أكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، رئيسة الإتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، أن الصحة النفسية ركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع السليم القادر على مواكبة متطلبات الحداثة والتطور ومستجداتهما، وفي الوقت ذاته المحافظة على ثوابته والتمسك بموروثاته الأصيلة، وبما يمكنه من أن يعيش حاضرا مزدهرا ويبني مستقبلا واعدا لأجياله المقبلة.


وقالت سموّها في كلمتها بمناسبة انعقاد “منتدى فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة حول الصحة النفسية” تحت رعاية سموها، اليوم، في فندق إرث، إن السبيل الأمثل لتحقيق السعادة للأسرة والارتقاء بمستوى جودة حياتها هو الاهتمام بالجانب النفسي للأم والطفل وحمايتهما من أية عوامل سلبية يمكن أن تؤثر على استقرارهما ورفاههما الإجتماعي، ومنع أي مسببات للاضطراب أو القلق والتخفيف ما أمكن من تأثير ضغوط الحياة اليومية عليهما وعلى المستويات كافة، وبما يضمن توفير الرخاء الاجتماعي لهما والبيئة الحاضنة للإبداع التي تمكن كليهما من التفاعل مع محيطهما بشكل صحي وسليم، وتحميهما من مخاطر الأمراض والاضطرابات النفسية.
ورحّبت سموها بالمشاركين في المنتدى على أرض الإمارات، متمنية لهم طيب الإقامة والتوفيق في مساعيهم الطيبة.
وأضافت سموها، أن المنتدى يمثل بيئة خصبة لتلاقي الأفكار الخلاقة والمبتكرة الهادفة إلى تطوير إستراتيجيات وخطط ومنهجيات الرعاية النفسية للأمهات والأطفال واليافعين، وهي الفئات الثلاث الأكثر احتياجا للعناية والمتابعة في هذا المجال، ومن ثم إرساء حوار شامل حول القضايا المرتبطة بهم يركز على اعتماد النهج المجتمعي لتعزيز الوعي وتوفير الدعم وطرح حلول فعالة لهذه القضايا، وتبادل الخبرات ومناقشة السياسات الخاصة وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية، وبما يسهم في توفير أفضل مستويات الحياة لأبناء هذه الفئات وتحقيق مفهوم مجتمع الرفاهية والسعادة.
وأكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أن الاهتمام بالأم والطفل في دولة الإمارات، ليس حديث عهد بل هو نهج راسخ منذ قيام دولة الإتحاد؛ إذ أولى المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هاتين الفئتين من أبناء المجتمع جل اهتمامه ورعايته وعمل بلا حدود على توفير كل مسببات الاستقرار والسعادة لهما، وكان ينظر إلى الأطفال والناشئة باعتبارهم الثروة البشرية التي تجب تنميتها والذخيرة التي يجب إعدادها لمواصلة مسيرة البناء والنهضة والمحافظة على مقدرات الوطن وتعظيم إنجازاته، وهي مسيرة تواصلت وتعززت بفضل اهتمام وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، الذين يؤكدون باستمرار على تعزيز الريادة الإماراتية في مجال الاهتمام بالأمومة والطفولة.
وأشادت سموّها بمضامين برنامج المنتدى الذي يركّز بشكل خاص على الأطفال واليافعين والأسر، ويوفر منصة مثلى لإطلاق حوار شامل في مجال الصحة النفسية، يقود إلى تعزيز النهج المجتمعي في التعامل مع القضايا المتعلقة بهم، ويدعم الوعي والتعلم ويسهم في تعزيز أنظمة الدعم والسياسات والإستراتيجيات والشراكات لتحقيق الشمولية وتسهيل الوصول إلى الحلول الفاعلة لقضاياهم بالاعتماد على الابتكار والبحث والتمكين، لافتة إلى أن هذا الحوار الخيّر يمثل خطوة إستراتيجية لتحقيق رؤية القيادة الحكيمة في تعزيز جودة الحياة وترسيخ دعائم صحة الأم والطفل والأسرة كأولوية وطنية، وصياغة المبادرات التي تستجيب لاحتياجات المجتمع بكفاءة وفاعلية.
ودعت سموّها، المشاركين في المنتدى إلى الحرص على استثمار فعالياته وجلساته لتبادل الرؤى والأفكار الخلاقة وتوظيف الإمكانات والجهود كافة، والبناء على ما تحقق من إنجازات في سبيل الخروج بتوصيات متميزة وإبداعية وتقديم حلول ناجعة للتحديات، وتحويلها إلى برامج مبتكرة وفعالة، في إطار تعاون وشراكة مجتمعية ومؤسسية، بما يسهم في تحقيق رؤية مستقبلية مستدامة لصحة الأم والطفل والأسرة في دولة الإمارات، داعية الله تعالى أن يكلل جهودهم ومساعيهم الخيرة بالتوفيق والنجاح لما فيه خير الأم والطفل والناشئة، وبما يعزز مسببات الرفاه والرخاء والرفاهية لهم في إمارات الخير والمحبة والسلام.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

