الاقتصاد نيوز - متابعة

ما زالت الطاقة المتجددة تشكل قلقًا وجوديًا حتى الآن، رغم مُضي حكومات ومؤسسات عالمية قدمًا في إستراتيجيات وخطط ومستهدفات بدأت الشركات تحولها إلى واقع.

ورغم أن اندلاع الحرب الأوكرانية، وتقلب الإمدادات بعد فرض عقوبات على روسيا، يعدان درسًا عمليًا لضرورة تنويع مصادر الطاقة ونقطة تحول في هذا المضمار؛ فإن الجدلية بين الفريق الداعم لها وفريق الوقود الأحفوري لم تُحسم بعد.

وطرح مقال تحليلي- تساؤلًا يبدو في غاية البساطة والتعقيد في آنٍ واحد "هل تطوير الموارد المتجددة أمثل مسار لخفض الانبعاثات؟".

وأثارت الإجابة عن هذا السؤال الرئيس محاور أخرى فرعية، برهنت جميعها على أن الصراع بين كل ما هو أحفوري ومتجدد لن ينتهي بسياسات التحول فقط، إذ أشار كاتبا المقال إلى أن مؤيدي الموارد المتجددة انساقو وراء الحملات المناخية، وقيموا الموارد وفق معايير "عمياء".

اعتقاد مُضلل

بنى مؤيدو الطاقة المتجددة رؤيتهم للتحول وجدوله الزمني وفق اعتقاد خاطئ وغير دقيق، ما ينعكس على إدراك سياسات الوقود والاستثمارات المتعلقة لها.

وربما أربك هذا الاعتقاد تقدير جدوى التحول بصورة واقعية، ودفع الغالبية للانحياز إلى الموارد المتجددة على حساب محاربة نظيرتها الأحفورية والنووية.

ويعد هذا الانحياز "مبالغة وتضليل للحقائق"، حسب وصف مقال نشرته مجلة ذا كريتيك أو الناقد (The Critic) الشهرية البريطانية.

ونسف مقال لأخصائية علم النفس المعرفي "ديبرا ليبرمان"، ومدير المؤسسة الخيرية للطاقة المتجددة في بريطانيا "جون كونستابل"، الافتراض بأنه لا سبيل للحياة دون الطاقة المتجددة من أساسه.

وقال الكاتبان إن معضلة الموارد المتجددة أنها لا تمثل المستقبل، وإذا مثلته فإنها تحتاج إلى الدعم الدائم، ما يسبب أضرارًا لسياسات المناخ العالمية.

ما السبب؟

يمكن القول إن دعم الطاقة الخضراء أصبح كارثة سياسية واقتصادية و"مجتمعية" أيضًا، ما دام أنه بقي خارج نطاق المنطق والتدقيق العقلي والعلمي.

ودافع الكاتبان في المقال عن موارد الطاقة التقليدية بوصفها "ضرورة لراحة وسلامة ورفاهية الإنسان والبشرية".

وأكدا أن الفريق الآخر روّج للموارد منخفضة الكربون لأهداف خاصة بجني المكاسب، خاصة أن هذه الموارد لا تؤدي في النهاية إلى ضمان رفاهية الإنسان.

واعتبر داعمو الاتجاه المتجدد أنه افتراض مسلم به عالميًا سواء على الصعيد السياسي أو المالي والاقتصادي، خاصة في الغرب.

ومن شأن ذلك أن يثير تساؤلات حول مستوى الإدراك اللازم للإفلات من قبضة التبعية الجمعية دون تفكير، ومحاولات "الإسكات" للفريق المتمسك بالطاقة التقليدية، واستشهد الكاتبان بالترهيب الذي تعرض له مدير مؤسسة تمويل بريطانية بعد تشكيكه في الرياح البحرية، عبر معاقبته بتخفيض راتبه.

حقائق فيزيائية وكونية

فنّد كاتبا المقال جانبًا من الحقائق الكونية والفيزيائية الداعمة لتمسكهم بالطاقة التقليدية، مؤكدين أن الشمس والرياح تتسمان بـ"قصور التحول الحراري" أو ما يعرف علميًا بـ"الإنتروبيا".

ومن شأن ذلك أن يجعل الموردين ينتجان طاقة منخفضة، ومن ثم عدم مواكبة الطموحات العالمية.

