نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن فعاليات معرض دمنهور السابع للكتاب، المنعقد حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة «التراث الثقافي في البحيرة»، ضمن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، شارك فيها الشاعر الدكتور أحمد صلاح كامل، والباحث محمد السنوسي مدير فرقة البحيرة للفنون الشعبية الأسبق، وأدارها الشاعر أحمد شلبي.


في البداية تناول شلبي التراث الثقافي للبحيرة على المستوى الجغرافي حيث تنوع البيئات ومن ثم تنوع الثقافات، وعلى المستوى التاريخي منذ عصور مصر القديمة إلى العصر الحديث، ثم مجموعة من أعلام البحيرة.
وبدأ حديثه قائلًا: «التراث الثقافي لمحافظة البحيرة حديث يطول ومتشعب ومتنوع، تنوع بيئاتها الثقافية، إذا كان الكلام عن الناحية الجغرافية فهي تضم العديد من البيئات التي قلما تتوافر في محافظة أخرى، محافظة ساحلية بها الثقافة الساحلية (رشيد)، ومنها البيئة الزراعية ومعطياتها الثقافية والفولكلورية، وفيها البيئة البدوية التي تمتد إلى حدود مرسى مطروح و٦ أكتوبر ومدينة السادات، بالإضافة إلى المناطق الحضرية في مدنها، فهي متنوعة البيئات الثقافية والحضارية، هذا يعطيها زخمًا قد لا يتوافر في كثير من المحافظات، التي تتميز بسمة واحدة، وإنما في البحيرة تجد فيها الرشيدي بثقافته، والدمنهوري بثقافته، والبدوي بثقافته،  كل هذا المخزون الثقافي الثري.
أما من الناحية الزمنية فإنها تمتد امتدادًا عميقًا في الزمن، فهي محافظة لها تاريخ ثقافي وحضاري كبير منذ العصور المصرية القديمة، دمنهور من أقدم مدن العالم، مدينة عربية قديمة وأسمها يدل على هذا التاريخ العريق، مدنية الإله حور، لدينا آثار كثيرة، في الأسبوع الماضي تم اكتشاف عدد كبير من القطع الأثرية في منطقة تسمي الأبقعين، وعندنا كوم الحصن، محافظة تمتد من زمن قديم بها مجموعة من المنازل والمساجد والأديرة».
وأشار إلى مجموعة من أعلام دمنهور منهم الإمام محمد عبده، والشاعر على الجارم، والروائيين أمين يوسف غراب ومحمد عبد الحليم عبد الله، ودعا الحضور إلى قراءة كتاب «إقليم البحيرة.. صفحات مجيدة من الحضارة والثقافة والكفاح»، تأليف محمد محمود زيتون، الصادر عن دار المعارف بمصر، عام 1962م.
ثم انتقلت الكلمة إلى محمد السنوسي قائلًا: «في أي عمل أقوم به دائمًا ما الجأ إلى العلم والعلماء، إلى المصطلح والمفهوم، وفي ندوة بعنوان "التراث الثقافي في البحيرة"، لا بد من معرفة كلمة "تراث"، والشائع أن هناك تراث رسمي وآخر شعبي، التراث الرسمي الذي نتعلمه في المدارس والمعاهد والجامعات والتليفزيون والسينما والكتاب والمجلة، أما التراث الشعبي هو ما نكتسبه من المحيط الاجتماعي.
وعبارة "التراث الثقافي" والتي يقصد بها التراث الثقافي المادي وغير المادي، وأنا من المعنيين بالتراث الثقافي غير المادي، التي تعددت اسماؤه، وهي "فولكلور، وفنون شعبية، وتراث شعبي، وموروث شعبي، ومأثورات شعبية، وثقافة شعبية" ستة مسميات لموضوع واحد، هو التراث المتداول، والذي ينتقل شفويًا من جيل إلى جيل، والآن تأتي تسمية جديدة هي "التراث الحي"».
وتابع: «وقد حددت اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي (2003)، المفهوم على النحو الآتي: "يقصد بعبارة "التراث الثقافي غير المادي" الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات- وما يرتبط بها من الآت وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية -التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانًا الأفراد، جزءًا من تراثهم الثقافي، وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيل عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. 
يتجلى "التراث الثقافي غير المادي" بصفة خاصة في المجالات الآتية: التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي؛ فنون وتقاليد أداء العروض؛ الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات؛ المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون؛ المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية".
أما عملي في الجمع الميداني ارتبط بجمع وتدوين الشعر الشعبي البدوي في المناطق الصحراوية بالبحيرة وبخاصة في منطقة أبيس، والمادة الخاصة بالآلات الموسيقية الشعبية مثل الآت النفخ والآلات الوترية والتي نشرت في دراستين بمجلتي: "الفنون الشعبية" (القاهرية)، و"المأثورات الشعبية (القطرية)، بالإضافة إلى إدارة فرقة الفنون الشعبية بالبحيرة، حيث الاهتمام بالموسيقى والتعبير الحركي والأزياء والديكور، التي تخص المجتمعات المتباينة بالبحيرة، ومن أشهر التابلوهات الراقصة التي قدمتها الفرقة تحت الإشراف العلمي: "الأرز الرشيدي"، و"بنت رشيد"، و"عرب الدلنجات"، و"الفرح الفلاحي"، و"الدمنهورية"، و"الصيادين"، "فخار بلدنا"».
ودعا إلى أهمية الجمع الميداني مذكرًا الجمهور الدكتور سيد عويس، والفنان سمير جابر خبير التعبير الحركي والرقص الشعبي الشهير.
وتناول الدكتور أحمد صلاح كامل التنوع البيئي بمحافظة البحيرة التي تضم المجتمعات الساحلية في إدكو، ورشيد، والمجتمع الريفي، والمجتمع الصناعي، والمجتمع البدوي، بالإضافة إلى وادي النطرون، وتركزت كلمته على المجتمع الساحلي في إدكو ورشيد وأثر تلك البيئة على الشخصية فيهما في مجال الصناعات والحرف كالصيد وزراعة النخيل واستخدام جريد النخيل في عمل الأقفاص والكراسي في رشيد واحتراف بعض الأهالي في إدكو لبعض الحرف التي تعتمد على سعف النخيل كصناعة "الأسبات، جمع سبت" وصناعة الضفيرة التي تصنع منها "المقاطف".
كما تناول التراث الشعري المرح لسكان مدينة إدكو والذين اشتهروا بالدعابة وخفة الظل التي تميز بها أهل الساحل وقد عالجوا الكثير من المواقف فيما بينهم بالدعابة والسخرية.
وأشار لشاعر إدكو الكبير محمد محمود زيتون وكتابه «إقليم البحيرة» في رصد أهم الموروثات الثقافية على تنوعها في البحيرة، كما ذكر بعض الأشعار التي تعبر عن روح السخرية والمرح في معالجة المواقف للشاعر أنس غباري والشاعر الراحل شعبان خميس.
كما طالب في نهاية كلمته بضرورة جمع هذا التراث الشفاهي وأدعو الأدباء والشعراء ومؤسسات الدولة داخل البحيرة لجمع هذا التراث المهدد بالاندثار.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين معرض دمنهور السابع للكتاب الدكتور أحمد فؤاد هنو التراث الثقافی غیر المادی الدکتور أحمد فی البحیرة ا التراث

إقرأ أيضاً:

أربع سيناريوهات للبلديات: الثقة الشعبية أساس القرار؟ / د. عامر بني عامر

أربع #سيناريوهات للبلديات: #الثقة_الشعبية أساس القرار؟

د. عامر بني عامر
من يقود بلديتك؟
سؤال قد يبدو إداريًا في ظاهره، لكنه في جوهره يختبر العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويطرح تحديًا عميقًا حول السلطة، والتمثيل، والمساءلة. ومع اقتراب الحكومة من تعديل #قانون_الإدارة_المحلية، يعود هذا السؤال إلى صدارة النقاش العام: من يجب أن يرأس #البلديات؟ هل نبقي على الانتخاب المباشر؟ ننتقل إلى التعيين؟ أم نبتكر نموذجًا ثالثًا يراعي الواقع الأردني وتنوعه؟

الإجابة لا تكمن في الشكل القانوني وحده، بل تتعلق بمستقبل الحوكمة المحلية، وبناء الثقة، واستعادة دور المواطن كشريك لا كمتلقٍ. ومع أن آلية اختيار الرئيس — سواء أكانت انتخابًا أم تعيينًا — ليست العامل الوحيد الذي يحدد نجاح البلديات، إلا أنها تظل عنصرًا مؤثرًا في نوعية القيادة، وموقع البلديات في منظومة الإدارة العامة، وثقة الناس بالمؤسسات القريبة من يومياتهم.

الانتخابات البلدية السابقة، التي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها غالبًا 30%، تعكس فجوة في العلاقة بين المواطن والمجالس المحلية. فهل السبب هو ضعف الثقة بالعملية الانتخابية؟ أم الإحساس العام بأن المجالس بلا صلاحيات فعلية؟ وهل تغيير طريقة اختيار الرئيس سيُعيد الثقة… أم يعمّق الإحباط؟

مقالات ذات صلة المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرتين مسيّرتين 2025/06/02

الخيار الأول يتمثل في الإبقاء على الانتخاب المباشر، حيث يختار المواطنون رئيس بلديتهم بأنفسهم. هذا الخيار يحافظ على الشرعية التمثيلية، ويتيح رقابة مجتمعية، ويشجع على المشاركة في الشأن العام، وقد أثبتت التجربة أن العديد من الرؤساء المنتخبين كانوا على قدر المسؤولية وقدّموا نماذج ناجحة، ومع ذلك، لم تُفلح بشكل كبير هذه الصيغة في حماية البلديات من تراجع في مستوى الحوكمة، أو من ضعف في تقديم الخدمات، أو من تفشّي ممارسات فساد إداري صغير، كما أن تداخل الدور السياسي والإداري في شخص الرئيس المنتخب أضعف الطابع المهني للعمل البلدي، وأدى أحيانًا إلى تعطيل بناء مؤسسات مستدامة وقادرة.

الخيار الثاني هو التعيين المباشر من قبل الحكومة، غالبًا من خلال وزارة الإدارة المحلية، يُروّج لهذا النموذج بوصفه وسيلة لضمان الكفاءة والانضباط الإداري، خصوصًا في البلديات الكبرى ذات البُعد الاقتصادي والتنظيمي، وقد يُسهم في تحسين التنسيق وتقليل الضغوط السياسية، لكنه يواجه تحديًا في الشرعية والقبول المجتمعي. فغياب صوت المواطن في الاختيار قد يُضعف الثقة، ويحوّل المجالس إلى كيانات شكلية، كما أن هذا الخيار قد يعمّق المركزية ويُبعد القرار عن الناس، لا سيما إن لم تُعتمد معايير شفافة وواضحة في التعيين.

الخيار الثالث يُقدّم مقاربة أكثر توازنًا، تُراعي الكفاءة دون التفريط بالتمثيل. في هذا النموذج، يبقى الرئيس منتخبًا، لكن بصفة غير متفرغة، حيث يُركّز على المهام الرقابية والتمثيلية، بينما يتولى إدارة البلدية مدير تنفيذي محترف يتم تعيينه عبر آلية تنافسية شفافة، ويتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة بموجب وصف وظيفي دقيق، وأن يمنح المدير التنفيذي مساحة واسعة ضمن أطر مساءلة ونزاهة واضحة تعكس المسؤولية الواقعة على عاتقه، يكون هذا المدير مسؤولًا إداريًا أمام الوزارة، وسياسيًا أمام المجلس. هذه الصيغة تفصل السياسة عن الإدارة، وتُحسّن الأداء التنفيذي، وتقلل من تسييس الخدمات. لكنها تتطلب تعديلات تشريعية دقيقة، ونظام مساءلة مزدوج، وتحديدًا واضحًا لدور كل من المجلس والرئيس والمدير التنفيذي، بحيث لا يتحوّل المجلس إلى هيئة إدارية ثقيلة، ولا يُفرغ من مضمونه الرقابي.

