لجريدة عمان:
2025-05-14@06:28:22 GMT

كلام في التغيير!

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

من المسلم به في أي مخاض تطويري يهدف الى تحقيق غاية طيباوية من خلال فكرة أو مشروع سواء كان مجالها إنسانيا أو حضاريا أو علميا أو نهضويا أن يسير بعجلتين: العجلة الفكرية والعجلة الحركية ونقصان أي عجلة منهما يعني أنه مشروع ناقص لن يصل إلى هدفه وسوف يتعثر ويتوقف عند الخطوات الأولى، وهذا الأمر سنة كونية، فالعجلة الفكرية هي الإطار التنظيري والفكري للمشروع والعجلة الحركية هي الخطوات العملية التي توضح الإطار النظري لهذا المشروع.

جميع المشاريع التي تحمل طابع الحملات"مثلا" وتنفذ في فترة قصيرة لا تتجاوز السنة، يقبل عليها ويتفاعل معها الناس، بينما الملاحظ انهم لا يحبون المشاركة في المشاريع الاستراتيجية التي تحمل أهدافا تتجاوز البضع سنوات. أتحدث عن (مزاج عام) أو طريقة في التفكير يلاحظها كل من يحاول خوض المشاريع العملية أو الثقافية التي تحاول ان تغير الوعي وتؤسس لثقافة أو ممارسة جديدة، وأكثر ما تعاني منه هذه المشاريع عندما تكون إحدى العجلات أبطأ أو أسرع من العجلة الأخرى هو فقدان الاتزان، فيحدث خلل في سير المشروع، ويبدأ التعثر وتضيع البوصلة والنتيجة هي فشل ذريع في تحقيق الهدف.

إن أخطر ما تواجهه مشاريع التغيير هي المراهقة الفكرية والشيخوخة الحركية، بمعنى أن يكون الإطار النظري والفكري للمشروع عبارة عن قفزات هوائية أو آراء ارتجالية أو شطحات فكرية، أو تكون الخطوات العملية ثقيلة الحركة فماذا تكون النتيجة؟ فقدان الثقة والإيمان والرغبة في التغيير والتطوير وآثار سلبية اخرى قد تمتد زمنا طويلا حتى يعاد بناء الثقة لخوض غمار هذه المشاريع مرة أخرى.

في أوليات الفكر التي لا يجهلها النّاس، أنّ الإنسان كائن اجتماعي ومفكّر وإذا كان الإنسان كائناً مفكراً، فما وظيفة هذا الفكر؟ إنّ الفكر حين يتعامل مع ذاته فهو فكر متأمّل وحين يتعامل مع الأِشياء ومع الأحداث ومع وقائع الحياة فهو فكر ناقد وسائس!، وهذا يعني أن أي فكر لا يتعامل بمنطقية مع الأحداث والوقائع فهو فكر ناقص ولن يكون صمام أمان لمشروع التغيير أو أي مشروع آخر، وهذا مكمن الخطر فتعامل الفكر مع نفسه فقط دون النظر في واقع الحياة والأحداث هي مراهقة فكرية.

إن الخروج من دائرة التفكير الذاتي إلى دائرة التفكير الشامل يعني أن العجلة الفكرية للمشروع على أتم الاستعداد للانطلاقة والتحرك نحو الهدف و يبقى الجزء الآخر أو العجلة الأخرى وهي العجلة الحركية، تلك التي يجب أن تتناغم مع العجلة الفكرية في الحركة والمسير وإلا حدث الانحراف بغض النظر عن شكل هذا الانحراف.

إن الشيخوخة الحركية يعني أننا نسير إلى الوراء فالأحداث متسارعة وتقلبات العالم سريعة، وحين نسير بهذا البطء غير المبرر ، يعني ذلك أننا نسير نحو نهاية واضحة منذ البداية، نهاية لا تحقق هدفا انسانيا او فكريا نهضويا ساميا. ربما الحديث عن تغيير قناعات الناس ليس بالأمر السهل - وليس بالذي أرمي إليه هنا- وإنما ما أريد قوله أنه بإمكاننا أن نخضع المشاريع التغيرية إلى إيقاع منتظم في منظومة طويلة من الحملات القصيرة المخططة كجزء من عمل مدروس ومنتظم يطور نفسه ويحافظ على أهدافه إذا كان من يدير المشروع واعيا لاتجاه بوصلته وغايات رحلته.

إننا حين نسخر أنفسنا لمشاريع التغيير، فهذا يعني أننا أمام جانب مهم يتناول الإنسان من الداخل بالتحفيز ويتناول المجتمع بالتطوير الهادف لتحقيق واستدامة مبادئ الانضباط والمهنية والعدل والنور والعلم والمعرفة، والمحصلة إننا نحتاج حقيقة إلى رشد فكري بمعنى النضج العقلي والنفسي المتزن وإلى مراهقة حركية بمعنى نشاط مستمر وتفاعل مع الأحداث وهمة لا تفتر حتى لا يصبح طرفا المعادلة الرغبة في التغيير والفشل في إدارة التغيير أكثر صعوبة ويتحول التغيير الى شماعة نعلق عليها شيخوختنا الفكرية وفشلنا في التقدم ومجاراة قطار الحضارة الذي لا ينتظر أحد.

د. خالد الحمداني كاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یعنی أن

إقرأ أيضاً:

رئيس حقوق النواب: ترك الفتوى بدون تنظيم يفتح المجال أمام الفوضى الفكرية

وافق النائب طارق رضوان ،رئيس لجنة حقوق الإنسان، على مشروع قانون تنظيم الفتوى الشرعية من حيث المبدأ. 

جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المعقودة اليوم ١١ مايو برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية،

وأكد على أن ترك الفتوى بدون تنظيم دقيق يفتح المجال أمام الفوضى الفكرية وتصدر غير المتخصصين لتقديم أحكام شرعية تفتقر إلى التأصيل المنهجي والوعي بمقاصد الدين مما يزعزع ثقة الناس في المرجعيات الدينية الرصينة ويربك حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.

كما أكد على أن مشروع القانون لا يعد تقييداً للرأي أو الاجتهاد بل هو تقنين رشيد يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح لضمان ألا يتصدر الإفتاء إلا من يمتلك أدوات العلم وفهم مقاصد الشريعة، مما يسهم في بناء وعي ديني مستنير ويعزز من مكانة المؤسسات الدينية الرسمية كمرجع موثوق لدى المواطنين.

وأضاف أن مصر كانت دائماً منارة للفكر الإسلامي ومهداً للعلوم الشرعية بما تمتلكه من علماء أسهموا في نشر الفقه الوسطي وتقديم الفتوى الرشيد للعالم الإسلامي، مؤكداً أنه لا ينبغي أن تتأخر مصر عن مواكبة الدول المقارنة في تنظيم إصدار الفتوى الشرعية وضبطها لإرساء دعام حماية الوطن وهويته وتحصين المجتمع من مخاطر الفكر المنحرف والمتشدد.

طباعة شارك طارق رضوان لجنة حقوق الإنسان الفتوى الشرعية قانون تنظيم الفتوى البرلمان مجلس النواب الحكومة

مقالات مشابهة

  • شاهد | كلام للبيع بترليون دولار .. ترامب في السعودية
  • المعاصرة: المسار والخيار.. مشاتل التغيير (18)
  • علي جمعة: كلام الله ليس محل نقاش.. وأوهام «الفيل الوردي» ليست فكرًا
  • «معلومات الوزراء» يستعرض دور مراكز الفكر في السياسات العامة ودعم مسيرة الإصلاح الاقتصادي
  • وفد من ملتقى النخبة الفكرية يزور مديرية الإعلام العسكري
  • “الملكية الفكرية” تطلق تقريرها السنوي لعام 2024
  • مستشار أمني: مركز «اعتدال» له دور كبير في مواجهة الفكر الضال إلكترونيا
  • برلمانية: قانون تنظيم الفتوى سد منيع لحماية المجتمع من الفكر المتطرف
  • هيمنة أحزاب السلطة تقوّض فرصة التغيير في الانتخابات العراقية المقبلة
  • رئيس حقوق النواب: ترك الفتوى بدون تنظيم يفتح المجال أمام الفوضى الفكرية