وجّه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رسالة بمناسبة عيد الاستقلالجاء فيها:

نحتفل اليوم بعيد الاستقلال، لكن هذا الاحتفال يمرّ علينا في وطن معذّب، مجروح ومتألم، عانى وما زال يعاني من آثار الحروب، التي دمرت بنيته، وأثقلت كاهل أبنائه. نزيف المعارك لا يزال يترك أثره في قلوبنا وفي شوارعنا، وايضا تهجير العائلات والشهداء الذين سقطوا.

في هذه اللحظة، نحتاج أن نجدد العزم والإرادة لنعيد بناء هذا الوطن من ركام الألم، وأن نضع نصب أعيننا رسالة السلام والمصالحة التي ستقودنا إلى مستقبلٍ مشرق.

هذه الجراحات  تستصرخ ضمائرنا، وتدعونا جميعًا – مواطنين وقادة – للوقوف صفًا واحدًا لإيقاف هذا النزيف، ولتضميد جراح الوطن عبر المصالحة وبناء أسس الوحدة الحقيقية. فلا يمكن أن يُستعاد الاستقلال بمعناه العميق، إذا استمر شبح الحرب والانقسام يخيم على سمائنا.

في تاريخنا القريب، شهدت ساحة الشهداء لقاءً تاريخيًا، حيث توافد قادة هذا الوطن كافة، بلا استثناء، للترحيب بالكاردينال أغاجانيان، الذي كان يدعو بكل محبة إلى المصالحة وتوحيد اللبنانيين. لقد جسّد الكاردينال بمواقفه ورسائله روح الحوار والوحدة، وعمل على تقريب القلوب وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إن استعادة هذا النهج والعمل بروحه، هو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى لنعيد اللحمة الوطنية ونمضي في مسيرة المصالحة الحقيقية.

إن غياب رئيس للجمهورية هو جرح مفتوح في قلب الوطن، وعقبة كبيرة أمام مسيرتنا نحو الاستقرار والازدهار. إن انتخاب الرئيس ليس مجرد استحقاق دستوري، بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل من يدرك أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة وتثبيت الاستقرار. الحياة الدستورية هي العمود الفقري للدولة، ومن دونها يتعثر كل جهد لإصلاح البلاد وإنعاشه. لذا، بصفتنا الروحية ندعو جميع القوى السياسية إلى وضع خلافاتها جانبًا، والعمل معًا، بإخلاص وتجرد، لاختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة ويسعى لتحقيق الخير لجميع اللبنانيين. إن لبنان يحتاج إلى قيادة وطنية جامعة، تعمل من أجل السلام الداخلي والتفاهم، وتعيد إحياء مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في خدمة الشعب.

لا يمكن للبنان أن ينهض إلا بروح وطنية تجمعنا وتلهمنا لبذل الجهد في سبيل المصلحة العامة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية. نحن بحاجة إلى أن نحب الوطن لأجل الوطن، لا لأجل مكاسب آنية أو منافع خاصة. وحين نضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، سنتمكن من بناء مستقبل يليق بتضحيات الأجيال السابقة وآمال الأجيال القادمة.

لبنان يحتاج اليو
م أكثر من أي وقت مضى إلى قادة يعملون يدا واحدة، وقلبا واحدا، وإرادة واحدة لتحقيق الخير لجميع أبنائه. في هذه اللحظات العظيمة، أذكركم برموز ثقافتنا وهويتنا، بفيروز التي توحّدنا بصوتها في كل المناسبات، وبمدينة بعلبك التي تقف شاهدةً على عراقة هذا الوطن وجماله. دعونا نعمل معًا، نحن اللبنانيين، متكاتفين، لنبني المستقبل الذي نحلم به، ولنجعل من الاستقلال واقعًا يوميًا نعيشه، لا مجرد ذكرى نحتفل بها.

نرفع اليوم صلواتنا إلى الله لكي يوحّد القلوب والعقول، ويعيد للبنان مجده واستقلاله الكامل، ليكون وطنًا يسوده السلام، يعمه العدل، وتظلله المحبة.

كل عام وأنتم ولبنان بألف خير، وليبارك الرب وطننا العزيز.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

تقرير: الاحتلال قتل مئات اللبنانيين منذ اتفاق وقف إطلاق النار

قال تقرير لوزارة الصحة اللبنانية، الجمعة، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي قتلت 335 لبنانيا وأصابت 973 آخرين، في 1038 اعتداء منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

وأضافت الوزارة في بيان أن "حصيلة 1308 اعتداء إسرائيلي على لبنان، منذ التوقيع على اتفاقية وقف الأعمال العدائية في الفترة الممتدة بين 28/11/2024 و27/11/2025 بلغت 335 شهيدا و973 جريحا".

وبوتيرة يومية تنتهك دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الساري مع "حزب الله" منذ 27 نوفمبر 2024، والذي كان يفترض أن ينهي عدوانها.



وخرقت قوات الاحتلال الاتفاق ما لا يقل عن 10 آلاف مرة، بحسب قوة الأمم المتحدة بجنوب لبنان "اليونيفيل" قبل أيام.

كما تتحدى "إسرائيل" الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

الخميس، وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس ضربات ودمّر بنى تحتية زعم أنها تابعة لحزب الله في جنوب لبنان.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن "الطيران الحربي الإسرائيلي شن عدوانا جويا مستهدفا منطقتي المحمودية والجرمق" شمال نهر الليطاني في الجنوب اللبناني.

وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام الخميس إن لبنان "في حرب استنزاف من طرف واحد وهي تتصاعد".



وفي بيان لاحق بمناسبة مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ "1200 عملية مركّزة" بغرض "تدمير بنى تحتية إرهابية وإحباط محاولات جمع معلومات استخباراتية ... وضرب القدرات العسكرية" لحزب الله، على حد زعمه.

وبحسب البيان، زعم الجيش أنه منذ ذلك الحين على "370" عنصرا من حزب الله وحماس والفصائل الفلسطينية المختلفة.

مقالات مشابهة

  • بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى السير في طريق المصالحة الشاق
  • البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في اللقاء الرسمي للبابا لاون بلبنان
  • رئيس لبنان: أبلغوا العالم بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم
  • قداسة البابا لاون من بعبدا: صمود اللبنانيين شهادة حيّة لصنّاع السلام
  • بابا الفاتيكان من بيروت: يجب صناعة السلام رغم الصراعات
  • عشية زيارة البابا إلى لبنان.. دعوة من البطريرك الراعي إلى السياسيين
  • الدكتور علي جمعة: أسباب تغير الفتوى يكون بناءً على المصلحة
  • التيار: ندعو المناصرين الى أوسع مشاركة في استقبال البابا
  • رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي: ندعو للحوار بين شعوب منطقة الأورو -متوسطي وإعادة إحياء عملية برشلونة
  • تقرير: الاحتلال قتل مئات اللبنانيين منذ اتفاق وقف إطلاق النار