صدرت حديثا رواية "مدينة الله" للكاتب الفلسطيني حسام شحادة، عن دار سمير منصور للنشر والتوزيع في غزة، وكان يفترض أن تُنشر الرواية في غزة، لكن بسبب الحرب الأخيرة اضطرت الدار لتأجيل إصدارها، فتمت طباعتها في القاهرة.

. من المقرر أن تشارك هذه الرواية في عدد من المعارض الأدبية الدولية، منها معرض القاهرة الدولي للكتاب، والشارقة الدولي للكتاب.


وبسبب شدة الألم في المشهد الفلسطيني، أصبحت الكتابة ملجأ لا غنى عنه للكاتب شحادة، والذي حظي عمله الجديد "مدينة الله" باحتفاء خاص ضمن فعاليات صالون "جسور الأدبي" في جمعية الثقافة والفكر الحر، ويعتبر هذا الاحتفاء تقديراً للدور الذي تلعبه الرواية في الحفاظ على الرواية الثقافية الفلسطينية، وطرح قضاياها العميقة والمتجذرة.
وأوضح الشاعر والناقد جبر جميل شعث أن الرواية الفلسطينية كانت دائماً جزءاً من الجبهة الثقافية المتينة التي وقفت إلى جانب المقاومة المسلحة، مضيفاً أن النضال بالكلمة كان شاقاً ودفع أصحابه –من الشعراء وكتّاب الرواية والقصة والمسرح– أثماناً باهظة، من الأسر والنفي وحتى الاغتيال. وقد امتدت هذه المعاناة لتشمل الفلسطينيين في الداخل، على اختلاف جغرافياتهم، وكذلك في دول المهجر.
ويذكر مؤلف الرواية، أن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي ذو أبعاد ثقافية بحتة، إذ إن العدو يسعى إلى فرض رواية مضادة للوعي الفلسطيني، زاعماً أن الأرض، وخصوصاً القدس، تعود له استناداً إلى أسس تاريخية ودينية زائفة، وهي رواية تُدحض بشدة في "مدينة الله". تدور أحداث الرواية حول طالبة فلسطينية تُكلف ببحثٍ تاريخي عن القدس في مؤتمرٍ بالجامعة العبرية، حيث تنطلق أحداث الرواية لتعري الادعاءات الصهيونية وتؤكد الحقوق التاريخية الفلسطينية. يتناول الكاتب هذا الصراع من منظور ثقافي، مستعرضاً معالم القدس التاريخية برؤية تؤكد أصالة الرواية الفلسطينية، كما يبرز الطقوس والرموز التي تثري المشهد الثقافي في المدينة، ومنها جماعة ناطوري كارتا اليهودية المناهضة لدولة الاحتلال، إلى جانب الأبحاث التي تدحض ادعاءات الاحتلال.
ومن المميز أن شحادة لجأ في سرده إلى استخدام الراوي العليم، حيث سمح للشخصيات بالتعبير عن رؤيته وأفكاره بأسلوب محكم ودقيق، متوغلاً في أعماقها النفسية ومعبراً عن أبعادها الفيزيائية والاجتماعية، ليصوغ بذلك قصة تثير التساؤل والتأمل حول مكانة القدس ومركزيتها في الصراع العربي–الفلسطيني. وبذلك، نجح الكاتب في توظيف المكان، فالقدس ليست مجرد خلفية للأحداث، بل هي المحور الذي تدور حوله، وهي قلب الرواية وملهمتها.
تميزت الرواية بوصف دقيق للقدس وأزقتها وشوارعها ومعالمها، ليتماهى بذلك مع أسلوب توثيقي يقرب القارئ من هذه المدينة. ويبدو أن هذا التوظيف يأتي ضمن إدراك الكاتب لأهمية الوصف في تجسيد روح السرد، وقد امتد هذا التوثيق ليشمل الانتقال بين أماكن عديدة كـلندن، ورام الله، والناصرة، والقاهرة، وحتى قرية يمنية تُدعى "صرم رداع قدس"، ليظهر بذلك البعد الثقافي والجغرافي في أحداث الرواية، ويؤكد تداخل الزمان والمكان في الصراع الذي يعود بجذوره إلى آلاف السنين.
وبالنسبة لزمن الرواية تبدأ الأحداث من لندن، وتنتقل بين المدن بشكل متسارع، نجد أن الخطوط الخلفية للرواية تستدعي تاريخ القدس عبر العصور، مما يمنح الزمن امتداداً تاريخياً يتجاوز الأحداث الحاضرة ويغوص في جذور الصراع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة الشارقة الدولي للكتاب عام على حرب غزة السنوار غزة وإسرائيل مدینة الله

