تعتبر جامعة القاهرة واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي وإفريقيا، وصرحًا علميًا شامخًا يجسد تاريخ مصر الحديث ومكانتها الثقافية والعلمية. تأسست الجامعة في 21 ديسمبر 1908، لتكون أول جامعة مصرية وطنية تحمل على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وتعزيز النهضة في مختلف المجالات. ومنذ ذلك الحين، قدمت الجامعة إسهامات بارزة في إثراء الحياة الأكاديمية والعلمية ليس فقط على المستوى المحلي، بل عالميًا أيضًا.

مع مرور 116 عامًا على إنشائها، تستمر جامعة القاهرة في ترسيخ مكانتها كمركز للتفوق العلمي والبحثي، حيث نجحت في تخريج نخبة من العلماء والمفكرين الذين أسهموا في تشكيل ملامح المجتمع المصري والعالمي، من بينهم عميد الأدب العربي طه حسين، والحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ.

تأتي هذه المكانة المرموقة نتيجة لالتزام الجامعة بالتميز والابتكار في التعليم والبحث العلمي، فضلًا عن قدرتها على مواكبة التطورات العالمية في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ومع احتفالاتها بعيد العلم هذا العام، تسلط الجامعة الضوء على إنجازات علمائها المتميزين ودورها في تحقيق رؤية مصر 2030 من خلال أبحاث تخدم التنمية المستدامة وتعزز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا.

في هذا الإطار، كان  لنا حوار صحفي مميز مع د. محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، لاستعراض مسيرة الجامعة وإنجازاتها ورؤيتها المستقبلية.

في إطار الاحتفال بعيد العلم ومرور 116 عامًا على تأسيس جامعة القاهرة، أجرينا هذا الحوار مع الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث، للحديث عن إنجازات الجامعة، رؤيتها البحثية، ومساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

س: كيف تحتفل جامعة القاهرة بمرور 116 عامًا على تأسيسها؟

 يمثل الاحتفال بعيد العلم حدثًا مهمًا في مسيرة جامعة القاهرة. هذا العام نحتفل بتكريم علماء الجامعة المتميزين في مختلف المجالات، خاصة الحاصلين على جوائز الدولة والجامعة. تأسست الجامعة في 21 ديسمبر 1908 كأول جامعة مصرية، وكانت منذ ذلك الحين رمزًا للتقدم العلمي والثقافي.

لقد قدمت الجامعة على مدار تاريخها أسماء لامعة، مثل عميد الأدب العربي طه حسين والحائز على جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ، وغيرهما من الشخصيات التي أسهمت في تقدم المجتمع المصري والعالمي.

س: كيف استطاعت الجامعة الحفاظ على مكانتها المتقدمة في التصنيفات العالمية؟

 جامعة القاهرة واجهت منافسة شرسة من الجامعات العربية والعالمية، لكنها تمكنت من الحفاظ على مكانتها بفضل تطوير مستمر في التعليم والبحث العلمي. في التصنيفات العالمية مثل QS وTimes Higher Education، حققنا المركز 370 عالميًا، الأول محليًا، والثاني عربيًا بعد جامعة الملك سعود.

السر يكمن في التركيز على الأبحاث ذات الجودة العالية، تحسين بيئة البحث، ودعم الباحثين للنشر في مجلات دولية مرموقة. كما أننا نولي اهتمامًا خاصًا بمجالات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الطب والصناعة، والتي أصبحت أولوية استراتيجية.

س: حدثنا عن دور الجامعة في تطوير البحث العلمي الطبي؟

 الأبحاث الطبية في جامعة القاهرة تمثل أحد أعمدة التميز لدينا، وخاصة في معهد الأورام وكلية طب قصر العيني. نعمل حاليًا على تطوير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن الأمراض وتحديد طرق العلاج المثلى.

لدينا فرق بحثية تعمل على مشروعات كبيرة، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الجراحات الدقيقة، والتي تساعد في تحسين دقة العمليات وتقليل الأخطاء الطبية. هذه الأبحاث ليست فقط طموحًا أكاديميًا، بل تساهم بشكل مباشر في تحسين خدمات الرعاية الصحية في مصر.

س: ما هو الدعم الذي تقدمه الجامعة للباحثين؟

الدعم المالي واللوجستي للباحثين شهد زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة. خصصنا في عام 2022 نحو 65 مليون جنيه لدعم الأبحاث، وارتفع هذا الرقم إلى 90 مليون جنيه في عام 2024.

