المفتي: الخوف من الله يحرك قلبي نحو البحث عن حكم شرعي متوازن
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
أكد الدكتور نظر عياد، مفتي الديار المصرية، أن الفتوى يجب أن تستند إلى معايير أخلاقية راسخة، باعتبار أن الفتوى ليست مجرد حكم شرعي بل هي أداة تؤثر في حياة الأفراد والمجتمع بشكل مباشر، مؤكدا أن الخوف من الله تعالى هو الأساس الذي يجب أن يحرك قلب المفتي ويحثه على البحث عن حكم شرعي متوازن، بعيد عن الهوى، ومراعٍ لمصلحة الناس.
وأشار مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج "مع المفتي"، على قناة الناس، اليوم الجمعة، إلى أن أي فتوى لا تقوم على أساس أخلاقي ستكون بعيدة عن الصواب وستفتقر إلى الفاعلية، حيث إن الهدف الأساسي من الدين هو غرس القيم الأخلاقية التي تنعكس على سلوك الأفراد والمجتمع، مستشهدا بما ورد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يتحلى بأخلاق عظيمة في فتاويه، ومنها حادثة تحديد وقت صلاة العصر في غزوة بني قريظة، والتي أظهر فيها النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ قبول الاختلاف الفكري وعدم الزجر على الآراء المختلفة، رغم أن بعض الصحابة صلوا في الطريق والبعض الآخر في المدينة.
وتابع: "الفتوى لا تكون مؤثرة ونافعة إلا إذا كانت متأصلة في القيم الأخلاقية التي تحترم العلاقة بين العبد وربه، وبين العبد ونفسه، وبين العبد والمجتمع"، موضحا أن الفتوى يجب أن تؤسس على ميثاق أخلاقي يضمن عدم المساس بالكرامة الإنسانية أو السمعة أو مصالح الأفراد والمجتمع.
وفي سياقٍ متصل، أشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجل الذي استفتاه بشأن ولادة ابنه الأسود، حيث تعامل معه برفق ولم يعنفه، وطرح عليه سؤالًا حكيمًا حول لون الجمل الذي يملكه، ليُبرز له أن الاختلاف ليس بالأمر الغريب أو السيئ، بل هو من صميم الطبيعة التي خلقها الله.
وأكد أن الفتوى التي لا تعتمد على هذه الأسس الأخلاقية ستكون قاصرة وغير قادرة على تحقيق أهداف الشريعة، بل قد تساهم في هدم قيم المجتمع، موضحا أن العلماء القدامى كان لديهم وعي عميق بأهمية الجانب الأخلاقي في الفتوى، حتى أنهم وضعوا ضوابط أخلاقية للمفتي في كتبهم الفقهية، مثلما فعل الإمام السبكي في "معيد النعم" و"ميد النقب"، حيث كانوا يحرصون على أن تكون الفتوى متوافقة مع مراد الله تعالى وتحقيق مصالح العباد دون المساس بأخلاقياتهم أو سمعتهم.
وأشار إلى أن الفتوى التي لا تراعي هذه الضوابط الأخلاقية تُعتبر "عقيمّة"، لأنها لا تحقق الهدف الشرعي ولا تسهم في بناء مجتمع سليم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفتوى الصحابة قناة الناس المفتي أن الفتوى
إقرأ أيضاً:
هل الكوارث الطبيعية دليل على غضب الله؟.. أمين الإفتاء يحسم الجدل
علق الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، على ما يثار من جدل كبير حول أن الكوارث الطبيعية دليل على غضب الله على الناس، مشيرا إلى أن الدنيا التي نعيش فيها هي بأكملها مدرسة نتعلم منها، فكل شيء في الكون يتحدث ويخاطبنا، منوهًا بأن أول ما حدث لآدم عليه السلام على الأرض كان التعليم.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن فهم الظواهر الطبيعية من خلال منظور حضاري مستنير بنور تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يدعونا إلى رؤية هذه الظواهر كرسائل إلهية وليست غضبًا أعمى من الله، بل خطاب من الرحمن يدعونا إلى الالتزام والتقوى.
عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية للتخلص من العصبية
الدكتور عمرو الورداني: المصريون القدماء اعتبروا العمل عبادة فبنوا حضارة
الورداني: اختزال العمل في المكسب فقط أضاع قيمته وأضفى خللا في الوعي
كيف أتعلم القناعة والرضا بقضاء الله؟.. عمرو الورداني يوضح
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إلى أن الظواهر كالهزات الأرضية، الأمطار الغزيرة، البراكين، والفيضانات ليست أحداثًا عشوائية، بل هي جزء من نظام دقيق في الكون يبعث به الله سبحانه وتعالى لكي يوقظ قلوب الناس ويدعوهم إلى الرجوع إليه، مستشهداً بقوله تعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً"، موضحًا أن التخويف هنا يعني الإيقاظ والتنبيه وليس الفزع والذعر.
وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن هذه الآيات الكونية تخاطب وجدان الإنسان وأعماقه، لتجعلنا نعود إلى الله ونتأمل في عظمته، مؤكداً أن الكون كله يسبح بحمد الله، حتى وإن لم نفقه تسبيحه.
وشدد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، على أهمية تعلم القراءة الكونية، مثلما نتعلم القراءة والكتابة لنتقن قراءة كتاب الله، فالسنن الإلهية في حركة الأفلاك وسائر الظواهر موجهة لإيقاظ الإنسان وليس لإرهابه.
وأوضح أن رد الفعل الروحي الصحيح تجاه هذه الظواهر هو الثبات وعدم الفزع الغريزي، مستشهداً بقوله تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت"، لافتا إلى أن الله لطيف بعباده، ولا يريد لنا أن نعيش في خوف، بل يطلب منا التفكر والعودة إليه عند وقوع هذه الظواهر.