خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرائيلية أخرى
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
باريس – تتوالى ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أمس الخميس مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وقد أبدت عدة دول استعدادها لتنفيذ قرار الجنائية الدولية بعد تصريحات للمحكمة أشارت فيها إلى وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن المسؤوليْن الإسرائيليين "حرما السكان المدنيين في غزة عمدا وعن علم من أشياء لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة".
وبينما أشاد خبراء في القانون الدولي بهذا القرار التاريخي والسابقة القضائية، أفاد آخرون بوجود مذكرات اعتقال سرية لدى المحكمة بحق شخصيات إسرائيلية سيتم الكشف عنها في الفترة المقبلة.
سابقة قضائيةوقد تقدم المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان بطلب إصدار أوامر الاعتقال قبل 6 أشهر، ودعا المحكمة إلى اتخاذ القرار في أغسطس/آب الماضي، معتبرا أن "أي تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات سيؤثر سلبا على حقوق الضحايا".
وبوصفه عضوا في الفريق القانوني لممثلي الضحايا أمام الجنائية الدولية، وصف المحامي عبد المجيد مراري قرار أمس بـ"الموقف الجريء" و"السابقة القضائية" في تاريخ العدالة الدولية، لأنه لأول مرة تَثبت صفة مجرم حرب على مسؤول إسرائيلي، مضيفا أن المحكمة دافعت عن نفسها أولا وانتصرت للشعب الفلسطيني، وانسجمت مع قرار الخامس من فبراير/شباط 2021 والذي اعتمد عليه أساسا قضاة الغرفة التمهيدية الأولى بالمحكمة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد مراري أن الجنائية الدولية رفضت طعنين لإسرائيل، يرتبط الأول بالمادة 19 من نظام روما حيث تهجمت إسرائيل على اختصاص المحكمة، مبررة ذلك بعدم ولايتها على الأراضي الفلسطينية، في حين يتعلق الطعن الثاني بالمادة 18 المتمثلة في اتفاقية أوسلو والادعاء بأن فلسطين لا تمتلك عضوية كاملة.
بدوره، أشاد المتخصص في القانون الجنائي الدولي توبي كيدمان بهذه الخطوة المهمة، قائلا إن "القرار يدل على إثبات الاتهام بارتكاب جرائم حرب، لأن مصطلح مجرم حرب يحمل دلالة سلبية تأتي بعد الإدانة، واليوم نحن بحاجة إلى ممارسة الحذر وضبط النفس".
وشدد كيدمان، في حديثه للجزيرة نت، على أن التهديدات بالعقوبات والادعاءات بمعاداة السامية لن تعرقل هذه السابقة القانونية، "لأنه من المهم مواجهة المتهمين بهذه الجرائم أمام محكمة قانونية مستقلة ومحايدة، هذه البداية فقط ويجب دعم القرار لإظهار أن سيادة القانون حاضرة في المجتمعات الديمقراطية".
يذكر أن قرار المحكمة ملزم ونهائي ولا يتم الطعن فيه إلا لمن طلبه، أي المدعي العام كريم خان، ولا يمكن الطعن فيه عن بعد عبر هيئة الدفاع كباقي القرارات، وإنما بمثول كل من نتنياهو وغالانت أمام هيئة الحكم.
مذكرات سريةوعن ردود الفعل، انقسمت أوروبا والولايات المتحدة في آرائهما بشأن مذكرات الاعتقال، إذ عبرت معظم الدول الأوروبية عن استعدادها لاحترام قرارات المحكمة الدولية بما في ذلك المملكة المتحدة التي تعد حليفة إستراتيجية لإسرائيل لكنها أكدت احترامها استقلال المحكمة، وإيطاليا التي أعلن وزير دفاعها غويدو كروسيتو رسميا استعدادها لاعتقال نتنياهو في حال وصوله لأراضيها.
أما إسرائيليا، فقد قال نتنياهو في بيان له أمس الخميس إن القرار "معادٍ للسامية"، واصفا ذلك بـ"المحاكمة الحديثة لدريفوس"، في إشارة إلى القضية المشهورة التي اتهم فيها ألفريد دريفوس، وهو أحد ضباط الجيش الفرنسي من أصل يهودي بالخيانة العظمى في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة.
وتعليقا على ذلك، يرى البروفيسور وليام شاباس أستاذ القانون الدولي بجامعة ميدلسكس في لندن أن "ردود الفعل الإسرائيلية متوقعة تماما ولكنّ ادعاءها سخيف، لأن قرار المحكمة لا يعد خطوة معادية للسامية على الإطلاق، وإنما هي محكمة دولية تنفذ أحكامها وقوانينها".
ويعتقد شاباس، في حديث للجزيرة نت، أن هذا القرار سيدفع الدول التي تدعم إسرائيل وتبيع لها الأسلحة إلى التفكير مرتين قبل القيام بذلك وأن "ولاءها لا يمكن أن يستمر في ظل هذه التطورات، فعندما يصبح زعيم دولة متهما بارتكاب جريمة حرب، لا يمكن لعلاقات الدول معه أن تستمر بالطريقة ذاتها".
وبالإضافة إلى مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت، كشف الخبيران القانونيان شاباس ومراري عن وجود مذكرة اعتقال أخرى لم تفصح عنها المحكمة الجنائية.
وفي هذا الإطار، أوضح المحامي مراري "نحن شبه متأكدين من أن هناك مذكرة سرية، وقد بدأ الحديث عنها عندما أشار إليها المدعي العام في تصريحاته المتكررة لوسائل الإعلام"، مضيفا أن هذه المذكرة تضم أسماء شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية وازنة، على رأسها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وهو ما يتوافق مع تصريحات البروفيسور شاباس، الذي قال إن "المحكمة تجهز لإصدار أوامر اعتقال سرية أو مختومة، لذا فمن الوارد جدا أن تصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين".
التهديد الأميركيوقد وصف الرئيس الأميركي جو بايدن مذكرة الاعتقال بأنها "مخزية"، قائلا "مهما كانت الدلالات التي قد تلمح إليها المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل وحماس، سنقف دائما مع إسرائيل ضد التهديدات لأمنها".
وفي سياق متصل، يعتبر الخبير في القانون الدولي توبي كيدمان أن "تهديد الولايات المتحدة -التي تدعي الالتزام بسيادة القانون- بفرض عقوبات على القضاة والمدعين العامين أمر غير مقبول، لأن ما حدث يندرج ضمن عملية قانونية واضحة، وأوامر الاعتقال تستند على الأدلة الموثقة وليس الحسابات السياسية".
وتابع "لا يمكننا القول إن أمر الاعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبرر ومناسب، ثم في المقابل نقول إن أمر الاعتقال بحق القادة الإسرائيليين معادٍ للسامية وذو دوافع سياسية، لهذا نأمل أن تتعاون الدول لتطبيق أوامر الاعتقال، ولكن ذلك غير مرجح، خاصة وأنها غير محدودة بفترة زمنية وستظل سارية المفعول إلى أن يتم تنفيذها".
ويرى القاضي الكندي شاباس أن الولايات المتحدة قد تشكل عقبة مهمة مع وجود احتمال شن هجوم مضاد لمحاولة إلحاق الضرر بالمحكمة، مما قد يخلق توترات أكبر مع حلفائها الغربيين المخلصين جدا للمحكمة.
من جانبه، وصف المحامي عبد المجيد مراري الأسلوب الأميركي بـ"البلطجة المعتادة"، معتبرا أنه في الوقت الذي اكتفت فيه إدارة بايدن بالتهديدات، قد تلجأ الإدارة الأميركية المنتخبة حديثا مع دونالد ترامب إلى القيام بأعمال إجرامية في حق القضاء.
وأكد مراري على عدم امتلاك الولايات المتحدة أي حق في الطعن، وأضاف "لا ننسى أن إدارة ترامب أصدرت عقوبات ضد المدعية العامة السابقة فاتو بنسودة و7 آخرين من قضاة المحكمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
وزير العمل يهنئ فلسطين باعتمادها «دولة مراقب» بمنظمة العمل الدولية
هنأ محمد جبران، وزير العمل، دولة فلسطين على الإنجاز التاريخي الذي حققته في منظمة العمل الدولية، بعد اعتماد قرار منحها صفة "دولة غير عضو بصفة مراقب" داخل المنظمة التابعة للأمم المتحدة.
وجاء ذلك، خلال الجلسة العامة المنعقدة مساء الجمعة 6 يونيو 2025 ضمن أعمال الدورة الـ113 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد في جنيف خلال الفترة من 2 إلى 13 يونيو الجاري.
فلسطين تحصد 386 صوتا مؤيداحصدت دولة فلسطين أغلبية الأصوات وبإكتساح، وحصلت على صفة عضو مراقب في منظمة العمل الدولية، وذلك بـ386 صوتا مؤيدا، مقابل 15 صوتا ضد، وامتناع 42 عن التصويت.
ويُعد هذا القرار خطوة هامة نحو تعزيز تمثيل فلسطين في المحافل الدولية، خاصة في منظمات العمل والحوار الاجتماعي.
وزير العمل يهنئ فلسطينومن جانبه، تقدم وزير العمل، بخالص التهاني إلى فريق العمل الفلسطيني، ممثلًا في الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال، مشيدًا بالجهود الدبلوماسية التي أسفرت عن هذا الاعتراف الأممي الجديد.
وأكد أن هذا القرار يأتي تجسيدًا للواقع التاريخي والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي لا يزال يعاني تحت الاحتلال لأكثر من سبعين عامًا من القمع والحصار والانتهاكات المستمرة.
وكان وزير العمل قد ألقى مداخلة هامة صباح الخميس 5 يونيو، بقصر الأمم المتحدة في الجلسة العامة لمؤتمر العمل الدولي، عبر فيها عن الدعم الكامل لاعتماد القرار، وأكد خلالها توافقه مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 10 مايو 2024، والذي نص على أن دولة فلسطين مؤهلة لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وفقًا للمادة الرابعة من ميثاق المنظمة.
ولفت الوزير إلى أن قرار منظمة العمل الدولية بتعديل وضع فلسطين ومنحها صفة مراقب، يأتي استنادًا إلى ما أقرته الدورة رقم 352 لمجلس إدارة المنظمة، وهو ما يتيح لفلسطين تعزيز مشاركتها وحضورها في اجتماعات ومداولات المنظمة الأممية.
وقال إن القرار يجسد واقعًا وحقيقة تاريخية على الأرض، واعترافًا بحقوق شعب عانى وما زال يُعاني لأكثر من سبعة عقود من الاحتلال الأجنبي، والحصار، والقمع، والتهميش وقتل النساء والأطفال
اقرأ أيضاًوزير العمل: التواصل المستمر لمواجهة أي تحديات قد تواجه العمالة المصرية بالسعودية
وزير العمل في مؤتمر جنيف: الاقتصاد العالمي يواجه تحديات غير مسبوقة بسبب التوترات الجيوسياسية