شهدت مدينة جدة وصول الحراس الورديين من المسلسل الشهير "لعبة الحبار" في لحظات مثيرة بمطار الملك عبد العزيز وسط دهشة وذهول المسافرين، تمهيدا لحضور مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بدورته الرابعة.

ومع اقتراب موعد إطلاق الموسم الثاني المرتقب من مسلسل "لعبة الحبار"، والذي سيعرض حصريًا على نتفليكس في 26 ديسمبر، فوجئ المسافرين في صالة الوصول بـ "الحراس المقنعين" يتحركون بتنسيق مذهل في منطقة استلام الحقائب في المطار؛ وسط دهشة المسافرين الذين سارعوا بالتقاط هواتفهم لتوثيق هذه اللحظات الخاصة.

يمثّل المهرجان الذراع الرئيسي لمؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وانطلاقًا منذ تأسيسه عام 2019؛ كرّس المهرجان جهوده لعشاق الأفلام وصنّاعها ونجومها والعاملين فيها من جميع أنحاء العالم، بهدف احتضانهم تحت منصّة سعودية دولية واحدة تعزز التبادل الثقافي وتحتفي بالتميّز في السينما وتتوّج الإبداع وتضمّ كلاً من رواة القصص والفنانين والجمهور تحت سقفٍ واحد على امتداد عشرة أيام، في قلب مدينة جدة النابضة بالحياة.

تنطلق المهمّة الرئيسية للمهرجان من هدف الارتقاء بالسينما العربية إلى مصافّ السينما الدولية، من خلال احتضان القصص الفريدة والأصوات الجديدة والرؤى الجريئة المبتكرة واستضافة سوق قوي للأفلام وتمكين المرأة مع تعزيز التبادل الثقافي بين صانعي الأفلام ونجومها وزوّار وحضور المهرجان. كما تستضيف شاشات المهرجان أحدث الأفلام من العالم العربي وباقي أنحاء العالم على مرأى سكّان جدّة وزائريها وضيوفها من جميع أنحاء العالم.

ومن خلال شعار محدد يتجدد كل سنة، ينطلق المهرجان للاحتفاء بفن السينما في جو ثقافي وترفيهي، مما يجعله محطة فريدة للسينما العربية والعالمية منذ دورته الأولى، ببرامجه الحيوية والمتنوعة المصممة لتناسب الجمهور وترتقي لتطلعاتهم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جدة مدينة جدة لعبة الحبار المزيد المزيد

إقرأ أيضاً:

«جافرت» .. كتابة ظفارية تُراوغ الأسطورة وتستنطق الذاكرة

صدرت عن دار «بورصة الكتب» المصرية في عام 2025، المجموعة القصصية الأولى للقاص أحمد المعشني بعنوان «جافرت»، متضمنة عشر قصص قصيرة توزعت على (118) صفحة كالتالي: «جافرت، شجرة التين العتيقة، معراج 2045، حارس الوالي، خمس ليال تحت الأنقاض، حمامة غزة، الباب السابع، الأمنية الأخيرة، والعهد القديم». تتفاوت هذه القصص في الطول والمناخات، لكنها تنحو جميعها نحو فضاء ظفاري محمّل بالرموز والأساطير والتوترات النفسية، ما يعكس صوتًا سرديًا ينهل من ذاكرة المكان وجماليات الأسطورة.

يتصدّر الكتاب تقديمٌ بقلم أحمد الجهيني بعنوان: «أحمد المعشني: من استنطاق الأشياء إلى صُنع الأسطورة». ومنذ الصفحات الأولى، نلحظ نزعة لغوية خاصة لدى القاص، تتكئ على معجم مستمدّ من البيئة الجبلية والقروية في ظفار. يراوح القاص في هذه المجموعة بين قصص مكتملة البناء، وأخرى استعجل في إنهائها. وبالرغم من غياب التصريح المباشر بأسماء أماكن محددة، فإن لغة السرد والمفردات المحلية تُرجّح انتماء معظم القصص إلى فضاء ظفار الثقافي.

كلمة «جافرت» أو «جفرت» غير شائعة في الفصحى، ويُحتمل أن تكون كلمة محلية تُطلق على حجر كريم أو «جوهرة الثعبان» - وهو معنى شائع في التراث الظفاري. يُشير الباحث سعود بن مسعود بن محمد المعشني في كتابه «الأعراف والعادات الاجتماعية في ظفار» إلى أسطورة محلية تُعرف بـ«الجوهرة والهَام»، حيث يظهر الثعبان ليلا وفي فمه جوهرة يلمع ضوؤها على أطراف البلدة. هذا الموروث يُعاد توظيفه في القصة التي تحمل عنوان المجموعة، حيث يعمد القاص إلى تفكيك الأسطورة وإعادة بنائها ضمن سياق غرائبي معاصر، يمزج الواقعي بالخيالي في فضاء رمزي كثيف. يغدو عنوان المجموعة بوابة سيميائية تقترح احتمالات عدة: أنثى غامضة، أو طقس محلي، أو أسطورة، أو حتى سردية مضادة لزمن واقعي. كما تُعزز لوحة الغلاف هذا البُعد الرمزي: سماء زرقاء وهلال ناعم، نخيل كثيف، بلورة غامضة ويعسوب ضخم. ترمز هذه العناصر إلى التحوّل، والتأمل، والروح، فيما يوحي اللون الأزرق البنفسجي بعالم الحلم والغموض واللاوعي.

في قصة «حمامة غزة»، يعتمد القاص أسلوب السرد بلسان الحيوان، حيث تُروى الحكاية من وجهة نظر «حمامة» شاهدة على الدمار. وهذا النمط السردي يُعد أداة رمزية قديمة وظّفها أدباء كثر (جورج أورويل في «مزرعة الحيوان»، وزكريا تامر)، نظرًا لما تتيحه من هامش واسع للتعبير الإسقاطي، وكشف المستور، والحديث عن المسكوت عنه.

رغم أن القصة تطرح الحمامة رمزًا للسلام والحرية والأنوثة، إلا أن القصة لم تُوفّق تمامًا في خلق عالم تخييلي يتجاوز الواقع المألوف، بل ظلّت أسيرة لغة خطابية مباشرة، وانتهت بجملة أقرب إلى هتافات سياسية: «نحن نموت هنا أو نعيش؛ إلى أن نرى السّلام يعمّ فلسطين. كلّ فلسطين». وهو ختام أفقد السرد رمزيته لصالح التقريرية.

تُعدّ قصة «الباب السابع» من أبرز القصص في المجموعة. تبدأ بفتاة تُدعى ليلى تعمل في مكتبة قديمة، لتكتشف ذات يوم مرآة غامضة تعكس صورًا متعددة لها: امرأة ثرية، فتاة فقيرة، متشردة، وغيرها. ومع عبارة مكتوبة على المرآة: «اختر واحدة وتحمّل ما يحصل لك». تتفكك هوية البطلة تدريجيا، إلى أن تدرك أنها بلا ظل. هذا الانعدام للظل -رمز الذات أو الوجود الفيزيائي- يُحيل القارئ إلى شعور بالاغتراب وفقدان الهُوية.

في مفارقة لافتة، يحمّل المجتمع مسؤولية اختفاء سكان البلدة إلى المكتبة، ويتّخذ قرارًا بإخلائها من الكتب. لاحقًا، تأتي شركة بترولية تستثمر الموقع، وتُعيد تشكيل المكان لا كمكتبة وإنما كمصدر مادي -في تعبير عن تحوّل الذاكرة الثقافية إلى سلعة. تنتهي القصة بحلم أحد المهندسين العائدين، الذي يُخبر أهله بأنه التقى ليلى في منامه... فيبقى السؤال معلّقًا: هل ما جرى واقع أم خرافة؟، ما يعزز طابع الطمس الرمزي والشك في وجود الحقيقة.

في قصة «العهد القديم» يقدّم المعشني ملامح من العالم الأنثوي في القرى الجبلية، حيث التوزيع الوظيفي يتخذ طابعًا ثقافيًا رمزيًا: البنات يرعين الغنم، والرجال يرعون الإبل والأبقار. هذا الفصل يُحيل إلى أنماط السلطة الجندرية، ويظهر كيف تتحوّل المهام اليومية إلى تمارين رمزية على الانتماء، والتراتبية الاجتماعية.

تنتهي القصة بطقس «النّانا» الغنائي، بوصفه وسيطًا للتعبير العاطفي والحنين. يُوظفه السارد في لحظة وداع أو موت، ليُجسّد التفاعل بين الطقس والذاكرة، بين الفرد والمجتمع، في قالب حزين وغنائي في آن.

رغم اتساق اللغة وسلاستها، تظهر بعض التعثرات الأسلوبية. مثال ذلك: «ولم يُسمح له بتقديم تبرير حتى. وهكذا تم وضعه في السجن تلك الليلة»، وهي جملة يمكن صياغتها على نحو أفضل: «لم يُتح له أي تبرير، حتى بالكلمة، فتمّ إيداعه السجن تلك الليلة».

كما يتكرر استخدام الفعل «انرسمت» في مواضع عدّة من الكتاب، وهو فعل غير وارد في المعاجم العربية الفصيحة بهذا التركيب، ما يستوجب المراجعة أو التبرير السياقي لهذا الخيار. تميل لغة المجموعة إلى البساطة المعبّرة، دون تزويق بلاغي مفرط، وتركّز على الجانب النفسي والتأملي للشخصيات. وتغلب تقنية الراوي العليم، مع توظيف الترتيب الزمني الخطي غالبًا. في بعض القصص، يُلحظ وجود بذور لأساليب ما بعد حداثية كقصة (معراج 2045)، وقصص أخرى تمثل تفكك الهُوية، وتداخل الواقع بالحلم، لكن دون مغامرة تقنية كبيرة.

تمثّل مجموعة «جافرت» محاولة جادة لاستعادة صوت محلي من خلال أدوات سردية تحمل حسًا ثقافيًا وبيئيًا خاصًا. تتجلى في النصوص رغبة في تفكيك الأسطورة الشعبية وإعادة ترميزها، وفي إبراز الهويات المهمّشة والنساء المنسيات، وفي استنطاق الأمكنة المتحوّلة تحت وقع الاستغلال والتهميش. وبرغم بعض مواطن الارتباك الفنيّ أو التسرع في بعض النصوص، فإن ما أنجزه أحمد المعشني في مجموعته الأولى يُنبئ بموهبة واعدة، تكتب من الأطراف لا المركز، وتحاور الأسطورة لا تكررها، وتصوغ الحكاية لا لتنام، بل لتستفزّ القارئ بأسئلتها.

مقالات مشابهة

  • قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
  • “المداح” .. حمادة هلال يصل تونس لحضور حفل افتتاح المهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون
  • فوبيا الطيران تجتاح العالم.. الصواريخ والطائرات المسيّرة تثير فزع المسافرين
  • «ريستارت».. تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بإيرادات الأفلام
  • السعودية تطلق 10 تجارب علمية إلى محطة الفضاء الدولية
  • إطلاق تجارب مسابقة “الفضاء مداك” إلى محطة الفضاء الدولية
  • الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـغزة.. صوت الحياة والموت
  • بعد اعتذارها عن «وتر حساس 2».. صبا مبارك تظهر بإطلالة مثيرة | صور
  • «جافرت» .. كتابة ظفارية تُراوغ الأسطورة وتستنطق الذاكرة
  • "جمعية السينما" تدشّن الأفلام الفائزة بـ"الدعم والإنتاج" في الاحتفال بذكرى التأسيس الثالثة والعشرين