موعد تجمع بريكس 2023.. دوافع مصر من القمة وعلاقتها بـ الدولار
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
دور متزايد لمجموعة بريكس للتأثير في الاقتصاد العالمي، وسوف يكون في المستقبل القريب أحد التجمعات الرئيسة التي ستسهم في إرساء أسس نظام اقتصادي عالمي جديد، وينال التحالف ترحيبًا من القادة السياسيين والاقتصاديين في العديد من الدول، ومنها مصر.
جرت مناقشة إمكانيات جديدة للتعاون الاقتصادي في قمة البريكس الـ14 في يونيو 2022، تتمثل في تشكيل أنظمة دفع بديلة وعملة احتياطية للتجارة العالمية، والشراكة من أجل التعاون المربح للجانبين، والتطوير التدريجي لنظام مالي من غير الدولار.
يعتبر الحصول على المنح والقروض الميسرة بفوائد مخفضة من بنك التنمية التابع للتكتل، بما يساعد في الهروب من حصار صندوق النقد الدولي واشتراطاته القاسية أهم دوافع مصر من تجمع البريكس، إضافة إلى الاستفادة من اتجاه تجمع بريكس للتعامل بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار الأمريكي، لأن إحدى المبادرات التي تشارك فيها بريكس حاليًّا، هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة، سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة مشتركة، وهذا جزء تحتاج إليه مصر بسبب أزمة النقد الأجنبي.
كما تطلع مصر إلى جذب عدد كبير من المشروعات المستقبلية، خاصة مشروعات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية والبنية التحتية من كبار المستثمرين العالميين، ورواد رجال الأعمال في دول البريكس، إضافة إلى تأمين احتياجات البلاد من السلع الغذائية الضرورية، على رأسها القمح، وغيرها من المنتجات الصناعية مثل الأجهزة الإلكترونية، وزيادة عدد السياح القادمين إلى مصر، في ظل تطلع الدولة المصرية لجذب 30 مليون سائح بحلول عام 2028.
حضور الرئيس الصينييتوجه الرئيس الصيني شي جين بينج إلى جنوب إفريقيا، الأسبوع المقبل، في زيارة دولة جنوب إفريقيا يحضر خلالها قمة بريكس، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الصينية.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية هوا تشونيينج، في بيان "بدعوة من رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا، سيشارك الرئيس شي جين بينج في قمة بريكس الخامسة عشرة التي ستعقد في جوهانسبرج، وسيقوم بزيارة دولة جنوب إفريقيا في الفترة الممتدة من 21 إلى 24 أغسطس الجاري".
وسبق أن زار الرئيس الصيني جنوب إفريقيا في عام 2018 في إطار مساعيه لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لبلاده مع القارة، وستكون هذه ثاني زيارة خارجية يقوم بها شي هذا العام بعد رحلته إلى روسيا في مارس الماضي.
موعد تجمع بريكس 2023أعلنت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور، في وقت سابق من هذا الشهر، أن قادة الصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، إضافة إلى وزير الخارجية الروسي سيلتقون في الفترة من 22 أغسطس إلى 24 من نفس الشهر؛ لإجراء مناقشات حول "بريكس وإفريقيا".
هل يشارك بوتين؟فيما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عدم المشاركة في قمة بريكس، خاصة بعد صدور مذكرة توقيف دولية بحقه الشهر الماضي.
تبحث قمة جوهانسبرج هذا العام احتمال توسيع مجموعة بريكس، وأعربت دول إفريقية عديدة عن رغبتها في الانضمام إلى الكتلة، بما فيها الجزائر ومصر وإثيوبيا، ودعيت 69 دولة لحضور القمة في جنوب إفريقيا، بما فيها كل الدول الإفريقية.
قمة بريكس تستعد لمناقشة استخدام العملات المحلية في التجارة بين أعضائها
قال سفير جنوب إفريقيا لدى مجموعة "بريكس" أنيل سوكلال، إن مجموعة بريكس ستناقش تعميق استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء في قمة بريكس، التي ستعقد في جنوب إفريقيا خلال الشهر الجاري (22-24 أغسطس)، وهي خطوة تلقى ترحيبا من المؤسسات الاقتصادية العربية.
