الجزيرة:
2025-12-08@16:32:43 GMT

هذه هي الأوهام التي نحيا فيها ويكشفها لنا فوز ترامب

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

هذه هي الأوهام التي نحيا فيها ويكشفها لنا فوز ترامب

لكلّ الديمقراطيين – وما زلت واحدًا منهم – تبعث الانتخابات الأميركية الأخيرة بثلاث رسائل تعرّي مرة أخرى الأوهام الثلاثة التي بنينا عليها جميعًا نظريتنا وممارستنا للديمقراطية.

الرسالة الأولى؛ هي أن هناك أكثر من سبعين مليون أميركي لا يرون مانعًا أن يكون رئيسهم بالصفات المعروفة للجميع، بل وشخصًا ملاحقًا من قبل العدالة في أكثر من قضية.

ما نتغافل عنه دومًا هو أن الناس تصوّت لمن يشبهها ويعبّر عن قناعاتها وخياراتها، ولمن يثير إعجابها وتحاول التشبّه به.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بتكوين تواصل تحطيم الأرقام القياسية بعد فوز ترامبlist 2 of 2نتنياهو: تحدثت مع ترامب 3 مرات ونتفق بشأن إيرانend of list

لذلك، علينا القبول بأن الفكرة التي تَبني عليها الديمقراطية أسسها خاطئة، أي وجود كائن عاقل أخلاقي يختار كل ما يخدم المصلحة العامة إذا ما توفرت له الحرية.. والحال أننا أمام طيف من البشر فيهم جزء كبير لا علاقة له بهذا التصور المثالي، والدليل على ذلك انتصار ترامب وأمثاله.

وفي هذا الصدد كتب في جريدة "نيويورك تايمز" (The New York Times) لهذا اليوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول الصحفي والكاتب الأميركي كارلوس لوزادا: "بالنسبة لأولئك الذين أصرّوا منذ فترة طويلة على أن ترامب "ليس ما نحن عليه"، وأنه لا يمثل القيم الأميركية، هناك الآن احتمالان: إما أن أميركا ليست كما كانوا يعتقدون، أو أن ترامب لا يمثل تهديدًا كما يعتقدون".

الوهم الثاني الذي تبدده هذه الانتخابات، هو عن دور حرية الرأي والتعبير في فرز الغث من السمين. الحقيقة أن حفنة من رجال الأعمال المتحكمين في وسائل الإعلام والتواصل، أي في جلّ أدوات التأثير على العقول والقلوب، هم أكبر المنتفعين بهذه الحرية، وهم الذين يستطيعون أن يحملوا لسدة الحكم من يريدون. قلّ من ينتبه لخطورة شخص مثل إيلون ماسك في نتيجة الانتخابات الأميركية، والرجل له أكثر من مئتي مليون متابع جند الكثير منهم لصالح ترامب.

هذا عن الجزء الأول من خرافة "الانتخابات تعبر عن إرادة الشعب". أما عن الجزء الثاني للخرافة الكبرى، فإن نتيجة الانتخابات (كما رددت مرارًا منذ كتابي "عن أي ديمقراطية تتحدثون" الصادر سنة 2004) لا تعبر إلا عن إرادة خمسين في المئة زائد صوت من المصوّتين المسجلين في القوائم الانتخابية، مع إلغاء كل قيمة لإرادة تسعة وأربعين في المئة من "الشعب".

أضف الآن لمشكلة الشرعية مشكلة الخطورة. كم من مرة عبر التاريخ أدخلت الانتخابات الذئب إلى المدجنة؟

ربما مثلت نتائج الانتخابات الأميركية مفاجأة للكثير من الديمقراطيين الغربيين والعرب، لكنها كانت متوقعة بعد انتخابات مشابهة في الهند والمجر وتونس والأرجنتين، وانتظروا تواصل المسلسل في فرنسا بعد ثلاث سنوات، وكم من بلدان أخرى تنتظر دخول القائمة.

نحن أمام مفارقة رهيبة؛ فالديمقراطية لا تعيش إلا بأدوات الانتخاب وحرية التنظم وحرية التعبير، لكنها لا تمرض ولا تموت إلا بها عندما تحمل للسلطة بفضل المال والإعلام أشخاصًا يفرغون الديمقراطية من محتواها أو يقضون عليها القضاء المبرم، كما فعل رجل جاءت به الانتخابات هو أيضًا اسمه أدولف هتلر.

