نجحت دولة الإمارات في ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز الدول الرائدة في تبني التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، وذلك تماشياً مع رؤيتها الاستراتيجية للتحول الرقمي وتعزيز الابتكار في هذا المجال الحيوي.

واستناداً إلى تقارير ودراسات دولية وإقليمية، حققت الإمارات تميزاً في تبني الحلول الذكية التي تهدف إلى تعزيز الكفاءة المالية وتحقيق التنمية المستدامة، وأثبتت ريادتها العالمية في مجال الابتكار التكنولوجي بشكل عام، الأمر الذي أسهم في دفع المؤسسات المالية للاستفادة بشكل متزايد من الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.


وأكد عاصم جلال، مستشار العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في "جي أند كي" للاستشارات الإدارية، أن استخدام الإمارات للذكاء الاصطناعي سبق مرحلة الطفرة الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، لافتاً إلى أن استخدامه في القطاع المالي كان يتم في العديد من المجالات لا سيما منها الخاص بالتعرف على الأنماط، وبشكل مكثف في كشف عمليات غسيل الأموال ومحاولات الاحتيال.
وأضاف، أن الكثير من الرواد في عالم الذكاء الاصطناعي والعديد من المؤسسات البحثية حول العالم يشيدون بمكانة الإمارات في هذا المجال، كما أن العديد من كبريات الشركات العالمية تضخ استثمارات في شركات إماراتية، الأمر الذي يعزز مكانة الإمارات في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وأوضح، أن الإمارات سباقة في تطوير البنى التحتية الرقمية في القطاع المالي بجوانبه كافة، سواء على مستوى الاستراتيجيات والتشريعات، أو الممكنات والمكونات الرقمية كالحوسبة السحابية وسرعة الاتصالات وأمن المعلومات.

محرك رئيسي

من جانبه أكد جورج نداف، المدير الإداري لتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى منصة "إيتورو"، أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بات محركاً رئيسياً في القطاع المالي، مشيراً إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على الإسهام في تقديم تحليلات دقيقة في عالم المال كالأسهم بشكل فوري ودقيق، ما يلغي الحاجة إلى فرق كبيرة من المحللين التقليديين.
وأكد أن الإمارات تعد من الدول الرائدة في تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والعملات الرقمية، ما يعزز مكانتها كمركز عالمي للابتكار المالي.
ونوه بمرونة التشريعات في الإمارات وأسبقيتها والتي أسهمت في خلق بيئة داعمة للتطور التكنولوجي والنمو السريع.

ريادة عالمية 

ووفق أكاديمية أبوظبي العالمي "ADGM"، فقد وضعت دولة الإمارات نفسها كرائدة عالمية في مجال الابتكار التكنولوجي، مدفوعة بمبادرات بعيدة النظر وبيئة تنظيمية مواتية.
وتعد الإستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة للذكاء الاصطناعي 2031، محورية في تعزيز تبني الذكاء الاصطناعي في العديد من قطاعات الصناعة، بما في ذلك التمويل.
وبحسب الأكاديمية، تستفيد المؤسسات المالية بشكل متزايد من الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين الكفاءة وتعزيز تجربة العملاء واكتساب ميزة تنافسية في السوق.
وتقول "إنوفيت فايننس" للتكنولوجيا المالية، إنه بينما تراجعت الاستثمارات العالمية في التكنولوجيا المالية خلال 2023 بنسبة 42% ارتفعت هذه الاستثمارات في الإمارات بنحو 92%، مدعومة باللوائح التنظيمية الصديقة للتكنولوجيا المالية والاعتماد على نطاق واسع للخدمات المصرفية الرقمية.
وترى "كي بي أم جي" العالمية للخدمات المهنية والتدقيق، أن دولة الإمارات تواصل تطورها لتصبح مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا المالية.
وتصف التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا بأنه رحلة تحول رائعة، حيث وضعت دولة الإمارات نفسها كقوة عالمية في العصر الرقمي.
وتفيد "كي بي أم جي"، بأن الإطار التنظيمي في الإمارات يمهد الطريق للابتكارات في مجال التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية، كما أن أمن المعلومات يبرز كمحفز رئيسي يدفع التحول الرقمي، لافتة إلى أن الإمارات قدمت العديد من قوانين خصوصية البيانات لحماية المعلومات الشخصية وبيانات الأفراد، ومنها على سبيل المثال قانون حماية البيانات لمركز دبي المالي العالمي، وكذلك لوائح حماية البيانات لأبوظبي العالمي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الإمارات الذکاء الاصطناعی فی القطاع المالی دولة الإمارات الإمارات فی عالمیة فی العدید من فی تبنی فی مجال

إقرأ أيضاً:

هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟

 

 

مؤيد الزعبي

بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟

قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.

لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.

الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.

ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.

في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.

حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.

وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.

يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.

إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات  فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.

في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تمكين الكفاءات السعودية في عصر الذكاء الاصطناعي
  • متحدث الحكومة: "الرواد الرقميون" مبادرة للمستقبل لبناء قدرات الشباب في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
  • جائزة الإمارات للطاقة.. منصة عالمية لدعم الابتكار
  • سام ألتمان.. رأس الحربة في الذكاء الاصطناعي الإمبريالي
  • أخبار التكنولوجيا | سامسونج تكشف عن أرخص هواتف الذكاء الاصطناعي.. 4 ميزات مبتكرة تغير طريقة تواصلك على واتساب
  • سامسونج تكشف عن أرخص هواتف الذكاء الاصطناعي
  • علماء روس يستخدمون الذكاء الاصطناعي في فهم الجينات
  • هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
  • كيف غير الذكاء الاصطناعي شكل التصعيد بين إيران والاحتلال؟
  • من النفط إلى الذكاء الاصطناعي.. كيف تعيد دول الخليج تشكيل اقتصادها؟