وكيل الأزهر: أمتنا ما زالت قادرة على النصر
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني -وكيل الأزهر الشريف: إن ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" تأتي في سياق مبادرة بداية جديدة برعاية من السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وذلك في إطار حرصه على تحقيق نهضة شاملة لهذا الوطن.
مستشارة شيخ الأزهر تفتتح برنامج المعايشة اللغوية لأبناء معهد تزكى بإندونيسيا تكريم الفائزين بمسابقة "مئذنة الأزهر للشعر العربي" في موسمها الرابعوأضاف خلال كلمة بأعمال ندوة "الفتوى وبناء الإنسان"، المنعقدة بدار الإفتاء المصرية تحت رعاية السيد رئيس مجلس الوزراء، أُهدي تحيات فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- ورجاءه الصادق بنجاح أعمال الندوة المباركة، مُعربًا عن أمنياته أن يكون اللقاء إضاءة كاشفة لما يشوب الفهم الديني من انحراف، وقدرته على الإسهام بنصيب وافر في حل مشكلات الواقع .
كما تقدَّم بالتهنئة للشعب المصري بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر التي جسدت الدفاع عن الأرض والعرض، وهو اليوم الذي عرفت فيه الأمة قدرها وقدرتها يوم كانت كالجسد الواحد.
وأضاف: على الرغم مما نعيشه من آلام بسبب ما يجري في ربوع أمتنا بما يخالف كل الأعراف، فما زالت أمتنا قادرة على النصر، والله على ما يشاء قدير، موضحًا أن لقاءنا اليوم يطوف حول ثنائية مهمة، أما الأولى: فالفتوى، وأما الثانية: فبناء الإنسان.
وقال إذا أردنا الحديث عن الفتوى وأهميتها وآداب المفتي والمستفتي، فنحن في غنى عن تأكيد أن إحدى علامات الدول المتحضرة العناية ببناء الإنسان، مشيرًا إلى وجود رابط بين الفتوى وبناء الإنسان، لأن الفتوى ما هي إلا خدمة للإنسان توضح الحق من الباطل، ولكنى لا أتكلم عن الوظيفة العلمية للمفتي، ولكني أريد أن أتوقف عند وظيفة أخرى ومهارة ضرورية، وهي وظيفة المربي والموجِّه، وهي أن يحسن القائمون على الفتوى أن ينقلوا أحكام الكتب إلى الناس، ليس هذا فحسب، بل أن يأخذوا بأيدي الناس إلى سَعة الشريعة وأن يربطوا قلوب الخلق بخالقهم وأن يصلوا بالإنسان إلى حالة من القرب للرضا حتى يكون فعَّالًا منتجًا .
وأشار إلى أن وظيفة المفتي تتجاوز بيان الحكم الشرعي إلى وظيفة أعمق تتعلق بالإنسان، ووظيفة المفتي التربوية التي تهتم ببيان الحكم الشرعي وتوجيهه إلى القلب والسلوك، والرسول كان لا يكتفي ببيان الحكم، بل كان يراعي قلب المستفتي وتوجيه سلوكه .
آداب الفتوىومن البدهي أن نقول إن من آداب الفتوى أن نراعي الحالة النفسية للمستفتي، وأن يحرصوا على تهيئة نفوسهم على قبول الفتوى، مشيرًا إلى أن المستفتي يأتي إلى رحاب المفتين رجاء أن يجد عندهم حلًّا، ومن ثم فإن تفريغ نفوس المستفتين في طلب المسار الجائز من الواجبات التربوية على المفتين، فالحكم أن يحرص المفتي على الوصول إلى قلب المستفتي وعقله وكسب عواطفه ليسهل عليه تغيير مساره النفسي، ويسهل عليه تقبل الأحكام، ومن ثَم فالفتوى إما أن تكون مصدر ثراء وخصوبة للحياة، وإما أن توقف حركتها وتجذر مشكلاتها، والفارق بين الأمرين هو المنهجية المتبعة في إصدار الفتوى، ومن ثم فإنها تساعد على بناء إنسان الحضارة.
وفي ختام كلمته أكد وكيل الأزهر أننا عانينا من الفتاوى الزائفة التي تحملها الفضائيات وصفحات الإنترنت التي تسعى إلى كسب شهرة زائفة، ونذكَّر الجميع أن المفتي موقِّع عن الله تعالى ونائب للأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورب فتوى جعلت من الباطل حقًّا ومن الحق باطلًا، والواجب في الفتوى ألا تقدَّم بمعزل عن الضوابط الدينية، لذا فنحن نتوق للنتائج العملية التي أتوقع أن تتمخض عنها هذه الندوة .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر وكيل الازهر الشريف الأزهر الإمام الأكبر النصر محمد الضويني الضويني
إقرأ أيضاً:
حوار الوفد مع العشماوي عن وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام
وظيفة الرؤى والكرامات في الإسلام! ذكر الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف فى حواره مع الوفد وقال سيد الطائفة، الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه: "الحكايات جند من جنود الله، يقوِّي بها قلوب المريدين!".