من حسن الحظّ – إن صح التعبير – أن الاستبداد يواجه نفس المعضلة. هو الآخر لا يعيش إلا بما يميته عاجلًا أو آجلًا. انظر كيف يذهب ضحية أدواته الفكرية والعملية. من الناحية الفكرية، بقدر ما تغالي الديمقراطية في تقديس "الشعب" بقدر ما يزدري الاستبداد هذا "الشعب". فالمستبد والعصابة التي حوله على قناعة تامة بأن العامة غير "ناضجة" للديمقراطية، وأن الحرية خطر منها وخطر عليها، وأنه لا بد لها من راعٍ قادر على أخذ القرارات الذي يعرف وحده أيها الأفضل للرعية وخاصة للراعي.

القاعدة هي أنه بقدر ما تخطئ الديمقراطية بالمبالغة في تقدير طيبة وذكاء البشر، بقدر ما يخطئ الاستبداد بالمبالغة في احتقار شجاعة البشر وتوقع استكانتهم للظلم.

لفرض الوضع ليس له إلا ثلاث وسائل هي التي ستقضي عليه: التضليل، وملء مراكز القرار بالأوفياء، والقمع.

فبالتضليل ينتهي المستبد بتصديق أكاذيبه وأكاذيب من حوله، فتتكاثر أخطاؤه إلى أن تقوده لحتفه، وبوضع الأوفياء في مراكز القرار على حساب الأكْفاء يساهم في الأداء الرديء لكل دواليب الدولة، وبالقمع تراه يشحن المجتمع بالنقمة التي تقود يومًا ما للانفجار، إضافة إلى كونه يصطفي الأشجع والأكثر عنادًا وتصميمًا على الإطاحة بوضع يزداد تأزمًا، لأنه ليس للاستبداد أي آليات للإصلاح الداخلي خلافًا للديمقراطية.

وفي الحالتين القاعدة أن النظام السياسي مواجه بتعقيد مجتمع فيه دومًا كمّ غير معروف من الأذكياء والشجعان والمثاليين، وبنفس الكيفية وبصفة دائمة كمّ آخر من الأغبياء والجبناء والانتهازيين.

هذا ما يجعل مشكلة النظام السياسي أكان ديمقراطيًا أم استبداديًا واحدة: خطورة المراهنة على جزء من المجتمع، وتجاهل النصف الآخر، مما يؤدي به طال الزمان أو قصر إلى استفاقة موجعة، والنصف المتجاهل يذكّره بصفة موجعة بأنه باقٍ ويتمدّد.

إن هذه الإشكالية هي التي تضع كل نظام سياسي أمام محاولة شبيهة بمحاولة تربيع الدائرة، وهي التي تفسر كيف ولماذا يمهّد فشل الاستبداد لطفرة ديمقراطية، ويمهد فشل الديمقراطية لطفرة من الاستبداد.

هل ثمة إمكانية للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي نعايش اليوم مقطعًا منها، ونحن نرى حتى في أعرق الديمقراطيات بوادر انتصار الاستبداد، بعد أن رأينا في العقود الأربعة الأخيرة بوادر انتصار الديمقراطية في أعتى الدكتاتوريات ومنها العربية؟

بعبارة أخرى، هل ثمة إمكانية لحكم رشيد يوقف هذا التتابع حتى وإن ندرك أنه لا وجود لنظام حكم مثالي لا يعمل فيه الزمان أظافره وأنيابه؟

إذا عرّفنا الحكم الرشيد بأنه نظام الحكم الذي يضع القيم الجامعة فوق المصالح المفرّقة ويفرض بالقانون والقوة التوزيع الأكثر عدلًا للثروة والسلطة؛ لضمان الاستقرار والسلم والاعتبار داخل المجتمع، فإنه يمكن القول إن تجارب الحكم عبر التاريخ أظهرت أن الاستبداد هو الصفر على سلم الحكم الرشيد، والديمقراطية قفزة نوعية في الاتجاه السليم.

المشكلة أن هذا التطور الذي بدا يومًا غير قابل للتوقّف هو اليوم متوقف، بل متراجع حتى في أقدم معاقله لصالح جولة عبثية جديدة من الاستبداد.

يتحدد السؤال كالتالي: هل ثمة إمكانية لوقف هذا التدهور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ديمقراطية يتكالب عليها الأعداء من خارجها ومن داخلها؟

هذا السؤال هو الشغل الشاغل اليوم في كل الأماكن التي يطرح فيها موضوع مصير الديمقراطية من جامعات ومؤتمرات وكتب ومقالات لا تحصى ولا تعدّ.

في إطار هذا الحراك الفكري والسياسي غير المسبوق في تاريخ الديمقراطية، وفي وضع يتسم بتراجع الديمقراطية الغربية في كل العالم، وفي الغرب ذاته، ناهيك عن تجدد إغراءات الاستبداد خاصة في شكله الشعبوي الجديد، جمع "المجلس العربي" في سراييفو في الشهر الماضي نخبة من الديمقراطيين العرب من كل الأجيال والبلدان والاتجاهات الفكرية في الوطن العربي؛ لكتابة العهد الديمقراطي العربي المفترض والمأمول منه أن يشكل المرجع النظري المشترك لكل الحركات السياسية والمجتمعية العربية.

ثلاثة أفكار رئيسية تشكل أسس هذا العهد وتم التوافق عليها بالإجماع

أولًا: الديمقراطية في شكلها الغربي الحالي مرحلة تاريخية من تطور بحث المجتمعات عن أفضل أنواع الحكم الرشيد، وهي اليوم في وضع صعب لا في نزعها الأخير. وقد أثبتت التجارب منذ قرنين في أكثر من 150 بلدًا أن أخطر ما يهددها آليات تقادمت وبنيت على فرضيات فكرية خاطئة، وتم الاستيلاء عليها من طرف أعدائها من الداخل وإفراغها من كل فاعلية في تحقيق أهدافها المعلنة. مثل هذا الوضع يفرض علينا نحن العرب أن ننطلق من التجارب الغربية للتعلّم منها والتفكير في طرق تجاوزها؛ لنضمن لديمقراطيتنا التمكن والبقاء أطول وقت ممكن.

ثانيًا: لا بديل عن الخيار الديمقراطي؛ لأن الاستبداد هو سبب فقرنا وتخلّفنا وتشتتنا وفقدان سيادتنا الوطنية، وذروة جرائمه إبادة جماعية لشعب من شعوبنا، وجيوشنا لا تحرك ساكنًا إلا لحماية المستبدين.

لذلك، تشكل الديمقراطية الطريق الوحيد لبناء ما تحتاجه شعوبنا؛ أي دول قانون ومؤسسات، وشعوب من المواطنين لا من الرعايا، واتحاد شعوب عربية حرة ودول مستقلة على نموذج الاتحاد الأوروبي الذي لم يقم إلا على أشلاء الدكتاتورية النازية والفاشية والشيوعية.

ثالثًا: لكي تستقر وتثبت أطول وقت ممكن، على ديمقراطيتنا العربية أن تكون أكثر من نظام سياسي يضمن الحريات والتداول السلمي على السلطة وبناء المواطنة الفعلية المتجاوزة لكل تمييز جندري، أو جهوي، أو عرقي، أو ديني. عليها أن تجعل من أولى أولوياتها أيضًا خدمة العدالة الاجتماعية والتحرر من التبعية الخارجية، والعمل على بناء الفضاء السياسي العربي المشترك.

هكذا عرّف العهد ديمقراطيتنا المنشودة بأنها مواطنية، اجتماعية، سيادية، اتحادية، أي أنها مثل مربع لا يكون كاملًا متكاملًا إلا بأضلعه الأربعة التي تسند بعضها البعض.

نعم، يجب التمسك أكثر من أي وقت مضى بأهداف الديمقراطية، لكن ماذا عن أي إصلاحات للآليات المعطوبة والمستولى عليها والبشر هم البشر في أي مجتمع؟

من القائمة الطويلة للتحديات الفكرية والعملية

ماذا عن حرية الرأي والتعبير؟ هل يجب تقنينها، وآنذاك أين نضع الحدود بين المسموح به والمرفوض، ووفق أي سلم للقيم؟ كيف نحارب التضليل وطوفان الأكاذيب والإشاعات في ظل العولمة والذكاء الاصطناعي؟

ماذا عن حق التنظُّم وحرية تكوين الأحزاب؟ هل نضع قائمة بالأحزاب والتنظيمات والأشخاص المعادين للديمقراطية لنتغدى بهم قبل أن يتعشوا بنا؟ آنذاك، ألن نبني ديمقراطية استبدادية بحجة الدفاع عن الديمقراطية؟

ماذا عن الانتخابات لاختيار المسؤولين؟ كيف نتخلى عنها وهي البديل الرمزي للحرب، حيث يعوض الصراع بالكلمات الصراع باللكمات؟ لكن كيف نترك حق تقرير مصير شعب بأكمله لخمسين في المئة زائد صوت من مصوتين لا يتجاوز عددهم نصف المسجلين في القوائم الانتخابية، وأغلبهم يتحركون تحت طوفان التضليل الإعلامي؟

أي طرق لسحب البساط من المال الفاسد والإعلام الفاسد الذي لا يستطيع تمكين شعبوي تافه من جائزة نوبل أو رئاسة جامعة لمجرد قدرته على الصراخ وإثارة غرائز العدوانية والانتقام؟ هل يمكن قصر الانتخابات المباشرة على مستوى البلديات والبرلمانات ويُعهد لاختيار قضاة المحكمة الدستورية ورئيس الدولة بلجان كالتي تختار الفائزين بجائزة نوبل أو رئاسة الجامعات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى؟

كم من مشاكل أخرى تكمن داخل تفاصيلها كل الشياطين، ومع هذا لا بدّ من مواجهتها.

إنها المشاكل الفكرية والسياسية التي سيعمل عليها طيلة هذه السنة المجلس العربي عبر حوارات افتراضية ستستغرق كل السنة، والأمل أن يبت فيها مؤتمر سراييفو الثالث في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 لنقترح على التيار الديمقراطي العربي خارطة طريق مكتملة ليس فيها الأهداف فقط وإنما الوسائل، إذ لا أضيع للجهد والوقت من عدم فهم أن كل ما نعيش على كل المستويات تجارب مهمتنا التعلم من أخطائها لا تكرارها، حتى لا يكون مسارنا حلقة مفرغة، بل سهمًا لا وجهة له إلا الأمام والأعلى.

ولا بد لليل أن ينجلي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکثر من بقدر ما ماذا عن

إقرأ أيضاً:

لماذا يهتم ترامب بهندوراس ويتدخل في انتخاباتها؟

واشنطن- اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوة مفاجئة غير متوقعة بالتدخل الصريح في الانتخابات الرئاسية في جمهورية هندوراس، التي جرت يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأعلن دعمه المرشح اليميني نصري عصفورة الذي يواجه منافسا ليبراليا هو سلفادور نصر الله، ومنافسة يسارية هي ريكسي مونكادا في انتخابات متقاربة للغاية لم تعلن نتائجها النهائية بعد.

وضاعف ترامب اهتمامه وتدخله في شؤون هندوراس بإصداره عفوا رئاسيا على رئيسها السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، الذي يقضي عقوبة 45 عاما في سجن بولاية فيرجينيا الغربية بعد إدانته عام 2022 بتسهيل تهريب 400 طن من الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

ومع عد وفرز 88% من الأصوات، حصل عصفورة مرشح الحزب الوطني على 40.19%، متقدما بأقل من 20 ألف صوت على منافسه الوسطي سلفادور نصر الله من الحزب الليبرالي، الذي حصل على 39.49%، في حين ظلت ريكسي مونكادا من حزب الحرية اليساري الحاكم متأخرة في المركز الثالث بنسبة 19.30%.

View this post on Instagram

A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)

مصالح وأهداف

وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقبل أربعة أيام من الانتخابات، أيد ترامب نصري عصفورة، قائلا إنهم يمكن أن يعملوا معا لمكافحة "شيوعيي المخدرات".

