فى فيلم المخرج السودانى «أمجد أبوالعلا» «ستموت فى العشرين» الحائز على عدة جوائز عربية ودولية، حملت سكينة طفلها الوليد إلى الشيخ لكى تحوز منه البركة لوليدها. كان الشيخ يؤم قافلة من الدراويش، تجوب القرى، كما هى عادة التجمعات الصوفية، وهى تقرع الطبول وتنشد المدائح النبوية وترقص رقصا عنيفا كشأن مرتادى طقس الزار المصرى، لطرد الجن والعفاريت والأرواح الشريرة، لأجل علاج المرضى ومباركة الأصحاء والمواليد.
وبجانب أوجه التقشف والزهد والدروشة التى شكلت الطابع العام للصوفية، فقد كان لتلك الحركة دور فى المتغيرات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى السودان. وباتت تشكل سلوك معظم السودانيين، وتجذب كثيرين من غير المتعلمين، نحو تصديق خوارق ومعجزات وخرافات شيوخها، التى أضحت ترتبط بطقوس تدينهم ارتباطا وثيقا.فى تلك الطقوس يسمح مشايخ الصوفية بممارسة الرقص والغناء والقرع العنيف للطبول، من أجل جذب مزيد من المريدين لتلقى شئون دينهم على إحدى طرقها الشهيرة، التى يعد من بينها الختمية والتيجانية والأنصار والبرهانية والإسماعلية.
تهلل وجه الشيخ وهو يضفى بركاته على الوليد الجميل «مزمل «- ويعنى المتدثر بثيابه -لاسيما وهو سمى الرسول الكريم. وأثناء ما يمطره بالدعاء ليصبح قرة عين والديه، ويمد الله فى عمره ويجعل له من العمر..هنا يسقط أحد دراويشه من انهاك رقصه صائحا:عشرين. وحين تنكسر روح سكينة من هذا الفأل الشؤم الذى يدمغ حياة طفلها بالموت فى العشرين، يقول لها الشيخ بثقة:الفال من عند الله، وكل شىء مقدر!
ينخرط الأب والأم فى إعداد كفن مزمل وقبره، ويحصى مزمل بنفسه على حائط غرفة البيت المتواضع سنوات مابقى من عمره، ويعتزل الحياة استعدادا لملاقاة ربه فى العشرين. ويستسلم لعدوان أقرانه الشباب وتنمرهم المبالغ فيه، ويواصل تعبده بقراءة القرآن وحفظه، بعد أن رفض التعليم.أبى الاستجابة لأحلام الفتاة الجميلة نعيمة التى صارحته بحبها له، ورغبتها بالزواج منه. فتتركه وهى مهزومة وحزينة، لكنه ينهار وهو يستمع فى ليلة زواجها بغيره، غناء وزغاريد أهل الحى.
وحين تعرف مزمل على الفنان الفوضوى المصورسليمان المحب للحياة، عبر له عن رفضه لسلوكه مذكرا إياه أن مآل كل البشرالموت حين ينفذ أمر الله، وقال له بغضب: كل شىء فيك يذكرنى بالموت صوتك.. طيبتك.. رحتك.. لوحد قال لى حاموت بعد عشرين سنة، أقول لهم سيبونى أعيش ملكا، وعند العشرين أطلع لهم لسانى.
يموت الكهل سليمان بعد أن علم مزمل دروس الحساب، فيما يحمله علم الحساب من رمزية أهمية استخدام العقل، فى تناقضه الذكى والخلاق مع الحساب الآخر، لإحصاء مرور الزمن انتظارا للموت. وبعد موته يتجرأ مزمل للمرة الأولى على اغتصاب صديقة سليمان، بعد أن كان قد وصل للعشرين ولم يمت.
وينطوى المشهد الأخير من الفيلم على رسالته الهامة الداعية للتحرر من رواسب التخلف والجهل، والحافزة على الاندماج فى الحياة، واقتحام عبابها. نرى مزمل، الذى أدى دوره بنعومة وحساسية واقتدار لافت للنظرالممثل الشاب «مصطفى شحاتة» وهو يركض مسرعا خلف شاحنة تعبر القرية بسرعة فائقة، مخلفا وراء ظهره الخرافة التى شلت قدرته على الفعل وأغلقت عقله عن التفكير، وحرمته طوال عشرين عاما من انتظار مميت، من الاستمتاع بالحياة، نعمة الله على البشر، ومن الإقدام على بذل الجهد للتأثير فى أحداثها.فياله من ركض جميل نحو محبة الحياة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش فى العشرین
إقرأ أيضاً:
مفوض “الأونروا”: غزة تموت جوعاً.. والمساعدات لا ترقى الى مستوى الكارثة (تفاصيل)
يمانيون / خاص
أكد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن حجم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى قطاع غزة لا يرقى إلى مستوى الكارثة التي يعيشها السكان هناك.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها اليوم السبت، شدد لازاريني على أن “المجاعة في غزة وصلت إلى مستوى كارثي وخطير جداً مؤكداً أن ما تطالب به الأونروا هو الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية.
وأضاف أن الأمم المتحدة يجب أن تُمنح الفرصة لتأدية دورها الإنساني في توفير الدعم والمساعدة لمن هم في أمس الحاجة، مع الحفاظ على كرامة السكان وسط هذه الظروف القاسية.
ودعا لازاريني إلى تمكين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من استئناف عملياتها في القطاع، التي توقفت منذ الثاني من مارس الماضي بسبب منع دخول شاحنات الإغاثة.
وأوضح أن وقف إطلاق النار السابق أتاح للأونروا وغيرها من المنظمات إدخال ما بين 600 إلى 800 شاحنة مساعدات يومياً، وهو ما يدل على أن تلبية الاحتياجات الإنسانية أمر ممكن إذا توفرت الظروف المناسبة .