شبهوه بمقتل بن لادن.. هكذا انتشت واشنطن برحيل السنوار
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
واشنطن- فور تأكيد أنباء استشهاد يحيى السنوار، زعيم حركة حماس، انتشت واشنطن الرسمية وغير الرسمية بالنبأ، وخرجت تعليقات مرحبة بالخطوة الإسرائيلية، وكررت الدوائر الأميركية، سواء في البيانات الرسمية أو في البرامج الإخبارية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، عبارات، من أهمها "لقد تحققت العدالة"، و"موت السنوار لإسرائيل يعادل موت أسامة بن لادن للولايات المتحدة".
من جهة أخرى، تحدث آخرون عن مآلات هذا الخبر وما بعده بالقول "موت السنوار يمثل لحظة محورية في صراع الشرق الأوسط"، و"علينا التوصل الآن لاتفاق ينهي القتال ويحرر الرهائن"، و"موت السنوار لن يغير مسار حماس"، بينما أكد آخرون أن "أميركا لم يكن لها دور في مقتل السنوار".
رؤية واشنطنفي يوليو/تموز الماضي، كشفت وزارة العدل الأميركية عن توجيه تهم جنائية ضد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، لدوره فيما يتعلق بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشملت الشكوى الجنائية المكونة من 7 تهم والتي قُدمت إلى محكمة اتحادية في مدينة نيويورك اتهامات مثل التآمر لتقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية أجنبية مما أدى إلى القتل، والتآمر لقتل مواطنين أميركيين، والتآمر لتمويل الإرهاب، وتضمنت الدعوى كذلك اتهامات لإيران وحزب الله اللبناني بتقديم الدعم المالي والأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، والإمدادات العسكرية لحماس لاستخدامها في الهجمات.
ورغم ترحيب واشنطن بخروج السنوار من مشهد الصراع في الشرق الأوسط، واعتباره خطوة إيجابية، اعتبر ماثيو ليفيت، خبير الشؤون الدولية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن رحيل السنوار "لن يعكس أو يغير مسار حماس، لكنه يزيل زعيما أصوليا متشددا بشكل خاص".
وحذر ليفيت من أن استهداف القادة فقط قد يؤدي إلى اللامركزية وصعود فصائل جديدة، كما كشفت التجارب مع تنظيمي القاعدة وحماس من قبل، فالقضاء على أسامة بن لادن لم يقض على القاعدة، كما لم يؤد قتل الشيخ أحمد ياسين إلى تفتت حركة حماس والقضاء عليها.
في الوقت ذاته، طالبت بعض الأصوات المتشددة من أنصار إسرائيل بضرورة استغلال مقتل السنوار لإعادة تقييم نهج الصراع، حيث يجب الجمع الآن بين التدابير الأمنية المستدامة والجهود الدبلوماسية لمنع استغلال أي وقفِ إطلاق نار مستقبلي من قبل حركة حماس بإعادة بناء قدراتها المسلحة.
وأضافت تلك الأصوات أنه للقضاء على حركة مثل حماس فإن الأمر يتطلب أكثر من القضاء على قادتها، إذ إنه ينطوي على ضرورة إقناع المسلحين بأن تحقيق أهدافهم عن طريق الأعمال العسكرية غير ممكن، في محاولة لدفعهم للتفكير في نزع السلاح، وكررت تلك الأصوات أنه لا ينبغي أن يكون وقف إطلاق النار غاية في حد ذاته، بل أداة تدار بعناية لمنع استغلالها من قبل الجماعات المسلحة.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بقربها من الجانب الإسرائيلي، "لقد وجه القضاء على السنوار ضربة قوية لحماس، ولقد حقق الجيش الإسرائيلي قدرا من العدالة لـ1200 ضحية من ضحايا فظائع 7 أكتوبر، لكن الإسرائيليين ما زالوا يعانون بشأن مصير الرهائن المتبقين في غزة".
