أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، استشرفت مبكراً القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، مشدداً على أهمية تعاون الحكومات والمؤسسات والشركات والمنظمات الدولية للاستثمار في البنى التحتية الرقمية ودعم الابتكار ودمج أدوات تكنولوجية كالذكاء الاصطناعي لتطوير نظام تجاري عالمي حديث ومرن وجاهز للمستقبل.


جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية المعرفية التي أقيمت ضمن إطار مبادرة “تكنولوجيا التجارة”، المشروع الدولي المشترك الذي يستمر لثلاث سنوات بالتعاون بين المنتدى الاقتصادي العالمي ووزارة الاقتصاد ودائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي.
ودعا معالي الدكتور الزيودي، في كلمته الافتتاحية في الجلسة أمس، إلى تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب التجارة العالمية، قائلاً: “يمكّننا الذكاء الاصطناعي من تسريع تصميم المستقبل وتحديث الأنظمة وتعزيز النمو ومضاعفة الإنتاجية، كما أن لاستخدام الذكاء الاصطناعي تأثيرا ملموسا على سلاسل التوريد، حيث يحسّن آليات الشحن وتصنيف الشحنات ويعزز استمرارية العمل. ولدمج هذه التكنولوجيا بالمستوى المطلوب، أمامنا اليوم فرصة لتشكيل الملامح المستقبلية للتجارة الدولية؛ بدءاً من بنيتها الرقمية وحتى أطرها التنظيمية، وذلك بالتنسيق بين صنّاع القرار والقطاعات التجارية والمراكز اللوجستية والشركات”.
وأضاف معاليه: “نتطلع إلى نقاشات اليوم ودور مبادرة تكنولوجيا التجارة في تحفيز التحوّل المنشود. ومن مسؤوليتنا الاستفادة من هذه الأفكار لتطوير وتحديث التجارة العالمية تحقيقاً لمصالح الجميع”.
ويمثل الذكاء الاصطناعي أحد أبرز المواضيع التي تركّز عليها مبادرة “تكنولوجيا التجارة” في عامها الثاني، نظراً لتأثيره المتنامي على قطاع الخدمات اللوجستية.
وجمعت الجلسة، تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي والتجارة العالمية: مستقبل تكنولوجيا التجارة”، خبراء ومهنيين وقادة الرأي ضمن قطاعات التكنولوجيا والتنمية والاقتصاد والتجارة منهم تيم ستيكينجر، رئيس مبادرة تكنولوجيا التجارة لدى المنتدى الاقتصادي العالمي؛ والبروفيسور ماريك كوفالكيفيتش، المدير المؤسس لمركز الاقتصاد الرقمي لدى جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا؛ و وولفغانغ ليماشر خبير عالمي في مجال شبكات الإمداد و النقل ، وفيليب إيسلر، مدير التحالف العالمي لتسهيل التجارة.
وقدّم المتحاورون رؤاهم حول أفضل سبل الاستفادة من الفرص التحويلية للذكاء الاصطناعي واستخداماته لتأثيرها الملموس على كفاءة سلاسل التوريد، حيث تمكّن أدوات الذكاء الاصطناعي الشركات من التعاقد مثلاً مع موردين جدد وتقييمهم بناءً على الحجم والموقع وسجلّ الاعتمادات، ويمكن كذلك أتمتة جوانب من المفاوضات التجارية باستخدام تطبيقات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي لتقديم عروض الخدمات أو السلع أو الأسعار المعتمدة ومن ثم الاتفاق عليها.
وتناولت نقاشات الجلسة، التي سيضم التقرير الثاني لمبادرة تكنولوجيا التجارة أبرز أفكارها، تأثير الذكاء الاصطناعي على قوانين التجارة العالمية، واستعداد الأسواق الناشئة لرقمنة التجارة، ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين الاستشراف والتوقّع التجاري، وتمكين الشركات من سد الثغرات المستجدة في المهارات ضمن القوى العاملة لديها.
وقال تيم ستيكينجر، إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة لمواجهة التحديات التجارية التقليدية، بل محفز لوضع تصور جديد للتجارة، ومن خلال الشراكات المتينة بين القطاعين الحكومي والخاص والتعاون الشامل للمنظومة التجارية بأكملها، بدءاً من المنتجين ووصولاً إلى صنّاع القرار، ومن مقدمي الخدمات اللوجستية إلى المستهلكين، يمكننا الاستفادة من كامل قدرات الذكاء الاصطناعي لبناء مشهد تجاري عالمي أكثر كفاءة واستدامة وشمولية يحقق الازدهار للجميع.
وكانت وزارة الاقتصاد، أطلقت مبادرة “تكنولوجيا التجارة” بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي في دافوس في يناير عام 2023 بهدف تسريع رقمنة سلاسل التوريد العالمية.

وأثمرت السنة الأولى من المبادرة عن إصدار أول تقريرها، وكذلك تنظيم منتدى “تكنولوجيا التجارة” الأول من نوعه في أبوظبي، والذي تزامن مع المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية الذي استضافته العاصمة الإماراتية.
وستشهد المرحلة الثانية من المبادرة الدولية إطلاق منصة اختبارية تنظيمية للذكاء الاصطناعي في مجال تمويل التجارة، ومسرّعة أعمال لتقديم حلول جديدة تعزز دور التكنولوجيا في التجارة العالمية.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: تکنولوجیا التجارة للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی التجارة العالمیة

إقرأ أيضاً:

احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف

مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.

باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.

كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.

تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.

أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»

خدمة «بروجيكت سنديكيت»

مقالات مشابهة

  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • سفارة الصين بالقاهرة: خطة عمل للحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • «إي آند» تطلق برنامج خريجي الذكاء الاصطناعي لعام 2025
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • لمواجهة العقوبات الأميركية.. تحالفان للذكاء الاصطناعي في الصين
  • حكومة ترامب تلجأ للذكاء الاصطناعي لحذف 100 ألف قانون فدرالي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