يتم توجيه هذه الأموال كمكافآت للباحثين الذين ينشرون في مجلات دولية ضمن قواعد بيانات مثل Scopus وClarivate. كما نركز على دعم المشروعات البحثية المشتركة، مثل مشروع تطوير العلوم الاجتماعية والإنسانية، الذي أطلقناه في فبراير 2024، وموّلنا من خلاله 30 مشروعًا بحثيًا من موارد الجامعة الذاتية.

س: كيف تساهم الأبحاث الجامعية في تحقيق رؤية مصر 2030؟

البحث العلمي هو المحرك الأساسي لأي دولة تسعى للتقدم. جميع أبحاث جامعة القاهرة مرتبطة بأهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة. نعمل على مجالات تشمل الطب، الهندسة، الاقتصاد، والسياسة، وكلها تصب في تحقيق الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية لرؤية مصر.

نحن الآن في نهاية خطتنا البحثية 2020-2024، ونستعد لإطلاق خطة جديدة تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الـ17 للأمم المتحدة، بما يضمن استمرار الجامعة كقوة بحثية رائدة في مصر والمنطقة.

س: هل هناك توجهات لدعم الأبحاث التي تخدم الصناعة المصرية؟

 بالتأكيد، الأبحاث الموجهة لخدمة الصناعة تمثل أولوية كبرى. كليات الهندسة، العلوم، والتكنولوجيا الحيوية تعمل على تطوير حلول لمشاكل الصناعة، مثل تطوير السيارات الكهربائية، تطبيقات الروبوتات، وتكنولوجيا النانو.

هدفنا هو دعم تحول مصر من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة ومصدّرة. الأبحاث الصناعية هي المفتاح لتحقيق هذا التحول، ونحن في جامعة القاهرة ندرك جيدًا أهمية هذا الاتجاه.

س: ما النصيحة التي تقدمها للباحثين الشباب؟

 نصيحتي الأولى هي ألا يكون الهدف من البحث العلمي مجرد الترقي الوظيفي أو الحصول على شهادة. يجب أن يركز الباحث على إنتاج أبحاث تضيف قيمة حقيقية للدولة والمجتمع.

اختيار الموضوعات الملحة والقضايا القومية يجب أن يكون في قلب كل مشروع بحثي. أقول دائمًا للباحثين: اجعلوا أبحاثكم وسيلة لحل مشاكل المجتمع، وستجدون أن نتائجها تتحدث عن نفسها.

س: ما خطط الجامعة لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي؟

أطلقنا استراتيجية جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي تحت رعاية رئيس الجامعة د. محمد سامي عبد الصادق، تهدف هذه الاستراتيجية إلى دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، تطوير أبحاثه، وإعداد برامج تعليمية تلبي احتياجات سوق العمل.

نركز على تأهيل الطلاب والباحثين في هذا المجال المهم، لأننا نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، ليس فقط في التعليم، بل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

س: كيف تحافظ الجامعة على ريادتها البحثية والعلمية؟

 المنافسة بين الجامعات قوية جدًا، لكننا نحافظ على ريادتنا من خلال الابتكار المستمر، تطوير البرامج الأكاديمية، والتركيز على التخصصات الجديدة.

نحن نعمل أيضًا على تحسين بيئة البحث، وتوفير الدعم اللازم للباحثين. علاوة على ذلك، نحرص على أن تكون خططنا البحثية مرتبطة بأهداف التنمية المستدامة وقضايا المجتمع، مما يضمن بقاء جامعة القاهرة في الصدارة، جامعة القاهرة ستظل دائمًا في طليعة المؤسسات الأكاديمية والبحثية، ملتزمة بدورها في تحقيق تطلعات مصر المستقبلية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التعليم والبحث العلمي الدراسات العليا والبحوث الدكتور محمود السعيد الذكاء الاصطناعي المؤسسات الاكاديمية جامعة القاهرة حوار صحفي رئيس جامعة القاهرة عميد الادب العربي نائب رئيس الجامعة الذکاء الاصطناعی فی التنمیة المستدامة جامعة القاهرة البحث العلمی رؤیة مصر 2030 فی التعلیم فی تحقیق

إقرأ أيضاً:

علوم الأزهر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لاستشراف مستقبل البحث العلمي بالغردقة

في إطار سعى كلية العلوم بنين بجامعة الأزهر فرع أسيوط لترسيخ مكانتها العلمية عالميًا، تنظم مؤتمرها المؤتمر الدولي السابع للأفاق الجديدة فى العلوم الأساسية والتطبيقية (ICNHBAS 2025) خلال الفترة من 29 أغسطس حتى 1 سبتمبر 2025، بمدينة الغردقة.

