أكد معالي مدير مركز المعلومات الوطني في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عصام بن عبدالله الوقيت، أهمية الاستخدام الأمثل والفعّال لتقنيات الجيل القادم من البنية التحتية والذكاء الاصطناعي والبيانات وإنترنت الأشياء لإيجاد بيئة قادرة على التكيف ومستدامة يكون فيها الإنسان أولًا.

وقال في كلمة له خلال مشاركته في الجلسة الرئيسة للمؤتمر والمعرض العالمي للمدن الذكية الذي تستضيفه مدينة برشلونه حاليًا: لقد تجاوز عالمنا اليوم مفهوم المدن الذكية نحو المدن المعرفية والتي أعادت تعريف آلية عمل البيئات الحضرية بوصفها مُدنًا لا تستجيب فقط للتغيرات بل تتوقعها أيضًا وتتعلم وتتطور لتلبية احتياجات سكانها، كما تقوم التقنية، لا سيما التقنيات المعرفية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بدور حاسم في تعزيز استدامة المدن وجعلها أكثر شمولية.

وأضاف معاليه أن دور التقنيات الناشئة لا يقتصر اليوم على تعزيز البنية التحتية بل يمتد إلى إنشاء مُدن قادرة على التكيف تتميز بالاستباقية وبالكفاءة في معالجة التحديات، حيث صُممت المدن المعرفية للاستفادة من الكميات الضخمة من البيانات التي تُنتَج داخل منظومتها، ليس لتحسين الخدمات المقدمة فحسب بل أيضًا لتوقع الاحتياجات المستقبلية.

وأفاد أنه بدءًا من أنظمة إدارة المرور الذكية التي تسهم في تقليل الزحام وتحسين السلامة على الطرق وصولًا إلى المنصات الرقمية التي توفر خدمات متكاملة للمواطنين أصبحت التقنية ركيزة أساسية للتطور الحضري الحديث، منوهًا بأن الحلول التقنية المصممة بشكل مسؤول والمعتمدة على أحدث التقنيات تساعد المدن لتصبح أكثر مرونة في مواجهة الصدمات، سواء كانت بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية، وتُعتبر هذه الحلول ضرورية لجعل المدن صالحة للعيش وصديقة للبيئة وجاهزة للمستقبل، مبينًا أن المملكة وفي ظل رؤية السعودية 2030 تسعى إلى تطويع التقنية لإضفاء طابع عصري على مدنها وتعزيز جودة الحياة فيها ليتمتع الجميع بحياة زاهرة فيها.

ولفت الدكتور الوقيت النظر إلى أن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” تقوم بجهود كبيرة في مجال المدن الذكية وتقود جزءًا كبيرًا من هذا التقدم التقني المذهل من خلال دعم مختلف الجهات الحكومية وإطلاق العديد من المبادرات المتعلقة بالمدن الذكية، مستشهدًا معاليه بإنشاء منصات مبتكرة مثل المنصة الوطنية للمدن الذكية “Smart C” التي تشكل الأساس لجميع مبادرات المدن الذكية في المملكة والتي تهدف إلى تنفيذ حلول استباقية وذكية لتحسين المشهد الحضري والتخفيف من الزحام المروري والحد من الحوادث المرورية الخطيرة.

وعرّج في كلمته على عدد من المبادرات التي أطلقتها الهيئة وأسهمت في دعم جهودها في مجال المدن الذكية مثل السحابة الحكومية “ديم” التي لم يقتصر دورها على تسريع التحول الرقمي لأكثر من 200 جهة حكومية بل ساعدت أيضًا في خفض استهلاك الطاقة بمقدار 64 ميجاوات وتقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 608 كيلوات طن، وبنك البيانات الوطني “NDB” الذي يُعد مبادرة رئيسية أخرى تعزز عملية اتخاذ القرارات المدعومة بالبيانات في كلا القطاعين العام والخاص من خلال دمج أكثر من 370 نظامًا و420 خدمة مشاركة بيانات مما أسهم في تحسين مستوى مشاركة البيانات بين الجهات الحكومية والإسهام في بناء اقتصاد رقمي قائم على البيانات الأمر الذي يعزّز من مكانة المملكة في المشهد العالمي للمدن الذكية.

