وزير التعليم العالي يؤكد حرص مصر على دفع علاقات التعاون الأكاديمي والبحثي مع تركيا
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
عقد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لقاءً مُوسعًا مع الدكتور إيرول أوزفار رئيس مجلس التعليم العالى التركي، بحضور صالح موطلو شين سفير تركيا بالقاهرة، ووفد تركي رفيع المستوى، والدكتور حسام عثمان نائب الوزير لشئون الابتكار والبحث العلمي، والدكتور مصطفى رفعت أمين المجلس الأعلى للجامعات ولفيف من قيادات الوزارة والجامعات.
في مُستهل اللقاء رحب الدكتور عاشور برئيس مجلس التعليم العالى التركي في مصر، مُشيرًا إلى أن هذه الزيارة تأتى في أعقاب مُذكرة التفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي التي تم توقيعها على هامش زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية إلى أنقرة في سبتمبر الماضي، بهدف تفعيل الاتفاق وتنفيذه.
وأكد الوزير، حرص مصر على دفع علاقات التعاون الأكاديمي والبحثي مع تركيا، مُوضحًا أن أحد أهداف هذا اللقاء تشكيل لجنة فرعية لمتابعة تنفيذ مُذكرة التفاهم المُشتركة على أن تختص اللجنة باقتراح برامج لتلبية حاجة الدولتين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي وتعزيز تبادل الخبرات وتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
وأشار الوزير إلى أن هناك العديد من آفاق التعاون المفتوحة التي يمكن الاستثمار فيها بين البلدين في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، مُنوهًا بالعمل لدفع التعاون بشكل خاص في التعليم الفني والتكنولوجي بما يخدم التقدم فى علاقات التبادل التجاري، وتعزيز الصناعة والاقتصاد الوطني في البلدين، مُوضحًا أن الجامعات التكنولوجية تضم العديد من التخصصات العلمية الحديثة التى تخدم عدد واسع من المجالات الطبية والهندسية والصناعية.
وأشار الوزير إلى حجم التوسع في منظومة التعليم العالي المصرية بمختلف روافدها الحكومية والخاصة والأهلية والتكنولوجية، وفتح أفرع للعديد من الجامعات الدولية ذات السمعة المرموقة، وكذا التقدم الذى أحرزته الجامعات المصرية في التصنيفات الدولية، لافتًا إلى أن مصر تعمل على رؤية لتكون قبلة تعليمية استثمارًا لمكانتها في المنطقة العربية والشرق الأوسط والقارة الإفريقية، مُرحبًا ببحث استضافة أفرع للجامعات التركية في مصر، كما أشار لبحث التعاون مع بنك المعرفة المصري.
وقدم الوزير الدعوة للجانب التركي للمشاركة في منتدى التعليم العالي والبحث العلمي القادم بمصر، لتوفير الفرصة للمسؤولين عن الجامعات بالبلدين للالتقاء والتشاور حول موضوعات التعاون المطروحة.
ومن جانبه أوضح الدكتور أوزفار أن بلاده تُثمن هذه الخُطوة المهمة بتقدير شديد وحرص كبير لدفع علاقات التعاون البناءة في المجال الأكاديمى والبحثى مع مصر، لافتًا إلى العلاقات التاريخية والثقافية التي تجمع بين مصر وتركيا، مُؤكدًا أن التعاون المُشترك في مجال التعليم العالي سيكون له انعكاسه على تخريج كوادر مهمة لكِلا الطرفين، وفتح مرحلة جديدة من التعاون المُثمر في مُختلف المجالات.
وقدم رئيس مجلس التعليم العالي التركي عرضًا لأوضاع التعليم العالي في تركيا والجامعات التركية، مُشيرًا للجهود التي قامت بها بلاده في تدويل التعليم العالي، ورفع كفاءة المؤسسات التعليمية التركية، والعمل لاستقطاب الطلاب الوافدين للدراسة فى تركيا.
ولفت الدكتور أوزفار إلى اهتمام تركيا بزيادة التعاون الأكاديمي بين الجامعات من الجانبين، وتعزيز التبادل الطلابى، وتقديم منح سنوية للطلاب المصريين، وكذا بحث دراسة الطلاب الأتراك في مصر خاصة في مجالات، العلوم السياسية، والآثار المصرية القديمة، واللغة العربية، وغيرها وذلك وفقًا لمحددات الجهات الوطنية في الجانبين، وكذا عمل مشاريع بحثية مُشتركة بين الباحثين المصريين والأتراك.
