كشفت دار الإفتاء عن  محاور دعم المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وقالت إنها تتضمن خمسة محاور وهي:

المحور الأول: ترسيخ الهُويَّة المصرية من خلال الخطاب الإفتائي المعتدل، الذي يبرز مكانة مصر وأدوارها الريادية في صناعة الحضارة الإسلامية والإنسانية على مرِّ التاريخ، ويُجلي خصائص المجتمع المصري الذي كانت –ولا زالت- له جهود كبيرة في تطوير الفكر الإسلامي ونشر الوسطية في العالم.

المحور الثاني: العمل الجاد على التنسيق مع جميع مؤسسات الدولة المصرية للتعاون والتكاتف والتكامل نحو تنفيذ جميع البرامج والمشروعات والأطروحات المجتمعية في ربوع مصر، وتقديم أفكار إبداعية ومتميزة لتنفيذ هذه البرامج على أرض الواقع بشكل يتناسب والتطلعات الرئاسية للمبادرة.

المحور الثالث: تخصيص مضامين ومحتويات إفتائية ودينية مناسبة تعزِّز القيم والمبادئ الأخلاقية في المجتمع، وذلك من خلال جميع المنصات الإلكترونية أو الإفتائية الخاصة بدار الإفتاء المصرية، وسوف يكون ذلك ضمن خطَّة واستراتيجية ممنهجة وواضحة تتوافق والقضايا المُلحَّة في المجتمع.

المحور الرابع: تخصيص مجموعة من البرامج التدريبية والتأهيلية التي تعقدها دار الإفتاء المصرية تكون خاصة بالشباب والفتيات، وذلك بهدف تعزيز الهُويَّة المصرية وترسيخ القيم الدينية والمبادئ الأخلاقية؛ وذلك لأنَّ الشباب هم عماد الحاضر والمستقبل.

المحور الخامس: تخصيص مجموعة من  المُفتين المتميزين للمشاركة الإعلامية الجادة في جميع البرامج والقنوات الإعلامية التي ستُعنى بالقضايا المجتمعية المعاصرة والملحَّة، وذلك بهدف بيان الرؤية الدينية المعتدلة نحو هذه القضايا؛ ما يحدُّ بشكل رئيس من ظاهرة فوضى الفتاوى المعاصرة، التي تعمل على زعزعة الاستقرار المجتمعي، وتهدِّد أمنه وسلامته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء مبادرة الرئاسية بداية جديدة

إقرأ أيضاً:

من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع

أكتب هذه السطور من قلب طوكيو، حيث لا تزال رائحة المطر تتسلل إلى نوافذ الفنادق الزجاجية، والضوء البارد ينساب على الإسفلت كما لو أنه هارب من فكرة الزمن. لم أغادر بعد، ولا أظن أنني سأغادر فعليًا، حتى بعد مغادرة المكان، لأن الأسئلة التي استيقظت داخلي بعد هذه الرحلة الممتدة من سيول إلى طوكيو سترافقني طويلًا. هذه ليست زيارة عابرة لمنطقة جغرافية نائية عنا بأزيد من 17 ساعة طيران، بل هي اقتراب مؤلم من نموذج حضاري يبدو في ظاهره مثاليًا، ولكنه في جوهره يعاني من فراغ إنساني ساحق.
المشاركة في المنتدى العالمي للعلوم السياسية كانت مدخلاً فكريًا بامتياز للتفاعل مع نخب أكاديمية قادمة من مختلف بقاع الأرض. لكن التجربة الحقيقية بدأت خارج جدران القاعات: في المترو، في الأسواق النموذجية، في المطاعم، في الرفوف الصامتة للمكتبات، وفي نظرات الناس الذين يتحركون بآلية صارمة، كأنهم جزء من آلة أكبر من قدرتهم على الفهم أو الرفض. هناك شيء متوتر في الهواء، شيء لا يُقال، لكنه محسوس. هدوء مفرط يكاد يكون صاخبًا في دلالته.
تجربتي الثانية في كوريا الجنوبية، التي امتدت إلى اليابان هذه المرة، أتاحت لي فرصة عميقة لتأمل ما وراء الصور النمطية. في الظاهر، نحن أمام مجتمعات متقدمة تقنيًا، منظّمة إلى درجة الانبهار، ناجحة اقتصاديًا، أنيقة في شوارعها ونظيفة في سلوكها العام. ولكن، ما معنى كل هذا حين يغيب الإنسان كقيمة؟ حين يتحول المجتمع إلى مجرد فضاء هندسي دقيق خالٍ من الفوضى، ولكنه أيضًا خالٍ من الدفء؟ لقد لاحظت، من خلال تفاعلي اليومي مع المواطنين هنا، أن العلاقات الاجتماعية شبه متلاشية، لا وجود للعفوية، لا أثر للعلاقات المفتوحة، حتى السلام أو التحيّة أصبحتا من الكماليات. الفرد هنا منغلق على نفسه، متوجس من الآخر، حتى قبل أن يقترب منه. هذا التوجس ليس مجرد موقف ثقافي أو اجتماعي عابر، بل هو نتاج لتراكمات تاريخية عنيفة لا تزال تشتغل في اللاوعي الجمعي. اليابان تحديدًا تحمل في ذاكرتها الجمعية جروحًا لم تندمل بعد: قنبلة نووية أمريكية دمرت مدينتين، وأبقت الندبة غائرة في وعي الأمة، فأصبح كل اقتراب من الآخر مشروع تهديد، وأضحى الحذر هو القاعدة في بناء العلاقات الإنسانية. لا يتعلق الأمر فقط بالحرب، بل بالتصورات العميقة التي ترسخت حول معنى الوجود، ومعنى السلام، ومعنى الثقة.
ومن جهة اخرى لا يمكن الحديث عن البنية النفسية للمجتمع الياباني دون التوقف عند إحدى أخطر الظواهر: ظاهرة الانتحار. اليابان تتصدر منذ سنوات لائحة البلدان ذات أعلى معدلات الانتحار في العالم، ليس فقط بسبب الضغوط الاقتصادية أو المهنية كما يُشاع، بل نتيجة نمط وجودي قائم على العزلة، على غياب التواصل العاطفي، على تفكك مفهوم الأسرة، بل وأحيانًا على انعدامه. الناس هنا يموتون صامتين كما يعيشون. هل يُعقل أن ينهار الإنسان في حضن واحدة من أكثر الدول تقدمًا وتطورًا؟ هل تكفي التكنولوجيا لملء الفراغ الوجودي؟ وهل يكفي النظام لسد الحاجة إلى دفء انساني لا يُعوّض؟
إن المفارقة التي تنكشف هنا مؤلمة ومثيرة للدهشة في آن واحد: هذه الدول التي لطالما قُدّمت كنماذج تنموية رائدة، تعاني اليوم من تحديات وجودية عميقة. الشيخوخة الديمغرافية تزداد، نسبة الولادات تنهار، العزوف عن الزواج يرتفع، والرفض الجماعي للهجرة يعمّق الأزمة. الدولة التي لا تُعيد إنتاج المجتمع، ولا تجدّد ذاتها ديمغرافيًا، تكون أمام خطر الزوال الناعم، حتى وإن كانت تبدو على السطح قوية ومزدهرة.
لكن السؤال الأكثر إلحاحًا يبقى: كيف يمكن لمجتمع متقدم، بلغ أعلى درجات التنظيم، أن يتحوّل إلى كيان هش على مستوى الروابط الاجتماعية؟ هل يمكن للفردانية المفرطة أن تبني أمة؟ وأين يذهب الإنسان حين يصبح النجاح الجماعي خاليًا من المعنى الفردي؟ ثم كيف نفهم هذا التناقض الفجّ بين البنية التحتية المتقدمة والبنية التحتية للروح التي تنهار بصمت؟ هل نعيش اليوم على أنقاض حداثة لم تفهم الإنسان؟ وهل نحن، في مجتمعاتنا المتوسطية بكل ما تحمله من فوضى وعفوية وعلاقات عائلية ممتدة، نعيش رغم كل شيء شكلًا من أشكال التوازن البديل، الذي يجب أن يُصان لا أن يُحتقر؟
رحلتي إلى كوريا الجنوبية واليابان كانت مناسبة لرؤية صورة الآخر من الداخل، ولرؤية أنفسنا من خلاله. لقد غادرت المسافة الجغرافية بيننا، لكنني اقتربت من مسافة أخرى، أعمق وأخطر: المسافة بين الإنسان وظلّه. وهذا ما يدفعني اليوم، وأنا لا أزال هنا، أن أكتب لا كسائح ينبهر، ولا كمثقف يدين، بل كإنسان يتساءل: من نحن؟ ومن هم؟ وإلى أين يمضي العالم حين تفقد الحضارة دلالتها، ويتحول التقدم إلى عبء، والنجاح إلى عزلة، والذاكرة إلى قيد؟ وهل في الإمكان بناء مستقبل مختلف لا يُقصي الإنسان باسم النظام، ولا يُغتال فيه الشعور باسم الصمت؟

الصورة مأخوذة من أعلى برج في اليابان هو برج طوكيو سكاي تري (Tokyo Skytree) بارتفاع: 634 متراً، وهو يُعد ثاني أعلى بناء في العالم بعد برج خليفة في دبي.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يعلنون تصعيدا جديدا واستهداف جميع السفن التي تتعامل مع إسرائيل
  • أحمد خضر: 5 محاور لتنمية الصناعات المغذية في مصر
  • من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع
  • ما الفرق بين الرؤيا والحلم وكيف يميز الإنسان بينهما؟.. الإفتاء تجيب
  • أعاني من الكسل في العبادة فما علاج ذلك؟.. الإفتاء تجيب
  • أفضل نموذج عملي في العالم.. إشادة دولية جديدة بـ المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»
  • بمشاركة 250 متدربًا.. جامعة الباحة تطلق 9 برامج تدريبية
  • ألفين طالب وخريج بجامعة سوهاج يسجلون بمبادرة كن مستعدًا المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"
  • عجمان.. برامج وأنشطة مجتمعية تعزز قيم التعاون والعطاء
  • الأوقاف: إدارة الوقت لبناء شخصية المسلم الناجح موضوع خطبة الجمعة