بوابة الوفد:
2025-06-26@21:30:59 GMT

حضارة تتحدى الزمن

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

كانت تقف هاتفة فى حماس وفخر بالإنجليزية وسط جروب سياحي.. يضم ما يقارب الـ 40 جنسية من كافة قارات الأرض.. أغلبهم من الصحفيين.. إلا أنها توقفت فجأة كآلة  انقطعت عنها الكهرباء.. وهى فاردة ذراعها مشيرة إلى أحد المبانى الأثرية.. لتحدق نحونا بحنق وغضب.. حيث كنت أنتحى جانبا من الجروب بصحبة شابين مصريين.. نناقش هدف محمد صلاح الأخير مع ليفربول (وليس منتخبنا بالطبع).

. توجهت نحونا ولهيب أنفاسها يلفح وجوهنا من على بعد عدة أمتار.. ممكن أسألك سؤالًا.. لماذا انتم المصريون تحديدا من بين شعوب الأرض عندما تأتون إلى هنا لا تبدون أى احترام أو انبهار بآثارنا.. ألاحظ ذلك فى كل فوج.. وبحكم السن تصدرت للإجابة.. وبصوت يشوبه الهدوء والسكينة رغم ارتفاع طبقته.. أما عن الاحترام فهو موجود وممتزج أيضا بشغف التعرف على حضارة وثقافة الآخرين.. أما الانبهار فعفوًا كم عمر هذا القصر التاريخي؟.. قالت بفخر وهى تشير له لقد جاوز المئتى عام.. بابتسامة يشوبها  الكبر الذى عجزت عن اخفائه.. قلت سيدتى جئنا من بلد حضاراتها تتخطى العشرة آلاف عام بكثير.. فكيف لنا الانبهار بمبنى مثيله فى مصر مازال أصحابه يقتنونه إلى يومنا هذا؟!. لدينا فى مصر مناطق وأحياء كاملة أطلق عليها وصف آلة زمان.. هنا انقلب الموقف تماما والتف حولى الفوج بأكمله لألعب دور المرشد السياحي.. فاستكملت حديثى بالقول لن أحدثك عن آثار قدماء المصريين فالجميع يعرفها.. لكن سأحدثك عن الآثار الإسلامية.. والتى يأتى فى مقدمتها شارع المعز بالقاهرة (حفظه الله وأعمى عنه أعين القبح وهمجية الجهل).. يستغرق المسير فيه وحده قرابة الساعتين.. وبمجرد دخولك هذا الشارع تشعرين بأنك انتقلت عبر بوابة زمنية إلى  ألف عام مضت بكل تفاصيلها.. عادت وسألت كيف استطعتم الحفاظ على مبانيكم كل هذه السنين.. فقلت.. الزمان ثم الهمجية التترية هما أخطر ما يواجه الآثار فى أى مكان.. أما الأول فاستطاع المصرى القديم التغلب عليه بالعلم وعظمة البناء.. أما التتار فاستطاع شعب مصر قديما حفظ تراثه منهم.. نجحوا فى احتلال اغلب بلاد العالم القديم وتدمير حضارته وتراثه.. إلا مصر.. فقد خرج لهم المصريون هزموهم وأنقذوا العالم من طوفانهم.. ومن لم يدهس التتار حضارته منكم فذلك بفضل المصريين فقط.. هنا ساد الصمت.. وبدأت الهمهمات عن ضرورة أن تكون الرحلة القادمة إلى مصر.. وأمضيت بقية يومى فى إجابات عبثية.. عن تكلفة الرحلة والإقامة وشروط التأشيرة إلى مصر.
قبل تلك الواقعة بعامين جاءتنى دعوة فى إحدى الدول العربية لزيارة متحف.. اعتذرت فى البداية بكل أدب عن الحضور.. إلا أن صديقى موجه الدعوة استطاع اقناعى بسهولة عندما أخبرنى أن إدارة المتحف أعدت لنا عشاء فاخرا يحتشد بالذبائح.. هنا فقط قبلت الدعوة.. وكان ما حسبته بالضبط.. عدة آنية وجهاز راديو وجرامفون وزجاجات مياه غازية.. بنادق كتلك التى يحملها الغفر فى قرانا.. وبضعة سكاكين وسيوف ملأها الصدأ.. إلا أننى استفقت من تداعى الذكريات والتعجب على ضجيج غثاء إعلامي.. عن كلب بلدى صعد لقمة الهرم.. وتحول لدعاية سياحية لدولة يزيد سكانها علي 100 مليون إنسان.. يزيد العاملون على السياحة بها على 3 ملايين شخص يترأسهم وزير ورؤساء هيئات.. ويحمل تاريخها كل ما هو مقدس للإسلام والمسيحية واليهودية وحتى الملحدين وعبدة الشيطان.. فشكرا للكلب! 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عبدة الشيطان لوجه الله حماس

إقرأ أيضاً:

من الهجرة إلى النهضة .. قراءة في كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي لإعادة بناء الوعي

يمانيون / تحليل / خاص

في معرض كلمته بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية ، يستحضر السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) الهجرة النبوية الشريفة كمحطة عظيمة لها دلالاتها العميقة والراسخة في وجدان الأمة الإسلامية، وفي هذا السياق يؤكد السيد القائد على أهمية هذه المناسبة في استنهاض الوعي، وتصحيح المسار، واستثمار الزمن فيما يعود بالخير على الأمة أفراداً وجماعات.