وتنتظر قمة مجموعة "بريكس" هذا الشهر قرارات اقتصادية مهمة، ومن المرتقب أن تناقش القمة تعميق استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء في المجموعة.
مصر وبريكسجدير بالذكر أن وجود مصر في بنك التنمية الوطني يعزز اتفاقيات التبادل التجاري مع دول بريكس، ويساعدها في تقليل الطلب المرتفع للغاية على الدولار الأمريكي لتزويد واردات البلاد، ودعم تنميتها المستدامة، ومعالجة قضايا السيولة، وتسهيل تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي من خلال الاستثمار في بنيتها التحتية، ويركز البنك على تنفيذ المشروعات المتعلقة بأولويات التنمية الوطنية للدول الأعضاء، كما تعوّل مصر على بنك التنمية الجديد لـ بريكس بعد الانضمام إليه بأن يكون في المستقبل بديلًا أفضل من البنك الدولي.
كما تسهم عضوية مصر في بريكس في الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في زيادة معدلات التصنيع والإنتاج، وخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية في ظل التوازنات المرتقبة على المستوى الدولي والإقليمي، بجانب تجمع الكوميسا، كما تسهم في توفير الآلاف من فرص العمل، بما يسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين وتلبية الاحتياجات التنموية لهم والارتقاء بجودة الخدمات العامة.
كما تريد مصر الاستفادة من تزايد الاستثمار الأجنبي المباشر وقيمة التجارة الثنائية بين دول بريكس والدول الإفريقية، وخلال رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة بريكس، تضع مصر عضويتها الجديدة تحت مزيد من الدراسة باستخدام برنامج "بريكس وإفريقيا"، جنبًا إلى جنب مع وجود "بريكس" في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وخاصة في تطوير البنية التحتية والتنمية المستدامة. في المقابل، البريكس يستفيد أيضًا من وجود مصر في عضويته؛ فهي بوابة لأفريقيا من حيث توجيه السلع والخدمات الخاصة بهم، وتصدير لباقي دول القارة للاستفادة من السوق الإفريقية؛ استغلالًا لموقع مصر الجغرافي والمقومات التي تمتلكها، وهو ما يجعل مصر شريكًا وحليفًا قويًّا.
يتيح انضمام مصر لدول البريكس، تعزيز مواقعها التفاوضية مع الغرب، والسعي إلى تحقيق التوازن والتنوع في علاقاتها الخارجية، من أجل العمل والتصدي للتهديدات والمخاطر العابرة للحدود، في ظل التحول البطيء في قمة النظام الدولي وما نتج عنه من تحديات وتهديدات تواجه العديد من الدول.
وقدمت مصر طلبا رسميا للانضمام إلى مجموعة بريكس الاقتصادية، و"بريكس" هي اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويمثل التجمع نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بريكس الدولار جنوب إفریقیا مجموعة بریکس قمة بریکس فی قمة
إقرأ أيضاً:
الصين وآسيا الوسطى شراكة الجيران والتاريخ
تشو شيوان **
عُقدت قبل الأيام قمة "الصين- آسيا الوسطى" الثانية في أستانا بكازاخستان، وسط أجواء من الغموض العالمي والتحوّلات السياسية والاقتصادية الكبرى، خصوصًا وأن العالم يواجه تهديدات عالمية مصيرية وصعبة.
جاءت هذه القمة امتدادًا لرؤية مركزية في السياسة الصينية لتقوية الروابط مع دول الجوار وتعزيز العلاقات خصوصًا وأن آسيا الوسطى منطقة استراتيجية وهناك فرص مشتركة للصين ولدول آسيا الوسطى بالتعاون والتنمية على جميع المستويات وفي كافة القطاعات، وهناك علاقة ودية بينهم وقد قال الرئيس الصيني شي إن الصين ودول آسيا الوسطى الخمس ( كازاخستان- أوزبكستان – تركمانستان – قرغيزستان – طاجيكستان) استكشفت وصاغت روح الصين – آسيا الوسطى التي تتسم بالاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساعدة المتبادلة والسعي إلى تحقيق التحديث المشترك عبر التنمية عالية الجودة، مما يعُبر بعمق عن تاريخ الشراكة ووجهها الحضاري بين الطرفين.
تأتي أهداف القمة أولًا رفع مستوى التعاون الاقتصادي عالي الجودة من حيث تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية ضمن مبادرة الحزام والطريق، مع تركيز على الربط السككي والطاقة والنقل متعدد الوسائط مما يساعد في الاستجابة للتحديات الاقتصادية، ثانيًا توسيع الإطار المؤسّسي والتعاون متعدد القطاعات من حيث الاستمرار في تأسيس مراكز تعاون جديدة في مجالات الفقر، التعليم ومكافحة التصحر، إلى جوار منصة تسهيل التجارة، وثالثًا دعم التبادل الثقافي، والتواصل الشعبي (التعليم، السياحة، الجامعات، الفنون…).
أما الأهداف الشاملة؛ فيأتي على رأس قائمتها تعزيز الأمن الإقليمي المشترك بحيث ضمان توحيد الجهود ضد التطرف والإرهاب والجريمة العابرة للحدود، ضمان عدم تدخل قوى خارجية في شؤون المنطقة حيث أن دول آسيا الوسطى ترفض نماذج الهيمنة وحروب الرسوم الجمركية، وأيضًا يعمل كلا الأطراف على ترسيخ الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد؛ حيث تم توقيع “معاهدة الجوار الصالح الدائم”، لتأسيس إطار قانوني لعلاقات طويلة الأمد قائمة على الاحترام، السيادة، وعدم استخدام القوة.
إن أبرز النتائج تأتي في إطار توقيع اتفاقيات ضخمة وتوسيع البنية التحتية، فقد شملت توقيع 24 اتفاقية بين الصين وكازاخستان في قطاعات متنوعة (الطاقة، الفضاء، الرقمنة، الزراعة)، وانطلاق أعمال السكك الحديدية بين الصين وقيرغيزستان – أوزبكستان، والتوسّع في مشروع ثالث للربط مع كازاخستان، وإنشاء 3 مراكز تعاون (مركز لمكافحة الفقر، مركز تبادل تعليمي، آخر لمكافحة التصحر) وقد خصصت الصين منحة بقيمة 1.5 مليار يوان، و3,000 مقعد تدريبي لدعم مشاريع التنموية الآنية في آسيا الوسطى.
أيضًا من أبرز النتائج للقمة هو ما يتعلق بتسهيلات سفر متبادلة وتواصل شعبي، حيث شملت القمة توقيع اتفاقات دخول دون تأشيرة مع كازاخستان وأوزبكستان؛ علمًا بأنه تجاوزت رحلات المسافرين بين الصين وكازاخستان 1.2 مليون في 2024 مما يثبت أن العلاقات متنامية بين الطرفين، وعلى المستوى الثقافي فقد اتفق الأطراف على افتتاح مؤسسات تعليمية وصناعية وثقافية، وزيادة عدد المدن الشقيقة إلى أكثر من 100 علاقة.
من وجهة نظري أن القمة جاءت في توقيتٍ دقيق؛ إذ تنطلق من منظور صيني ساعي لبلورة تعاون جيو‑اقتصادي بديل عن النموذج الغربي، عبر منظومة علاقات طويلة الأمد ومؤسسات قانونية، وذلك من خلال تبني نموذجًا مؤسسيًا شاملًا- من البنى التحتية إلى التعاون الأمني والتبادل الثقافي- مما يعزز من استدامته بعيدًا عن الأزمات العابرة، وتؤسس لحقبة جديدة من التعاون الإقليمي، وستظل الشفافية والاحترام المتبادل مفتاحًا لتقييم نجاحها طويل الأمد.
"قمة أستانا" أرسَت اتحادًا يتجاوز التجارة إلى فضاء أمني وثقافي متكامل، تحت شعار "الاحترام المتبادل- المنفعة- المساعدة"، وهذا جوهر العلاقة المتبادلة الصحية التي يجب أن تقوم عليها علاقات الدول، والصين ودول آسيا الوسطى يفهمان هذا الأمر جيدًا وما هو جميل أن جميع الأطراف لديها تفاهم مسبق على الخطوط العريقة لشكل العلاقة في المستقبل.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر