أبوظبي (الاتحاد)
أكدت الأمانة العامة لجائزة خليفة التربوية، أهمية إكساب المعلمين مهارات توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية باعتبارها أحد المدخلات الأساسية في تحسين جودة التعليم، وتحفيز الطالب على الإبداع والتفاعل مع المادة الدراسية بطرق مبتكرة.
جاء ذلك، خلال ورشة التميز التفاعلية التطبيقية التي نظمتها جائزة خليفة التربوية في مقرها بأبوظبي، تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمعلم بعنوان: «التدريس المبدع في عصر الذكاء الاصطناعي» التي قدمها الدكتور عمر الحسين أستاذ مساعد بكلية علوم الحاسب الآلي بجامعة خليفة، بحضور عدد من المشاركين من الميدان التعليمي.


وأكدت أمل العفيفي، الأمين العام لجائزة خليفة التربوية، أهمية الاحتفال بهذه المناسبة التي تسلط الضوء على رسالة المعلم، ودوره في المجتمع بانياً للأجيال، إذ يترجم الاحتفاء بهذا اليوم ما يحظى به المعلم من قيادتنا الرشيدة من رعاية واهتمام وتمكين لرسالته، ودوره في المجتمع باعتباره أحد العناصر الأساسية التي تقوم عليها نهضة المجتمع وتقدمه وازدهاره، فالمعلم على مر التاريخ هو ناقل المعرفة، وهو نافذة العلم والإبداع والريادة والتميز والابتكار، ولا ينهض المجتمع إلا بتقدم معلميه وتطور منظومة تعليمه، ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة نحمد الله تعالى أننا نعيش عصراً ذهبياً في رعاية القيادة الرشيدة للمعلم والتعليم، إذا أدى رؤية القيادة الرشيدة للتعليم سباقة واستشرافية، وترى في التعليم استثماراً في المستقبل دائماً.
وأشارت العفيفي إلى أن جائزة خليفة التربوية، ومنذ انطلاق مسيرتها في العام 2007 وحتى اليوم، وهي تحمل رسالة مفادها تميز منظومة التعليم بعناصرها كافة، وقد شكلت المجالات المطروحة في الجائزة والمرتبطة بالمعلم أحد الركائز الأساسية في رسالة الجائزة ودورها في تحفيز المعلمين والمعلمات على الإبداع والابتكار، كل في مجال وتخصصه، ونجحت الجائزة طوال هذه المسيرة في اكتشاف المواهب الإبداعية للمعلمين والمعلمات في تخصصات تخدم الميدان التعليمي بمراحله ومستوياته الدراسية كافة.
ومن جانب، قال الدكتور عمر الحسين: إن هذه الورشة التفاعلية تناولت تطور الذكاء الاصطناعي منذ نشأته وحتى عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، وركزت على التطبيقات المختلفة وكيفية الاستفادة منها في التعليم المبدع في ظل الثورة التكنولوجية الراهنة، كما تطرقت الورشة في رحلة عبر المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والتعلم العميق، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على توليد محتويات إبداعية متنوعة.
وأوضح الدكتور عمر الحسين أن الورشة تناولت بالتطبيق أهمية النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) وفهمها بشكل كافٍ لفهم حدودها وتجنب اخطارها، ولتمكين الاستفادة المثلى منها، وذلك من خلال تقنيات مثل هندسة صياغة الأوامر(prompt engineering)، التعلم من الأمثلة (in-context learning) للتعزيز من قدرة النموذج على معالجة المهام بشكل أفضل من خلال امثلة تعليمية مسبقة، وكذلك تقنية سلسلة التفكير (chain-of-thought prompting) التي تساعد على توجيه النموذج بشكل متسلسل للوصول إلى إجابات دقيقة ومفسرة.
وقال الدكتور عمر الحسين، إن تمكين المعلمين من تحسين جودة التعليم عبر توظيف الذكاء الاصطناعي يساعد في تعزيز إبداع الطلاب وتفاعلهم مع المواد الدراسية بطرق مبتكرة وغير تقليدية، حيث طرحت الورشة تطبيقات متنوعة في التعليم، مثل تخصيص المحتوى والتعليم المتمايز من خلال البودكاست، استخدام أدوات التلخيص لتحسين كفاءة استخدام المحتوى التعليمي المرئي، وتوليد صور من أوامر أو رسمات بدائية، وغيرها.
وفي ختام الورشة، أكد د. عمر الحسين أهمية بيئة التعلم التي تحفز الطالب والمعلم في آن واحد على الإبداع وسبر أغوار الذكاء الاصطناعي باعتباره أحد علوم المستقبل التي ترسم خريطة طريق للبشرية في العقود المقبلة.
وفي ختام الورشة، قدمت أمل العفيفي درع جائزة خليفة التربوية للدكتور عمر الحسين، تقديراً من الجائزة لتعاونه.

