عربي21:
2025-06-23@19:35:32 GMT

هل على الفلسطيني إعلان الهزيمة؟

تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT

تُشير بعض المصادر التاريخية أنه وخلال العقود الثلاث الأولى فقط من الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1860) فإن ثلث الجزائريين قد قتلوا بسبب الاستعمار الفرنسي. فمن أصل حوالي ثلاث مليون جزائري قتل ما يقارب من المليون. لكن حرب التحرير الجزائرية ضد المُستعمر الفرنسي انتهت بعد 132 عاما بهزيمة فرنسا واضطرارها للخروج من الجزائر.

لم تكن التجربة الجزائرية وردية وسلمية واستسلاميه، بل أن مجرد القراءة فقط عما فعله الفرنسيون من فظائع وقتل وتشريد وتعذيب وتطهير عرقي يستصعب على العقل استيعابها. لعل بعض "المثقفين" آنذاك قالوا "لو تستسلم الجزائر" أو "لم نقاتل قوة عظمى لا طاقة لنا بالانتصار عليها؟!" أو "سامح الله من قاتل فهم قد جلبوا البلاء والقتل والدمار لنا." لكن الأمور لا تحسب بهذا الشكل.

لا ريب أن مثل هذه الأصوات موجودة في كل وقت وحين. أصوات بعيدة عن الفهم الاستراتيجي العميق لكيفية التغيير ونيل الحقوق والتحرر من الاستعمار الداخلي والخارجي. ربما يحرك البعض العاطفة ومن منا لا يتأثر بذلك. لكن في الآونة الاخيرة خرجت أصوات - نعتبرها شاذة - تُنظّر على الفلسطيني وتقول بشكل مباشر أو غير مباشر "أعلنوا أنكم انهزمتم." لذلك فالسؤال هل يجب على الفلسطيني أن يعلن أنه انهزم أو بعبارة اخرى، هل أخطأ الفلسطيني عندما صمد وقاوم الاحتلال الإسرائيلي؟

لنعد بالتاريخ قليلا، النكبة وهي من أهم مفردات القضية الفلسطينية لارتباطها بـ المصيبة والكارثة التي حلت بفلسطين وأهلها حيث هجّر حوالي نصف الشعب الفلسطيني وتفكك المجتمع الفلسطيني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بل وخسر الفلسطينيين معظم مدنهم وقراهم وعمقهم التاريخي والاستراتيجي والحضاري. فإن من أحد معاني النكبة هو إعلان الهزيمة التي حلت بهم.

لذا، يمكن أن  نسأل، هل عندما سَمّوا أهل فلسطين ما حل بهم من إبادة جذرية بـ "النكبة" أو لنقول "الهزيمة" أعيدت لهم أرضهم وحقوقهم؟ وهل عاد اللاجئون الفلسطينيون بعد إعلان هذه الهزيمة إلى بلادهم؟ أم ظلوا لاجئين؟ وهل أعاد الاسرائيلي إعمار أكثر من 530 قرية ومدينة وخربة التي قام بتدميرها بشكل كامل في فلسطين التاريخية؟ أم أنهم بقوا في الشتات بعد هذه النكبة أو الهزيمة لأكثر من سبع عقود ونصف.

لعل من يطلب من الفلسطينيين إعلان الانهزام والاستسلام أمام الإسرائيلي هو جاهل بطبيعة العدو الصهيوني التوسعي والإحلالي. إن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع وجودي. وهو قائم على معادلة صفرية، إما أن يكون الاسرائيلي أو الفلسطيني. مقولات الصهاينة وأفعالهم قديما وحديثا واضحة وصريحة وتسبق تأسيس دولتهم، بل ودالة على هذا الصراع الوجودي الذي لا يوجد به طرفان بل طرف واحد فقط. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يصرح ديفيد بن غوريون في عام 1938 في خطاب له أمام اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية: "أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئاً غير أخلاقي". وهذا الخطاب بطبيعة الحال سبق تأسيس دولة إسرائيل بحوالي عشر سنوات.

إن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع وجودي. وهو قائم على معادلة صفرية، إما أن يكون الاسرائيلي أو الفلسطيني. مقولات الصهاينة وأفعالهم قديما وحديثا واضحة وصريحة وتسبق تأسيس دولتهم، بل ودالة على هذا الصراع الوجودي الذي لا يوجد به طرفان بل طرف واحد فقط.أما الأفعال الإسرائيلية في فلسطين قديما وحديثا وخصوصا في قطاع غزة فهي تعبير واضح وصريح لهذا المشروع الاحلالي التوسعي والذي يرفض وجود الفلسطيني. بل ويرفض تسمية الفلسطيني بأنه فلسطيني. لذا، الاسرائيلي يستخدم كلمة عربي بدلا من فلسطيني. فكيف لمن لا يقبل بتسمية الفلسطيني بأنه فلسطيني يُمكن أن يقبل به وبحقوقه ويعترف بدولة فلسطينية؟!

