«رموش صناعية لامعة».. لأول مرة اكتشاف مخلوق بحري أثار دهشة العلماء
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
ما زالت أعماق البحار تحمل في طياتها غرائب كثيرة، ومن بينها مخلوقات أثارت دهشة العلماء، إذ كان الاكتشاف الأخير عبارة عن مخلوق بحري جرى رصده للمرة الأولى في عالم البحار، عن طريق استخدام روبوت عمل على تنشيط القاع في المحيط الهادئ، فما هو المخلوق المكتشف حديثا؟
مخلوق غريب الشكلخلال الأيام الماضية، استخدم باحثون من معهد شميدت للمحيطات، روبوت تحت الماء لتمشيط قاع البحر، وكانت المفاجأة حينما تم اكتشاف مخلوق بحري لاول مرة مثيرة للدهشة، أطلق عليه «الرموش الصناعية اللامعة»، وجرى اكتشافه عند تقاطع 3 صفائح تكتونية في المحيط الهادئ.
المخلوق الغريب عبارة عن ديدان متعددة الأشعار، وهو فئة من الديدان البحرية أو الديدان الشعيرية: «لوصف هذه الدودة متعددة الأشعار، يجب علينا ببساطة استخدام أيدي الجاز، إنها الطريقة الوحيدة لالتقاط بريق هذه الدودة التي تعيش في أعماق البحار»، وفق قائد الفريق البحثي، ونشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
التقط الباحثون عدة صور وفيديوهات للمخلوق الغريب، وتداولها رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وانهالت عليه التعليقات المثيرة للغرابة، إذ وصفه أحد المشاهدين بأنه «منظف مرحاض محظور»، ووصفه آخر بأنه «شجرة عيد الميلاد في أعماق البحار»، «يبدو الأمر وكأننا جمعنا رمشين معًا».
جرى رصد الدودة متعددة الأشعار، خلال قيام طياري المركبات التي يتم التحكم فيها عن بعد «روبوت»، «كل جزء من جسم المخلوق لديه زوج من النتوءات اللحمية تسمى البارابوديا المغطاة بشعيرات تسمى الشعيرات وبعض الديدان لها خاصية التلألؤ الحيوي، ولكن هذه اللعبة النارية الجريئة تحتوي على هياكل بروتينية في الشعيرات التي تجعلها قزحية اللون» وفق المعهد عبر حسابه على «انستجرام».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مخلوق بحري مخلوق غريب روبوت في قاع البحر روبوت رموش صناعية رموش
إقرأ أيضاً:
الحلزون البركاني كائن بحري حديدي لا يمكن تدميره
في أعماق المحيط الهندي، وفي واحدة من أكثر البيئات قسوة على وجه الأرض حيث تُسخّن مياه البحر بفعل الصهارة البركانية التي تنفثها الفتحات الحرارية المائية في القاع، طوَّر نوع من الحلزونات إستراتيجية فريدة لحماية نفسه من الخطر.
إنه الحلزون البركاني، وربما يكون من أغرب وأقوى المخلوقات في العالم، بل قد يبدو وكأنه جزء من رواية خيالية، ولكنه كائن حقيقي تكيف للعيش في قاع المحيط القاسي.
اكتشف هذا الحلزون لأول مرة عام 2001، ثم أُطلق عليه اسم "بطنيات الأقدام المتقشرة القدم" وحصل على اسمه العلمي الرسمي "كريسومالون سكواميفيروم" عام 2015، ويُشار إليه أحيانًا أيضًا باسم الحلزون ذي القدم الحرشفية أو حلزون القدم المتقشرة أو الحلزون الحديدي.
وفي حديثها للجزيرة نت، تقول الدكتورة شانا غوفريدي أستاذة علم الأحياء بكلية أوكسيدنتال "تأتي جميع هذه الأسماء من حقيقة أن الحلزون البركاني يتمتع بميزة فريدة بين بطنيات القدم، وهي أنه مزود بما يشبه درع حديد وقشور صلبة تغطي قدمه".
وتُعد هذه الحلزونات -التي يبلغ متوسط طول أصدافها حوالي 5 سنتيمترات- نادرة للغاية، وهي نوع من رخويات بطنيات الأقدام المتوطنة حصريًا في الفوهات الحرارية المائية في قاع المحيط الهندي، وهي فتحات تشبه المداخن السوداء، وتنفث المياه الحارة المحملة بالمعادن إلى الأعلى.
وتقع الفوهات الحرارية المائية على عمق يتراوح بين 2400 و2900 متر تحت مستوى سطح البحر، حيث تتدفق الصهارة من باطن الأرض حاملةً معها السموم، فلا تترك مجالًا للأكسجين تقريبًا. ويمكن أن تصل درجات حرارة المياه الساخنة الغنية بالمعادن المنبعثة منها إلى 400 درجة مئوية.