ورغم توافر الموردين وجاذبيتهما؛ فإن الطاقة المنخفضة المتوقعة منهما و"عشوائية" العمليات الفيزيائية المرتبطة بهما، تجعلها أكثر ملاءمة للنباتات وليس الكائنات الحية مثل الإنسان.

ومقابل هذه العشوائية، تأتي الموارد التقليدية (النفط والفحم والطاقة النووية) أكثر انضباطًا في العمليات الفيزيائية، وتشتهر بمستويات عالية من الطاقة مع انخفاض احتمالات القصور الحراري، ما يجعلها مضمونة أكثر في تلبية الطلب.

وقال الكاتبان إن الحقائق السابق ذكرها احتاجت لسنوات للتوصل إليها، محذرين من أن محاولة إعادة تكيف المجتمعات على مسارات ذات إنتاج أكثر انخفاضًا قد تسلب البشرية بعض الميزات مثل الراحة والرفاهية.

كما أن التحول من "الراحة إلى ترشيد الاستهلاك" في ظل موارد منخفضة أو محدودة (الموارد المتجددة) يعد سياسة مناخية غير جيدة، لأنها تغلب أهداف خفض الانبعاثات على راحة الإنسان.

ويعني هذا البحث عن إستراتيجية أفضل لخفض الانبعاثات تراعي الأهداف المناخية، وتقدر رفاهية الإنسان وراحته أيضًا.

خدعة "الأخضر"

يعد الترويج لـ"الطاقة الخضراء" بمثابة خدعة، إذ إنه -وفق الحقائق الفيزيائية السابقة- يحتاج تطوير موارد الشمس والرياح لاستثمارات طائلة، سواء لتوفير الألواح الشمسية ونشرها في مساحات واسعة أو شراء التوربينات وخطوط شبكات الكهرباء والبطاريات.

ويشكل تحويل الإنتاج المتجدد "العشوائي" إلى أنظمة كهرباء تنتج بانتظام "عبئًا" ماليًا واستثمارًا عالي المخاطرة، مقارنة بتوليد الكهرباء عبر الموارد التقليدية.

ويضيف تطوير الموارد الخضراء تكلفة جديدة لكاهل المستهلك ودافع الضرائب، ما يضيق الخناق على مستويات المعيشة.

وأبدى كاتبا المقال اندهاشهما من الانخراط في فهم الطاقة المتجددة والتحول وتحميلهما أكبر من قدرهما الحقيقي، رغم العلوم الفيزيائية والمعرفية والتطور الذي شهدته البشرية.

وأكدا أن هناك حالة من "العمى" خلال الحديث عن "الطاقة" تؤدي إلى تضليل المستهلك، مستنكرين تقييم البعض لإمدادات الوقود وفق معايير: اللون أو الانطباع النفسي لرائحة المورد أو شكله.

وأشارا إلى الانحياز للطاقة الشمسية أو الرياح بالنظر إلى معايير التأمل والنقاء والدفء، وحكموا -سلبًا- على النفط والفحم للونهما أو رائحتهما.

وامتد الأمر إلى أن بعض المجتمعات باتت تدير انحيازها إلى موارد الطاقة المتجددة أو التقليدية وفق "معايير أخلاقية" بتقسيم أهداف المناخ والانبعاثات وسياسات الوقود حسب "الخير والشر".

إدارة أميركا وبريطانيا للتحول

تعد أميركا وبريطانيا نموذجين لإدارة عملية تحول الطاقة بطريقة مثيرة للجدل، خاصة في السنوات الأخيرة.

وأقرت أميركا قانون خفض التضخم في أغسطس/آب 2022، وسخر الخبير الاقتصادي "بول كروغمان" آنذاك من عدم التوازن الذي تتعامل به إدارة الرئيس جو بايدن مع نقاشات سياسات الطاقة.

ولا يشير تنصيب حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز في منصب "نائب الرئيس" -حال فوز كامالا هاريس- بتغيير في الأفق، خاصة أن "والز" دعم قانون يلزم الجهات في ولايته بخفض انبعاثات محطات الكهرباء بنسبة 100%، بحلول عام 2040، وحرص على تسهيل تراخيص البناء اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة.

وفي بريطانيا، جاءت حكومة حزب العمال الجديدة برؤية تحمل تعهدات توسع كبير في مشروعات الرياح "البرية والبحرية" والطاقة الشمسية، مقابل قيود على الهيدروكربونات والطاقة النووية، ما كبد المستهلك فاتورة فائقة.

وتُشير إجراءات الإدارتين الأميركية والبريطانية إلى "تجذر وتعمق" سياسات الطاقة المتجددة الخاطئة، وفق المقال.

ولا يبدو نجاح هذا الاتجاه حاضرًا، إذ إن الاعتماد على الآلات والمعدات (مثل الألواح الشمسية والتوربينات) في ظل إنتاج "منخفض" متوقع قد يؤدي إلى انهيار هذه المعدات وحاجتها المتكررة إلى الصيانة، ما يشكل أيضًا تهديدًا لراحة الإنسان.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الموارد المتجددة الطاقة المتجددة

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي: إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية في الطاقة المتجددة

أعلن معهد بحوث الإلكترونيات إدراجه رسميًا ضمن لائحة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – الألكسو لمراكز البحث العلمي العربية المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة للدورة 2025–2026، وقد ثمّن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي هذا الإنجاز الذي يؤكد ريادة مصر الإقليمية في البحث العلمي والتكنولوجيا التطبيقية، مشيرًا إلى أهمية الدور الذي تقوم به المراكز والمعاهد البحثية المصرية في دعم منظومة الابتكار وتعزيز مكانة مصر على الساحتين العربية والدولية، ومؤكدًا أن المشاركة الفاعلة لتلك المراكز في المبادرات والبرامج الإقليمية تسهم في الارتقاء بالبحث العلمي التطبيقي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


وأكد الوزير أن هذا الإنجاز يعكس نجاح الاستراتيجية الوطنية لدعم البحث العلمي وربطه بقضايا التنمية المستدامة، وعلى رأسها التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. 


وأوضحت الدكتورة شيرين محرم رئيس معهد بحوث الإلكترونيات أن الإدراج جاء خلال الاحتفالية التي استضافتها جامعة حمد بن خليفة بدولة قطر يومي 11 و12 ديسمبر 2025، والتي تعد أول مبادرة من نوعها عربيًا لدعم التميز العلمي والابتكار في مجالات الطاقة المتجددة.

 وتم تسليم شهادة الإدراج للمعهد من الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة، بحضور الدكتور محمد سند أبو درويش مدير إدارة العلوم والبحث العلمي بالألكسو.


ولفتت إلى أن اختيار المعهد جاء بعد منافسة عربية واسعة ضمّت 35 مركزًا بحثيًا من 13 دولة عربية، بينها 6 مراكز ممثلة لجمهورية مصر العربية، ليكون معهد بحوث الإلكترونيات المركز المصري الوحيد المختار ضمن هذه القائمة المرموقة، وهو ما يؤكد تفوق المعهد في مجالات الطاقة المتجددة والابتكار التكنولوجي.


ومن جانبه، أكد الدكتور أيمن فريد، مساعد الوزير رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات والمشرف على اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، أن اختيار معهد بحوث الإلكترونيات يمثل ثمرة للتكامل المؤسسي بين الوزارة واللجنة الوطنية والمنظمات الإقليمية، ويعكس ثقة منظمة الألكسو في القدرات البحثية المصرية، مشيرًا إلى أن هذا الإدراج يفتح آفاقًا أوسع للتعاون العربي المشترك في مجالات الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.