الوعي بالهدف واستثمار الزمن 

يؤكد السيد القائد أن قدوم عام هجري جديد لا ينبغي أن يمر كحدث تقليدي، بل هو لحظة توقف وتفكر، تعيد للأذهان سؤال الغاية من الوجود الإنساني في هذه الحياة، وتذكرنا بمسؤوليتنا في استثمار أعمارنا فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة. فالهجرة النبوية لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل كانت خطة استراتيجية موفقة لتأسيس كيان الأمة على أساس من الإيمان والعمل والبذل والتضحية، ما يجعل من ذكرى الهجرة مناسبة لليقظة الفكرية والنفسية.

الزمن والهوية والمسؤولية

يلفت السيد القائد إلى أن نهاية عام وبداية عام جديد فرصة ثمينة لمراجعة الذات على مستوى الأفراد والمجتمعات والأمة ككل ، لإنها مناسبة تدفعنا إلى إدراك قيمة الوقت الذي نعيشه، وعدم هدره فيما لا ينفع. ويشير إلى واقع مؤسف يسود بين المسلمين اليوم، حيث يضيع الزمن بلا إنجاز، وتُهدر الطاقات في اللهو، بل وفي كثير من الأحيان في ارتكاب المعاصي، بما يمثل خدمة للباطل وإضراراً بالإنسان نفسه وبأمته.

انفصام في الاهتمامات والأولويات

من أبرز الإشكاليات التي يبرزها السيد القائد هي حالة الضياع التي يعيشها كثير من المسلمين في سلم أولوياتهم واهتماماتهم، حيث تُغلب الأمور الجزئية على القضايا الكبرى. فبدلاً من التركيز على مواجهة التحديات المصيرية، ينشغل كثيرون بقضايا هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع. وهنا تبرز الخطة الممنهجة التي يقودها الأعداء لتشتيت الأمة وإغراقها في دوامة الاهتمامات الثانوية على حساب الأهداف المصيرية.

المفارقة مع الأمم الأخرى

يقارن السيد القائد بين واقع المسلمين والأمم الأخرى التي نهضت وحققت التقدم والإنجاز، لأنها أدركت قيمة الزمن، وجعلت منه معياراً للإنجاز العملي. فالبلدان المتقدمة تضع خططها على أساس دقيق، وتسعى إلى استغلال الوقت أقصى استغلال، وتُقيم أداءها بناءً على تحقيق أهداف ملموسة، بينما تمضي العقود على كثير من شعوب المسلمين وهي عالقة في أزمات صنعتها هندسة العدو.

الهوية الإسلامية والتقويم الهجري

ينبه السيد القائد إلى خطورة تخلي المسلمين عن هويتهم الرمزية والدينية، ومن ذلك تهميشهم للتقويم الهجري الذي يعبر عن ذاكرة الأمة وتاريخها، ويشكل جزءاً لا يتجزأ من كينونتها الحضارية، فقد بات كثير من المسلمين يعتمدون التقويم الميلادي حتى في عباداتهم ومناسباتهم الدينية، ما يعكس حالة من الاغتراب الذاتي، وضعف الارتباط بتاريخ الأمة النبوي.

الدعوة إلى تقييم الذات والمسار

في ظل هذه الظروف، ومع مطلع عام هجري جديد، يدعو السيد القائد حفظه الله إلى لحظة تقييم حقيقية على المستويات كافة: الشخصي، المجتمعي، والوطني. فالأمة بحاجة إلى يقظة عميقة تعيد ترتيب الأولويات، وتصحح مسارها، وتستحضر قيم الهجرة في الوعي والعمل والتنظيم والنهضة.

العودة إلى الهجرة كمحطة إلهام

رسالة السيد القائد ليست مجرد تأمل في حدث تاريخي، بل هي دعوة إلى عودة روحية وفكرية ومنهجية إلى الهجرة النبوية كقصة تحوّل كبرى. الهجرة تعلمنا أن التحول لا يكون إلا بالتخطيط والإرادة والتضحية، وأن الأمة التي تضيع وقتها ستظل تدور في دوامة التبعية والشتات، في حين أن الأمة التي تعي قيمة الوقت، وتحدد أولوياتها، وتربط حاضرها بجذورها، قادرة على مواجهة التحديات، وتحقيق النهوض الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • من الهجرة إلى النهضة .. قراءة في كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي لإعادة بناء الوعي
  • دولة سبأ .. حضارة وثقها القرآن وحفتها عناية الله
  • تجاعيدُ النصِّ المسرحيّ
  • تراث على الرصيف.. شاهد جنائزي من حضارة قتبان يُعرض للبيع في إسبانيا
  • إرادة تتحدى الإعاقة.. طلاب ذوو الهمم يؤدون امتحانات الثانوية العامة بالإسكندرية بتيسيرات خاصة
  • العراق و الصراع: دبلوماسية النأي تتحدى زوابع الحرب
  • 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكسر حاجز الزمن
  • حضارة مصر القديمة.. كيف ألهمت السينما العالمية والمصرية؟
  • هل يمضي الزمن في خط مستقيم أم دائرة مغلقة؟
  • ريال مدريد يسابق الزمن لحسم مصير نيكو باز