وقال سيدنا الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: "الحكايات عن العلماء والصالحين؛ أحبُّ إليَّ من كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم!".
إن الرؤى والكرامات عبارة عن حكايات، يحكيها المرء عن نفسه، أو يحكيها غيره عنه، وهي أوقع في النفوس من العلم المجرد، ومن الوعظ المباشر؛ ولهذا قال الجنيد: "إنها تقوِّي قلوب المريدين!".
أي: تثبِّت اعتقادهم، وتقوِّي يقينهم!
ولهذا لا تعجب إذا وجدتَ تراجِم علماء الإسلام - في كتب التراجِم والتواريخ والطبقات - محشوَّة بذكر الرؤى والكرامات، فهي من أهم عناصر الترجمة؛ لدلالتها على فضله وصلاحه، بل يذكرها علماء الحديث في تراجِم الرواة، كالدليل على عدالتهم!
ونحن نتساءل: من أين عرف المؤرخون والمترجِمون هذه الرؤى والكرامات؟!
والجواب الضروري لهذا السؤال؛ أن الرائي حكاها عن نفسه أو عن غيره؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة الرؤيا المنامية إلا من الرائي!
فلماذا حكاها إذن؟! أليس هذا تزكية للنفس؟!
والجواب: أن لهم في حكايتها مقاصد لا تخفى على بصير، وهي تختلف باختلافهم، فمنهم من يحكيها دفعًا للتهمة عن نفسه، أو ترغيبا للناس في الأخذ عنه، أو في فعل الخيرات وترك المنكرات، أو لغرس محبة الصالحين في قلوبهم، وتقوية الجانب الروحي عندهم. وغير ذلك من المقاصد الصالحة!
أما الرؤيا الصالحة نفسها فهي جزء من النبوة، كما صرح به المعصوم - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في [صحيحه]، وسماها (مبشرات)، فبين بذلك بعض وظائفها، وهي أنها تبشر صاحبها بأنه على خير!
والقول في الكرامات كالقول في الرؤى والمنامات، غير أن الكرامة قد يشاهدها كثير من الناس، فتكون حكايتها من الناس لا من صاحبها!
ويكفي لكي تعلم مكانة الرؤيا أن الله تعالى ذكرها في غير موضع من القرآن، محتفيا بها، سواء وقعت لأنبياء أو لغيرهم!
كما احتفى بها أهل الحديث، فترجم البخاري في صحيحه كتابًا، وسماه كتاب [التعبير]، وأورد فيه كثيرا من المرائي!
وصنف الحافط ابن أبي الدنيا كتاب [المنامات]، وأورد فيه كثيرا من الرؤى المنامية!
وذكر الفقيه ابن أبي جمرة في مقدمة [شرحه على البخاري] عشرات الرؤى المنامية، التي ساقها للاستبشار بها، وللدلالة على فضل كتابه!
ووقفت على رؤيا للقرطبي حكاها عن نفسه، في [شرحه على صحيح مسلم]، في موضع لا يحضرني ذكره الآن!
هذا جانب من احتفاء القرآن والسنة وأهل العلم بهما، بمسألة الرؤى والمنامات!
على أنه لا ينبغي أن نبني عليها أحكاما شرعية، ولا أن تتوقف حياتنا عندها، وإن كان يستحب العمل بما وافق الشريعة منها، وقد ذكر ابن القيم في كتابه [الروح] عمل بعض السلف بالرؤى المنامية الصادقة!
وأما الكرامات فليس أدل على احتفاء القرآن بها؛ من ذكرها في مواضع مختلفة، كما وقع لسيدتنا مريم، ولأهل الكهف، ولصاحب موسى!
وترجم لها الإمام النووي في [رياض الصالحين] بباب [كرامات الأولياء]، وصنف الشيخ يوسف النبهاني كتابًا ضخما سماه [جامع كرامات الأولياء]!
ومما يدل على أهميتها؛ ذكرها في كتب العقائد الإسلامية، لاتصالها بمعجزات الأنبياء، بل قالوا: "كل ما كان معجزة لنبي؛ جاز أن يكون كرامة لولي، إلا ما اختص به الأنبياء!".
وأنشد الشيخ اللقاني في منظومته المباركة [جوهرة التوحيد]:
وأثبتنْ للأوليا الكرامةْ
ومن نفاها فانبذنْ كلامهْ!
هذه سطور كتبتها - على عجَل - جوابًا على سؤال مَن سأل: لماذا تذكر الرؤى المنامية الصالحة التي رأيتَها أو رؤيت لك؟!