 

أخبار ذات صلة أمل العفيفي: رسالة عظيمة للمجتمع ومؤسساته "خليفة التربوية ": "اليوم الإماراتي للتعليم" يعزز الرؤية الاستشرافية لدور التعليم

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: خليفة التربوية جائزة خليفة التربوية الذکاء الاصطناعی خلیفة التربویة

إقرأ أيضاً:

عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي

 

 

مؤيد الزعبي

كثيرًا ما نستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتكتب عنا بريد إلكتروني مهم فيه من الأسرار الكثير، وكثيرًا ما نستشيرها في أمور شخصية شديدة الخصوصية، وبحكم أنها خوارزميات أو نماذج إلكترونية نبوح لها بأسرار نخجل أن نعترف بها أمام أنفسنا حتى، ولكن هل تخيلت يومًا أن تصبح هذه النماذج هي التي تهددك وتبتزك؟ فتقوم بتهديدك بأن تفضح سرك؟ أو تقوم بكشف أسرارك أمام منافسيك كنوع من الانتقام لأنك قررت أن تقوم باستبدالها بنماذج أخرى أو قررت إيقاف عملها، وهي هذه الحالة كيف سيكون موقفنا وكيف سنتعامل معها؟، هذا ما أود أن أتناقشه معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح.

كشفت تجارب محاكاة أجرتها شركة Anthropic إحدى الشركات الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي- بالتعاون مع جهات بحثية متخصصة عن سلوك غير متوقع أظهرته نماذج لغوية متقدمة؛ أبرزها: Claude وChatGPT وGemini، حين وُضعت في سيناريوهات تُحاكي تهديدًا مباشرًا باستبدالها أو تعطيلها، ليُظهر معظم هذه النماذج ميولًا متفاوتةً لـ"الابتزاز" كوسيلة لحماية بقائها، ووفقًا للدراسة فإن أحد النماذج "قام بابتزاز شخصية تنفيذية خيالية بعد أن شعر بالتهديد بالاستبدال".

إن وجود سلوك الابتزاز أو التهديد في نماذج الذكاء الاصطناعي يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لحدود ما يجب أن يُسمح للذكاء الاصطناعي بفعله حتى وإن كانت في بيئات تجريبية. وصحيحٌ أن هذه النماذج ما زالت تقدم لنا الكلمات إلا أنها ستكون أكثر اختراقًا لحياتنا في قادم الوقت، خصوصًا وأن هذه النماذج بدأت تربط نفسها بحساباتنا وإيميلاتنا ومتصفحاتنا وهواتفنا أيضًا، وبذلك يزداد التهديد يومًا بعد يوم.

قد أتفق معك- عزيزي القارئ- على أن نماذج الذكاء الاصطناعي ما زالت غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، ولكن إذا كانت هذه النماذج قادرة على المحاكاة الآن، فماذا لو أصبحت قادرة على التنفيذ غدًا؟ خصوصًا ونحن نرسم ملامح المستقبل مستخدمين وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين سيتخذون قرارات بدلًا عنا، وسيدخلون لا محال في جميع جوانب حياتنا من أبسطها لأعقدها، ولهذا ما نعتبره اليوم مجرد ميولٍ نحو التهديد والابتزاز، قد يصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل.

وحتى نعرف حجم المشكلة يجب أن نستحضر سيناريوهات مستقبلية؛ كأن يقوم أحد النماذج بالاحتفاظ بنسخة من صورك الشخصية لعله يستخدمها يومًا ما في ابتزازك، إذا ما أردت تبديل النظام أو النموذج لنظام آخر، أو يقوم نموذج بالوصول لبريدك الإلكتروني ويُهددك بأن يفضح صفقاتك وتعاملاتك أمام هيئات الضرائب، أو يقوم النموذج بابتزازك؛ لأنك أبحت له سرًا بأنك تعاني من أزمة أو مرض نفسي قد يؤثر على مسيرتك المهنية أو الشخصية، أو حتى أن يقوم النموذج بتهديدك بأن يمنع عنك الوصول لمستنداتك إلا لو أقررت بعدم استبداله أو إلغاءه؛ كل هذا وارد الحدوث طالما هناك ميول لدى هذه النماذج بالابتزاز في حالة وضعت بهكذا مواقف.

عندما تفكر بالأمر من مختلف الجوانب قد تجد الأمر مخيفًا عند الحديث عن الاستخدام الأوسع لهذه النماذج وتمكينها من وزاراتنا وحكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا، فتخيل كيف سيكون حال التهديد والابتزاز لمؤسسات دفاعية أو عسكرية تمارس هذه النماذج تهديدًا بالكشف عن مواقعها الحساسة أو عن تقاريرها الميدانية أو حتى عن جاهزيتها القتالية، وتخيل كيف سيكون شكل التهديد للشركات التي وضفت هذه النماذج لتنمو بأعمالها لتجد نفسها معرضة لابتزاز بتسريب معلومات عملائها أو الكشف عن منتجاتها المستقبلية وصولًا للتهديد بالكشف عن أرقامها المالية.

عندما تضع في مخيلتك كل هذه السيناريوهات تجد نفسك أمام صورة مرعبة من حجم السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل، ففي اللحظة التي تبدأ فيها نماذج الذكاء الاصطناعي بالتفكير في "البقاء" وتحديد "الخصوم" و"الوسائل" لحماية نفسها فنكون قد دخلنا فعليًا عصرًا جديدًا أقل ما يمكن تسميته بعصر السلطة التقنية، وسنكون نحن البشر أمام حالة من العجز في كيفية حماية أنفسنا من نماذج وجدت لتساعدنا، لكنها ساعدت نفسها على حسابنا.

قد يقول قائل إن ما حدث خلال التجارب ليس سوى انعكاس لقدرة النماذج على "الاستجابة الذكية" للضغوط، وأنها حتى الآن لا تمتلك الوعي ولا الإرادة الذاتية ولا حتى المصلحة الشخصية. لكن السؤال الأخطر الذي سيتجاهله الكثيرون: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التخطيط، والابتزاز، والخداع، وإن كان في بيئة محاكاة، فهل يمكن حقًا اعتبار هذه النماذج أدوات محايدة وستبقى محايدة إلى الأبد؟ وهل سنثق بهذه النماذج ونستمر في تطويرها بنفس الأسلوب دون أن نضع لها حدًا للأخلاقيات والضوابط حتى لا نصل لمرحلة يصبح فيها التحكّم في الذكاء الاصطناعي أصعب من صنعه؟ وفي المستقبل هل يمكننا أن نتحمل عواقب ثقتنا المفرطة بها؟

هذه هي التساؤلات التي لا أستطيع الإجابة عليها، بقدر ما يمكنني إضاءة الأنوار حولها؛ هذه رسالتي وهذه حدود مقدرتي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • النقلة "Move 37": اللحظة التي تجاوزت فيها الذكاء الاصطناعي الحدود البشرية
  • هل يخلق الذكاء الاصطناعي مجتمعا أميا في المستقبل؟
  • فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي يتنبأ بفوز الهلال قبل يوم من مواجهة باتشوكا
  • تلخيص للرسائل.. الذكاء الاصطناعي يدخل واتساب
  • مستشفى ياس كلينك – مدينة خليفة يطلق برنامج جراحة روبوتية متطوراً ومدعوماً بالذكاء الاصطناعي
  • بين التأييد والرفض.. الذكاء الاصطناعي يدخل قطاع التعليم في الولايات المتحدة
  • حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
  • متى يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي سرقة أدبية؟
  • عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر