اعداد وتقديم: د. عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة

24/7/2023
_________________________
الملخص
تهدف هذه الورقة إلى تقديم حلول استراتيجية وعملية لوقف الحرب الدائرة في السودان بين قوات الشعب المسلحة السودانية حامية الوطن وقوات الدعم السريع الخارجة علي الدولة. ترتكز الأطروحة على خطوات مترابطة لمعالجة جذور الصراع، تفكيك شبكات الدعم المحلي والإقليمي للمليشيات، وتعزيز الاستقرار الداخلي في البلاد.

كما تُثبت الورقة أن مستقبل السودان السياسي لا يمكن أن يشمل المليشيات المسلحة، التي تخوض حربًا ضد المواطن السوداني وضد كيان الدولة. تسلط الورقة الضوء على أهمية التنسيق الدولي والمحلي لتحقيق سلام دائم وإعادة إعمار البلاد بما يضمن سلامة المواطنين ووحدة البلاد.
________________________________________
المقدمة
تعد الحرب في السودان واحدة من أخطر النزاعات المسلحة في إفريقيا، حيث تهدد بتفكيك الدولة وتقويض السلم الإقليمي. تفاقم الصراع نتيجة التدخلات الخارجية ودعم المليشيات التي تعمل ضد الدولة ومواطنيها. تركز هذه الورقة على تفكيك ديناميكيات الصراع وتحليل دور الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين في استمراره، مع اقتراح حلول مبتكرة وعملية لوقف الحرب، بناء السلام، وضمان استقرار مستدام.
________________________________________
القسم الأول: تحليل جذور الصراع وأبعاده
ديناميكيات الصراع 1.1
دور قوات الدعم السريع
المناطق المدنية واستغلال الموارد السودانية
تعتبر المليشيا أداة لزعزعة الاستقرار الداخلي من خلال استخدام القوة العسكرية في المناطق السكنية
التدخل الخارجي يشمل الدعم العسكري واللوجستي من جهات خارجية مثل الإمارات العربية المتحدة، مما أسهم في استمرار المليشيا في الحرب.
ضعف المؤسسات الوطنية
أدى تآكل الثقة في الدولة إلى فراغ أمني استغلته المليشيا لفرض وجودها
الحقائق الأساسية حول المليشيا 1.2
المليشيا تمثل تهديدًا مباشرًا للمواطن السوداني وكيان الدولة
لا يمكن للمليشيا أن تكون جزءًا من المستقبل السياسي للسودان نظرًا لدورها المدمر ولارتكابها انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان.
________________________________________
القسم الثاني: الحلول المقترحة لوقف الحرب
تفكيك شبكات الدعم الخارجي للمليشيات 2.1
وقف الإمداد العسكري واللوجستي
مطالبة المجتمع الدولي بفرض ضغوط على الإمارات لوقف الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع.
التنسيق مع دول الجوار لمنع استخدام أراضيها ومطاراتها كمحطات لوجستية
1. منع التدخلات الإقليمية
التأثير على دول الجوار من خلال دعم حاجاتها الاقتصادية مقابل الامتناع عن دعم المليشيا.
منع زيارات مسؤولي الإمارات لدول الجوار الإفريقي لغرض دعم المليشيا.
حظر التمويل الإعلامي
تقليص قدرات المليشيات داخليًا
إغلاق المنصات الإعلامية التي تدعم خطاب المليشيا وتحرض على العنف 2.2
إعادة انتشار المليشيا
إلزام المليشيا بالخروج من المناطق السكنية وتجميع أسلحتها الثقيلة في معسكرات بعيدة عن المدن.
إنشاء مراكز إيواء لعناصر المليشيا دون أسلحة، تحت إشراف أممي.
تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية
تمرير قرارات دولية تصنف المليشيا كمجموعة إرهابية مع فرض عقوبات صارمة على أي دولة تدعمها.
وقف التجنيد والمرتزقة
تشديد الرقابة على حدود السودان لمنع تدفق المرتزقة أو الشباب العاطلين عن العمل من الانضمام إلى المليشيا.
________________________________________
القسم الثالث: بناء نظام سياسي وأمني مستقر ومستمر
إعادة ترتيب القوات المسلحة بمهنية عسكرية وفق نظم دولة المؤسسات 3.1
ضبط انتشار القوات المسلحة السودانية
البقاء في مواقعها قبل الحرب.
إزالة المظاهر العسكرية من المدن.
تمكين الشرطة السودانية
تعزيز دور الشرطة في حفظ الأمن الداخلي بعد تدريبها وتأهيلها.
إنشاء منظومة قضائية محايدة 3.2
1. تشكيل لجنة محاسبة:
تضم خبراء في جرائم الحرب وحقوق الإنسان وجرائم العنف الجنسي.
محاسبة عناصر المليشيا الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.
2. لجنة للدمج والتسريح لمعالجة قضايا الحركات المسلحة:
تعمل بالشراكة مع الأمم المتحدة لتصنيف عناصر المليشيا وإعادة دمجهم في المجتمع أو تسريحهم
وفق قانون الجنسية السودانية وتاريخ اصدار الأرقام الوطنية وكيفيتها .
________________________________________
القسم الرابع: خطة إعادة الإعمار والتنمية
المصالحة الوطنية 4.1
تنظيم مؤتمرات للحوار الشعبي يبدا بالحي والقرية ليشمل جميع السودانيين الا تلك الفئة التي تسلطت على السودانيين و ارتكبت جرائم و مارست الدكتاتورية وفرضت الوصايا الايدلوجية علي الشعب و استأثرت بموارده و سلطاته.
إطلاق برامج لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للمتضررين من الحرب.
إعادة بناء الاقتصاد 4.2
جذب الاستثمارات الدولية المتوازنة لدعم البنية التحتية والتعليم والصحة.
إطلاق برامج لتمكين الشباب اقتصاديًا للحد من التفكير في الهجرة.
تعزيز الحوكمة 4.3
بناء مؤسسات ديمقراطية قوية تدعم سيادة القانون وتضمن العدالة الاجتماعية وفق الديمقراطية المجتمعية.
________________________________________
الخاتمة
تثبت هذه الورقة أن حل النزاع في السودان يتطلب نهجًا متعدد الأبعاد يجمع بين الضغط الدولي، تقليص قدرات المليشيا، وبناء نظام سياسي مستقر. كما تؤكد أن المليشيا المسلحة ليس لها مستقبل سياسي في السودان، وأن استمرار الحرب يمثل اعتداءً صارخًا على كيان الدولة والمواطنين. يدعو الحل المقترح إلى تعزيز التعاون الدولي لدعم السودان في مسيرته نحو السلام وإعادة الإعمار مع التعويل علي الذات و الموارد المحلية و العقول السودانية.
________________________________________
المراجع
1. تقارير الأمم المتحدة حول النزاعات المسلحة وحقوق الإنسان
2. تجارب دولية في نزع السلاح وإعادة الدمج.
3. دراسات حول إدارة النزاعات في إفريقيا.
4. القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

quincysjones@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لوقف الحرب فی السودان

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: حفتر وحسابات السودان الجديدة

لم يكن صباح العاشر من يونيو يوماً عاديًا في سياق الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين، إذ حمل تطورًا نوعيًا وخطيرًا، بإعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية عن تعرّض نقاط حدودية داخل المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا لهجوم مشترك شنّته مليشيا الدعم السريع، بدعم مباشر من قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، وتحديدًا “كتيبة السلفية” التابعة له.

هذا الحدث يمثّل نقلة نوعية، تُنذر باحتمال انتقال الصراع السوداني من إطار الاحتراب الداخلي إلى مشارف التدويل الإقليمي، حيث تتشابك المصالح والأطماع والنفوذ في مشهد متجدد .

الدعم العسكري الذي قدمته قوات حفتر للمليشيا المتمردة – وفقًا لمنصة “أخبار السودان” – لم يقتصر على الإسناد الميداني، بل شمل عمليات نقل للأسلحة والمعدات عبر الكفرة، واستخدام طائرات مسيّرة إماراتية ، إلى جانب رصد طائرات شحن من طراز IL-76TD في محيط العمليات. هذه المؤشرات تؤكد أن الهجوم جاء ضمن خطة أوسع ، أُعدت بعناية في مراكز قرار إقليمية داعمة للمليشيا، بهدف إعادة ضبط موازين القوة على الأرض، بعد تكبّدها خسائر كبيرة في جبهات شمال دارفور، وغرب كردفان، والنيل الأبيض، والخرطوم.

المثلث الحدودي، الذي أصبح ساحة اشتباك، لطالما كان نقطة تماس حساسة تتقاطع عندها حسابات الخرطوم والقاهرة وطرابلس. ورغم أن الهجوم نُفّذ بأيادٍ ليبية وسودانية متمردة، إلا أن خلفيته تُشير بوضوح إلى دور فاعلين إقليميين، وعلى رأسهم حكومة أبوظبي، التي تُتهم مرارًا “تقارير اممية” بإدارة وتفعيل شبكة الدعم اللوجستي والمالي للمليشيا، انطلاقًا من جنوب ليبيا، بعد تعثّر خطوط الإمداد القادمة من تشاد في الأشهر الأخيرة.

وفي هذا السياق، برز تطوّر تشادي لافت، تمثّل في برقية تهنئة أرسلها الرئيس محمد إدريس ديبي إلى الرئيس السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمناسبة عيد الأضحى. هذه البرقية ، تحمل دلالات سياسية مهمة، إذ تُعد أول تواصل رسمي بين البلدين بعد أشهر من الفتور، على خلفية اتهامات سودانية لتشاد بإيواء عناصر الدعم السريع والتغاضي عن عبور إمدادات عسكرية عبر أراضيها.

يمكن قراءة هذه الخطوة كمحاولة تشادية لفتح نافذة تهدئة، أو كإشارة إلى تراجع تدريجي عن الانخراط في الصراع، مدفوعة بهواجس أمنية متزايدة ترتبط بامتداد قبيلة الزغاوة في البلدين، وبمخاوف من امتداد نيران الحرب إلى الداخل التشادي، خاصةً في ظل تململ داخل المؤسسة العسكرية، وضغوط غربية متزايدة، وتغير المزاج الدولي إزاء الحرب في السودان.

هذا التراجع التشادي، وإن لم يُعلن رسميًا، يفسَّر – وفق مراقبين – بأنه دفعٌ إضافي لأبوظبي للبحث عن بدائل لوجستية، فوجدت ضالتها في محور حفتر، الذي يمثّل بوابة مثالية جغرافيًا وسياسيًا، تتيح استمرار الدعم للمليشيا دون تكاليف سياسية باهظة، على الأقل في الوقت الراهن. وعليه، فإن التحوّل الليبي يبدو تأسيسًا فعليًا لخط دعم بديل، قد يتجاوز في طاقته وأثره الخط التشادي المتراجع.

أما مصر، الحاضرة بالاسم والموقع في بيانات الجيش السوداني، فتجد نفسها أمام معضلة مركّبة. فقوات حفتر، التي نفّذت الهجوم، لا تتحرّك عادة دون تنسيق مع القاهرة، بل تُعد ذراعًا استراتيجية لها في شرق ليبيا. ومع ذلك، تزامن هذا الهجوم مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أبوظبي، وفي ظل أحاديث عن ضغوط إماراتية تتعلق بملف معبر رفح وغزة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التحرك رسالة ضغط مبطّنة لمصر، مفادها أن “الجنوب قابل للاشتعال إذا لم تُقدَّم تنازلات في الشرق”.

وإذا صحّت هذه التقديرات، فإن الصراع يتجاوز كونه نزاعًا على خطوط إمداد أو نفوذ، ليُصبح صراع إرادات داخل المحور ذاته، بين دولة مانحة للمال (الإمارات)، وأخرى ضامنة للجغرافيا (مصر)، حيث يدرك الطرفان أن استمرار تضارب الأجندات قد يقود إلى انفجار محتمل.

في هذا السياق، تبقى المرحلة المقبلة مفتوحة على عدد من السيناريوهات: أولها، أن يواصل الجيش السوداني التعامل مع الموقف بحزم، كما بدأ خلال الأيام الماضية من خلال الطلعات الجوية التي ألحقت خسائر فادحة بالمليشيا وداعميها.

أو أن يتم تثبيت خط الإمداد الليبي الجديد كأمر واقع تتعامل معه جميع الأطراف. أو ربما تشهد المرحلة تدخلًا مصريًا مباشرًا للحد من تحركات حفتر بما يضمن المصالح المصرية ولا يُحرج شراكتها مع السودان.

كما لا يُستبعد تدخل أطراف أخرى، مثل تركيا، لترتيب المشهد بما يخدم مصالحها وأجنداتها في المنطقة.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو أمام الخرطوم فرصة دبلوماسية ثمينة، ينبغي عدم التفريط فيها، عبر تحويل الرسالة التشادية إلى مسار تفاوضي أمني يُسهم في إغلاق الجبهة الغربية مع تشاد. هذه الخطوة من شأنها أن تُشكّل تحولًا مهمًا في تقليص فرص تمدد المليشيا، خاصة في ظل الضغوط العسكرية المتزايدة عليها في دارفور.

هذا وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة إذا نجحت الخرطوم في احتواء الموقف التشادي، وتفعيل أدوات الضغط الدبلوماسي على الأطراف الإقليمية الداعمة للتمرد، فإن الطريق سيكون ممهّدًا لعزل مليشيا الدعم السريع إقليميًا، وفتح نافذة جديدة أمام تفاهمات سلام محتملة بدأت تتبلور بين أنقرة والدوحة خلال الأيام الأخيرة. غدا بإذن الله نتناول تأثيرات الحرب الايرانية الاسرائيلية علي السودان في ظل التطورات الأخيرة.

دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي

السبت 14 يونيو 2025م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • باحث: المملكة شريك رئيس في جهود نزع فتيل التوتر وتحقيق السلام في المنطقة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: حفتر وحسابات السودان الجديدة
  • كيكل: قواتنا تتقدم في كردفان وإلى دارفور وحتى آخر الحدود السودانية
  • الموازنة الجديدة.. ملامح خطة الدولة لمواجهة الأزمات وتحقيق طفرة تنموية
  • الفوج الثاني من العودة الطوعية يغادر الأقصر إلى السودان برعاية شيخ الأزهر وبدعم القنصلية السودانية
  • كتيبة سبل السلام تضبط شبكة تهريب أسلحة ووقود على حدود ليبيا مع السودان ومصر
  • السعودية تدعو المجتمع الدولي الى التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي على إيران
  • تنسيقية العمل الوطني تطرح رؤية شاملة لإنهاء الأزمة الليبية
  • سيطرة المليشيا على المثلث بتضرب الأمن القومي المصري
  • تقرير الورقة البيضاء: كفاءة الطاقة الصناعية مفتاح خفض الانبعاثات وتحقيق الاستدامة