إقرأ أيضاً:

"منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (4-4)

 

 

 

د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

نتطرق في هذه الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة من المقالات، إلى ما أشاره المحلل عبدالرحمن عبدالله، بأحد مواقع التواصل الاجتماعي: "أنه كانت له فرصة الالتقاء بشخص منذ سنوات، يحمل شهادة الدكتوراه في الموارد البشرية من جامعة أمريكية، عمل مديرا للموارد البشرية في احد الشركات الأمريكية، ذكر له أن أكبر خطأ يمكن أن تقع فيه أي مؤسسة، ربط الترقيات بنظام تقرير الأداء السنوي، لأنه ممكن أن يعطي معلومات صحيحة، للسنة أو السنوات الماضية فالموظف الآن تغير، أو أنه أعطى معلومات خاطئة من الأساس، فالجهة أو المسئول الذي وضع التقرير فضل بعض الموظفين وظلم آخرين، فالترقية بناء على تقرير الأداء يجب أن يتم بمجموعة من المؤشرات لا بشكل منفرد، ومنها بقاء الموظف بالوظيفة لفترة طويلة (وهذا مؤشر على تركيز اهتمامه بها)، وحصوله على شهادات علمية في نفس مجاله، والمقابلات مصممة على تجاوزها بطريقة علمية لكل وظيفة على حدة، تجرى للوظائف التالية في الترتيب".

فهل في الحقيقة أن برنامج "منظومة أجادة"، طفره تطوير حديثة ترتقي بأداء الأعمال، أم أنها خلقت نوعا من الحساسية والمحسوبية بين الموظفين والمسؤولين، كما ذكر د. طلال الرواحي أحد الخبراء في مجال التطوير الفردي والمؤسسي، هل هي :(إجادة أم إبادة) للمواهب والطاقات والإمكانيات، وخفض الإنتاجية والركود لدى الموظفين، وفي الواقع نرى أن بعض الموظفين يعملون بجد، ويحققون مهمات أكثر من المطلوبة في إجادة ولا ينصفهم النظام والعكس صحيح، وهذا أيضا يعتمد على المسؤول المباشر، الذي يعتمد الأهداف ويقوم بتقييمها وتقديرها.

ومن هنا وباعتبار أن "منظومة إجادة"، لا زالت حديث الشارع العام بالسلطنة؛ ومُؤشر لاستياء الكثيرين من موظفي الجهاز الإداري، من آليات تطبيقها وقناعتهم بابتعادها عن الشفافية والمرونة، والمصداقية والابتكار والاستدامة والتحسين، ولا تمس طبيعة العمل الواقعية، وتمنع الموظف العامل من حقه في الترقية والحوافز والمكافآت، والابتعاد عن مسار الشمولية والتكاملية، إن مثل هذه الفجوة لمؤثرة على سير أي مشروع، تحرص المؤسسات على تبنيها وتجبرها أحياناً على العدول عنها.

فلكل ذلك فيمكننا القول إنه حان الوقت لإعادة النظر في هذه المنظومة، وتقييم آثارها المترتبة على المؤسسات والموظفين، والتفسير للتباين الذي تم التوصل له بين الآراء والتوجهات للمنظومة الحالية، وما حصيلة استمرارها بالطريقة هذه، والغاية من نتائج الرفض للموظفين لآلية التقييم في استبيانات حساباتهم، ورسائل الشكوى منهم ومن غيرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن منظومة إجادة كفكرة جيدة إلا أن تطبيقها وتوظيفها لم يتم بصورة سليمة، فهي غير عادله وتعمل على اجحاف حقوق العاملين، ولم تضف سوى خلق الحساسيات والعبء والمشقة للموظفين والمسؤولين، والتأخير والتراجع في الأداء والإبداع بالمؤسسات، فيجب أن تكون هناك مصداقية بوجود خلل في النظام ومعالجته، بدلاً من إلزام الموظفين والمؤسسات الاستمرار بنظام لا يلائم تطلعاتهم واحتياجاتهم، وإن دام الحال هكذا سيعمل على فقدان الحافز وتقاعس الموظفين المجيدين، فينبغي الأخذ بهذه النقاط لتحسين الأداء وإيجاد الحلول الحكيمة لها، فقد راعت المنظومة فئة "الامتياز" ولم تراعي المحرومين منها، فأي عمل للقياس يبنى على النسبة والتناسب له، ويوازن بين التقديرات بكل تحفظ وأمانه بثبات وإتقان، وآلا تخرج عن نطاق الحقيقة والواقع وتكون اختياريه، فالتغيير يبدأ بالشعور بالمشاكل والإحساس بالمسؤولية والاستجابة لنداءات الموظفين، وتدعم العمل المؤسسي وإيجاد الحلول والفرص، التي تعزز الإنتاجية ومعالجتها بالفهم والتعاون والمشاركة.

وهنا نتوقف ونختم بالقول المأثور لباني نهضة عمان الحديثة، السلطان الراحل/ قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه: (أنا في عمان عندما ألمس أن شعبي يريد أمراً أو اتجاهاً معيناً فسأسير فيه، وإذا ما لاحظت أن شعبي لا يرغب في هذا الشيء أتجنبه)، وهكذا فقد استبشر الجميعُ خيرًا بالمنظومة، وأنَّ ميزاتها لا مثيل لها وستكون شفافة وعادلة تحفظ حقوق الموظفين، لكنها أتت عكس ذلك فارتفعت نسبة امتعاضهم، من متطلبات إدراج الخطط والتقييم بشكل متكرر في العام الواحد، وأغلب ردود أفعال الموظفين والمجتمع أنهم غير راضين عنه، وأنه لا يعطي الحقوق بالتساوي ومجحف لهم، وخير مؤشر على عدم رضا الموظفين عن النظام هو نسبة المتقدمين بالتظلمات، وإخفاق متطلباته كنظام فآلية العمل دليل على ذلك، فإن كان متوسط نسبة الغالبية العظمى من العملاء الداخليين الموظفين العاملين، يشعرون بنوع من السلبية والإحباط واليأس، فالأفضل والأجدر لنا الابتعاد عنها وتفاديها، وإيجاد حلول أخرى أكثر إشراقاً وطموحاً وإيجابية، فأغلب الدول التي تبنت مثل هذه المنظومة، عملت على إيقافها لشعور الكثيرين بالظلم، ولكونها لا تساعد على الارتقاء بخطط مؤسساتها، فتطبيق معظمه في شركات عالمية كتويوتا، وسامسونج، وجوجل، إلا أن آلياتها وفلسفتها تتسع لتشمل القطاعات العامة غير الربحية أيضاً، فتطبيقها في المؤسسات العامة يصبح صعباً للفروقات الكبيرة ما بين المجالين، أو أن يتم إعادة دراستها جيداً والعمل على تحسين ألية تطبيقها بحكمة، وفق أطر علمية ومنهجيه تتوافق ونوعية الوظائف والأعمال، وتلبي الطموحات والرؤى والأهداف بالمؤسسات، وتراعي الظروف والنوعيات المختلفة للوظائف والمهام، وأن يكون هناك إدراك نحو تحقيق الرضا الكامل للموظفين، على كافة مستويات إنتاجيتهم وأدائهم العملي لتحقيق الاستدامة، فعُمان تستحق كل خير وصلاح.

** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن اغتيال قائد الوحدة الفلسطينية في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: الجيش قتل قائد الوحدة الفلسطينية في الحرس الثوري سعيد إيزادي في غارة بإيران
  • سرايا القدس تعلن قنص جندي صهيوني في مدينة غزة
  • حزب الله عن الصراع الإسرائيلي الإيرانى: لن نقف على الحياد
  • المقاومة الفلسطينية تعلن السيطرة على مسيرة لقوات الاحتلال شرق حي التفاح
  • قائد الثورة: موقفنا ثابت مع الشعب الفلسطيني والجمهورية الإسلامية في إيران ضد العدو الإسرائيلي
  • قائد الثورة يدعو للخروج يوم غد الجمعة نصرة للشعب الفلسطيني وتأييدًا للرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي
  • كيف أعادت إيران الاعـتبار للقضية الفلسطينية؟
  • كيف أعادت إيران الاعـتبار للقضية الفلسطينية؟ 
  • "منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (4-4)