ولعل من يطلب من الفلسطينيين إعلان الاستسلام أمام الاسرائيلي والعالم، هو ايضا جاهل بطبيعة الشعب الفلسطيني والتكوين التراكمي الذي مر به هذا الشعب. من الواضح أن سكان قطاع غزة تحملوا ما لا تستطيع دول عظمى تحمله، ولا شك لو أن هؤلاء لم تَصقل النكبة والحصار والفصل العنصري فكرهم وصمودهم لخرجوا من قطاع غزة في الأيام الأولى لهذه الإبادة الجذرية. لكن العقود الماضية كانت عبارة عن مدرسة تُصقل فيها هوية هذا الشعب الصامد والمرابط الذي لا ولن يقبل بأن يهجر كما حصل معه في النكبة عام 1948.

يجب الإشارة أن الاستسلام وإعلان الهزيمة يعني إعطاء الاسرائيلي والأمريكي الهيمنة الكاملة والتسيد المطلق على الفلسطيني. هذا بطبيعة الحال يعني أن الفلسطيني والمقاوم الفلسطيني خصوصا رضي بالتطهير الجذري والترحيل والقتل والتشريد. وهذا يعني أنه قبل أن يكون عبدا مُطيعا تحت تصرف الاسرائيلي، لكننا يمكن أن نقول أن الشعب الفلسطيني عنده عزة وشهامة وصمود لا يقبل بأن يكون إلا صامدا أو مقاوما. والدليل أنه ومنذ بدأ الطوفان فإن معظم من هاجر هم الإسرائيليون وليس الفلسطينيون. حيث تشير بعض الاحصائيات الى هجرة أكثر من نصف مليون اسرائيلي منذ بداية طوفان الاقصى.

فبدلا من لوم الجاني يتم اتهام الضحية. بالأصل يجب دعوة إسرائيل إلى إعلان فشلها في هذه الحرب. فاستخدام العنف لم يعد نافعا بعد الطوفان كما كان قبله. إسرائيل لأول مرة تُهاجم ولأول مرة تخسر هذا العدد من الجنود والضباط والألوية. إسرائيل لأول مرة منذ إنشائها تفشل عسكريا واستخباراتيا واستراتيجيا. إضافة إلى انهيار الهازبرا (الدعاية الإسرائيلية) بشكل كبير. ويمكن إضافة التراجع الأخلاقي والسياسي والاقتصادي لهذه الدولة. في المقابل فإن أكثر من 90% من المظاهرات العالمية تخرج لتأييد القضية الفلسطينية وأصبحت فلسطين هي قضية رمزية ومركزية عالميا. بكلمات أخرى قبل وبعد الطوفان الفلسطيني يخسر ويقتل ويهجر لكن الإسرائيلي لأول مرة أصبح يعاني ويفقد الأمن والأمان. هذا بحد ذاته انجاز لم تستطيع جميع الدول العربية تحقيقه بحروبها مع إسرائيل في الماضي.

يبقى أن نقول إنه وفي زمن الاستبداد والطغيان والتخاذل تنقلب المُصطلحات رأسا على عقب. فيصبح الاستسلام للبعض فضيلة، بل ويروج لها، والمقاومة رذيلة ويلام من يقوم بها ويدعو لها. وتصبح المداهنة صفة تدل على الذكاء والحكمة، والصلابة والإصرار على الحقوق سذاجة. حتى أن البعض يدعوا الفلسطيني بالاعتراف بالهزيمة أمام الإسرائيلي وكأن ذلك من العقلانية والحكمة التي سوف تنقذ الشعب الفلسطيني وتنهي الصراع الوجودي بين كيان احلالي توسعي لا يعرف بحدود وبين شعب هُجر وقتل ودمر. 

*أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني الاحتلال غزة احتلال فلسطين مقاومة غزة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على الفلسطینی أن یکون

إقرأ أيضاً:

كأس العالم للأندية:الوداد الرياضي يودع المنافسة بعد الهزيمة أمام يوفنتوس الإيطالي

ودع الوداد الرياضي المنافسة، عقب انهزامه بأربعة أهداف لهدف أمام يوفنتوس الإيطالي، في المباراة التي جرت أطوارها اليوم الأحد، على أرضية ملعب لينكون فاينانشال فيلد، بمدينة فيلاديلفيا، لحساب الجولة الثانية من دور مجموعات كأس العالم للأندية.

وبدأ يوفنتوس الإيطالي المباراة في جولتها الأولى بدون مقدمات، بعدما تمكن من افتتاح التهديف منذ الدقيقة السادسة عن طريق اللاعب عبد المنعم بوطويل، بالخطأ في مرماه، مبعثرا أوراق فريقه، الذي كان يود التقدم أولا، لتسيير اللقاء بالطريقة التي يريدها، بغية كسب النقاط الثلاث لإحياء الآمال في التأهل لقادم الأدوار، في ظل الهزيمة في أولى المواجهات بهدفين نظيفين أمام مانشستر سيتي الإنجليزي.