وفي الوقت الحالي، تنتشر هذه الحلزونات بشكل بارز في 3 حقول تنفيس حراري مائية معروفة على طول حواف أعماق المحيط الهندي، منها حقل "كيري" يليه "سوليتير" على طول سلسلة جبال وسط الهند.
إعلانوعام 2011، عثرت بعثة استكشافية أيضًا على مجموعة غير معروفة سابقًا من حلزونات البركان التي تعيش حول حقل الفوهات الحرارية المائية "لونغتشي" على طول سلسلة جبال جنوب غرب الهند.
لذلك، يحتاج هذا المخلوق إلى وسيلة للبقاء على قيد الحياة بهذه المياه القاسية، وهنا يأتي دور صدفته الفريدة من نوعها والمغطاة بطبقة من الحديد، وقشوره الداكنة التي تعتبر مثالًا على التكيف المذهل للكائنات الحية مع البيئات القاسية.
تتكون صدفة الحلزون البركاني من 3 طبقات متفاوتة المتانة. والطبقة العلوية الخارجية، وهي عبارة عن هيكل صلب مطلي بالحديد يشبه الدرع، مما يجعلها صلبة وقادرة على تحمل الحرارة العالية والضغط.
والطبقة الوسطى وهي إسفنجية أكثر ليونة من السمحاق العضوي (طبقة رقيقة من النسيج الضام تغطي سطح العظم الخارجي) الذي يشكل عادةً الغلاف الخارجي للرخويات الأخرى ذات الصدف، وتوفر بعض المرونة وتساعد في امتصاص الصدمات.
وأخيرًا، الطبقة الداخلية، وهي عبارة عن مادة متكلسة (أنسجة تصلبت نتيجة تراكم أملاح الكالسيوم) مصنوعة من الأراجونيت، وهو شكل بلوري من كربونات الكالسيوم.
ووفقًا لغوفريدي فإنه تتوفر "حماية استثنائية للحلزون من الظروف القاسية المحيطة به، بما في ذلك الحرارة العالية والمواد الكيميائية السامة، وتساعد طبقاتها المختلفة على مقاومة الضغوط المختلفة والحرارة".
ولا يُعرف عن أي حيوان آخر أنه يدمج الحديد في هيكله العظمي، أو في هذه الحالة، هيكله الخارجي، مما يجعله الحيوان متعدد الخلايا الوحيد المعروف الذي يقوي هيكله بالحديد، سواءً في صدفته أو مئات القشور الخارجية، مما يجعله يبدو غير قابل للتدمير تقريبًا، لكن كيفية بناء هذه القشور لا تزال غامضة بعض الشيء بالنسبة للعلماء.
يحاول العلماء معرفة كيفية حصول هذه الحلزونات على دروعها الحديدية واستخداماتها. وفي البداية، اشتبه الباحثون في أن الحديد قد يأتي من بكتيريا تزدهر في المياه الحرارية المائية، وتحديدًا بكتيريا تستطيع تحمل نقص الأكسجين لأنها تتنفس الكبريتات.
ولكن دراسة أجريت عام 2006 وجدت أن البصمة الكيميائية لحديد الحلزون تتوافق بشكل أفضل مع السوائل الحرارية المائية الغنية بالحديد من أي شيء تُشكّله البكتيريا. لذا، يبدو أن الحلزونات تبني درعها الخاص باستخدام الحديد من الماء المحيط بها.
ويمكن للحديد -الموجود في الماء بالقرب من هذه الفتحات- أن يتفاعل بشكل طبيعي مع أنواع معينة من الكبريت لتكوين جسيمات نانوية من كبريتيد الحديد.
وفي هذه الحالة، تتكون هذه المركبات بشكل رئيسي من البيريت، وهو معدن يشتهر بلونه الذهبي المائل للصفرة، مما يجعله يُعرف أحيانًا باسم "الذهب الكاذب" أو "ذهب الأغبياء"، والغريغيت وهو معدن يشبه المغنتيت، مما يجعل قشورها وأصدافها مغناطيسية بعض الشيء.
أما عن سبب امتلاكها لهذا الدرع، فالجواب البديهي هو الحماية من الحيوانات المفترسة في نظامها البيئي، فقد وجدت دراسة أجريت عام 2010 أن هذا الدرع الحديدي يتميز ببنية متعددة الطبقات تجعله أكثر مقاومة للكسر أو الانحناء، وقد يكون هذا أيضًا نموذجًا للبشر لبناء مواد فائقة القوة.
وتعد قشور الحلزون الموجودة على القدم أيضًا جزءا من دفاعاته، ويُقال إنها أقوى وأكثر صلابة من طبقة المينا على أسنانك.
إعلانوهذه القشور المطورة خصيصًا والمسماة "السكليرايتس" لها غرض أكثر نفعًا، ليس حماية الأجزاء اللحمية الرخوة من الحيوانات المفترسة بل إنقاذه من السموم التي تُنتجها بكتيريا نافعة تعيش في حلقه.
ومن السمات المميزة الأخرى التي تُمكّن الحلزون البركاني من التكيف مع بيئته القاسية امتلاكه قلبا كبيرا، يُشكل حوالي 4% من حجم جسمه بالكامل، وهذا يجعله أكبر قلب بالنسبة لحجم الجسم في المملكة الحيوانية بأكملها.
وتقول غوفريدي "في بيئة تخلو تقريبًا من الأكسجين، يوفر هذا القلب الأكسجين للبكتيريا التكافلية التي تعيش في حلق الحلزون، وتعمل كمصنع غذائي متكامل، مما يساعده على البقاء على قيد الحياة في المياه التي تنخفض أو تنعدم فيها مستويات الأكسجين".
لا تبحث الحلزونات البركانية عن الطعام في حد ذاته، فجهازها الهضمي غير موجود عمليًا، بل تعتمد في غذائها على بكتيريا تعيش وتنتج في حلقها الغذاء داخل غدة أكبر بألف مرة من تلك الموجودة بالحلزونات الأخرى.
وتقول غوفريدي "لا يوجد طعام تقريبًا على عمق 3 كيلومترات تحت سطح البحر، ولهذا السبب تكيف الحلزون ليعيش بشكل أساسي على البكتيريا في الأعماق، أي أنه لا يأكل الطعام بل يعتمد على البكتريا للحصول على غذائه".
وتُحوّل هذه البكتيريا المواد الكيميائية التي تتسرب من الفتحات البركانية إلى طاقة (ربما على شكل سكر) وتُغذي الحلزون بكل ما يحتاجه من خلال عملية تُعرف باسم "التمثيل الكيميائي".
وإلى جانب الغذاء، تساعد هذه البكتيريا الحلزون على البقاء على قيد الحياة في ظروف الحرارة الشديدة. وفي مقابل خدماتها، تحصل البكتيريا على "منزل" صغير للعيش فيه.
ومع ذلك، تُنتج البكتيريا النافعة الموجودة داخل الحلزونات -وعلى سطحها الخارجي- كميات كبيرة من كبريتيدات الحديد كنتيجة ثانوية لهذه العلاقة التكافلية، وهي سامة جدًا للحلزون.
ولذلك، طوّر الحلزون قشوره التي تتميز ببنية تسحب الكبريتيدات السامة المتدفقة من الفتحات بعيدًا عن جسمه، وتتركها على شكل مركَّب حديدي على سطحه الخارجي. لذا، فإن الحلزون ليس مرتديًا درعًا قويًا فحسب، بل إن درعه مصنوع من سموم.
في مواجهة خطر الانقراضفي حين أن مساحة الموطن المحتمل لهذه الحلزونات تبلغ حوالي 0.1 ميل مربع (0.3 كيلومتر مربع) فإنها تشغل مساحة لا تتجاوز 0.008 ميل مربع (0.02 كيلومتر مربع) لكن حتى هذه البقعة الصغيرة من أعماق المحيط أصبحت غير آمنة على الحلزونات بسبب النشاط البشري.
وتقول غوفريدي التي دأبت على استكشاف أعماق المحيطات لمدة 25 عامًا "لأن مناطق عيش الحلزون تمثل بؤرًا غنية بالموارد المعدنية الثمينة في أعماق البحار، وتُستغل تحديدًا للحصول على معادن الكبريتيد متعددة المعادن التي تتراكم حولها، فمن المرجح أن بعض بيئتها قد تعرضت للتهديد بالفعل".
وعام 2019، أضاف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة حلزون البركان ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض إلى قائمته الحمراء للكائنات الحية المهددة بالانقراض، بسبب التهديدات التي يتعرض لها اثنان من موائلها الثلاثة من جراء التعدين في أعماق البحار.
ورغم أهمية إضافة هذا الحلزون إلى القائمة الحمراء، فإنه قد يواجه خطر الانقراض نظرًا لانخفاض أعداده بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولا توجد حاليًا أي إجراءات حماية من التهديدات التي يتعرض لها في أي من حقول التنفيس الحراري المائي النشطة في المحيط الهندي.
ووسط إقبال كبير من الشركات على التقدم بطلبات للحصول على تراخيص التعدين الاستكشافي في مواطن الحلزون البركاني، هناك مخاوف متزايدة من أن السماح بالتعدين قد يؤدي إلى تقليص مساحة هذا الموطن بشكل كبير أو تدميره.
إعلان