وصفت صحيفة «الجارديان» البريطانية هذا العام بأنه كان عامًا من الدمار في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أنه بدلًا من انتهاء هذا الكابوس، تنزلق المنطقة نحو حرب أعمق، إذ تخطط إسرائيل لرد "كبير وخطير" ضد إيران، قائلةً إن دائرة الانتقام تدور بشكل أسرع، مع اقتراب الحريق الذي سادت المخاوف من اندلاعه منذ البداية، ومرة أخرى سيكون المدنيون هم من يدفعون الثمن.

وذكرت الصحيفة -في مقال افتتاحي أوردته مساء اليوم الأحد بمناسبة ذكرى مرور عام على حرب غزة- أنه بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة عن مقتل أكثر من 41 ألفًا و500 فلسطيني، وفقًا لسلطات الصحة هناك، وكان أغلبهم من النساء والأطفال، بما في ذلك مئات الرضع، وأصبح الحديث عن وجود أطفال جرحى بلا أُسَر على قيد الحياة أمرًا شائعًا.

ولفتت الصحيفة إلى أن الناجين في غزة باتوا مشردين وجائعين ويائسين، بينما تتفاقم الكارثة الإنسانية، مع استمرار إسرائيل في حربها في الأرض القاحلة، وكان العام الماضي أيضًا الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن ناحية أخرى، لقي 2000 شخص بالفعل حتفهم أيضًا في لبنان.

وأضافت الصحيفة أن الحديث عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لا يسمح لها بسحق قوانين الحرب، إذ تبنى الوزراء والسياسيون علنًا -على حد تعبير شخصيات إسرائيلية بارزة- "خطاب الإبادة والطرد والانتقام"، وهذا يبرز تأثير الاحتلال الدائم، فلم تبدأ هذه القصة قبل 12 شهرا فقط، وقد تجاوز تصميم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على البقاء في منصبه، وتعصب شركائه السياسيين، حياة المحتجزين الإسرائيليين وكذلك الفلسطينيين.

وأكدت الصحيفة أن إسرائيل أصبحت معزولة بشكل متزايد، لأن الناس لا يستطيعون تجاهل معاناة الفلسطينيين، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت متهمان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية الدولية، وقضت محكمة العدل الدولية بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، ودعت إلى الانسحاب الفوري ومنح التعويضات، وفي يناير الماضي، أمرت إسرائيل بضمان عدم ارتكاب أي أعمال إبادة جماعية في غزة، وفي حين تواصل الولايات المتحدة شحن الأسلحة إلى حليف يتجاهل تحذيراتها، فإن آخرين يتراجعون.

واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلةً إن إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة -والآن لبنان أيضًا- باتا أكثر إلحاحًا مع مرور الأشهر.

اقرأ أيضاًتضامنا مع أطفال غزة.. صحفي أمريكي يشعل النار في نفسه أمام البيت الأبيض

بعد عام من الحرب على غزة.. 13 ألف عملية اقتحام إسرائيلي في الضفة والقدس الشرقية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين الاحتلال القضية الفلسطينية قطاع غزة الجارديان إطلاق النار في غزة قصف المدنيين في غزة أحداث غزة

إقرأ أيضاً:

الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إنّ: "هناك طريقتان للنظر للأحداث في الشرق الأوسط، خلال العام ونصف العام الماضيين. الأولى هي أن ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كان بمثابة قطيعة مع الماضي. 

وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "استحال حصر عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضمن الحدود التي حددتها القوانين الدولية أو احتواؤه جغرافيا: الإبادة الجماعية في غزة، وغزو جنوب لبنان، واحتلال المنطقة العازلة في جنوب غرب سوريا، والغارات الجوية في أنحاء ذلك البلد، والآن هجماتها على إيران".

وتابع: "هناك تفسير آخر مفاده أن هذه الأحداث جزء من سلسلة تاريخية متواصلة. كان السلام الإقليمي نتيجة وضع متقلّب، كان دائما عرضة للاضطراب. بدا هذا السلام قابلا للاستمرار فقط لأنه اعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل التي عند تضافرها، بدت وكأنها تسوية".

وأردف: "قد زعزع هذا التوازن الدقيق حكومة إسرائيلية مهووسة الآن بتحقيق أجندتها الخاصة، تعيد صياغة مستقبل المنطقة بمفردها بطرق تعجز عن تفسيرها ولا ترغب في السيطرة عليها".

"كان أحد عناصر هذا السلام الهش وجود قوى الخليج كوسطاء. لم يكن تقارب الخليج مع إيران مدفوعا بالتجارة أو مشاعر الأخوة، بل بالحاجة العملية إلى الاستقرار. كما تجاوزت بعض دول الخليج خطا أحمر تاريخيا، فاعترفت بإسرائيل إما بتوقيع اتفاقيات أبراهام أو بدأت عملية تطبيع. والآن تجد هذه الدول نفسها عالقة بين طرفين متناحرين" وفقا للمقال نفسه.

وأردف: "عندما بدأ الهجوم على غزة، دفع إيران ووكلائها، حزب الله والحوثيين في اليمن، إلى لعب دور المدافعين عن الحقوق الفلسطينية. بمجرد أن دخلت إيران في الإطار، وشعرت إسرائيل بالقدرة على التصرف دون تردد أو لوم، لم يعد هناك مجال للتراجع".

ومضى بالقول: "ثمّة شيء آخر انكسر، فقد تجاوزت مبررات أفعال إسرائيل المعقول. مع اعتبار سلامة الشعب اليهودي مبررا للدعم الجامح، وأهمية إسرائيل كشريك وثيق في منطقة استراتيجية، منحت الولايات المتحدة وحلفاؤها الآخرون، إسرائيل، حرّية مطلقة للدفاع عن نفسها. لكن هذا يعتمد على رد إسرائيل على أي تهديدات بطريقة متناسبة، حتى لا تتسبّب في مزيد من عدم الاستقرار". 


وأبرز: "لم تكتفِ إسرائيل بالرد بشكل غير لائق على التهديدات، بل حوّلتها إلى سلاح لدرجة أنها أصبحت عاملا رئيسيا في انعدام أمنها، وانعدام أمن بقية دول المنطقة".

إلى ذلك، تابع: "يعتمد دعم الحلفاء أيضا على الشفافية بين الأطراف. يوفّر الغطاء العسكري والاقتصادي والسياسي الهائل على أساس أنّ من يتولى زمام الأمور في الحكومة الإسرائيلية لا يملك أي دوافع أخرى للانخراط في صراع سوى ضمان سلامة مواطنيه. زعزع رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، الثقة، مستغلا الحرب لتعزيز الدعم الشعبي لمسيرته السياسية. إنه لا يقلّل من أمن الإسرائيليين فحسب، بل يعمّق استغلال هذا الشعور بانعدام الأمن من خلال لعبه دور الحامي".

واسترسل: "وضعت العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين على المحك بشأن غزة، مع تزايد الضغط الشعبي من داخل الدول الغربية، الذي يتابع صور الأطفال الجائعين والمستشفيات المتفحمة وصفوف تلو صفوف من أكياس الجثث. بفتح جبهة جديدة والاشتباك مع عدو آخر، تتاح للحكومة الإسرائيلية فرصة استعادة بنود اتفاقها مع رعاتها، والرواية التاريخية بأنها الضحية". 

وأورد: "اختفت قصص الموت جوعا في غزة، أو قتل الجياع في طوابير الطعام، من عناوين الأخبار. وتراجع الهجوم المتواصل على الضفة الغربية وتوسع المستوطنات غير الشرعية عن الأنظار. واستبدل الضغط الذي بدأ يتزايد على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات والالتزام بوقف إطلاق النار بنفس الحجج الواهية التي رأيناها في الأيام الأولى لحرب غزة، بالإضافة إلى نفس الهراء الداعي إلى "ضبط النفس". لقد أعيد ضبط الساعة".

وأردف: "فيما يتعلق بالضربات على إيران، يبدو أن إسرائيل استفادت من دروس حرب العراق، مدّعية أنها تصرفت دفاعا عن النفس بناء على معلومات استخباراتية يجب على العالم أن يثق بها"، مستفسرا: "ما مدى قرب التهديد؟ من له الحق في تحديد متى تكون "الضربة الاستباقية" مبررة؟ ومن له الحق في الرد على هجوم أحادي غير قانوني؟".

وأوضح: "كان من الممكن تلطيف هذه الفروقات في الماضي بسهولة أكبر، لأن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا "الطرفين الصالحين"، وإيران كانت جزءا من "محور الشر". لكن تآكل مصداقية إسرائيل والولايات المتحدة كمحاورين صادقين، حكيمين في اعتباراتهما الأمنية وملتزمين بالقانون الدولي، جعل هذه الحملات أصعب تسويقا".

واختتم المقال بالقول إنّ: "هذه هي الحرب الحقيقية التي تخوضها إسرائيل. لا تزال إيران تحتفظ بقدر من الإرادة السياسية والقدرة العسكرية التي لا تطمئن إسرائيل إليها. وهكذا، ومع انغلاق نافذة مصداقية إسرائيل، يصبح من الضروري لها تقليص مصداقية إيران السياسية وقدراتها العسكرية".


واستدرك: "ولكن ما هي النهاية؟ هل تتصور إسرائيل حملة محدودة المدة، تنسحب بعدها راضية عن النتائج؟ أم أن هذا ليس سيناريو معقولا، بالنظر إلى الضربات المضادة التي أثارتها. يبدو الأمر أشبه بغزة: تصعيد بلا نهاية، أو تغيير نظام بلا خطة".

وأردف: "تشترك حملتا إسرائيل -الدعائية والميدانية- في أمر واحد: اعتبارهما الشرق الأوسط مسرحا للسياسة الداخلية، وإدارة السمعة، والتجريب في تحقيق "الأمن" وفق شروط لم تحدّد بعد. لكن المنطقة ليست مجرد فناء خلفي لإسرائيل، بل هي موطنٌ لشعوب أخرى، لها سياساتها وتاريخها وسكانها واحتياجاتها الأمنية الخاصة، التي تخضع بشكل متزايد لسيطرة دولة قررت أن أجندتها الخاصة هي الأهم".

مقالات مشابهة

  • الصين وروسيا تجددان إدانة الاحتلال الإسرائيلي وتؤكدان التمسك بالحل السياسي لأزمة الشرق الأوسط
  • ︎وزير الخارجية يستعرض مع رئيس الوزراء الصربي موقف مصر من تطورات الشرق الأوسط
  • أول تعليق لكوريا الشمالية على هجمات إسرائيل ضد إيران
  • إسرائيل وإيران: الحرب المنتظرة تغيّر الشرق الأوسط
  • ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم
  • أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»
  • رئيس وزراء صربيا: مصر نقطة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط
  • مدبولي: زيارة رئيس وزراء صربيا لمصر تمثل انطلاقة في العلاقات الثنائية بين البلدين
  • الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟
  • «معلومات الوزراء» يصدر تقريراً حول تداعيات التصعيد العسكري في الشرق الأوسط على الأسواق العالمية