وأشار في هذا الصدد إلى منصة “استشراف” في “سدايا” كمثال بارز يؤكد النهج الاستباقي للمملكة في توقع التحديات الحضرية المستقبلية من خلال تسخير التحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، حيث لا يقتصر دور المنصة على تقديم رؤى في الوقت اللحظي لصانعي القرار فحسب، بل تقوم أيضًا بدور محوري في تقليل التكاليف، إذ أسهمت هذه المنصة حتى الآن في تحقيق وفورات تزيد عن 51 مليار ريال سعودي “13.6 مليار دولار أمريكي” في الكفاءات التشغيلية مما يحسن قدرة المملكة على التكيف والابتكار للاستجابة للاحتياجات الحضرية المستجدة.

وتطرق معاليه إلى تطوّر تطبيق “توكلنا” في “سدايا” الذي أُطلق في البداية كجزء من الاستجابة لجائحة “COVID-19” ليصبح اليوم تطبيقًا وطنيًا شاملًا مصممًا ليكون الرفيق الرقمي للأفراد في جميع أنحاء المملكة، مبينًا أن التطبيق يهدف إلى تحسين جودة الحياة لأكثر من 30 مليون مستخدم في المملكة من خلال تقديم أكثر من 315 خدمة حكومية، مما يُثري تجربة المواطنين والمقيمين والزوار، ويجعله جزءًا أساسيًا من إستراتيجية التحول الرقمي للمملكة.

اقرأ أيضاًالمملكةوزير الإعلام اليمني: المملكة الداعم الأول لليمن في تحقيق التنمية المستدامة

وأشاد معاليه بما وصلت إليه مدن المملكة من مكانة رائدة على المستوى العالمي حيث دخلت خمس مدن سعودية في مؤشر “IMD” للمدن الذكية، وحصلت العاصمة الرياض على المركز الخامس والعشرين عالميًا والثالث إقليميًا مرسخة مكانتها كمدينة رائدة في التحول الحضري، وفي صميم النجاح الذي حققته مدينة الرياض، يقع مركز عمليات الرياض الذكية “Smart ROC” والذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة البنية التحتية الحضرية وإدارة حركة المرور وضمان السلامة، وأسهمت حلول الزحام القائمة على الذكاء الاصطناعي في تقليل الزحام بنسبة 36% خلال المناسبات الكبرى، مما جعل المدينة نموذجًا يحتذى به في مجال المرونة الحضرية.

وتطرق الدكتور الوقيت في كلمته إلى مشروع “نيوم” أحد مشاريع المملكة الطموحة التي تجسد مستقبل الحياة الحضرية، ومن خلال اعتمادها على الجيل القادم من البنية التحتية والتوائم الرقمية والخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي، مفيدًا أن نيوم تفتح الآفاق لعصر جديد من المدن المستدامة والخالية من الكربون، ويظهر هذا المشروع الطموح التزام المملكة بإنشاء مدن معرفية قادرة على توقع الاحتياجات وتقديم حلول مبتكرة للمستقبل.

وأشار معاليه في ذلك السياق إلى بروز “تروجينا” في نيوم كواحدة من المدن المعرفية والوجهات العالمية المستقبلية والتي من المقرر أن تستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029م، وقال معاليه: تسير تروجينا في رحلة رائعة لدمج التقنيات المعرفية وتقديم تجارب استثنائية للمستقبل، كما أنها تمثل رمزًا للابتكار، حيث تجمع بين حلول المدن الذكية والتجارب السياحية والرياضية الفريدة، لتضع معايير جديدة للوجهات العالمية، أما مشروع البحر الأحمر -القائم كليًا على الطاقة المتجددة- فيُعد رائدًا في مجال السياحة المستدامة، إذ يعيد تعريف مفهوم التنمية الصديقة للبيئة.

وشدد معاليه على أن التزام المملكة نحو المدن الذكية يمتد إلى ما هو أبعد من حدودها، ففي فبراير 2024، استضافت المملكة المنتدى العالمي للمدن الذكية الذي جمع باحثين ومستثمرين وخبراء الصناعة وقادة الفكر العالميين لمناقشة مستقبل المدن، ولقد أظهر هذا المنتدى التزام المملكة الراسخ بتعزيز الحوار العالمي حول المرونة الحضرية والاستدامة و مستقبل الحياة الحضرية، لافتًا النظر إلى أن المملكة ستستفيد من التقنيات المتقدمة لتقديم تجارب عالمية المستوى للحضور الدولي لمعرض إكسبو 2030، ولن يركز المعرض على التقنيات التي تحقق رفاهية الأفراد فحسب، بل سيعزز أيضًا أجندة الاستدامة وجودة الحياة العالمية، مما يرسّخ مكانة الرياض كرائدة في ابتكارات المدن الذكية.

وخلص معاليه إلى القول إن رؤية المملكة 2030 لمُدن المملكة ليست مجرد رؤية للتقدم التقني بل هي رؤية للمسؤولية العالمية المشتركة حيث تتماشى الجهود في المدن الذكية مع الأهداف العالمية التي تعطي الأولوية للاستدامة، والمرونة، وجودة الحياة من أجل خير البشرية.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية والذکاء الاصطناعی البنیة التحتیة للمدن الذکیة المدن الذکیة فی مجال من خلال أکثر من

إقرأ أيضاً:

بما يعكس ريادتها المتصاعدة في التقنيات المتقدمة.. المملكة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة ونسبة نمو الوظائف به خلال 2025

كشف مؤشر الذكاء الاصطناعي التابع لمعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمركز حول الإنسان لعام 2025 عن حلول المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة وفي نسبة نمو الوظائف في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أمريكا والصين في النماذج اللغوية، وبعد الهند والبرازيل في نسبة نمو الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

وجاءت هذه المرتبة ضمن تقدم لافت حققته المملكة في عددٍ من مجالات مؤشر الذكاء الاصطناعي بجامعة ستانفورد؛ لتسجل حضورها الدولي ضمن الدول العشر الأولى التي تميزت في مجالات الذكاء الاصطناعي بالعالم، بما يعكس ريادة المملكة المتصاعدة في مجال هذه التقنيات المتقدمة، بفضل جهود الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” المدفوعة بتوجهات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الارتقاء بالمملكة ضمن الاقتصادات الرائدة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.

ويؤكد حصول المملكة على المرتبة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، وفي نسبة نمو الوظائف في مجال الذكاء الاصطناعي، ما تتمتع به من جاهزية عالية في منظومة الابتكار وقدرتها على تطوير النماذج المتقدمة، ومنها نموذج “علام” الذي يعد ضمن أفضل النماذج التوليدية باللغة العربية في العالم، إضافة إلى التوسع في فرص العمل المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاًالمملكة“مسام” ينتزع 874 لغمًا من الأراضي اليمنية

وحصلت المملكة ضمن المؤشر ذاته على المرتبة السابعة عالميًا في استقطاب كفاءات الذكاء الاصطناعي، نظير ما تتميز به من بيئة تقنية وتنظيمية جاذبة للخبرات العالمية، وداعمة لنمو قطاع التقنيات المتقدمة، كما نالت المرتبة الثامنة عالميًا في الوعي العام بالذكاء الاصطناعي، والاستشهادات العلمية المتخصصة في المجال.

ويعود ذلك إلى جهودها في مجال البحوث والدراسات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي، وفي بناء مجتمع معرفي يدرك التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، من خلال العديد من المبادرات مثل: مبادرة تمكين مليون سعودي في الذكاء الاصطناعي “سماي”، وغيرها من المبادرات التدريبية التي وجدت إقبالًا كبيرًا من مختلف أفراد المجتمع لتعلم مهارات الذكاء الاصطناعي.

وتشير هذه المراتب المتقدمة إلى أن المملكة أصبحت نموذجًا عالميًا في الاستشهاد بها في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، كما تعكس جهودها في بناء القدرات البشرية، وتعزيز الوعي المجتمعي بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تنمية القدرات الوطنية، في خطوة تُمهّد لبناء نهضة رقمية شاملة تدعم الاقتصاد الوطني وتعزز مكانة المملكة عالميًا.

مقالات مشابهة

  • “الطيران المدني” تستضيف ورشة عمل تحسين جودة الإجراءات الأمنية في مطارات المملكة
  • تحضيرًا لـ “كان 2026”.. المنتخب الوطني للسيدات يتعادل وديا أمام كينيا
  • عبر 32 مليون نخلة مثمرة.. “الإحصاء”: نمو إنتاج التمور في المملكة إلى 1.923 ألف طن خلال عام 2024
  • بما يعكس ريادتها المتصاعدة في التقنيات المتقدمة.. المملكة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة ونسبة نمو الوظائف به خلال 2025
  • المركز الوطني للأمن السيبراني يطلق حملة “أنت البطل” التوعوية للأطفال
  • مركز الإمارات للأبحاث البيولوجية يكشف عن أول “ذئاب عربية” مستنسخة
  • عودة الاشتباكات في “السويداء” مجددًا.. وفصائل تعتدي على منزل مدير أمن المحافظة
  • “مركز” : 22 الف خيمة للنازحين في غزة تضررت إثر المنخفض الجوي
  • “درب زبيدة” محاضرة في مركز حمد الجاسر الثقافي
  • حكومات العالم تنحاز للذكاء الاصطناعي.. 80% يخططون لزيادة الاستثمارات في 2026