الخوف من التنقل ليلاً يدفع ألمانيا لإطلاق قسائم تاكسي للنساء
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
أطلقت مدينة كولونيا مشروعًا تجريبيًا يهدف إلى تعزيز سلامة النساء أثناء التنقل ليلًا، من خلال تقديم قسائم بقيمة 10 يورو تُستخدم في رحلات التاكسي الليلية.
ويستهدف البرنامج النساء والأشخاص من فئات التنوع الجندري، حيث يمكن استخدام القسائم بين الساعة العاشرة مساءً والسادسة صباحًا مع شركة "تاكسي روف" فقط.
تأتي هذه المبادرة مستوحاة من برامج مماثلة في مدن ألمانية أخرى مثل ميونيخ التي أطلقت قسائم التاكسي الليلية منذ عام 2020، وزادت قيمتها هذا العام من 5 إلى 10 يورو بسبب ارتفاع الطلب. كما تبنت مدن أخرى مثل شتوتغارت ومانهايم وجيسن نماذج مشابهة، ورغم الإشادة بالمبادرات إلا أن بعض النقاد أشاروا إلى أن قيمة القسائم قد تكون غير كافية لتغطية تكاليف التاكسي الليلي المرتفعة في المدن الكبرى.
وفي السياق ذاته، ظهرت في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة خدمات وتطبيقات أخرى تركز على سلامة النساء، مثل خطوط ساخنة يديرها متطوعون لتقديم الدعم أثناء الرحلات الليلية، مع إمكانية تمرير المعلومات إلى الشرطة في حالات الطوارئ. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلثي النساء في ألمانيا يشعرن بعدم الأمان عند استخدام وسائل النقل العام ليلًا، وفقًا لاستطلاع أجرته الشرطة الفيدرالية الألمانية في عام 2020.
كما أظهرت دراسة أخرى أجرتها منظمة "بلان إنترناشيونال" غير الحكومية في العام نفسه: أن ربع النساء في مدن مثل هامبورغ وبرلين وكولونيا وميونيخ تعرضن للتحرش الجنسي، فيما أفادت 20% منهن بتعرضهن للملاحقة أو الإهانات أو التهديد، أثناء تنقلاتهن.
Relatedيغيب الزبائن فتحضرُ النباتات والبساتين..هكذا بدت سيارات التاكسي في بانكوكشاهد: التاكسي الروبوت.. سيارات ذاتية القيادة في سان فرانسيسكوشاهد: نجاح أول عرض تجريبي للتاكسي الطائر في الصينويأتي إطلاق هذه المبادرة في وقت تستعد فيه كولونيا للاحتفال برأس السنة، وهي ذكرى تعيد إلى الأذهان ما حدث خلال احتفالات نهاية عام 2015 عندما تعرضت مئات النساء للاعتداءات الجنسية والسرقات بالقرب من كاتدرائية المدينة، حيث تلقت الشرطة أكثر من 600 شكوى. وتُعد هذه الحادثة نقطة تحول دفعت المدينة إلى البحث عن حلول مبتكرة لتحسين سلامة النساء، ومنها برنامج "التاكسي الليلي للنساء".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "الروبوتاكسي": شركة تسلا تستعد لإزاحة الستار عن أحدث سياراتها الآلية السعودية توقّع صفقة كبيرة مع شركة ألمانية لشراء 100 تاكسي كهربائي طائر لأول مرة.. السعودية تدشن "التاكسي الجوي" في موسم الحج مواصلات عامةألمانيانساءأمنالمصدر: euronews
كلمات دلالية: سوريا إسرائيل قتل روسيا حركة حماس بشار الأسد سوريا إسرائيل قتل روسيا حركة حماس بشار الأسد مواصلات عامة ألمانيا نساء أمن سوريا إسرائيل قتل روسيا حركة حماس بشار الأسد الحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهو غزة ديزني فلاديمير بوتين یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
الوجوه المتعددة للبذاءة (2)
د. ناهد محمد الحسن
لم تولد البذاءة ثورية، ولم تُخلق لتكون شعارًا سياسيًا أو صوتًا للجماهير. لكن عندما تشتدّ الأزمات، يعاد ترتيب وظائف الأشياء، وتجد الكلمات المنفية إلى حواف اللغة طريقها فجأة إلى مركز الساحة. ولكي نفهم البذاءة في سياق المقاومة، لا بد أن نستدعي أعمق نقد وُجه للّغة. وهو النقد الذي قدمه ماركس، وإنجلز، وتروتسكي لما يسمّى بالأخلاق البرجوازية. فالأدب الاجتماعي يخبرنا أن “التهذيب” لم يكن يومًا قيمة محايدة. كأن طبقة كاملة من القواعد صُمِّمت لتقول من يحق له الكلام، وكيف يجب أن يتكلم، وعلى أي نبرة، وضمن أي حدود. بهذه القواعد، تُحكم المجتمعات دون شرطة، ويُربّى الناس على احترام كلمات معينة وتجنّب أخرى،
لا بدافع الأخلاق… بل بدافع السلطة. “فالطبقة التي تملك الامتيازات تملك أيضًا حق تعريف “اللغة المهذّبة”، ومن يخرج عن لغتها، يخرج عن طاعتها. هنا تمامًا يظهر معنى استخدام البذاءة كسلاح مقاومة. إنها ليست رغبة في “التدنّي”، بل رغبة في نزع قدسية اللغة التي حصرت الحقيقة في يد الأقوياء. ولهذا قال تروتسكي رأيًا جوهريًا:
إن البذاءة حين تخرج من أفواه المقهورين لا تشرح يأسهم، بل تشرح وعيهم بما فُرض عليهم.
يرى عالم الإجتماع إرفنغ غوفمان أن المجتمع يشبه مسرحًا كبيرًا. في واجهته الأمامية الناس مؤدّبون، منمقون، خاضعون للسياق. بينما يقبع في واجهته الخلفية الغضب، السخط، الخوف، التناقضات. السلطة تريد من الناس أن يظلّوا على الواجهة الأمامية دائمًا. أن يبتلعوا الظلم بهدوء. أن يتحدثوا بلغة مهذّبة حتى وهم يُعذبون. لكن الثورات لا تقوم على المسرح الأمامي.
الثورات تبدأ حين يقتحم الناس الواجهة بالكلمات التي كانت محصورة في الخلفية. وهنا يتضح دور البذاءة. فالبذاءة هي اللحظة التي يسقط فيها الستار. ويظهر الواقع كما هو دون تجميل. وتفسد اللعبة الاجتماعية. لهذا تخشاها السلطة…لأنها تكسر وجودها الرمزي قبل وجودها العسكري. تحوّل الزعيم إلى رجل، والشرطة إلى أفراد، والدولة إلى جهاز قابِل للنقد.
في السودان، لم يكن شعار “تسقط بس” بذاءة، لكنه كان كسرًا للنبرة الرسمية. أما البذاءات التي لحقت به في الشوارع فكانت…تمرّدًا على اللغة التي طالبت الناس بالانحناء قبل التفكير.
تُظهر التجارب النفسية أن الخوف يُفقد الإنسان قدرته على الكلام المنظّم. البذاءة تظهر عندما يبدأ الحاجز العصبي بين الخوف والصوت في التهشّم. في الأنظمة السلطوية، يُربّى الناس على الصمت. يُعلَّمون أن الكلام مخاطرة. وأن الغضب يحتاج إذنًا. وأن الاعتراض يجب أن يكون “محترمًا” لكي يُسمع. لكن الانفجار الأول للحرية ليس هتافًا مهذّبًا. إنه كلمة حادّة، بسيطة، محرّمة، تنجح في اختراق الصمت لأن الجهاز العصبي نفسه يدفع بها إلى الخارج.
وهذا يفسّر شيئًا مهمًا؛ ان الجماهير لا تختار البذاءة لأنها جريئة، بل لأنها الكلمة الوحيدة القادرة على حمل الانفعال عندما تضيق اللغة المهذّبة. البذاءة هنا ليست إساءة… بل استعادة لسلطة الصوت.
حين تتراكم كل هذه الطبقات، اللغة، الطبقة، التمثيل الاجتماعي، علم النفس، يتحوّل معنى البذاءة. لتصبح دفاعًا عن الحق في الكلام. انحيازًا للحقيقة العارية على حساب التجميل. رفضًا للمقام اللغوي الذي تفرضه السلطة. نقطة التحوّل من الخوف إلى الجرأة.
تاريخيًا، استخدمت المجتمعات البذاءة حين ينهار العقد الاجتماعي، أو يتوحّش الاستبداد، أو تصبح اللغة الرسمية عقبة أمام قول الحقيقة. في تلك اللحظة، لا يعود للكلمة البذيئة معناها الأخلاقي، بل معناها السياسي: أن أستعيد حقي في اللغة لكي أستعيد حقي في العالم.
نواصل. عن البذاءة كأداة مقاومة
الوسومناهد محمد الحسن