وأوضح الدكتور عادل عبد الغفار المُستشار الإعلامي والمُتحدث الرسمي للوزارة أن الاجتماع بحث سُبل زيادة التبادل الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بين الجامعات المصرية ونظيرتها التركية، والعمل على تنفيذ برامج دراسية مُشتركة تُلبي احتياجات الدولتين، وتطوير برامج التبادل الأكاديمي، واستحداث برامج دراسات عليا مُشتركة، وتعزيز البحث العلمي المُشترك في المجالات ذات الأولوية، والتعاون في مجال التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد.
وأضاف المُتحدث الرسمي أن الجانبين ناقشا إمكانية فتح قسم لتدريس علوم المصريات بأحد الجامعات التركية المرموقة، للتعريف بالحضارة المصرية بتركيا، لاسيما في ظل انتشار تدريس علوم المصريات بالعديد من الجامعات حول العالم، فضلًا عن بحث إيفاد تركيا لأساتذة لتدريس اللغة التركية والتاريخ التركي بالجامعات المصرية.
وتمت مناقشة دعم المُشاورات الجارية الخاصة بسعي جامعة الزقازيق لإنشاء الكلية المصرية التركية للتكنولوجيا" بمدينة العاشر من رمضان، وذلك بالتعاون مع جامعة أنقرة، والاستفادة من المصانع التركية بالمدينة لتوفير تدريب عملى للطلاب.
كما ناقش الاجتماع إمكانية إنشاء منتدى للتبادل الأكاديمي ليتم بموجبه إجراء زيارات متبادلة لرؤساء الجامعات من البلدين لبحث التعاون الأكاديمي.
كما تم بحث التعاون في تنظيم المؤتمرات والورش العلمية المشتركة، وتطوير معايير ضمان الجودة بالتعليم العالي، ودعم ريادة الأعمال والابتكار، وإطلاق مبادرات بيئية تعليمية وبحثية، بالإضافة إلى العمل على تعزيز الشراكة مع القطاع الصناعي بالبلدين.
حضر اللقاء من الجانب المصرى الدكتور ممدوح الدماطي وزير السياحة والآثار الأسبق، والدكتور محمد يوسف وزير التعليم الفني والتدريب الأسبق، والدكتور ماهر مصباح أمين مجلس الجامعات الأهلية، والدكتور عبد الوهاب عزت أمين مجلس الجامعات الخاصة، والدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس، والدكتور خالد الدرندلى رئيس جامعة الزقازيق، والدكتور أيمن فريد مساعد الوزير للتخطيط الإستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل والقائم بأعمال رئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات، والدكتورة عبير الشاطر مساعد الوزير للشئون الفنية، والدكتور عادل عبد الغفّار المُستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي، والدكتور أحمد الصباغ مستشار الوزير للتعليم التكنولوجى، والدكتورة سلوى رشاد عميد كلية الألسن بجامعة عين شمس، والدكتور أحمد عبد الغنى رئيس الإدارة المركزية للطلاب الوافدين.
و من الجانب التركي، الدكتور إبراهيم أصلان المستشار التعليمي بالسفارة التركية، والدكتور ناجي جوندوجان، والدكتور حسين كرمان الأعضاء بالمجلس التنفيذي، والسيد مصطفي إفي رئيس قسم العلاقات الدولية، والسيد مصطفى أمين سلام نائب مدير السكرتير الخاص، والسيد فاتح كاراجا سكرتير ثالث بالسفارة التركية بالقاهرة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور أيمن عاشور سفير تركيا بالقاهرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي التعلیم العالی والبحث العلمی التعاون الأکادیمی فی مجال التعلیم التعاون الم م شترکة إلى أن
إقرأ أيضاً:
العلاقات التركية الهندية.. تاريخ من المد والجزر
ترتبط تركيا والهند بعلاقات تاريخية تعود إلى العصور الوسطى بدأت بتبادلات دبلوماسية وثقافية وتجارية بين الدولة العثمانية وسلاطين الهند المسلمين، واستمر هذا التفاعل على مدى قرون، في ظل روابط حضارية وثقافية مشتركة شكلت إلى جانب العلاقات التاريخية الدعائم الأولى للتقارب بين البلدين.
