تجارب شبابية مُلهمة تستثمر البيوت الأثرية بلمسات إبداعية
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
لم يكن أكثر المتفائلين عند انطلاق مشروع تطوير حارة العقر بولاية نزوى عام 2016 أن تسير عمليات التطوير واستثمار مرافق الحارة ومبانيها الأثرية القديمة بهذه السرعة والجودة حيث أصبحت أيقونة الولاية بما تضمّه من مرافق متنوّعة تفرّدت بها عن الكثير من المشروعات المشابهة الأمر الذي جذب إليها الكثير من السائحين والزائرين من داخل سلطنة عمان وخارجها؛ ولعل الهاجس الذي أرّق القائمين على المشروع الذي تبنّته شركة بوارق نزوى الدولية هو إعادة إحياء الحارة واستعادة أمجادها كونها مجاورة لقلعة نزوى الشهباء وحصنها المنيع فبدأت الفكرة باستثمار مجموعة من البيوت وتحويلها لنزل تراثية تجذب زائري الولاية ويقضي فيها السائح يوما ريفيا بامتياز يجد فيه ما يساعده على قضاء فترات استثنائية.
بمرور الوقت دخل بعض الطامحين من الشباب ممن لديهم مباني قديمة أو أفكار مشابهة حيث فتحت تجربة الشركة آفاقاً أمام الشباب من خلال خيارات استثمار المباني الأثرية وتحويلها لنزل تراثية أو تأجير المنازل القديمة للشركة لترميمها وإدارتها أو خيار بيع العقار للشركة حيث لاقت الفكرة أصداء جميلة إيجابية فبادر الكثيرون لدعمها وإخراجها للوجود.
منذ ذلك التاريخ (2016) والعمل ما زال متواصلاً وبمرور الوقت اقتحم الشباب العماني الطامح من أبناء الولاية المجال وشمّروا عن ساعد الجد لإحياء الحارة في المقام الأول وتنفيذ مشاريعهم الخاصة وإدارتها وفي السطور التالية نستعرض تجربتين ناجحتين بشهادة الجميع حيث دخل سليمان بن محمد السليماني وعلي بن عبدالله الإسماعيلي المجال وحققا النجاح من خلال مشروعي نزل البستان لسليمان السليماني ونزل البيت العماني لعلي الإسماعيلي فإلى التفاصيل.
يبدأ سليمان السليماني الحديث بالقول إنه من مؤسسي شركة بوارق نزوى الدولية وهي المطوّر العقاري للحارة، حيث اتخذت الشركة خطوة مساهمة كل شخص من المؤسسين بمشروع يقوم بتنفيذه ضمن منظومة تطوير الحارة حيث استطعت الحصول على موقع بجانب سور العقر وبه مزرعة ومجموعة بيوت قديمة وأخذته بنظام الاستثمار، وكانت خطتي تنفيذ بيوت تراثية بجانب المزرعة لما لها من أثر إيجابي في نفوس المرتادين والنزلاء؛ وقد بدأت بأخذ التراخيص والموافقات اللازمة للترميم والإصلاح وكانت لدي خبرة من خلال بدء العمل في مشروع نزل نزوى "إحياء" وكان من الأشياء التي حرصت عليها عدم اقتطاع المساحات الخضراء إلا للضرورة القصوى وهي تمثل جزءا بسيط من المشروع كمواقف السيارات والممشى وأماكن الجلوس، وقمنا بتكثيف العمل حيث استغرق قرابة أحد عشر شهراً واكتمل قبيل نهاية عام 2020، وأخذت التصاريح الخاصة بالتشغيل وانطلق للنور في 24 / 11 / 2020م؛ ويتحدّث عن الصعوبات التي واجهته في البداية فقال: كانت هناك صعوبات في التراخيص كون أن الفكرة حديثة وأخذت الكثير من الوقت ولكن تيسرت الأوضاع وتغيّرت القوانين الآن ثم إنني قليل الخبرة في مجال التشغيل وإدارة النزل ولكن الحمد لله تطوّرت الأمور، وكذلك عمليات الترويج والتسجيل في منصات الفنادق لجذب النزلاء والسائحين، أضف إلى ذلك تدريب الشباب العمانيين على العمل في هذا المجال، وعلى العموم ولله الحمد استطعنا تجاوز الصعوبات، وبقي التحدي الأكبر وهو الحفاظ على مستوى العمل وابتكار أشياء جاذبة تسمح بمواصلة تشغيل النزل ويكون مقصدا للزيارة والاطلاع بغض النظر عن السكن فيه وبصفة عامة فإن أغلب التحدّيات قادتنا للتميّز وخروج المشاريع إلى النور بصورة مذهلة.
مكونات المشروع
وقال السليماني إن النزل تضم تسع عشرة غرفة بين مفردة ومزدوجة وقاعة كبيرة بها متحف مبسط ومكتبة، ونتميز بغرفة يمر بها الفلج وحوض سباحة تقليدي ومجلس وجلسات عامة وهناك إقبال متزايد على المشروع وهناك طلب كبير على الحجز كون أن التجربة جميلة بما تتميز به من هدوء ومسطحات خضراء وقربها من الأماكن الأثرية بالولاية وسوق نزوى، حيث تتطلّع بعض الأسر لقضاء يوم في النزل مضيفاً أن أغلب انطباعات الزائرين غالبيتها إيجابية ولكن نحاول الأخذ بالملاحظات التي تتركز على صعوبة الوصول للمكان بالسيارات وذلك لأن الأزقّة ضيقة، وكذلك ممن ليست لديهم خبرة بخرائط جوجل، ولكن كمستوى خدمة ونظافة فإن أغلب التعليقات والانطباعات إيجابية أسهمت في الترويج والانتشار للنزل. وعن خطة التطوير قال نسعى لعدم التوقّف حيث نسعى لترميم مباني قريبة لإضافة مزيد من الغرف وتقديم خدمة الإرشاد السياحي للزائرين سواءً داخل الولاية أو خارجها ونحن منفتحين على أي ملاحظات أو مقترحات تطويرية تخدم النزل وتساعد على استمراريتها بنفس الجودة والكفاءة.
الاستفادة من التجارب
ويتناول الحديث علي الإسماعيلي ليطلعنا على تجربته مع نزل البيت العماني فيقول: تولّدت الفكرة لدي عام 2015 عندما بدأ عبدالله العبادي زميلٌ لنا في تجهيز نزل بالقرب من قلعة نزوى مستفيداً من خبرته وعلاقته مع مُطوّري مسفاة العبريين بالحمراء حيث انطلق لتنفيذ مشروعه فراودتني الفكرة نفسها لعدة أسباب أولها أن الحارة كانت شبه مهجورة ومرتعاً للقوى العاملة العازبة والهاربة وما سببته من ظواهر سلبية وتأثر البيوت بسبب تهالك البناء، وكنت أتابع خطوات زميلي حيث إنني كنت وقتها خارج حدود الوطن للدراسة وعند عودتي عام 2018 وبعد أن رأيت جهد شركة بوارق نزوى في ترميم الحارة ونظراً لعدم التحاقي بالعمل الحكومي بدأت في تنفيذ الفكرة وكان المنزل المستهدف ملكا للعائلة وإرثا من والدي رحمه الله حيث قمت بالاستحواذ عليه عن طريق الشراء من باقي الورثة، وبدأت في خطوات تحقيق حلمي من خلال تصميم مبدئي قمت به ثم الخطوات الأخرى كاعتماد التخطيط ثم استخراج التصاريح اللازمة ليكون بيت ضيافة من النزل التراثية وفق تصنيف وزارة التراث والسياحة، وتسارعت وتيرة العمل وكنت حريصا خلال هذه الفترة على متابعة أدقّ التفاصيل، وكان هدفي الحفاظ على القوام العام للمنزل واستخدام الخامات الطبيعية من أخشاب وطين وغير ذلك، إضافة إلى الاعتماد على الشباب العماني العامل في أنشطة أخرى كالأثاث وتمديدات المياه والكهرباء وكانت نقطة التميّز التي راهنت عليها هي وجود أداة جاذبة للنزلاء، فكانت الفكرة وجود أحواض استحمام واستجمام داخل بعض الغرف، وهو وما لاقى صدى كبيراً حيث كانت فرس الرهان لمشروعي، بالإضافة إلى الحفاظ على الأبواب التراثية وترميمها ووجود نوافذ في كل غرفة تطل على جانب من جوانب الحارة؛ واكتمل المشروع مع بدايات عام 2020 بعد أن كلّف قرابة