ضمانات دولية لبيروت: لبنان خط أحمر
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
كتب ميشال نصر في" الديار": صحيح ان مجلس الوزراء عقد جلسة تضامنية مع الجنوب في صور، موصلا رسالة الى العالم مؤكدا فيها على التزامه بتطبيق ما توصل اليه من اتفاق انهى حرب الـ 66 يوما، الا ان هذه المشهدية لم تلغ الاهتمام المستجد بما يجري على الحدود الشرقية والشمالية، وما سيحمله معه من تداعيات على الوضعين الامني والسياسي، في ظل الارباك الكبير الناتج عن سرعة التطورات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة السورية.
واذا كان ثمة من المنظرين من يرى في ان من بين اهداف ما يحصل ما هو مرتبط مباشرة بالوضع اللبناني، وتحديدا اقفال الحدود مع سوريا لقطع شريان الامداد من ايران عن حزب الله، مستندا الى انه يأتي في سياق استكمال ما بدأته الحرب الاسرائيلية، ثمة من يرى في المقابل ان الامور ابعد من ذلك وهي ترتبط بخريطة جيوسياسية جديدة في المنطقة عن طريق اعادة استنساخ تجربة ثورات الربيع العربي، من سوريا هذه المرة لتطال باقي الدول العربية، تحت عنوان "نيو اخوان".
مصادر ديبلوماسية كشفت ان المعنيين في لبنان تبلغوا رسالة واضحة بان ما يجري "عسكريا" في سوريا لن يؤثر على الوضع الداخلي اللبناني، وبالتالي لا دخول للمسلحين الى لبنان، فما يحصل محصور بالداخل السوري، وضمن ترتيبات تعني سوريا تحديدا. من هنا، والكلام للمصادر، جاءت الرسالة الموجهة لاهالي الشمال وطرابلس من قبل التنظيمات المسلحة والتي دعتهم الى "الدعاء للثورة" لا اكثر، ذلك ان المس بالتوازنات الداخلية اللبنانية الحالية خط احمر، وقد ابلغت به انقرة من قبل الاطراف الدولية الفاعلة، كاشفة ان المعارضة لن تصل الى الحدود اللبنانية بشكل مباشر وستبقى بعيدة بحدود الكيلومتر.
وتوقعت المصادر ان تشهد الايام القادمة عودة لاعداد لا يستهان بها من النازحين السوريين في لبنان الى مناطقهم في الداخل السوري، مشيرة الى انها نصحت الجهات اللبنانية بالاستعداد للتعامل مع مرحلة جديدة "تتطلب الانتباه والحذر" سياسيا كما امنيا. وفي هذا الاطار علم انه خلال الساعات الماضية نجحت القوى الامنية والعسكرية في منع دخول مجموعة من النازحين قدرت بحوالى 500 شخص، حاولت التسلل عبر الحدود الى الداخل اللبناني، وتم اجبارها على العودة، حيث بدا واضحا ان عمليات النزوح حتى الساعة تتركز في الداخل السوري، اذ لم تسجل عمليات نزوح كبيرة في اتجاه دول الجوار، وهو مؤشر يدعو الى "الارتياح الحذر". اوساط وزارية اقرت بحساسية الوضع وخطورته، مشيرة الى ان الاجهزة الامنية على اختلافها مستنفرة، تحت عنوان "الامن الوقائي"، لضبط اي عمليات اخلال بالامن سواء داخل المخيمات السورية، ومن قبل اي خلايا نائمة، رغم ان المؤشرات حتى الساعة لا تشير الى اي تحركات في هذا الاتجاه، خصوصا ان الاجراءات العسكرية المتخذة حتى الساعة نجحت في ضبط الاوضاع، مؤكدة ان الحدود مفتوحة لمن يريد المغادرة والعودة الى سوريا. وكشفت المصادر ان ما يحصل على الحدود الشمالية والشرقية، لن يعيق تنفيذ اتفاق "الترتيبات الامنية" الموقع بين اسرائيل ولبنان، حيث ان الحكومة اللبنانية ملتزمة تنفيذ ما تعهدت به لجهة نشر الجيش جنوبا، و"ضمان الامن" في منطقة جنوب الليطاني.
وحول المخاوف من تحركات فلسطينية او اسلامية داخل المخيمات، طمأنت الاوساط الى ان الوضع ممسوك ومتابع، وان التنسيق قائم مع الجهات المعنية داخل المخيمات، حيث قرار الحكومة حازم في هذا الاتجاه، وقد تبلغته الفصائل الفلسطينية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الى ان
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث على حدود سوريا؟
بينما تكرّس الإدارة السورية الجديدة سلطاتها على الدواخل بسلاسة وبدون أي إشكالات تُذكر؛ فإن الأوضاع في مناطق الحدود لا تسير بسهولة، بل تشهد أشكالًا، مختلفة ومتفاوتة، في أغلب المناطق الحدودية، مع عدم وضوح رؤية سياسية محدّدة للتعامل مع هذا الوضع، الأمر الذي يطرح التساؤل عن مستقبل هذه المناطق، في ظل مساعي لاعبين، إقليميين ودوليين، للتأثير على مسار التطورات السورية، انطلاقًا من تلك المناطق.
واقع موروثمنذ بداية الثورة السورية، خرجت أغلب المناطق الحدودية عن سيطرة دمشق، وتشكّلت في تلك المناطق سلطاتُ أمر واقع، وحتى التي استطاع نظام الأسد استعادة السيطرة عليها: الحدود مع العراق، ولبنان، والأردن بعد عام 2018، ظلت محكومة بطريقة فوضوية، حيث تشكلت بها شبكات مرتبطة بالخارج، وازدهر بها اقتصاد الجريمة، الذي يعتمد على التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة، وبدلًا من ضبطها وإدارتها بشكل سليم، بات نظام الأسد شريكًا للفواعل المحلية في اقتصاد الجريمة، إما لحاجته للمردود المادي الذي يوفّره هذا النمط الاقتصادي، أو لأسباب سياسيّة تتمثل باستحواذ أوراق ضغط على البيئة الإقليمية التي عزلته، كما في حالة الحدود مع الأردن.
اليوم، ورغم التحوّل الذي شهدته سوريا بسقوط نظام الأسد، يبدو أن مناطق الحدود ما زالت تعاند الانضواء تحت سلطة دمشق، ويضاف لها الحدود البحرية، حيث تشهد مناطق الساحل السوري، حالة عدم استقرار نتيجة وجود مؤيدين سابقين لنظام الأسد، يعتقدون أن استقرار السلطة الجديدة يشكل تهديدًا وجوديًا لهم، وبالتالي فإن فرصتهم في النجاة تتمثل بخلط الأوراق في الساحل، وتوسيع مساحة الفوضى، وإضعاف القوّة المركزية.
إعلانفي شرق سوريا، ورغم الاتفاقيات التي تمّ توقيعها بين الكرد وإدارة الشرع، فإنّ الواضح أن هذه التفاهمات هشّة إلى حد بعيد، حيث تشهد العلاقة بين الطرفين صراعًا لم تُحسم الكثير من تفاصيله، ولا يبدو أنها ستحسم في الأفق المنظور، في ظل ضبابية الموقف الأميركي من إدارة الشرع، واستمرار إيران بالتأثير عبر شبكتها التي ما زالت فاعلة في شرق سوريا، وتحاول استعادة نفوذها في المنطقة.
الإشكالية التي تواجهها الإدارة السورية الجديدة محاولتها موازنة العلاقات مع تركيا وأميركا، وبالتالي فإن كل خطوة ستكون محسوبة عليها، كما أن القوى التي يمتلكها الكرد، الذراع العسكرية المتكوّنة من قوات "قسَد" تكاد تشكل قوّة موازية لقوة قوات دمشق، ومن شأن اتباع سياسات غير تفاوضية أن يستنزف قدرة دمشق التي تواجه أوضاعًا معقدة في مناطق عديدة.
وفي جنوب سوريا، تواجه إدارة دمشق مشكلة مركّبة، تتمثل في الفوضى في درعا، واستعصاء فصائل السويداء، والقضم الإسرائيلي لشريط حدودي واسع، ورغم أهمية حلّ اللواء الثامن في شرق درعا، فإنه لا يشكل قيمة إضافية لسيطرة إدارة دمشق في جنوب سوريا في ظل الفوضى العارمة التي تعيشها المنطقة، وفي ظل النقص العددي لكوادر الأمن التابعين لسلطة دمشق، ما يضعف قدرتها على ضبط مختلف المناطق.
كما أن فصائل السويداء، بالاتفاق مع المرجعيات الدينية في المحافظة ترفع سقف مطالبها من الإدارة السورية، في ظل إدراكها أن رد فعل الشرع سيكون محكومًا بمحددات خارجية، إسرائيلية على وجه التحديد، ترى في فرض إدارة الشرع سلطتها على السويداء بالقوّة قد يغيّر المعادلة التي فرضتها بالإكراه في جنوب سوريا.
الفراغ الجاذب للتدخلتشكّلت في جميع مناطق الحدود السورية سلطات هجينة، ففي حين أبقت بعض المناطق الحدودية رموزًا للنظام السابق، لكن بالمقابل شكّلت بنية سلطوية لإدارة شؤون المجتمعات التي تسيطر عليها، وقد تجلى ذلك بوضوح في شرق سوريا في ظل الإدارة الذاتية الكردية، وبدرجة أقل في السويداء ودرعا، في حين تشكلت في شمال سوريا سلطات بديلة فرضتها قوى لا تنتمي لمجتمعات المنطقة، تركيا، وهيئة تحرير الشام.
إعلانبيد أنه في جميع هذه المناطق، كان هناك فراغ في السلطة الشرعية، فجميع السلطات المشار إليها ظلت شرعيتها متأرجحة بين كونها سلطة أمر واقع، أو تحظى بقبول نسبي وليس أغلبيًا، نظرًا للتداخل الديمغرافي، واعتبار السلطة تمثل مكونًا واحدًا وليس جميع المكونات، مثل حالة الإدارة الذاتية الكردية في شرق سوريا، أو لوجود تيارات وتوجهات متضاربة حتى داخل المكون الواحد، كما في حالة السويداء، أو باعتبار البنى السلطوية إشكالية مثل حالة هيئة تحرير الشام في إدلب، ومناطق سيطرة القوّات التركية.
في جميع هذه الحالات، يمكن القول إن حالة الفراغ التي تشكّل السمة الغالبة على الوضع في المناطق الحدودية، شكّلت جاذبًا للفاعلين الخارجيين لملئها، لأسباب جيوسياسية تتفق وتصورات أولئك الفاعلين لمستقبل سوريا، أو بذريعة حماية أمن حدودهم من احتمالات الفوضى التي قد تنتجها حالة الفراغ في مناطق سوريا الحدودية.
مخاطر استمرار الوضع الحدوديتحوّلت جميع الفواعل المحلية، في المناطق الحدودية، إلى أدوات لسيطرة خارجية، أو وكيل يعمل تحت إشراف سلطة برانية، أو جاهزة لأن تكون ذراعًا لطرف خارجي، بهدف تحقيق مصالح محلية.
ومكمن الخطورة أن المناطق الحدودية باتت تتحكم بتشكيل جزء معتبر من المشهد السوري في المرحلة المقبلة، أي تحديد كيف سيكون شكل الدولة، مركزية أم لامركزية، بما في ذلك طبيعة الجيش والقوى الأمنية وهياكلها وعقائدها، ويأخذ طرح اللامركزية من قبل الفاعلين المحليين طابعًا إداريًا، الهدف منه تسيير شؤون المجتمعات المحلية بيسر وسهولة.
لكنه ومن واقع الوضع السوري، ليس سوى تغطية لمشاريع سياسية واجتماعية، لا يمكن ضمان عدم تحولها إلى نوَيات انقسامية في ظل ظروف الضعف السورية، وحتى لو في جانبها الإداري يمكن أن تتحول إلى صراع على الموارد، والثروات في ظل الانقسام الذي تعيشه المجتمعات المحلية السورية، وحالة عدم الثقة بين المكونات المختلفة التي تتساكن في إقليم معين.
إعلانولعل الخطورة الكبرى تكمن في صراع القوى الإقليمية والدولية على إعادة تشكيل سوريا الجديدة وفقًا لمصالحها، حيث تحوّلت البلاد إلى ساحة اختبار لتلك المصالح، ويتعامل كل فاعل دولي أو إقليمي مع الوضع السوري، على أنه يشكل فرصة مثالية لتحقيق مصالح يتوجب استثمارها بأي طريقة ممكنة.
كيف يمكن تفكيك مخاطر الحدود؟لا يكفي إلقاء اللوم على الفاعلين المحليين، أو التذرّع بوجود مؤامرة ضد سوريا ووحدتها واستقرارها، فما دامت الدولة لم تصل إلى مقاربات حاسمة لإدارة الأوضاع ستبقى أبوابها مفتوحة لعبور المخاطر التي تهدّد بهزّ استقرار البلد، ولا بدّ من التّعاطي مع حقيقتَين: الأولى أنّ الحلول الخشنة لن تجدي نفعًا في حلّ قضية المناطق الحدودية لمخاطرها على الوحدة الوطنية، ولأنها ستستدرج تدخلًا خارجيًّا حتميًا، فهناك أطراف عديدة تنتظر مثل هذه الهفوة لتحقق طموحاتها في سوريا تحت ذريعة حماية بعض المكوّنات من الإبادة.
وثانيًا لأنّ مرحلة السنوات الماضية أوجدت واقعًا يصعب تجاوزه، حيث تشكّلت تصورات وطموحات عن طبيعة العلاقة مع دمشق، كما تكوّنت بنى سلطوية وإدارية تغلغلت داخل مجتمعات الحدود.
والملاحظ أنّ جميع تلك المناطق، بعكس مراكز المدن الداخليّة، بات فيها مرجعيات ذات وزن مهمّ في التأثير على التوجهات العامّة في تلك المناطق، وعليه، فإنّه للخروج من هذه الوضعيّة يتطلب:
أولًا: توسيع دائرة الحوار الوطني وإشراك المكونات السورية، وفهم مشاكلها وهواجسها، وتوسيع قاعدة تمثيلها في البرلمان المزمع تأسيسه في المرحلة المقبلة، أي بمعنى من المعاني، تفكيك عقدة الخوف والهواجس لدى المجتمعات المحلية المختلفة، ونزع ذرائع الأطراف الخارجية من التدخّل بالشأن الداخلي السوري.
ثانيًا: ترسيخ علاقات دمشق في الإطارين: العربي، والدولي، والتأكيد على أن استقرار سوريا ووحدتها قضية تمسّ أمن المنطقة والعالم، وبالتالي ضرورة النظر للوضع السوري الحالي، ليس ضمن حصره في إطار مصالح ضيقة، بل من منظور أوسع يأخذ بعين الاعتبار هشاشة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وتأثير حالة عدم الاستقرار في سوريا على الأمن الإقليمي، وانعكاس كل ذلك على الأمن العالمي برمّته.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline