يوقظ المواجع ويُضاعفها.. هكذا يتخوّف الغزيون من فصل الشتاء (شاهد)
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
"إما أن تغرق في مياه الصرف الصحّي في المناطق المدمّرة، أو أن يبتلعك المدّ المتزايد في المخيمات على البحر" هكذا باتت توصف الحياة في قلب قطاع غزة المحاصر، مع حلول فصل الشتاء، ومرور أكثر من عام كامل على مواصلة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة، أمام مرأى العالم، وفي خرق سافر لكافة القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان.
تتوالى معاناة العائلات النازحة، وكلّما جاء الشتاء تتضاعف مآسيهم، وتتفاقم، حيث باتوا يفتقدون لأبسط متطلبات الحياة، من خيام وأغطية، وملابس دافئة تقيهم البرد، وحتى وجبات غذائية بعيدا عن المعلّبات الباردة.
وخلال الساعات القليلة الماضية، أطلقت بلدية غزة، مُناشدة، لتوفير المواد اللازمة لصيانة شبكات المياه في غزة، بالقول: "استهدافات الاحتلال المتكررة لشبكات المياه أدّت لانقطاع المياه في مناطق واسعة بمدينة غزة".
وفي السياق نفسه، ناشدت البلدية، عبر بيان مقتضب، وصل "عربي21" نسخة منه، المجتمع الدولي والجهات المانحة من أجل التدخل الفوري ودعمها في إصلاح شبكات المياه.
مأساة متكررة
يقول عدد من الأهالي بقطاع غزة، إنّ: "الشتاء في السنوات الماضية كان صعبا على القطاع، وهو الآن أصعب بكثير، حيث تتوالى المشاهد القاسية، وتتزايد التحدّيات"، مبرزين أنه: "حتّى من يتوفّر على الخيام يُعاني من المياه الغزيرة التي تكاد تغرقه وهو بقلبها".
وفي حديث لـ"عربي21" كشف علي، شاب غزاوي، بأن: "الشتاء في غزة، مُختلف، فهو قادر على تهديد أكثر من مليوني نازح، ويزيد من الأزمة البيئية ويفاقم الأمراض، ويجعل المعاناة اليومية للأهالي، أكثر قسوة".
وأضاف: "ستتفشّى الأمراض أكثر وتنتشر خلال الشتاء، خاصّة في ظل تهالك المستشفيات التي أصبحت خارج الخدمة، والنقص الحاد في كل شيء من أدوية وأغطية ومفروشات ولباس ساخن، ناهيك عن صعوبة توفير التدفئة في كل من مراكز الإيواء أو الخيام".
رصدت "عربي21" جُملة صور ومقاطع فيديو، تسارعت على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام القليلة الماضية، توثّق لما آلت إليه الأوضاع في غزة، مع أول هطول للمطر، هذا الشهر.
شتاء فاس على #غزة ...... pic.twitter.com/Z0iL0IQBll — زاهر ابو حسين (@ZAHERABUHUSIEN) November 8, 2024 هل تعلم؟
أن شتاء غزة يأتي ليزيد من معاناة السكان، حيث تفتقر العديد من البيوت إلى نوافذ وأبواب محكمة، مما يجعل البرد القارس يتسلل بسهولة إلى الداخل! ????❄️#شتاء_غزة #غزة_تحت_الحصار #فلسطين #الحق_في_الحياة pic.twitter.com/zbA29xEx2h — هل تعلم؟???????? (@hal_talam_info) November 7, 2024 ???? النازحون في قطاع غزة يترقبون شتاء قاسيا.. خيام مهترئة وقطع من القماش والبلاستيك وحرب إبادة مستمرة.
تصوير: ربيع أبو نقيرة pic.twitter.com/N2ZHWcDhSc — فلسطين أون لايـن (@F24online) October 29, 2024
تحذيرات الإخلاء
كان موقع "موندويس" الأميركي، قد نشر تقريرا للكاتب طارق حجاج، جاء فيه: "آلاف الخيام تنتشر على بعد أقدام قليلة من مياه شواطئ غزة الرملية. وتحاول العائلات النازحة بناء حواجز من الرمال لمنع المد القادم من إغراق مساكنهم، وقد أدى المد والجزر لفقدان العديد من العائلات خيامها، فيما يحاولون الآن حزم أمتعتهم والعثور على أرض أكثر جفافا".
وأوضح: "تحذيرات الإخلاء للنازحين في غزة لم تعد تصدر من جيش الاحتلال الإسرائيلي فقط، فإن البلديات ترسل الآن أيضا تحذيرات للنازحين في المناطق التي غمرت مياه الأمطار أو مياه الصرف الصحي شوارعها، وتوجههم للانتقال إلى أماكن أخرى".
تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال حرب الإبادة الجماعية المُتواصلة، قد دمّر ما قدّر بـ655 ألف متر من خطوط الصرف الصحي و330 ألف متر من خطوط المياه، وذلك بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ووفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن نحو 345 ألفا من سكان قطاع غزة سوف يواجهون جوعا وصف بـ"الكارثي" هذا الشتاء، في ظل تراجع تدفق المساعدات الإنسانية؛ إذ حذّرت من خطر توسّع المجاعة في مختلف أنحاء القطاع المحاصر.
وأشار التقرير نفسه، الذي أعدته وكالات أممية ومنظمات غير حكومية، إلى أنّ: "هذا العدد مقارنة بـ133 ألف شخص مصنفين حاليا على أنهم يعانون من: انعدام كارثي للأمن الغذائي".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا إلى ضرورة فتح المعابر الحدودية بشكل عاجل وإزالة العقبات لضمان وصول المساعدات الإنسانية الضرورية. وأكد أنّ: "الوضع الحالي، مع تفشي الجوع وخطر المجاعة في غزة، لا يمكن قبوله".
من جهته، حذّر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، من خطر المجاعة في القطاع الذي يعاني من دمار واسع بسبب العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. إلا أن جُل الدعوات الأممية تُقابل بالصمت، فتتوالى المعاناة وتزيد أكثر.
وبدعم أمريكي، تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا هوجاء على كامل قطاع غزة المحاصر، ما خلّف نحو 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وذلك وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي، حرب الإبادة الجماعية، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنعها ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة الاحتلال شتاء غزة قطاع غزة غزة قطاع غزة الاحتلال شتاء غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مسعفون بغزة يروون معاناتهم تحت القصف الإسرائيلي
غزة- مع دخول ساعات الليل الأولى، وصلت إشارة استغاثة لطاقم الإسعاف والطوارئ في الخدمات الطبية للتحرك لإنقاذ مصابين وانتشال شهداء، عقب استهداف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي شقة سكنية في حي التفاح شمال قطاع غزة.
خلال دقائق، وصلت سيارة إسعاف تقل ثلاثة أفراد من طواقم الإنقاذ يرافقهم مصور صحفي إلى مكان الحدث، وسارعوا إلى الصعود إلى البناية السكنية مستعينين بكشافات إنارة لتبديد الظلام الحالك الذي يخيم على المكان، وسط صراخ النساء والأطفال الموجودين في الداخل، بينما ظل سائق الإسعاف داخل المركبة التي تظهر عليها الإشارات الدالة، كالضوء الأحمر، مستعدا للتحرك تجاه المستشفى فور عودة زملائه.
وبعد وقت قصير من محاولات الإنقاذ، دكَّت مدفعية الاحتلال المكان بقذيفة ثانية، حينها تحولت الضوضاء إلى صمت مطبق، وتطايرت الحجارة في الطريق الذي غطاه الدخان والبارود دون معرفة مصير المسعفين الذين كانوا داخل المبنى.
فقد نجله وزملاءهاستنجد سائق الإسعاف بمدير وحدة الإسعاف والطوارئ في الخدمات الطبية فارس عفانة، الذي هرع للمكان رفقة طاقم إنقاذ إضافي، لكن خطورة الأوضاع الميدانية اضطرتهم للانسحاب وقد حالت دون استكمال المهمة.
وتملَّكت الأحزان والدموع طاقم الإنقاذ، وراح عفانة يرقب عقارب الساعة منتظرا بزوغ الفجر، حيث كان نجله "براء" المتطوع ضمن طاقم الإسعاف الذي لا يزال يوجد داخل البناية السكنية دون أن يعلم شيئا عن حالتهم الصحية.
إعلانوعند السادسة والنصف صباحا عاد عفانة والطاقم المنهك للبحث عن زملائهم المفقودين، فوجدوا أجسادهم أشلاء بعدما أصابتهم القذيفة المدفعية مباشرة، لينضموا إلى قافلة طويلة ضمت عشرات الشهداء والأسرى والمصابين من طواقم الإسعاف والخدمات الطبية.