وشهدت العلاقات الثنائية بعد استقلال الهند عام 1947 تطورا ملموسا عبر توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون في مجالات متنوعة، ومع ذلك ظل الطابع العام لهذه العلاقات معقدا ومتأرجحا بين جوانب الالتقاء ومواطن الخلاف، فبينما تتقدم العلاقات أحيانا في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياحة كثيرا ما تتراجع تحت وطأة المواقف المتباينة من القضايا الإقليمية والدولية.
وتواجه العلاقات التركية الهندية تحديات مزمنة، أبرزها التعاون الإستراتيجي بين تركيا وباكستان، ولا سيما في القطاعين الدفاعي والعسكري، ويشكل الدعم التركي لباكستان في قضية كشمير وانتقادها الهند في ملف المسلمين العائق الأكبر أمام تطوير الشراكة السياسية والاقتصادية بين البلدين.
ورغم العقبات القائمة فإن البلدين تمكنا من الحفاظ على مساحات للتعاون عبر تأسيس آليات ثنائية مثل "حوار تخطيط السياسات"، واستثمار مشاركتهما في المحافل الدولية، مثل مجموعة الـ20 ومنظمة شنغهاي، مما يعكس رغبة الطرفين في تجاوز الخلافات وبناء شراكة أكثر توازنا.
تعود أصول العلاقات الدبلوماسية بين الهند وتركيا إلى أواخر القرن الـ15، إذ أقام السلاطين العثمانيون علاقات رسمية مع حكام شبه القارة الهندية المسلمين، بدءا بالبهمانيين ثم حكام غوجارات والتيموريين، واستمرت في عهد نظام حيدر آباد وتيبو سلطان ونواب أركوت.
إعلانوكان للثقافة التركية تأثير كبير في شعوب الهند تجلى في مجالات مثل الثقافة والحضارة والفن والعمارة والأزياء والمأكولات، ولقيت فلسفة جلال الدين الرومي الصوفية قبولا واسعا في شبه القارة الهندية، لتقاطعها مع التقاليد الصوفية المحلية وتعاليم الحركة البهاكتية، وتشاركت اللغتان التركية والهندوستانية في أكثر من 9 آلاف كلمة.
وفي الحقبة الاستعمارية البريطانية للهند (1858-1947) استمرت بعض التبادلات للبعثات الدبلوماسية بين الهند وتركيا، وعبّر مهاتما غاندي عن تضامنه مع الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، مستنكرا الظلم الذي تعرضت له، وقدّمت الهند الدعم في عشرينيات القرن الـ20 لحرب الاستقلال التركية وتأسيس الجمهورية التركية.
وقد أثرت شخصية مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في الوعي السياسي والاجتماعي لدى الهنود، وأسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إلهام حركة التحرر الهندية، وقد لقي انتصاره على اليونانيين وتأسيسه تركيا الحديثة ترحيبا واسعا من الشعب الهندي وإشادة من قادة مثل جواهر لال نهرو وأبو الكلام آزاد.
واعترفت تركيا بدولة الهند عقب استقلالها عام 1947، وأقامت الدولتان علاقات دبلوماسية منذ العام 1948، وعملتا على توسيع نطاق التعاون الثنائي، إذ وقعتا اتفاقية ثقافية عام 1951.
وتم تبادل زيارات رفيعة المستوى تمثلت في زيارة رئيس الوزراء التركي آنذاك عدنان مندريس إلى الهند عام 1958، تبعتها زيارة رئيس الوزراء الهندي السابق جواهر لال نهرو إلى أنقرة عام 1960، تلتها زيارات متبادلة على مستوى وزراء الخارجية.
وفي سبعينيات القرن الـ20 أبرم البلدان اتفاقيات تعاون ثقافي واقتصادي وفني، أبرزها ما تم توقيعه في أنقرة عام 1976 وفي نيودلهي عام 1978، وشملت هذه الاتفاقيات مجالات الاقتصاد والتعليم والفنون والثقافة والإعلام والرياضة.
إعلان العلاقات السياسية والدبلوماسيةرغم العلاقات التاريخية فإن الهند وتركيا لم تنجحا في تلك العقود في تطوير شراكة وثيقة، وشابت علاقاتهما توترات متقطعة تعزى بشكل رئيسي إلى دعم تركيا لباكستان، ولا سيما في قضية كشمير، ويعود هذا الخلاف إلى أواخر أربعينيات القرن الـ20 مع اندلاع الصراع الهندي الباكستاني.
وفي تلك الحقبة تباين موقف البلدين من الحرب الباردة، إذ انضمت تركيا إلى التحالفات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحلف بغداد، في حين تبنّت الهند سياسة عدم الانحياز، وتقاربت لاحقا مع الاتحاد السوفياتي.
ومع تراجع الحرب الباردة سعى رئيس الوزراء التركي آنذاك تورغوت أوزال إلى تعزيز العلاقات مع الهند، وأثناء زيارته إلى نيودلهي عام 1986 اتفق الجانبان على فتح مكاتب الملحقين الدفاعيين في كلا البلدين.
وفي إطار تعزيز العلاقات زار رئيس الوزراء راجيف غاندي تركيا عام 1988، تلاها تبادل العديد من الزيارات رفيعة المستوى في نهاية الثمانينيات وعقد التسعينيات من القرن الـ20.
لكن دعم تركيا لباكستان في قضية كشمير ظل عائقا، ولا سيما بعد إدانتها استخدام الهند القوة في هذا النزاع، وذلك في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي عام 1991، مما أثر سلبا على العلاقات الثنائية بينهما.
وأسهم في تحسين العلاقات بين البلدين تغيير أنقرة موقفها إزاء قضية كشمير بتحولها من الدعوة إلى حل النزاع تحت رعاية الأمم المتحدة إلى دعم تسوية ثنائية، ثم زيارة رئيس الوزراء التركي الأسبق بولنت أجاويد إلى الهند عام 2000، وكان من أبرز الداعمين للهند، ولا سيما بسبب معارضته انقلاب الرئيس الباكستاني برويز مشرف عام 1999.
وأثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي الأسبق أتال بيهاري فاجبايي إلى تركيا عام 2003 ناقش الجانبان تطوير التعاون الثنائي، وتم توقيع بروتوكول إنشاء مجموعة عمل مشتركة لمكافحة الإرهاب.
إعلانوفي السنوات اللاحقة تبادل قادة البلدين زيارات عدة، من بينها زيارة رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان إلى الهند عام 2008، وزيارة الرئيس التركي السابق عبد الله غل عام 2010، وزيارة محمد حامد أنصاري نائب الرئيس الهندي إلى تركيا في العام 2011، إضافة إلى العديد من الزيارات على مستوى الوزراء في العامين التاليين.
وفي عام 2013 أحدثت زيارة الرئيس الهندي براناب موخيرجي إلى تركيا نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وتم توقيع 5 اتفاقيات حكومية و6 اتفاقيات في قطاع التعليم شملت التعاون بين مؤسسات العلوم والتكنولوجيا والإذاعة والتلفزيون والأرشيف، إلى جانب عدد من مذكرات التفاهم بين جامعات هندية وتركية.
ومع ذلك، بقيت نقاط الخلاف مصدر توتر بين تركيا والهند، وتشمل الخلافات بين البلدين قضايا عدة، أبرزها:
قضية كشمير: يشكل دعم تركيا لباكستان في النزاع سببا دائما لتوتر العلاقات الثنائية بين تركيا والهند. التمييز ضد المسلمين في الهند: دأبت تركيا على انتقاد الحكومة الهندية لانتهاك حقوق المواطنين المسلمين لديها، وفي الوقت نفسه تزعم الهند أن تركيا تقدم دعما ضمنيا لـ"جماعات إسلامية متطرفة" تمثل تهديدا لأمنها الداخلي. التعاون الدفاعي والعسكري بين تركيا وباكستان: إذ ترى الهند أن هذا التعاون قد يرجح كفة باكستان في الصراع بين البلدين. حركة فتح الله غولن: صنفت تركيا الحركة منظمة إرهابية بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، وضغطت على الهند لإغلاق مؤسسات المنظمة التعليمية لديها، لكن نيودلهي طالبت بأدلة قانونية للاستجابة لمطالب أنقرة، مما نجم عنه توتر إضافي في العلاقات بين البلدين. النزاع الحدودي بين أرمينيا وأذربيجان وقضية ناغورني قره باغ: تدعم تركيا أذربيجان في النزاع، في حين تدعم الهند أرمينيا، وتطالب بوقف "الأعمال العدائية" الأذرية، ولتأكيد موقفها الداعم لأرمينيا وسعت علاقاتها الدفاعية معها. الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني: تدعم تركيا الممر ضمن مبادرة الحزام والطريق، في حين تعارضه الهند في إطار منافستها مع الصين، مما ينعكس سلبا على العلاقات بين أنقرة ونيودلهي.في أعقاب صعود القومية في الهند -خاصة بعد وصول حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي إلى الحكم عام 2014- ازداد تدهور علاقات الهند مع تركيا نظرا لشراكتها الإستراتيجية مع باكستان، ولا سيما في الجانبين الدفاعي والعسكري، الأمر الذي عزز انعدام الثقة بين الهند وتركيا.
