حوادث الاغتيالات المتتالية مصحوبة باندلاع الحرب في قطاع غزة والهجوم على الجنوب اللبناني تثير تساؤلات حول موقع السودان من المشهد المستقبلي خاصة مع سيطرة الإسلام السياسي ممثلا في حزب المؤتمر الوطني على مقاليد الأمور في حكومة بورتسودان

التغيير: أمل محمد الحسن

عشرات الصواريخ التي توجهت من إيران لإسرائيل مطلع أكتوبر الجاري أنذرت بتغييرات هائلة في الشرق الأوسط غض النظر عن الرد الإسرائيلي وعن نهاية أو استمرار هذه الحرب.

هذا الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل لم يكن الأول خلال العام الجاري، سبقه هجوم في أبريل بعدد صواريخ أقل نسبيا، وجاء ردا على تنفيذ إسرائيل سلسلة من الاغتيالات لقيادات حزب الله التي تدعمها طهران على رأسها الأمين العام حسن نصر الله. وعلى الرغم من عدم اعتراف إسرائيل بأنهم خلف اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، لكن أصابع الاتهام أشارت إليها دون مواربة!

مصالح إيران في المنطقة

حوادث الاغتيالات المتتالية مصحوبة باندلاع الحرب في قطاع غزة والهجوم على الجنوب اللبناني تثير تساؤلات حول موقع السودان من المشهد المستقبلي خاصة مع سيطرة الإسلام السياسي ممثلا في حزب المؤتمر الوطني على مقاليد الأمور في حكومة بورتسودان.

بكري الجاك: إسلاميو السودان سيغيرون “جلدهم” لأن المجتمع الإقليمي والدولي لن يسمح بقيام سلطة إسلامية في المنطقة

ووفق أستاذ السياسة بالجامعات الأمريكية بكري الجاك، فإن المنطقة باتت مفتوحة على العديد من الاحتمالات والمآلات التي تسيطر عليها طريقة تفاعل العوامل المؤثرة، مشككا في إمكانية سماح المجتمع الإقليمي والدولي بقيام سلطة إسلامية في المنطقة “من المؤكد أن الإسلاميين في السودان سيغيرون جلدهم، وسيتخلون عن أي ارتباط بالإرهاب، وقد بدأوا بالفعل التبرؤ من كتائب البراء وغيرها”.

بكري الجاك: إيران ستوظف علاقتها ببورتسودان فقط خلال صراعاتها في المنطقة وستتخلى عن حكومة البرهان فور انتهاء غرضها

وقال الجاك في مقابلة مع “التغيير” إن إيران ستعمل على توظيف علاقتها ببورتسودان فقط خلال صراعاتها في المنطقة قاطعا بأنها ستتخلى عن حكومة البرهان فور انتهاء غرضها “ليس بوسع طهران تقديم الكثير من المساعدات للسودان”.

شرق أوسطي جديد

هناك استراتيجيات أمريكية لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد تركز على الإسلام السياسي بطوائفه المتعددة وفق الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي الذي قال إن وجود إيران ضروري كجزء من السيناريو المرسوم، وأن هناك أدوارا ترسم لها لخلق نوع من التماسك في المنطقة.

وقال كباشي إن إيران غير حريصة على استقرار المنطقة، وهي تناور بالمشروع النووي مستخدمة السواتر الأمنية في لبنان وغزة واليمن، مشددا على أن سيناريو الشرق الأوسط الجديد لا مكان فيه للحركات الإسلامية والإسلام السياسي، وعلى أقل تقدير يُتَخَلَّص من قيادات الصف الأول والتوافق على قيادات جديدة متصالحة مع المشروعات الغربية.

وقال الخبير الاستراتيجي في مقابلة مع “التغيير” إن حرب السودان ألقت بظلالها على الإسلام السياسي وحزب المؤتمر الوطني الذي أطلق كل قواته وطاقاته الكاملة في هذه الحرب وأصبح كتابا مفتوحا للعالم الغربي، وأكد أن عدم التدخل لإنهاء الحرب هو مخطط غربي يرغب في حدوث إنهاك كامل لقوة الإسلاميين الصلبة.