كما أوضح الدكتور رامي مجدي، مساعد الأمين العام لشؤون منظمتي الألكسو والإيسيسكو باللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، أن هذا الإنجاز يعكس الحضور الفاعل لمصر داخل منظومة العمل العربي المشترك، ويؤكد نجاح الجهود التنسيقية التي تبذلها اللجنة الوطنية لتعظيم الاستفادة من آليات المنظمات الإقليمية، ودعم ترشيح المؤسسات البحثية المصرية المتميزة بما يعزز القوة العلمية والبحثية للدولة المصرية.
ويذكر أن منظمة الألكسو تعتمد في اختيارها على عدة معايير تضم امتلاك بنية بحثية ومعملية متقدمة، وسجلًا علميًا منشورًا في مجالات الطاقة المتجددة، وخبرة مثبتة في تنفيذ مشروعات تطبيقية تخدم احتياجات المجتمع العربي، إلى جانب القدرة على بناء الشراكات والمشاركة في المبادرات الإقليمية. وقد أثبت المعهد استيفاءه لهذه المعايير من خلال ما يمتلكه من أقسام بحثية متقدمة تضم قسم الخلايا الضوئية وقسم الطاقة العالية، ومعامل متخصصة في مجالات تخزين الطاقة ومحطات شمسية بحثية ومعامل الإلكترونيات الصناعية والتحكم. كما يضم المعهد معامل متقدمة لتصميم وتصنيع المكثفات وبطاريات الليثيوم، بالإضافة إلى بنية قوية في مجال الذكاء الاصطناعي لدعم أبحاث الطاقة وإدارة الشبكات الذكية. ويُعد معهد بحوث الإلكترونيات نموذجًا للمنشآت البحثية الخضراء في مصر، إذ نجح في تحويل مبانيه إلى منشآت ذكية مستدامة تعتمد على الطاقة النظيفة وتُسهم في خفض الانبعاثات الكربونية، بما يواكب الاتجاهات العالمية في الاستدامة والتحول للطاقة النظيفة.
ويعد إدراج المعهد خطوة مهمة نحو تعزيز دوره الإقليمي والدولي في تحقيق رؤية مصر 2030 للتحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز الابتكار التكنولوجي، ويعزز مشاركته في المبادرات العربية القادمة بما يدعم الابتكار ويؤكد مكانة مصر العلمية إقليميًا، وفتح آفاق تطوير شراكات بحثية مع المؤسسات العربية في مجالات الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
كما تجدر الإشارة إلى أن ثلاثة معامل مركزية بمعهد بحوث الإلكترونيات حاصلة على شهادة الاعتماد ISO/IEC 17025:2017 من المجلس الوطني للاعتماد (إيجاك)، وتمثل البنية البحثية القوية للمعهد سجلًا علميًا متميزًا في مجالات الطاقة المتجددة وتطبيقاتها الصناعية والزراعية، مدعومة بخبرة طويلة ومشاركة فاعلة في المبادرات الوطنية والعربية للتحول الأخضر والابتكار التكنولوجي، بالإضافة إلى امتلاكه مركز بيانات متطور يمثل منصة وطنية لخدمة الاستضافات الرقمية.
وعلى صعيد آخر شهدت الفعالية جلسات علمية موسعة بمشاركة رؤساء ومديري المراكز العربية المدرجة، حيث تمت مناقشة آفاق التعاون العربي في مجالات الطاقة المتجددة، وتنفيذ مشروعات بحثية مشتركة، وتبادل الخبرات، وتعزيز القدرات البحثية. كما شهد اليوم الثاني اجتماعًا تنسيقيًا موسعًا بين الألكسو والمراكز المدرجة لوضع خارطة طريق لمبادرات عام 2026، بهدف توحيد الجهود العربية في مجالات الطاقة النظيفة وتعزيز التعاون المشترك ودعم الدور المحوري للبحث العلمي في تحقيق التنمية المستدامة.
شارك في الوفد المصري دكتوره دعاء عطية رئيس معمل نظم الخلايا الضؤئية وتطبيقاتها بمعهد بحوث الإلكترونيات، د سحر ناصف رئيس معمل تكنولوجيا الخلايا الضوئية و تخزين الطاقة بمعهد بحوث الإلكترونيات.

طباعة شارك الإلكترونيات بحوث الإلكترونيات التعليم العالي

مقالات مشابهة

  • برلمانية: محطة PV-CSP الهجينة ترجمة فعلية لرؤية الدولة في تعظيم العائد الاقتصادي من الطاقة المتجددة
  • وزير الكهرباء يستقبل أعضاء لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ
  • خبراء لـ«الاتحاد»: الإمارات أرست تجربة رائدة في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة
  • وزير الكهرباء يبحث الاستثمار مع السويد في مشروعات تخزين الطاقة
  • وظائف خالية بإعلان وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.. قدم الآن
  • وزارة النفط تعلن موعد قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد في طرابلس
  • انطلاق مؤتمر الشبكات الذكية الاثنين المقبل بالرياض
  • صدور العدد ١٦ من مجلة البحوث القضائية عن المكتب الفني لوزارة العدل وحقوق الإنسان
  • التعليم العالي: إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية في الطاقة المتجددة
  • إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة «الألكسو» لمراكز التميز العربية بالطاقة 2025- 2026