إعلانوفي عام 2019 شهدت العلاقات الثنائية تراجعا بيّنا على إثر إلغاء الهند المادة 370 من دستورها، والتي كانت تنص على إعطاء ولاية جامو وكشمير حكما ذاتيا، إذ اعترضت أنقرة على القرار الذي تعتبره نيودلهي تعديلا دستوريا وقضية داخلية لا يحق لدولة أخرى التدخل فيها.
وحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2019 العالم على اتخاذ إجراءات عادلة في قضية كشمير، وشكّل هذا الأمر مصدر إزعاج كبير للهند التي تصر على أن كشمير قضية ثنائية ويجب حلها مع باكستان دون أي تدخل من دولة ثالثة.
وردا على هذا دعم أنقرة الصريح لإسلام آباد عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لقاءات مع قادة قبرص وأرمينيا واليونان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدا دعم بلاده استقلال قبرص ووحدة أراضيها، وألغى زيارة كان مخططا لها إلى تركيا، وقلص صادرات البلاد الدفاعية إليها، وخفض واردات الهند من تركيا.
وعلاوة على ذلك، أدانت الهند العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، وأصدرت إعلانا يحذر مواطنيها من السفر إلى هناك.
وفي مطلع العام 2020 استدعت الهند السفير التركي وقدّمت احتجاجا رسميا على تصريحات أردوغان بشأن إقليم كشمير أثناء زيارته إلى باكستان، والتي قال فيها إن وضع الشطر الهندي من كشمير تدهور بسبب التغييرات، وأعرب عن تضامن تركيا مع الشعب في كشمير.
ولم تمنع تلك التوترات البلدين من بذل جهود إضافية لتضييق هوّة الخلاف، إذ طور الجانبان آلية مشتركة على مستوى وزارتي الخارجية أطلقا عليها "حوار تخطيط السياسات" بهدف تسوية الخلافات بين البلدين، والارتقاء بالروابط الدبلوماسية، وقد تم عقد الجلسة الأولى للحوار افتراضيا في خريف عام 2020.
وكان لقاء مودي وأردوغان في قمة منظمة شنغهاي عام 2021 تحولا لافتا في مسار التواصل السياسي بين الهند وتركيا، إذ أعادا تقييم العلاقات الثنائية بعد التوترات التي خلفها إلغاء مودي زيارته لأنقرة عام 2019.
وفي عام 2023 شهدت العلاقات التركية الهندية سلسلة من اللقاءات الرفيعة ضمن إطار مجموعة الـ20، أبرزها اجتماع وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو مع نظيره الهندي سوبرامانيام جايشانكار في فبراير/شباط على هامش اجتماع وزراء الخارجية.
إعلانتبعه لقاء جمع بين أردوغان ومودي في قمة قادة المجموعة المنعقدة بنيودلهي في سبتمبر/أيلول، وفي الشهر التالي أجرى رئيس مجلس الأمة التركي نعمان قورتولموش مباحثات مع كبار المسؤولين البرلمانيين الهنود في قمة رؤساء برلمانات مجموعة الـ20.
لكن العلاقات بين البلدين تدهورت مجددا في مايو/أيار 2025 على خلفية إدانة وزارة الخارجية التركية الهجوم الصاروخي الذي شنته الهند على باكستان، مؤكدة أنه أثار خطر حرب شاملة، ووصفته بأنه خطوة استفزازية استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وتعقدت الأمور بعد كشف الجيش الهندي عن استخدام باكستان مئات المسيّرات تركية الصنع لاختراق الدفاعات الجوية الهندية، الأمر الذي أثار موجة استياء واسعة في الأوساط الهندية، وأدى إلى ردود فعل قوية، أبرزها فرض الهند قيودا على السياحة والمنتجات التركية، وإلغاء جامعات هندية اتفاقيات مع نظيراتها التركية.
العلاقات الاقتصادية والتكنولوجيةشكّل التعاون الاقتصادي والتجاري محورا مركزيا في العلاقات الثنائية بين تركيا والهند، ومنذ سبعينيات القرن الـ20 تم تعزيزه عبر اتفاقيات ثنائية، مثل اتفاقية التجارة الثنائية عام 1973 واتفاقية التعاون الاقتصادي والفني عام 1978.