ثمانين ألف ريال، وقبل بدء التشغيل جاءت جائحة كورونا التي أضعفتنا لعدة أسباب منها عدم اكتمال وصول القوى العاملة اللازمة للإدارة والتشغيل، وإغلاق المطارات أمام حركة السياحة، ولكن تيسّرت الأوضاع بعد أن تم اختيار النزل كإحدى أماكن الحجر الصحي للقادمين والمصابين والمخالطين فبدأ المشروع يرى النور وتعرّف الناس عليه ثم تدريجياً، بدأ النشاط في الانتشار مع ازدياد النزل والغرف حيث يضم حالياً سبع غرف بين مفردة ومزدوجة تتسع إجمالاً لسبعة عشر نزيلاً، مع إمكانية إضافة أسرّة كما يضم مطبخاً لإعداد الشاي والقهوة والوجبات الخفيفة ذاتياً للنزلاء، وثلاث جلسات خارجية تراثية ومطعماً؛ كما أن لدينا إمكانية توفير الوجبات للنزلاء مع أسر منتجة وبرنامج الجولات السياحية داخل الحارة وبرنامج للجولات في محافظة الداخلية وخارجها كما أن لدينا ربطا مع عددٍ من منظّمي الرحلات والفعاليات حيث إن الزائر لدينا يكون لديه أريحية لاختيار برنامج زيارته إذ لا نكتفي بخدمة الغرف فقط كون بعض السائحين وخاصة من الدول الأوربية لا يعرفون أماكن الزيارات المشهورة ويرغبون في خوض تجارب متعددة.
ويتحدّث الإسماعيلي عن الحركة السياحية بصفة عامة فقال: لدينا الحمد لله نسبة إشغال جيدة وخاصة من بداية شهر أكتوبر إلى نهاية شهر أبريل إذ تكون النسبة غالبا 100% وغالبية النزلاء من دول أوربية مختلفة مع ارتفاع الزائرين من الجنسيات الفرنسية والإيطالية والألمانية بصفة خاصة، أما خلال فصل الصيف فيكون الإقبال غالباً من المواطنين العمانيين ومواطني دول مجلس التعاون وخاصة خلال طريقهم إلى محافظة ظفار حيث يأخذون ولاية نزوى محطة استراحة وزيارة أما بالنسبة لمتوسط الأسعار فتكون في حدود 25 ريالًا للغرفة تنخفض أحياناً إلى 15 ريالا في فترة الركود وترتفع إلى 35 ريالاً في فترات الذروة.
وأخيرا يتحدّث الإسماعيلي عن انطباعات الزوار وكيفية الاستفادة منها في تطوير الخدمة فقال: "الحمد لله انطباعات الزائرين ممتازة سواء من خلال اللقاء المباشر معهم أو من خلال تقييمهم للنزل عبر منصات الحجز المختلفة، كما أنني حريص على أخذ الملاحظات وتطويرها وأبرز الملاحظات هي صعوبة الوصول للنزل بالسيارات حيث إنه ضمن أزقّة حارة العقر ولكن تغلبنا على ذلك من خلال وجود السيارات الصغيرة، وكذلك بعمل اللوائح الإرشادية التي تدل على مختلف المرافق بالحارة وما تضمّه من مقاه ومطاعم ومحلات بقالة وغيرها إذ يستطيع السائح قضاء يومه في الحارة باستمتاع".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
جامعة نزوى تحقق المركز الأول في "التدريب الطلابي العربي"
نزوى- ناصر العبري
حققت جامعة نزوى المركز الأول في برنامج التدريب الطلابي العربي لعام 2024م، الذي يشرف عليه المجلس العربي للتدريب والإبداع الطلابي، وذلك في حفل افتتاح الملتقى الثلاثين لتبادل فرص التدريب الذي استضافته مؤخرا جامعة ليبيا المفتوحة في دولة ليبيا.
وتسلم الجائزة نيابة عن الجامعة الدكتور صالح بن منصور العزري، عميد شؤون الطلاب وخدمة المجتمع، عضو اللجنة التنفيذية بالمجلس، من قبل الأستاذ الدكتور أبو القاسم شلوف، رئيس جامعة ليبيا المفتوحة.
وكانت الجامعة قد استضافت في الفترة من 30 يونيو وحتى 24 يوليو 2025م، 75 طالبا وطالبة من 17 جامعة عربية ضمن برنامج التبادل الطلابي الذي يشرف عليه المجلس العربي للتبادل الطلابي، الذي تضمن مجموعة من البرامج التدريبية المختلفة في كليات الجامعة ومراكزها المختلفة، وشمل البرنامج تنظيم مجموعة من الزيارات التثقيفية والرحلات الترفيهية المختلفة إلى عدد من الولايات سلطنة عمان؛ وذلك إثراءً لتجربة الطالب المبتعث إضافة للجانب التدريبي تم تنظيم مجموعة من الزيارات ومنها: متحف عُمان عبر الزمان في ولاية منح، ورحلتان إلى محافظة مسقط، زاروا فيهما جامع السلطان قابوس الأكبر وسوق مطرح، فيما تجوّل الطلبة أيضا في ولاية بهلاء، وولاية نزوى، وولاية الحمراء.
وتأتي استضافة الجامعة لبرنامج التبادل الطلابي ضمن اهتمامها بخلق شراكات وتعاون مع مختلف المؤسسات الأكاديمية العربية، ودعم جهود المنظمات والمؤسسات المعنية بمجالات تعزيز البرامج التعليمية المختلفة، وحرصها على تحقيق أهداف البرنامج التدريبي الدولي، منه إنشاء مكتب الطلاب الدوليين بالجامعة؛ ليكون بمثابةِ المرجعِ المجيب عن استفساراتهم، والملبّي لاحتياجاتهم.
وأكد حمد بن سليمان العزري، مساعد عميد شؤون الطلاب لبرامج الإنماء الطلابي، ممثل الجامعة بالمجلس، أن الجامعة عملت على التطوير والتجديد في برنامج التبادل الطلابي، موضحا أن هناكَ عددا من الجوانب التي حرصَ البرنامج على الالتزام بها لتحقق فاعليتها في الأعوام الماضية.
وأضيف: "بجانبِ بعض التغيّرات والتطويرات التي أجراها في سبيل زيادة فاعلية البرنامج وتحقيق أهدافه، وعمّا التزمنا به، فهو التنوّع الكبير لطلبة البرنامج من مختلف الدول، فاستقبلنا طلبة من العراق، وإقليم كردستان العراق واليمن ومصر ولبنان وليبيا وفلسطين، مع تعدد الجامعات في كل دولة، ولدينا أيضا داخليًا طالبتان من جامعة الشرقية، والتزمنا أيضًا بدقة الخطة التدريبية للطلبة حسب تخصصاتهم، بالتنسيق مع مراكز التدريب المختلفة في الجامعة".
أما عن الجوانب التطويرية فقال: "وسّعنا الفرص بين الوحدات لطلبة البرنامج داخل الجامعة، لنحصل لأول مرة على 105 فرص من وحدات الجامعة، والشركات التابعة لصندوق جامعة نزوى الاستثماري للاستفادة منها، كذلك لدينا لأول مرة مشروع حاضنات الأعمال في مركز ريادة الأعمال، الذي اختير فيه أربعة طلبة، واحتضانهم لإنشاء مشروع تجاري أو شركة طلابية، بتعليمهم كيفية إعداد خطة عمل، ودراسة جدوى، وغيره من لقاءات مع مسؤولين في مختلف الشركات، في سبيل تحويل مشروعهم من فكرة على الورق، إلى واقع في سوق العمل".