ويجمع المؤتمر كبار العلماء من دول مثل ألمانيا، اليابان، الصين، وروسيا والسعودية، لمناقشة قضايا محورية تشمل الذكاء الاصطناعي، التنمية المستدامة، وإسهامات العلماء المسلمين في تطور العلوم، مما يعكس التزام الأزهر بدوره الحضاري في بناء جسور المعرفة بين الشرق والغرب

يُقام المؤتمر تحت رعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الأستاذ الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والأستاذ الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة لفرع الوجه القبلي.

وأكد الدكتور علاء جاد الكريم عثمان عميد الكلية ورئيس المؤتمر، أن انعقاد المؤتمر في نسخته السابعة يأتي تتويجًا لنجاحات النسخ الست السابقة، التي شهدت مشاركات علمية متميزة ومتنوعة. ويشمل المؤتمر هذا العام سبعة محاور رئيسية تغطي أحدث الاتجاهات في مجالات الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و علوم النبات و الميكروبيولوجي و علوم الأرض و علم الحيوان والعلوم البيئية.

كما يشهد المؤتمر إضافة محورين جديدين على قدر كبير من الأهمية: وهما دور العلماء العرب والمسلمين في تطوير العلوم الأساسية، من خلال أوراق بحثية ومحاضرات تعريفية تسلط الضوء على إسهاماتهم التاريخية والمعاصرة، والمحور الثاني ثورة الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، حيث يناقش هذا المحور تأثيرات الذكاء الاصطناعي على منهجيات البحث العلمي، من خلال جلسات يقدمها نخبة من العلماء المتخصصين وشركات رائدة في هذا المجال، بهدف تحليل الإيجابيات والتحديات المرتبطة بهذه الثورة التقنية.

ويُعقد على هامش المؤتمر عدد من ورش العمل المتخصصة، التي تتناول موضوعات حيوية مثل التنمية المستدامة، التغيرات المناخية، إعادة التدوير، وغيرها من القضايا المرتبطة بمحاور المؤتمر.

ويستضيف المؤتمر نخبة من المتحدثين الرئيسيين من مختلف دول العالم، من بينها ألمانيا وروسيا، والصين والسعودية وغيرها.

ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التفاعل بين الخبراء في تخصصاتهم، وتطوير التعاون متعدد التخصصات لمواجهة تحديات العلوم الحديثة والتكنولوجيا والمجتمع. كما يسعى إلى تشجيع تبادل الأفكار بين المشاركين وجهًا لوجه، وبناء علاقات بحثية وتجارية، واستكشاف فرص التعاون الدولي المستقبلي.

مقالات مشابهة

  • رؤية 2030.. المشير خليفة حفتر يعين نجله صدام نائبا له في الجيش الليبي
  • الأربعاء المقبل.. مدينة الأبحاث العلمية تحتفل بيوبيلها الفضي احتفاءً بـ 25 عامًا من الإنجازات
  • مؤتمر قريباً.. الجلالة الأهلية تسعى لتوظيف البحث العلمي لدعم الاقتصاد الوطني
  • جامعة الحديدة تقيم اليوم العلمي المفتوح الثاني لبحوث تخرج طلاب هندسة الصناعات الغذائية
  • المشير حفتر يعلن عن إطلاق رؤية 2030 لتحديث القوات المسلحة وبناء جيش متطور
  • علوم الأزهر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لاستشراف مستقبل البحث العلمي بالغردقة
  • رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للموارد الذاتية
  • غير مرتبطة بضغط العمل.. بيان من جامعة القاهرة حول وفاة طبيبة امتياز بقصر العيني
  • تنسيق الجامعات 2025.. شروط وأوراق التحويل لكليات جامعة القاهرة
  • جامعة القاهرة تكشف ملابسات وفاة طبيبة امتياز بمستشفيات قصر العيني