وأضاف دوبويتز، إن إزالة السنوار من المشهد هي علامة فارقة أخرى في الرد الإسرائيلي، الذي شهد أيضا القضاء على إسماعيل هنية، وحسن نصر الله، وآخرين، والدور الآن على النظام الإرهابي الإيراني، الذي يتحمل المسؤولية النهائية عن هذه الحرب".
فرصةوعلى الرغم من قبول حركة حماس لبنود طرح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف القتال والإفراج عن المحتجزين، والتي رفضها بدوره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن مسؤولين أميركيين يكررون أن السنوار كان هو العائق الرئيسي أمام التوصل إلى مثل هذا القرار.
في حين اعتبر الخبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جو تروزمان أن القضاء على يحيى السنوار من قبل القوات الإسرائيلية يمثل إنجازا مهما، ويقول "تقدم هذه اللحظة المحورية فرصة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، وفي ظل ظروف مواتية، لإنهاء حرب غزة".
علاوة على ذلك، يضيف تروزمان أن "محور المقاومة الذي تقوده إيران عانى من نكسات كبيرة في الأشهر الماضية، والآن حان الوقت للضغط من أجل انسحابه الكامل، يجب على إدارة بايدن أن تدرك هذه اللحظة كفرصة لإلقاء ثقلها الكامل في معركة إسرائيل ضد إيران ووكلائها".
في الوقت ذاته، عبر آرون ديفيد ميلر، المسؤول السابق بوزارة الخارجية، والخبير بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في تغريدة له على منصة "إكس" عن تحفظه على تفاؤل الكثيرين عقب مقتل السنوار، وقال "أنا لا أؤمن بتغير كبير في قواعد اللعبة عقب هذا الحدث. للاستفادة من موت السنوار سنحتاج إلى خليفته ونتنياهو لتحمل مخاطر حقيقية في سبيل إنهاء الحرب في غزة، من غير المرجح أن نرى هذه القرارات تأتي بسرعة".
نفي الدورأكدت واشنطن أنها لم تسهم بصورة مباشرة في عملية قتل السنوار التي جاءت عن طريق الصدفة، وكررت أنه لم يكن هناك دور للولايات المتحدة في هذا الهجوم تحديدا، ولكن لأكثر من عام، كان مجتمع الاستخبارات الأميركي وقيادة العمليات الخاصة المشتركة يساعدان الإسرائيليين جنبا إلى جنب، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية لمطاردة قادة حماس بما فيهم السنوار.
وقال الرئيس جو بايدن في بيان له إنه كان قد وجه مسؤولي الاستخبارات الأميركية لمساعدة إسرائيل في تحديد وتعقب السنوار وقادة حماس الآخرين المختبئين تحت الأرض.
وقال بايدن "بالنسبة لأصدقائي الإسرائيليين، هذا بلا شك يوم ارتياح وذكريات، على غرار المشاهد التي شهدتها الولايات المتحدة بعد أن أمر الرئيس أوباما بالغارة لقتل أسامة بن لادن في عام 2011″، وقال بايدن إنه سيناقش قريبا مع القادة الإسرائيليين سبل التقدم لإعادة المحتجزين و"إنهاء هذه الحرب مرة واحدة وإلى الأبد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات القضاء على حرکة حماس بن لادن من قبل
إقرأ أيضاً:
هل يعكس اتفاق وقف النار تحوّلا إقليميا يحد من نفوذ الاحتلال الإسرائيلي؟
أثار وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس, مخاوف استراتيجية داخل الأوساط الإسرائيلية، إذ يرى محللون أن تداعياته تتجاوز حدود قطاع غزة وتمسّ توازنات أوسع في المنطقة، خصوصا في ظل المسار التدريجي للتسوية وما يتضمنه من بنود تتعلق بإطلاق سراح الأسرى والترتيبات الأمنية المقبلة.
وأشار تقييم للخبير الإسرائيلي في صنع القرار والمحاضر في كلية "رمات جان" الأكاديمية, كفير تشوفا، إلى أنّ: "الصفقة الناشئة هي نتيجة مزيج من القيود الإقليمية والضغوط الداخلية التي تتحكم في وتيرة التطورات".
وأوضح بأنّ: "حماس من المتوقع أن تُفرج عن جميع الأسرى مقابل وعد بإطار لوقف إطلاق النار وتسوية تدريجية"، لكنه أشار إلى أنّ: "هذه الالتزامات ما زالت غامضة وتعتمد على شروط محددة، وقد جرى تنفيذها حتى قبل الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يصر عليه في البداية".
وأضاف في تقرير لصحيفة "معاريف" العبرية، أنّ: "الخطوة لا يمكن فصلها عن تحالف إقليمي يضم قطر وتركيا وأحياناً مصر، إذ تدفع قطر وتركيا، اللتان تربطهما صلات واضحة بحركة الإخوان المسلمين، نحو مسار تهدئة منسق لتحسين علاقاتهما مع واشنطن".
وأشار تشوفا إلى أن مصر ليست جزءا أيديولوجياً من هذا المحور، لكنها "ترى في إسرائيل منافساً جيوسياسياً وتسعى لإضعافها، حتى وإن كانت تستفيد من حوافز واشنطن"، مضيفاً أن هذه العلاقة خلقت "لعبة تحالفية" تُحدّد فيها القوى الإقليمية الاتجاه العام، حتى لو جاء ذلك على حساب نفوذ حماس التفاوضي.
وتطرق الخبير إلى البعد الداخلي في موقف حماس، موضحا أنّ: "الحركة تشهد تراجعاً في فائدة ورقة المختطفين"، إذ إن "الضغط العسكري والاستخباراتي المتواصل يقلل من قدرة الحركة على استثمار الورقة التفاوضية، ما يجعلها تميل إلى استنفادها قبل أن تفقد قيمتها".
وأضاف يأنّ: "الضغوط الخارجية من حلفاء حماس، خصوصا قطر وتركيا، تسهم في هذا التوجه، لأن الدولتين تسعيان إلى تحقيق هدوء إقليمي يعزّز مصالحهما المدنية والأمنية أمام الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أنّ: "هذا الوضع يفرض على الحركة ما سماه "العقلانية القسرية"، أي اتخاذ الخيار الأنسب ضمن قيود تفرضها قوى أكبر منها".
وأكد تشوفا أنّ: "التداعيات تتجاوز غزة"، موضحا في الوقت نفسه بأنّ: "تركيا تقترب من تطوير تعاون عسكري جديد بعد تجديد وصولها إلى طائرات إف-35، وتعزيز تعاونها الأمني الغربي، وترسيخ وجودها في شمال سوريا"، فيما "تعمل قطر على تعزيز دفاعها الأمريكي وتكريس دورها كوسيط رئيسي، بينما تسعى مصر إلى تأكيد أن تحالفها مع واشنطن مُجدٍ ومثمر".
وحذر الخبير الإسرائيلي من أنّ: "عودة الأسرى تمثل إنجازاً أخلاقياً ووطنياً لإسرائيل، لكنها قد تُخفي مخاطر استراتيجية إذا لم يتم تطبيق نزع السلاح بدقة، لأن إعادة تأهيل المدنيين دون إشراف صارم قد تؤدي إلى إعادة تأهيل التنظيمات نفسها".
وأضاف أن "التحدي الحقيقي لإسرائيل ليس في التعامل مع حماس فقط، بل مع التحالف الإقليمي الذي يعيد تشكيل المشهد من حولها"، مشيرا إلى أنّ: "تركيا تعود إلى الواجهة وتُرسخ وجودها في سوريا، فيما تدفع قطر بمشروع أيديولوجي يُقوّض الغرب ويمول المعسكر الإسلامي"، وهو ما وصفه بأنه المحور الذي سيحدد ملامح الساحة الإقليمية في السنوات المقبلة.
وأكد على أنّ: "أمن إسرائيل يتحقق فقط إذا أحسنت إدارة اللعبة، وانتقلت من سياسة رد الفعل إلى سياسة المبادرة، تجمع بين الردع القوي والدبلوماسية الذكية والتحالفات الإقليمية، بما يرسخ قواعد جديدة تُقلل من احتمالات استمرار العداء تجاهها".