وبعد يومين من الشهر ذاته، أضاف ترامب أن انتخاب أي شخص غير عصفورة سيقوده إلى قطع المساعدات الأميركية على هندوراس. وفي اليوم التالي، أصدر عفوا عن هيرنانديز، من نفس حزب المرشح عصفورة، وأفرج عنه فعلا يوم 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

يقول المسؤول الاستخباري الأميركي السابق فولتون أرمسترونغ، الذي عمل على مدار ثلاثة عقود في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في عدة دول بأميركا الوسطى والجنوبية، "ترامب ليس مهتما بهندوراس بحد ذاتها، بل يراها دولة أخرى يمكنه التدخل فيها لتعزيز السياسيين اليمينيين وجعلهم مدينين له، كجزء من إحيائه وتعميقه مبدأ مونرو".

إعلان

ويضيف للجزيرة نت "بعض حلفاء ترامب من السياسيين الأميركيين لديهم مصالح خاصة في دعم مرشحين يدافعون عن المناطق الاقتصادية الخاصة في هندوراس، والمعروفة باسم "زيدي" (ZEDE)، والتي تدعي المحاكم المحلية والمشرعين الوطنيين أنها أسست بطرق غير دستورية".

إعلاميون يتابعون عملية إعادة فرز الأصوات الرسمية للانتخابات الرئاسية في هندوراس (الفرنسية)

من جهته، يقول البروفيسور ريموند كريب، أستاذ التاريخ في جامعة كورنيل، والخبير بشؤون دول أميركا الوسطى، إن اهتمام الرئيس ترامب بالسياسة والانتخابات الهندوراسية يأتي من عدة زوايا مختلفة، أولها أن "الرئيسة الحالية زيومارا كاسترو ليست من نوعية المسؤولين الذين يرغب ترامب وإدارته في رؤيتهم في السلطة في وقت يواصل البيت الأبيض تهديد فنزويلا ويسعى إلى عزل أكبر لكوبا".

ويضيف في حديثه للجزيرة نت، "وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وآخرون مقربون من ترامب -سواء في الكونغرس أم في السلطة التنفيذية- يراقبون كوبا في كل هذا. هناك عداء دائم موجه لكوبا، ولأي حكومة متعاطفة بشكل بسيط معها في منطقة البحر الكاريبي".

ويعتقد البروفيسور كريب، أن مصدر الاهتمام الآخر بهندوراس مرتبط بمصالح تجارية لعدد من حلفائه الذين يرغبون بتقليص التدخل الحكومي ونقل الموارد والخدمات والعمليات العامة إلى شركات خاصة، حسب قوله.

وتابع "أعتقد أن المستثمرين في منطقة رواتان بروسبيرا (منطقة اقتصادية خاصة) يريدون بشدة خروج الرئيسة الحالية كاسترو، وهزيمة المرشح عصفورة، لأنهم كانوا في وضع صعب منذ أن أدانت كاسترو الـ "زيدي" (ZEDE) وقرار المحكمة العليا في 2024 بحظرهم بأثر رجعي".

هيرنانديز قبيل تسليمه للولايات المتحدة للمحاكمة في أبريل/نيسان 2022 (غيتي-أرشيف)العفو وارتداداته

وقبل أيام من الانتخابات الرئاسية في هندوراس، جاء عفو ترامب عن هيرنانديز، الذي يتهمه كثير من شعبه بتحويلها إلى دولة تتاجر المخدرات، حيث تشير تقارير إلى أن هذا العفو أقنعهم بعدم التصويت لحزبه وصوتوا لنصر الله. وعلى عكس ادعاءات ترامب، لم يرغب معظم الهندوراسيين في إطلاق سراح هيرنانديز.

وقال الرئيس ترامب لصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، الأحد الماضي، إن العديد من سكان هندوراس طلبوا منه العفو عن هيرنانديز، وقالوا إن "سجنه كان بتوجيه من الرئيس السابق جو بايدن. إنه رئيس وليس تاجر مخدرات. وقد نظرت إلى الحقائق، ووافقت على وجهة نظرهم".

وتشير تقارير إلى توسل هيرنانديز للعفو عنه في رسالة متملقة إلى ترامب مؤرخة في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجاء فيها "لقد وجدت القوة منك، سيدي، من صمودك للعودة إلى ذلك المنصب العظيم رغم الاضطهاد والملاحقة التي واجهتها، كل ذلك لأنك كنت ترغب في جعل بلدك عظيما مرة أخرى، أنا مثلك، تعرضت لهجوم متهور من قوى يسارية متطرفة".

رجال شرطة قرب السفارة الأميركية بهندوراس يتصدون لمحتجين يرفضون عفو ترامب عن خوان هيرنانديز (الفرنسية)

يقول أرمسترونغ إن "عفو ترامب يأتي لإظهار دعمه للعناصر اليمينية التي ستخضع لأجندته". في وقت يرى البروفيسور كريب أن عفو ترامب عن هيرنانديز جاء لأن "بعض المقربين منه -ربما روجر ستون وغيرهم- أقنعوه بذلك.

إعلان

وفي الوقت ذاته، تقول إدارة ترامب، إن المخدرات غير القانونية تشكل تهديدا خطرا بما يكفي لتبرير ضربات عسكرية أميركية على زوارق يشتبه بتورطها بتهريب المخدرات في البحر الكاريبي، كما تحاول الإدارة الأميركية طرد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من سدة الحكم لنفس السبب.

ودفع ذلك السيناتور الجمهوري من ولاية لويزيانا، ببيل كاسيدي، إلى التعليق على العفو عن هيرنانديز "لماذا نعفو عن هذا الرجل ثم نلاحق رئيس فنزويلا مادورو بسبب تهريب المخدرات إلى أميركا؟".

هندوراس.. كيف يمكن لدولة أصغر من الولايات المتحدة بـ87 مرة أن تدعم خطة ترمب في أمريكا اللاتينية؟#الجزيرة_أخبار pic.twitter.com/wdkfayjNcM

— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 2, 2025

بدائل ترامب

وتعد هندوراس (11 مليون نسمة)، من أفقر دول أميركا الوسطى، وينتشر فيها الفساد والجريمة.

ومع تقارب نتائج الانتخابات، يدفع عدد من الخبراء الأميركيين بضرورة التعامل مع سيناريو هزيمة مرشح ترامب، ودراسة خيارات ترامب المتاحة في هذه الحالة.

وعن البدائل السياسة المتاحة لترامب حال خسارة مرشحه المفضل نصري عصفورة، يقول البروفيسور كريب "يجب أن تكون خيارات ترامب: الابتعاد عن الانتخابات وقضايا وسيادة هندوراس. أتخيل أنه إذا ادعى نصر الله الفوز بالانتخابات، فإن عصفورة وترامب وروبيو وجيه دي فانس سيعترضون وربما يطلقون التهديدات".

المرشح الرئاسي الهندوراسي سلفادور نصر الله من الحزب الليبرالي يتوسط مؤيديه مع استمرار فرز نتائح الانتخابات (رويترز)

في تلك اللحظة -يواصل كريب- "من الصعب تحديد ما سيفعلونه. إنه أمر غير متوقع للغاية بالنظر للهجمات على القوارب في الكاريبي، والعداء الواضح لفنزويلا، والسلوك الغريب لوزير الحرب بيت هيغسيث. يمكن للمرء أن يتخيل مجموعة كاملة من السيناريوهات غير السارة".

أما أرمسترونغ فيرى أنه إذا لم يفز المرشح عصفورة، فإن ترامب سيتقبل -ولو على مضض- فوز سلفادور نصر الله بالرئاسة، وخاصة أنه أرسل إشارات باستعداده للتعاون".

مقالات مشابهة

  • تعرّف على الطيار النيوزيلندي الذي أسس أول معمل لتقطير مشروب الجن في ماكاو
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • المحكمة الاتحادية تتسلم نتائج الانتخابات النهائية لغرض المصادقة عليها
  • طرابلسي عن وزيرة التربية: أين الاستراتيجية والخطة التي قالت إنها تعمل عليها منذ أشهر؟
  • براك: ترامب منح الشرع الفرصة لإرساء بنيته الديمقراطية الخاصة
  • الحفرة التي سقطت فيها الفتاة: أهمية منع الإهمال لمنع الكارثة قبل أن تقع
  • لماذا يهتم ترامب بهندوراس ويتدخل في انتخاباتها؟
  • طبيب يكشف الحالات التي يمكن فيها خفض ضغط الدم دون الحاجة إلى أدوية
  • تيمور جنبلاط: معنيون بالقيم والأسس التي أراد كمال جنبلاط للبنان أن يقوم عليها
  • مفوضية الانتخابات:رد أكثر 800 طعن بنتائج الانتخابات