كيف تحول الموسيقى والفن إلى علاج لتعزيز الصحة النفسية في العراق؟

بغداد- ياسمين أحمد، شابة عراقية، كانت تعيش في كنف الظلام، لم يكن ظلام الليل يخيفها فحسب، بل ظلام الاكتئاب الذي خيّم على حياتها سنوات، فالأرق، والخوف من الوحدة، وكراهية الحياة، وتمني الموت للخلاص من العذاب، كانت كلها مشاعر تصف بها ياسمين معاناتها اليومية.

عندما اقترح عليها طبيبها المعالج ممارسة هواية العزف والموسيقى للخروج من هذه الحالة، قابلت الفكرة بالرفض التام و"اعتبرتُها نوعا من السخرية مني أو محاولة لإشغالي بأمور تدفعني إلى تجاوز حالة الاكتئاب والعزلة التي أعيشها"، هكذا تصف ياسمين رد فعلها الأولي للجزيرة نت، فلم تكن لديها رغبة في الالتزام بمواعيد التدريب في مدرسة الموسيقى، والتي كان يفترض حضورها ثلاث مرات في الأسبوع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما إدمان التسوق؟ وكيف تصمد أمام العروض والخصومات؟list 2 of 2سلامة نفسيةend of list

لكن بفضل تشجيع شقيقتها الكبرى التي وعدت بمرافقتها والتدرب معها، بدأت في الحضور المنتظم، حيث تحول الأمر تدريجيا إلى نوع من التسلية.

في الشهرين الأولين، لم تشعر بتغيير كبير في نمط نومها، حيث ظل لا يتجاوز ساعتين يوميا، ومع ذلك، بدأت عزلتها تتلاشى تدريجيا بفضل اختلاطها ببعض المشاركات في دروس الموسيقى، وانشغالها بالنظر إلى الأماكن العامة أثناء الذهاب والعودة.

العراقية رنا جاسم تخصصت بالمعالجة بالموسيقى (مواقع التواصل الإجتماعي) الليل لم يعد مصحوبا بالكوابيس

التحول الحقيقي بدأ يتضح مع مرور الوقت، فلم تعد ياسمين معزولة وصامتة خلال الليل كما كانت تفعل سابقا، حيث بدأت تبحث عبر هاتفها عن طرق لتطوير عزفها، أو تعزف على جهاز الأورغ الصغير الذي اشترته، وتقول ياسمين: "فكان الليل لا يمثل لي كابوسا بل تحول إلى تسلية".

إعلان

هذه الخطوة الصغيرة كانت بداية تغيير جذري في علاقتها بالظلام والخوف.

بعد أربعة أشهر من الالتزام بمدرسة تعليم الموسيقى في بغداد، وتطور مهاراتها بشكل كبير، بدأت ياسمين ترى الحياة مختلفة، "أصبحت أرى الحياة جميلة ولدي طموحات بالتطور"، تقول ياسمين إنها بدأت تخرج دوريا لحضور حفلات الموسيقى والفن، وتختلط بالناس، مما انعكس بوضوح على حالتها النفسية.

التحسن المستمر سمح لها بتقليل الأدوية المهدئة تدريجيا، وصولا إلى استقرار نومها وتجاوز تلك المحنة التي لازمتها أكثر من خمس سنوات، حيث تختتم ياسمين قصتها: "بدأت أرى الحياة جميلة وتستحق أن نعطيها أفضل ما لدينا، فالموسيقى هي الوجه الجميل لهذه الحياة".