أما الخيار الرابع، فهو النموذج المطبّق في أمانة عمّان، حيث تُعيّن الحكومة الرئيس وعددًا من الأعضاء، بينما يُنتخب الباقون على مستوى المناطق، وقد طُرحت فكرة تعميم هذا النموذج على مدن كبرى كإربد والزرقاء، مع الإبقاء على الانتخاب المباشر في البلديات المتوسطة والصغيرة، يمنح هذا النموذج الدولة قدرة على ضبط إيقاع العمل في المدن الكبرى التي تتطلب تنسيقًا عاليًا وموارد ضخمة، لكنه يثير أسئلة جوهرية: هل أثبت نموذج أمانة عمّان فعاليته فعلًا؟ وما معايير قياس نجاحه؟ وهل تقبل المجتمعات المحلية أن يُدار قرارها المحلي من دون مشاركة كاملة؟ وما أثر ذلك على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين المحافظات؟

في المحصلة، لا يرتبط نجاح البلديات فقط بمن يجلس في مقعد الرئاسة، بل بالكيفية التي تُبنى بها المؤسسات، وتُوزّع فيها الصلاحيات، وتُمارَس فيها الرقابة والمساءلة، أي خيار لا يُعيد الاعتبار للحوكمة الرشيدة، ويُعزز من استقلالية الإدارة المحلية، ويُرسّخ دور المواطن في الرقابة وصنع القرار، لن يُنتج سوى نسخة أخرى من الفشل المتراكم.

وما لم يُسهم هذا الخيار، أياً كان، في ترميم الثقة بين المواطن والدولة، فسيظل قاصرًا عن بلوغ هدفه، فالثقة ليست شعورًا طارئًا، بل بنية مؤسسية تُبنى عبر الشفافية، والمساءلة، والمشاركة الحقيقية، فاليوم نحن بحاجة إلى بلديات تُخرّج قيادات محلية، وتُقرّب الدولة من مجتمعها، وتحوّل المواطن من متلقٍ إلى شريك في القرار والتنفيذ.

إصلاح الادارة المحلية لم يعد ترفًا تنظيميًا، بل صمام أمان للدولة، وخطوته الأولى تبدأ من استعادة الثقة، لا تغيير الأسماء.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام لـ «الكتاب العرب» يهنئ الرئيس السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك
  • اجتماع موسع في هيئة مصائد البحر العربي يبحث الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون اليمنيون في المياه الإقليمية
  • السيطرة علي حريق محل حلويات أمام محطة دمنهور
  • في تهمة المخدرات.. قرار عاجل من المحكمة بحق نجل الفنان عبد العزيز مخيون
  • هيئة الإذاعة والتلفزيون تستعرض في “ملتقى إعلام الحج” تقنيات متقدمة لتغطية المشاعر المقدسة
  • هيئة الإذاعة والتلفزيون تستعرض تقنيات متقدمة لتغطية المشاعر
  • المنظومة الصحية تستعرض جاهزيتها لحج 1446هـ بتنظيم من هيئة الهلال الأحمر السعودي
  • التراث الثقافي الفلسطيني الشاهد الشهيد..
  • ابتكار طالب إماراتي في أمن المطارات يحصد الذهب بمعرض «آيتكس الدولي»
  • أربع سيناريوهات للبلديات: الثقة الشعبية أساس القرار؟ / د. عامر بني عامر