يقول فارس عفانة الذي فقد ابنه وزملاءه في الاستهداف الأخير للطواقم الطبية يوم 9 يونيو/حزيران الجاري، إنهم يعملون في دائرة الخطر الشديد، ويتوقعون الاستشهاد أو الإصابة في كل مهمة، لأن الاحتلال كرَّر اعتداءه المباشر على الطواقم الطبية منذ بداية الحرب على غزة.
ويسيطر الحزن على ملامح عفانة الذي انتهى من تشييع نجله وزملائه، وعاد ليستكمل عمله في إسعاف المصابين بعدما كثفت إسرائيل غاراتها على المناطق الشمالية والشرقية لمدينة غزة، رغم محاولات الاحتلال إخراج الخدمات الإسعافية عن الخدمة بشتى الوسائل.
ويضيف عفانة للجزيرة نت، أنه وفي ليلة العيد التقط كوادر الإسعاف صورة تذكارية، وكأنهم يودعون بعضهم بعضا، وما هي إلا ساعات حتى استشهد ثلاثة منهم، ومع ذلك "نواصل عملنا الإنساني الذي كفلته جميع القوانين الدولية، وجرّمت استهداف العاملين فيه خاصة بأوقات الحروب".
وكان لفقد عفانة ابنه وزملاءه وقع ثقيل عليه وعلى بقية طاقم الإسعاف، ومع ذلك يستمرون في مهمتهم رغم صعوبتها، بعد إخراج معظم المستشفيات عن الخدمة، ومنع توريد الوقود الخاص لعمل مركبات الإسعاف، وشح المعدات المستخدمة في الإسعافات الأولية ومحاولات إنقاذ الحياة.
يستذكر عفانة حصار الاحتلال لمحافظة شمال قطاع غزة مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتعمُّده حرق وتجريف مركبات الإسعاف والدفاع المدني في الأيام الأولى من العدوان، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي يريد من استهداف خدمات الإسعاف والإنقاذ والمستشفيات إعدام أي محاولة لإنقاذ الحياة، وبالتالي دفع الفلسطينيين إلى ترك أماكن سكنهم قسرا.
إعلانوزيادة في تعقيد عمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني أعادت قوات الاحتلال قبل أيام قطع الاتصالات عن معظم مناطق قطاع غزة، ما حال دون تمكن المواطنين من التواصل مع مراكز الإسعاف والطوارئ للإبلاغ عن أماكن الاستهداف الإسرائيلي، ما يضطر الطواقم الطبية للتحرك بناءً على رصد أصوات الانفجارات والدخان المنبعث من الأماكن المستهدفة، حسب عفانة.
وفي الأثناء يجلس المسعف حاتم العجرمي متأهبا لاستقبال أي إشارة استهداف إسرائيلي للانطلاق رفقة طواقم الإنقاذ، فقد عاد ليكمل عمله فور إطلاق الاحتلال سراحه خلال مراحل تبادل الأسرى في فبراير/شباط الماضي، بعد قضائه نحو 4 أشهر داخل السجون الإسرائيلية.
ويسرد العجرمي للجزيرة نت، تفاصيل مؤلمة لاعتقاله رفقة الطواقم الطبية من داخل مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة عقب اقتحامه في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما تعرض للإهانة وإجباره على خلع كامل ملابسه، وتقييده أياما كثيرة داخل معتقل سدي تيمان الذي ذاع صيته بالتعذيب الوحشي للمعتقلين الفلسطينيين، حيث خضع للتحقيق على خلفية عمله الإنساني وإنقاذه المصابين.
ويعيش العجرمي وسط دوامة من الدماء والأشلاء، فهو لم ينقطع عن عمله منذ بداية الحرب إلا أثناء اعتقاله، وشاهد كثيرا من أهوال العدوان الإسرائيلي، ومع ذلك يواصل مهمته "الصعبة" حسب وصفه.
ويقول العجرمي "لا يمكن وصف اللحظات المؤلمة أثناء انتشال جثامين زملائي المسعفين، بعدما كانوا يرافقونني على مدار الساعة، ورغم ذلك، علينا الاستجابة في بعض الأحيان لعدة إشارات في آن واحد، بسبب كثافة القصف الإسرائيلي".
وفي أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة حصلت عليها الجزيرة نت، فإنه منذ بدء العدوان على قطاع غزة، قتلت إسرائيل 1580 من الطواقم الطبية، واعتقلت 362، ودمرت 38 مستشفى، و82 مركزا طبيا، و164 مؤسسة صحية، و144 سيارة إسعاف.
إعلان