قصة ياسمين أحمد شهادة على قوة الفن والموسيقى حتى في العلاج، ما خلق دعوة للتفكير في العلاجات البديلة والبحث عن الشغف الكامن بداخلنا للتغلب على أصعب التحديات.

ويُعد العلاج بالموسيقى والفن من الوسائل غير التقليدية التي تكتسب أهمية متزايدة في معالجة بعض الحالات النفسية، وغالبا ما يُصنف هذا النوع من العلاج على أنه علاج تكميلي يدعم العلاجات الأساسية، حيث تدمجه بعض المراكز المعنية برعاية الأيتام والفئات المتضررة ضمن برامجها التأهيلية والنفسية.

كلية الاداب بجامعة بغداد تنظم ورشة لمناقشة العلاج بالموسيقى لاضطراب الكلام ولغة الإشارة (مواقع التواصل الإجتماعي) أدوات للتعافي النفسي والتعبير العاطفي

المدربة رنا جاسم، أكدت أن الموسيقى والفن يمثلان وسائل تعبير غير لفظية حيوية، تمكن الأفراد من إطلاق مشاعرهم المكبوتة بأمان، مشددة على أن العلاج بالفن والموسيقى يلعب دورا تكميليا وعميقا في عملية الشفاء النفسي ويستخدم في كثير من برامج العلاج النفسي الحديث.

جاسم قالت للجزيرة نت، إن العديد ممن مروا بصدمات نفسية أو يعانون من اضطرابات عاطفية يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بالكلمات، وهنا تبرز أهمية الفن والموسيقى.

إعلان

وأوضحت، "يعمل الفن والموسيقى عبر آليات نفسية متعددة تساهم في التفريغ العاطفي والتنظيم العاطفي، كما تشجع على الاندماج في اللحظة وإعادة سرد التجربة، كل هذه الآليات تجعل منها أدوات علاجية قوية لمواجهة الضغط النفسي والمشاعر المؤلمة".

كما قالت إن العلاج بالموسيقى يعد أداة فعالة في دعم الأفراد الذين مروا بصدمات نفسية، حيث يؤدي دورا مهما في إعادة التواصل مع الذات وتخفيف الأعراض النفسية مثل القلق والاكتئاب، ويساهم في بناء الشعور بالسيطرة وتعزيز الاسترخاء والتنظيم العصبي ويفتح قنوات للتعبير.

أما عن النظرة الاجتماعية لهذا النوع من العلاج أوضحت جاسم، أن تبني هذه العلاجات قد يواجه تحديات مثل عدم المعرفة أوالمفاهيم الخاطئة أو الوصمة الاجتماعية، معترفةً بحاجة العلاجات الجديدة لأدلة قوية مبنية على البحث العلمي لإثبات فعاليتها وسلامتها قبل تبنيها على نطاق واسع.

جاسم أكدت أن الفن والموسيقى يسهمان أيضا في تنمية المهارات، والثقة بالنفس، وخلق شعور بالانتماء للمجتمع، من خلال الفعاليات الفنية الجماعية كما يمكن استخدامهما في الاحتفال بالهوية والثقافة.

العلاج بالموسيقى والفن يهدف إلى اكتشاف الذات وتحسين التكيف النفسي والاجتماعي (شترستوك) نهج علاجي شامل

من جانبه، أكد مختص العلاج النفسي والعصبي الدكتور عباس جمعة حمدان السوداني، أن العلاج بالفن والموسيقى يمثل أسلوبا معتمدا وفعالا، يعتمد على الوسائط الفنية كوسيلة للتعبير عن المشاعر والصراعات النفسية، تحت إشراف معالج مؤهل ومتخصص.

السوداني قال للجزيرة نت، إن هذا النوع من العلاج لا يتطلب امتلاك مهارات فنية مسبقة، ويهدف أساسا إلى اكتشاف الذات وتحسين التكيف النفسي والاجتماعي، مضيفا: "الغاية ليست إنتاج عمل فني جميل، بل التحول النفسي" ويُستخدم هذا العلاج مع الأفراد أو المجموعات في سياقات متنوعة تشمل الإدمان، التوحد، الاكتئاب، والصدمات النفسية، وغيرها.

إعلان متى يكون الفن مفيدا ومتى يجب الحذر؟

شدد السوداني على أن العديد من الحالات النفسية تستفيد خاصة من العلاج بالفن والموسيقى، ومنها:

اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) الاكتئاب والقلق التوحد واضطرابات النمو اضطرابات الأكل الإدمان وإعادة التأهيل الفصام واضطرابات الذهان (في مراحل مستقرة) كبار السن ومرضى الخرف

مع ذلك، نبه السوداني إلى وجود حالات لا يُنصح فيها بهذا النوع من العلاج أو يجب الحذر الشديد عند استخدامه، مثل:

نوبات الذهان الحادة الاضطرابات الانفصالية الحادة الاضطرابات السلوكية العنيفة غير المنضبطة حال رفض المريض للعلاج شروط نجاح العلاج بالموسيقى والفن

لتحقيق أقصى استفادة من العلاج بالفن والموسيقى، أكد السوداني أهمية عدة شروط أساسية:

إشراف مختص مؤهل ومعتمد لضمان تطبيق العلاج بفعالية وأمان. اختيار الوسائط المناسبة بما يتناسب مع عمر المريض وحالته. توفير بيئة آمنة وداعمة خالية من الأحكام المسبقة. الدمج ضمن خطة علاجية شاملة بحيث لا ينفصل عن العلاج النفسي أو الدوائي عند الحاجة.

وعن دمج العلاج في الفن والموسيقى ضمن خطة علاجية شاملة، أوضح مختص العلاج النفسي والعصبي أن الأمر يبدأ بتقييم أولي متعدد التخصصات، يليه تحديد أهداف علاجية واضحة، واختيار نوع العلاج الإبداعي المناسب لكل حالة، ثم تنسيق الجلسات مع العلاجات الأخرى والمتابعة والتقييم المستمر.

العلاج المستقل والمؤهلات المطلوبة

أشار السوداني إلى أنه في بعض الحالات الخفيفة أو الوقائية، مثل القلق البسيط، يمكن أن يكون العلاج بالفن والموسيقى هو العلاج الوحيد.

وشدد على أن ممارسة هذا العلاج تتطلب حساسية أخلاقية عالية، والتزاما كاملا بكرامة المريض وخصوصيته، وموافقة واعية ومستمرة، ووضوحا في حدود الدور العلاجي.

وعن مؤهلات المعالجين، أكد مختص العلاج النفسي والعصبي، أن المعالج الذي يستخدم الموسيقى أو الفن كوسيط علاجي يحتاج إلى تدريب متخصص إضافي، يجمع بين الخبرة النفسية والمهارات الفنية في إطار علمي ومنهجي، مضيفا أن "هذا تخصص مستقل وله اعتراف أكاديمي ومهني في دول عدة".

إعلان

مقالات مشابهة

  • الشيخة فاطمة تهنئ قرينات ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية
  • الشيخة فاطمة تهنئ قرينات ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك
  • محمد بن زايد: الإمارات حريصة على تعزيز شراكاتها الدولية تحقيقاً للتنمية المستدامة وصوناً لمستقبل البشرية
  • برعاية الشيخة فاطمة.. ذياب بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج الدفعة الثانية من مبادرة “النبض السيبراني للمرأة والأسرة”
  • برعاية الشيخة فاطمة.. الإمارات تستضيف منتدى النساء البرلمانيات لبرلمان البحر الأبيض المتوسط
  • برعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك.. الإمارات تستضيف منتدى النساء البرلمانيات لبرلمان البحر الأبيض المتوسط
  • كيف تحول التراث الشعبي المغربي إلى ركيزة ثقافية في المجتمع؟
  • تحت رعاية الشيخة فاطمة.. ذياب بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج الدفعة الثانية من مبادرة «النبض السيبراني للمرأة والأسرة»
  • مكتب شؤون الحجاج ووزارة الصحة ووقاية المجتمع يطلقان السجل الصحي للحجاج
  • كيف تحول الموسيقى والفن إلى علاج لتعزيز الصحة النفسية في العراق؟