وتوقع الخبير الاستراتيجي أن يتم تجميع لبقايا المجموعات الراديكالية للإسلام السياسي، ويُقَايَضُون مشددا على أنه لن يُسْمَح لهم الانفراد بالسلطة “يمكن أن يؤدوا أدوارا في مساحات محدودة في فلك ما يطلبه الغرب”.

خبير استراتيجي: عدم التدخل لإنهاء الحرب السودانية مخطط غربي لإنهاك كامل قوة الإسلاميين الصلبة

وأكد كباشي أن تحالف حكومة البرهان مع إيران ليس مزعجا مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عندما صنف الدول الداعمة لبلاده وضع السودان ضمن المجموعات الحائزة على رضا إسرائيل متسائلا عن وجود خطوط تواصل خفية بين السودان وتل أبيب على خلفية لقاء البرهان ونتنياهو الشهير في عنتبي؟

عدو إيران الحقيقي

“إيران لا تلعب أي دور في الحرب بالسودان وعودة العلاقات الدبلوماسية معها لا تشكل خطرا على أمن إسرائيل” هذه العبارات قالها مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة الحارث إدريس في مجلس الأمن أبريل من العام الجاري وهو الأمر الذي جعل المحلل السياسي محمد لطيف متأكدا من أن السودان لن يكون طرفا ضمن أي تحالف ضد إسرائيل واصفا علاقاته مع طرفي العداء الشرق أوسطي بـ”اللعب على الحبلين”.

محمد لطيف: حكومة بورتسودان التي تمثل الإسلاميين ستوازن بين علاقتها مع إيران كمصدر للسلاح وعلاقتها مع إسرائيل كنافذة مع الغرب

وقال لطيف إن إيران لا تدخل في معارك مباشرة إلا نادرا، وأنها تحارب إسرائيل بالوكالة مضيفا أن الوجود الإسرائيلي ينصب في مصلحتها المباشرة “إيران لا تريد زوال إسرائيل ولا إضعافها لأنها لا تمثل الخصم الرئيس لها، بل عدائها مع المحيط السني الضخم الذي تتمنى اختفاءه وترياقه الوحيد الذي يجعله في حالة ضعف ودفاع دائم عن النفس هو إسرائيل!”

وقال لطيف في مقابلة مع “التغيير” إن السودان كجزء من الفلك الإيراني لن يسعى للدخول في مواجهات مباشرة مع إسرائيل ومن جهة ثانية يرى طهران مصدرا للسلاح الذي يسعى عبره لخلق توازن مع قوات الدعم السريع، ويحتاج لتل أبيب كمدخل للمجتمع الدولي وأمريكا على وجه الخصوص.

وأكد لطيف أن حكومة بورتسودان التي تمثل الإسلاميين ستظل توازن بين علاقتها مع إيران كمصدر للسلاح وعلاقتها مع إسرائيل كنافذة للعلاقات مع الغرب تدفع في قبولها ودمجها في المجتمع الدولي “لذلك لا أتصور أن حكومة البرهان ستدخل في مواجهة ضد إسرائيل”.

نقل قيادات حماس للسودان

في ظل هذه الأجواء المشحونة في الشرق الأوسط؛ رشحت أنباء عن وجود صفقة سرية ضمن مفاوضات الحل للوضع في غزة، والتي تقودها قطر ومصر، وتدعمها أمريكا تقترح انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، مقابل خروج حماس عبر معبر رفح إلى مصر، وبعدها إلى السودان.

ووفق التقارير الإعلامية، فإن الجيش السوداني وافق على الصفقة وهي فكرة وفق المحلل السياسي محمد لطيف غير مستبعدة لجهة أن دولا عديدة من مصلحتها حسم مسألة حماس بشكل نهائي من خلال إبعادها من جبهة المواجهة مع إسرائيل وأضاف: حال تحققت هذه الصفقة ستكون حكومة البرهان قدمت خدمة جليلة لإسرائيل بإقصائها أشرس خصومها من المواجهة وإبعادها من الملعب.. “إذا صدقت المعلومات المتداولة علاقة البرهان قريبة جدا من إسرائيل والاستجابة لمصالحها”.

من جانبه وصف القيادي في حركة حماس عزت الرشق إبعاد الحركة أو قادتها عن قطاع غزة “وهم” إسرائيلي لن يتحقق مشيرا إلى أن المنطق يقتضي أن يرحل المحتل، ويبقى أهل الأرض وسكانها الأصليون.

وقال الرشق عبر حسابه على منصة تليغرام “لا أعلق عادة على الشائعات السخيفة التي تنشرها بعض وسائل الإعلام”، مضيفا أن “حماس موجودة في فلسطين، تقاتل العدو الذي يحتل فلسطين”.

حماس: إبعاد الحركة عن غزة وهم إسرائيلي لن يتحقق، المنطق يقتضي أن يرحل المحتل، ويبقى أهل الأرض وسكانها الأصليون

ووفق مصدر دبلوماسي فضل حجب اسمه، فإن خيار نقل قادة حماس للسودان سيثير مخاوف عدد من الدول في الإقليم على رأسها السعودية فيما لم يعلق الجيش السوداني ولا إسرائيل على هذه التسريبات.

 

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»

لن تكون منطقة الشرق الأوسط أكثر أمنا بعد العدوان الإسرائيلي على إيران واستهدافها منشآتها النووية والاقتصادية. فقد سبقتها خطوات لإضعاف النفوذ الإيراني على رأسها اغتيال الرموز المقاومة للاحتلال واستهداف محاور التماس مع «إسرائيل» في سوريا ولبنان.

فمنذ العام 1948 عانت المنطقة من حالة التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار لأسباب على رأسها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. فالحروب إنما تشنها «إسرائيل» والاغتيالات تمارسها تل أبيب، والتهديدات تنطلق من الأراضي المحتلة. والهدف من تلك السياسة ضمان غياب الجهات الفاعلة لإبقاء المنطقة في حالة أمن واستقرار.

وقبل الاحتلال عانت المنطقة من الاستعمار، وبعد اكتشاف النفط أصبحت تُعامَل كبقرة حلوب للدول الغربية، وحُرمت من حقوقها الأساسية المشروعة وعلى رأسها السيادة. فهذه غزة لا تعيش حصارا فحسب بل يُرتكب بحقها جريمتان وفق القانون الدولي: الأولى تعريضها للحرمان من الغذاء والدواء وما ينجم عن ذلك من انتشار المجاعة والمرض. والثاني السعي المتواصل لضمها للكيان لتضاف للأراضي التي احتلت في العام 1948 وكذلك في 1967.

وتكفي الإشارة إلى أن قوات الاحتلال قتلت وجرحت في الأسابيع الأخيرة بدم بارد أكثر من 600 من الفلسطينيين الذين هرعوا للحصول على وجبة طعام كانت وكالات الإغاثة الدولية توزعها في غزة. ولا يكاد يمر يوم بدون سقوط العشرات ضحايا للعدوان والاحتلال. يتم ذلك علنا وليس سرًّا، في واحدة من أكثر حقب الاحتلال بشاعة وإجراما.
فشل هذا العالم المترامي الأطراف في القيام بواجبه تجاه شعب يتعرض للاحتلال والإبادة
امام هذه الحقائق، فشل هذا العالم المترامي الأطراف في القيام بواجبه تجاه شعب يتعرض للاحتلال والإبادة وفق سياسة ثابتة تهدف لمحو الهويّة الفلسطينية بعد قضم تلك البقعة الجغرافية في بلاد الشام التي تسمّى «فلسطين».

وأصبح واضحا بدون لبس أو غموض أن هناك حربا إسرائيلية ـ أمريكية ليس على فلسطين فحسب بل على العمل الدولي المشترك الذي توافقت عليه دول العالم بعد الحرب العالمية الثانية لكي يكون جامعا للدول والشعوب على أساس العيش الآمن والتعاون المشترك والتصدي للعدوان والظلم ومكافحة المجاعة والفقر والاستبداد.

لقد كانت هناك أحلام وردية تراود رموز ما يسمى «العالم الثالث» آنذاك للنهوض ضمن قيم العدالة وحق تقرير المصير لإقامة منظومات سياسية حديثة على أساس المصير المشترك وحكم القانون. وكانت هناك قضايا دولية عديدة تتطلب موقفا دوليا واضحا وقويّا، ولكن الملاحظ أن أغلب هذه القضايا ما يزال عالقا أمام عجز العالم عن اتخاذ قرارات ذات معنى للتعاطي معها. ومنها قضية الحريات وتقرير المصير ومسائل السيادة وحكم القانون. وما تزال هناك قضية فلسطين التي بقيت تتحدى ضمير العالم منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن وما تزال تستعصي على الحل. هذا بالإضافة لقضية كشمير وميانمار وسواهما.

هل فقد العمل الدولي المشترك ومؤسساته مبررات الوجود؟ ولكن ما البديل لذلك؟ كيف يمكن منع العدوان والاحتلال والتعدّي على سيادة الدول وحقوق الشعوب؟ لماذا يستمر الشعب الفلسطيني مشرّدا ومضطهدا طوال هذه الحقبة؟

في الأسبوع الماضي حدث العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية وسيادتها ومنشآتها التكنولوجية والاقتصادية. وكان عدوانا كاسحا، نجم عنه تدمير بعضى المنشآت النووية الإيرانية وقتل العديد من خبرائها في هذا المجال وعلى رأسهم القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي بالإضافة لستة علماء نوويين هم: عبد الحميد مينوشهر، وأحمد رضا ذو الفقاري، وأمير حسين فقهي، ومطلبي زاده، ومحمد مهدي طهرانجي، وفريدون عباسي. ومن المؤكد أن إيران تعرضت لضربة موجعة بهذا العدوان الذي جاء بعد أقل من عام من الاستهداف الإسرائيلي لحلفائها في المنطقة وقتل السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان. وتوقّع الكثيرون ردّا إيرانيا يتناسب مع العدوان الإسرائيلي، ولكنه لم يتحقق، الأمر الذي شجّع نتنياهو على الاستمرار في استهداف طهران.

الأمر المثير للقلق غياب الآليات الدولية التي تمنع العدوان، وهذا واضح من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزّة منذ أكثر من 20 شهرا، التي تؤدي لقتل العشرات يوميا، بدون أن يكون هناك موقف دولي رادع، سواء من الأمم المتحدة أم مجلس الأمن الدولي أم الاتحاد الأوروبي. فكأن هذا العالم يقول للإسرائيليين: افعلوا ما شئتم ولا تخشوا شيئا. وكما يقال: من أمن العقوبة أساء الأدب. ولقد أصبح واضحا أن لدى «إسرائيل» وحلفائها مبدأ ثابتا بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي بأي ثمن. ومن أهم مقومات هذا التفوق امتلاك السلاح النووي. وقد غض العالم طرفه عن المشروع النووي الإسرائيلي منذ تأسيسه.

فقد بدأت إسرائيل العمل في المجال النووي بعد وقت قصير من تأسيس كيانها في العام 1948. ودعمتها فرنسا في أواخر الخمسينيات في بناء مفاعل نووي ومصنع لإعادة التجهيز في ديمونا. ويعتقد أنها بدأت إنتاج السلاح النووي في أواخر الستينيات بدعم غربي مباشر.

ولم يعرف العالم تفصيلات ذلك المشروع إلا في العام 1986 عندما قدّم مردخاي فعنونو، وهو فني نووي إسرائيلي سابق، تفاصيل وصورًا واضحة لصحيفة «صنداي تايمز» عن برنامج أسلحة نووية إسرائيلية كان يعمل ضمنه لمدة تسع سنوات، وشمل ذلك معدات لاستخراج مواد مشعة لإنتاج أسلحة ونماذج معملية لأجهزة نووية حرارية (أجهزة تستخدم لصناعة قنابل هيدروجنية). واستمرت في تطوير ذلك المشروع حتى استطاعت تصنيع القنبلة النووية وأصبح لديها مخزون كبير يقدّر بـ 200 رأس نووية. تم ذلك بغطاء غربي محكم، حال دون إخضاع المشروع لرقابة دولية. ومورست ضغوط واسعة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنعها من التدخل في ذلك أو المطالبة بزيارة المنشآت في صحراء النقب. ولم يُخضع المجتمع الدولي الكيان الإسرائيلي لضغوط أو عقوبات بسبب ذلك، بل تماهى مع السياسة الغربية بشكل واضح.

من هنا تصبح الأصوات الداعية لإبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل خاوية، فكيف يتحقق ذلك في ضوء ازدواجية السياسة بفرض الضغوط والعقوبات على الدول العربية والإسلامية واستثناء «إسرائيل» منها؟

وفي ضوء المبدأ الغربي الذي يهدف للحفاظ على رجحان الميزان العسكري في الشرق الأوسط لصالح «إسرائيل» انتهت مقولة الحفاظ على أمن هذه المنطقة. فالأمن إنما يتحقق عندما يشعر الفرقاء بوجود وسائل ردع متساوية لدى جميع الأطراف. أما حين يتمتع أحدها بتفوق عسكري دائم يصبح الحفاظ على الأمن مستحيلا، ويبقى ذلك خاضعا لإرادة الطرف الأقوى وقراره. فالحروب والتوترات في المنطقة تعود بجذورها في أغلب الحالات لسياسات «إسرائيل».

فهي تارة تستهدف الدول المجاورة بالعدوان (العراق وسوريا ولبنان بشكل خاص) وأخرى تمارس سياسة كسر العظم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وثالثة بفرض الهيمنة المطلقة على قطاع غزة ولو تطلّب ذلك التشبث بسياسات التجويع والحرمان من الدواء والماء. ورابعة ممارسة استهداف الرموز والقادة للحركات والدول المناوئة للاحتلال، بدون رحمة او شفقة.

فليس لدى «إسرائيل» مانع من قتل أكثر من 50 ألفا من الفلسطينيين انتقاما لمصرع 1200 إسرائيلي في 7 اكتوبر 2023. التوازن هنا غير مقبول من الجانب الإسرائيلي، بل التفوق الدائم في كل شيء، فلا مكان لما جاء في السياق التاريخي للوجود اليهودي خصوصا قانون «السن بالسن، والعين بالعين». بل أن سياسات نظام الاحتلال قامت على أساس مبدأ الانتقام الشامل لكل عمل يصيب المحتلّين بأذى. وهكذا يفرض على العالم العيش في ظروف تفتقر لمبادئ الحرّيّة والعدالة وحق تقرير المصير والمساواة بين البشر.

وعلى هذا الأساس يمكن النظر لما حدث مؤخرا أنه تجسيد للأيديولوجية الإسرائيلية التي ترفض مبدأ «النفس بالنفس، والعين بالعين» وتصرّ على أن تكون عقوبة استهداف الإسرائيليين في أي مكان مضاعفة وذلك انطلاقا من مشاعر الاستعلاء والاستكبار والسعي للاحتفاظ بالتفوق الإسرائيلي حتى في مسائل الموت والحياة. وها هو حصار غزّة المستمر منذ 7 أكتوبر 2023، يتواصل بدون صدور دعوات دولية فاعلة لإنهائه، وكأن التجويع أصبح سلاحا مشروعا ضد الأبرياء. لقد استهدفت «إسرائيل» إيران مرات عديدة، ولم تعلن دول العالم موقفا داعيا لوقف العدوان أو شجبه أو محاولة معاقبة من يقوم به. وجاء العدوان الأخير ليكرر المأساة الإنسانية في غياب موقف دولي رشيد، يفضي لمعاقبة من ينتهك القانون الإنساني الدولي من جهة ويهرع لإغاثة ضحايا ذلك الانتهاك. بل أن هذا العالم كثيرا ما ساوى بين الضحية والجلاد، واكتفى بالتفرّج على ما يجري من حمامات دماء لا تتوقف خصوصا في غزّة.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • نتنياهو.. الحرب مع إيران والعين على الشرق الأوسط كله
  • ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم
  • كاتبة بريطانية: إسرائيل دمرت سمعتها بغزة وتحاول ترميمها عبر حرب إيران
  • الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟
  • سقط في الوحل.. الغرب الأعمى يحر.ق الشرق الأوسط لإنقاذ إسرائيل
  • WSJ : إسرائيل تسابق الوقت لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وأمريكا تراقب
  • الحرب الإسرائيلية الإيرانية وأثرها على المنطقة
  • علَّامة السودان عبد الله الطيب رحمه الله إذا سمع عبارة ( الشرق الأوسط) يقول : الأوسط من ماذا ؟ والأقصى من ماذا ؟!
  • أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»
  • إيران لا تواجه “إسرائيل” فقط.. قراءة أعمق في مشهد الصراع في الشرق الأوسط