وإن التربية عليه، سيجنبنا أيضا العنف بمعظم أشكاله، حيث سيستند الفرقاء الى أرض واحدة، تتم المحاججة علها.
إنه فعل وطني وقومي، لم يزدهر أمة قديما ولا حديثا لم تستند له. أم البدء فهو من البيت والمدرسة والمركز الثقافية والفنية. يبقل الصراخ والصوت العالي لصالح الاستماع، للفهم والتعبير والإبداع لا المحاكاة ولا الانفعال.
إنه الذكاء الإنساني الذي وهبنا الله، حتى نعبر مرحلة الذكاء الاصطناعي، والتي تجيء اليوم كاستئناف لتحدي المعلوماتية، وليس ظاهرة جديدة.