ووقّع الطرفان عام 1983 اتفاقية تأسيس اللجنة المشتركة الهندية التركية للتعاون الاقتصادي والفني، وفي عام 1996 أنشئ مجلس الأعمال المشترك بين اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي.
وشهدت العلاقات الاقتصادية الثنائية تطورا ملحوظا بعد تولي أوزال السلطة في تركيا، إذ أبرم البلدان اتفاقيات لتعزيز التعاون المشترك، أهمها اتفاق تجنب الازدواج الضريبي وتشجيع السياحة عام 1995، واتفاقات تعزيز وحماية الاستثمارات الثنائية ومنع الاتجار بالمخدرات عام 1998، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس البحوث العلمية والصناعية في الهند ومعهد البحوث العلمية والتكنولوجية التركي لتعزيز التعاون في المجالات العلمية والتكنولوجية.
إعلانواكتسبت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين زخما متزايدا بمشاركة وفود تجارية في فعاليات أقيمت في كلا البلدين، مما ساهم في تعزيز التجارة الثنائية بينهما.
وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا ركّز على التنمية وتنويع التجارة، ورأى في الهند شريكا اقتصاديا واعدا، مما دفعه إلى تعميق التعاون الاقتصادي معها، مستفيدا من منتدى مجموعة الـ20.
وفي سبتمبر/أيلول 2003 عززت زيارة رئيس الوزراء الهندي الأسبق أتال بيهاري فاجبايي العلاقات الثنائية، إذ ناقش الجانبان التعاون في التجارة والطاقة.
وفي زيارته للهند عام 2008 وقّع رئيس الوزراء حينها رجب طيب أردوغان اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وفي 2009 أُرسل أول قمر صناعي نانوي تركي "آي تي يو بي إس إيه تي 1" إلى الفضاء عبر صاروخ هندي.
وزار الرئيس التركي الأسبق عبد الله غل الهند عام 2010، وبحث التعاون في مجالات الفضاء والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا المعلومات.
وركزت زيارة الرئيس أردوغان للهند عام 2017 على الجانب الاقتصادي، إذ رافقه وفد تجاري مكون من 100 عضو، وأبدت أنقرة اهتماما خاصا بمبادرة "المدن الذكية" الهندية، متطلعة إلى مشاركة الشركات التركية في تقديم خبرات البناء والبنية التحتية.
وساهم انتماء الهند وتركيا إلى منظمة شنغهاي في تطوير العلاقات التجارية بينهما من خلال العديد من المبادرات المشتركة، إذ التقى مودي وأردوغان في قمة المنظمة عام 2021، وناقشا سبل تعميق التعاون الاقتصادي.
كما عقدا اجتماعا ثنائيا على هامش قمة مجموعة الـ20 في نيودلهي عام 2023 ناقشا أثناءه إمكانية التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والدفاع والأمن والطيران المدني والشحن.
ووفقا للبيانات التركية الرسمية للعام 2023، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 10 مليارات دولار، وكانت حصة تركيا نحو 1.8% من صادرات الهند بقيمة وصلت إلى ما يقارب 8 مليارات دولار، وشكلت 0.6% من وارداتها بقيمة بلغت نحو 4 مليارات دولار.
إعلانويقدَّر عدد الشركات ذات الشراكة الهندية العاملة في تركيا بنحو 250 شركة، وقد أبدت شركات هندية كبرى مثل "تاتا" و"ماهيندرا" و"ريلاينس إندستريز" اهتماما متزايدا بالسوق التركية، في حين حققت شركات البناء التركية الكبيرة نجاحات تاريخية في الحصول على عقود رئيسية في قطاع البنية التحتية الهندي.
وبلغ حجم الاستثمارات الهندية في تركيا في السنة المالية 2022-2023 نحو 126 مليون دولار وفقا للبنك المركزي التركي، في حين وصلت الاستثمارات التركية في الهند إلى نحو 210.47 ملايين دولار حسب وزارة تنمية الصناعة والتجارة الهندية.
وتعد السياحة من أبرز جوانب العلاقات الاقتصادية بين الهند وتركيا، وتستقطب تركيا أعدادا كبيرة من السياح الهنود سنويا، وفي العام 2019 استضافت حفلات زفاف هندية فاخرة بتكلفة قياسية بلغت 32 مليون دولار، وفي عام 2023 زار تركيا نحو 274 ألف سائح هندي.