وفي الوقت الذي كان الوداد الرياضي يبحث عن التعادل للعودة في أجواء المباراة، باغثه يوفنتوس الإيطالي بالهدف الثاني في الدقيقة 16 عن طريق اللاعب كينان يلدز، بتسديدة قوية من خارج مربع العمليات، لم تترك أية فرصة للحارس المهدي بنعبيد للتصدي، ليجد أبناء محمد أمين بنهاشم أنفسهم مطالبين بتقليص الفارق، ومن ثم البحث عن التعادل، لكسب نقطة على الأقل، عوض خسارة النقاط الثلاث كاملة.

وظل رفاق نور الدين أمرابط يبحثون عن تقليص الفارق، من خلال المحاولات التي أتيحت لهم، إلى أن تمكنوا من تحقيق مبتغاهم في الدقيقة 25 بفضل اللاعب لورش، حيث كثفوا من هجماتهم بعد ذلك، على أمل زيارة شباك ميشيل دي جريجوريو للمرة الثانية، لإحراز التعادل، إلا أن تسرعهم في اللمسة الأخيرة حال دون تحقيق المبتغى، في الوقت الذي واصل اليوفي مناوراته، دون أي جديد يذكر، لتننهي بذلك الجولة الأولى بتقدم الفريق الإيطالي بهدفين لهدف على الوداد الرياضي.

وحرم القائم يوفنتوس الإيطالي من إضافة الهدف الثالث خلال أطوار الجولة الثانية، بعدما ناب عن الحارس المهدي بنعبيد في التصدي لتسديدة كامبياسو، في الوقت الذي اعتمد لاعبو الوداد الرياضي على الهجمات المرتدة، لعل إحداها تهدي لهم هدف التعادل للعودة في أجواء اللقاء، ومن ثم البحث عن هدف الانتصار، علما أنه أية نتيجة غير الفوز، يعني الإقصاء من الدور الأول، أو الدخول في الحسابات المعقدة التي لن تكون في صالح المارد الأحمر.

وفي الوقت الذي كان الوداد الرياضي يبحث عن التعادل، تمكن يوفنتوس الإيطالي من إضافة الهدف الثالث عن طريق اللاعب كينان يلدز في الدقيقة 69، مسجلا هدف الشخصي الثاني في اللقاء، ليجد رفاق عمر السومة أنفسهم مجددا مطالبين بتقليص الفارق، ومن ثم البحث عن التعديل خلال 20 دقيقة الأخيرة، علما أن اليوفي يسيطر على مجريات المباراة طولا وعرضا.

واستمرت الأمور على ماهي عليه فيما تبقى من دقائق، هجمة هنا وهناك، مع أفضلية مطلقة ليوفنتوس، بحثا عن الهدف الرابع من قبل هذا الأخير، ولتقليص الفارق من طرف الوداد الرياضي، دون أن يتمكن أيا منهما من تحقيق مبتغاه، في ظل التسرع في اللمسة الأخيرة، وفي الوقت الذي كانت المباراة تتجه للنهاية، أضافت السيدة العجوز الهدف الرابع من ضربة جزاء، لينتهي بذلك اللقاء بانتصار الفريق الإيطالي بأربعة أهداف لهدف، تأهل على إثرها إلى ثمن النهائي، فيما ودع رفاق بوطويل المنافسة من دورها الأول.

ورفع يوفنتوس الإيطالي رصيده إلى ست نقاط في صدارة المجموعة السابعة مؤقتا، فيما بقي رصيد الوداد الرياضي خال من النقاط في المركز الثالث بشكل مؤقت، في انتظار نتيجة مباراة مانشستر سيتي الإنجليزي والعين الإماراتي، التي ستجرى بداية من الثانية صباحا.

وسيختتم رفاق المهدي بنعبيد، لقاءاتهم في دور مجموعات كأس العالم للأندية، الذي تجرى أطواره في الولايات المتحدة الأمريكية، بمواجهة العين الإماراتي، يوم الخميس 26 يونيو 2025، بداية من الساعة الثامنة ليلا، على أرضية ملعب أودي فيلد، بمدينة واشنطن.

كلمات دلالية العين الإماراتي الوداد الرياضي كأس العالم للأندية الولايات المتحدة الأمريكية 2025 مانشستر سيتي الإنجليزي يوفنتوس الإيطالي

مقالات مشابهة

  • السفير الفرنسي لشيخ الأزهر: نؤمن بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة
  • حزب صوت الشعب: أمريكا تُشرعن الهولوكوست في غزة ودم الطفل الفلسطيني ليس أقل من غيره
  • الجيش الاسرائيلي يقصف موقع مفاعل فوردو النووي في إيران
  • بنفيكا يسعى لتفادي الهزيمة أمام بايرن ميونخ بمونديال الأندية
  • كأس العالم للأندية:الوداد الرياضي يودع المنافسة بعد الهزيمة أمام يوفنتوس الإيطالي
  • الجهاد الإسلامي: عدوان أمريكا على مواقع إيران النووية إعلان حرب
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • الصحة الإيرانية تعلن حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء الهجوم الاسرائيلي
  • وزير الدفاع الاسرائيلي يعلن اغتيال قائد فيلق فلسطين في الحرس الثوري
  • كأس العالم للأندية.. مدرب تشيلسي يوضح أسباب الهزيمة أمام فلامنجو