(سلسلة الأرض المقدسة.. معركة اليمن المفصلية) -2-
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
المرحلة مفصلية وتاريخية ومصيرية
ولها أهميتها وآثارها المستقبلية
من كلمة للسيد القائد ـ في 21 مارس 2024 م .
* * *
( عمليتا استهداف هدفين عسكريين للعدو الإسرائيلي في منطقتي “يافا وعسقلان” في فلسطين المحتلة )
إنها السابعة صباح يوم الاثنين 23 ديسمبر 2024
تبدو الأجواء الصباحية في مدينة عسقلان الفلسطينية المحتلة البحرية رطبة للغاية مع نزول بعض رذاذ الأمطار.
يشاهد الأجواء من نافذة محصنة لمصنع عسكري عمدة مدينة عسقلان الفلسطينية المحتلة تومر جلام اليهودي ذو الأصول الأشكنازية
تنزل قطرات المطر من على النافذة يتابعها تومر جلام ذو الستين عاماً وهو يفكر في المدينة الأكثر شهرة والتصاقاً بمدينة غزة المحتلة .
عسقلان.. من أقدم مدن العالم سكنها العرب قبل 5 آلاف سنة
كانت مدينة عسقلان (المجدل) على مدى تاريخها الطويل ذات شأن اقتصادي كونها ميناء بحريا، ونظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من غزة ومصر ومواجهتها للقادمين من البحر تجارا وغزاة، فقد كانت منذ القدم محطة هامة من سلسلة المحطات الممتدة على طول السهل الساحلي الفلسطيني، حيث اعتادت القوافل التجارية والحملات العسكرية المرور بها للراحة والتزود بالمؤن.
وتقع عسقلان جنوب فلسطين التاريخية، على ساحل البحر المتوسط، على بعد 13 كيلومترا إلى الشمال من قطاع غزة، على بعد 65 كلم غربي القدس، وخلال التاريخ القديم كانت عسقلان عبارة عن قرية تُسمى “المجدل”. والمجدل كلمة آرامية بمعنى البرج والقلعة والمكان العالي المشرف، وهي بلدة كنعانية قديمة كانت تسمى “مجدل جاد” وجاد هو إله الحظ عند الكنعانيين.
وتعد عسقلان واحدة من أقدم مدن العالم وفقا لما عثر عليه في الحفريات الآثارية التي قام بها لورنس ستاغهار من جامعة هارفرد الأمريكية عام 1985م، الذي أكد أن أول من أسس المدينة كان العرب الكنعانيون في العام 3000 قبل الميلاد تقريبا. وقد عثر على بقايا المدينة الكنعانية في عمق 15 مترا، وقدر عدد سكان المدينة في ذلك الحين بنحو 15 ألف نسمة، وأن المدينة كانت محاطة بسور عريض.
ويوجد في عسقلان خط الأنابيب الإسرائيلي، الذي يحضر المنتجات النفطية من إيلات إلى محطة تصدير في الميناء.
ويعمل الاحتلال على مشروع خط “دبي عسقلان” الذي يبلغ طوله 158 ميلا، من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث سيوفر بديلا أرخص لقناة السويس المصرية، عبر شبكة خطوط أنابيب ستنقل النفط والغاز، ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تصل إلى كل العالم، وهو ما سيلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد المصري.
* * *
يواصل عمدة عسقلان المحتلة تومر جلام – صاحب الوجه المكتنز والجسد المترهل – مشاهدة المدينة من نافذة المصنع العسكري المحصنة ويتمنى اليوم الذي سيأتي لينام جيدا هو والمستوطنين المحتلين للمدينة بدون ترقب أي هجوم محتمل ضدهم.. متى سينتهي رعب صافرات الإنذار المعلنة عن هجوم جديد آخر، ترقب الهجوم ينهكهم أكثر.. وأكثر..
* * *
الساعة التاسعة صباح الاثنين 23 ديسمبر 2024 م.
داخل خيمة بالية في مخيم البركة بمواصي خان يونس في غزة، تواصل الأم مريم طرف دموعها في صمت حتى لا توقظ طفليها التوأم ذي العامين وهي تتذكر زوجها وأبناءها الكبيرين اللذين استشهدا بغارة جوية تتذكر منزلهم المدمر وحالة ابنيها التوأم اللذين يعانيان من فقر دم وتدعو الله دعاء المظلومة الموجوعة.
* * *
الساعة العاشرة صباح الاثنين 23 ديسمبر 2024
تدوي صفارات الأمطار سماء مدينة عسقلان المحتلة لتحيل هدوء المدينة لعاصفة من الخوف والترقب
يهرع المستوطنون المحتلون للملاجئ وكلهم خوف وهلع كعادة اليهود
يركض عمدة عسقلان المحتلة تومر جلام لملجأ المصنع العسكري، كان يركض وترتج كرشته المكتنزة ليتعثر في أحد الموظفين ويسقط أرضا . . يصرخ في وجهه ويعاود النهوض بصعوبة
يجر نفسه للوصول لبوابة الملجأ لكنه يهوي إثر صوت انفجار سببه طائرة مسيرة أصابت الهدف بدقة ونجاح .
* * *
الساعة الثامنة مساء الاثنين 23 ديسمبر 2024 م .
تشاهد الأم مريم تجمعاً لبعض الأسر النازحة على شاشة التلفاز تنقل بياناً عسكرياً للقوات المسلحة اليمنية تلاه المتحدث الرسمي العميد يحيى سريع، يعلن تنفيذ القوات المسلحة اليمنية عمليتين عسكريتين على هدفين عسكريين للعدو الإسرائيلي في منطقتي يافا وعسقلان في فلسطين المحتلة.
تبدو الابتسامة على محياها بعد انتهاء البيان العسكري للقوات المسلحة اليمنية رافعة يدها بالدعاء بالنصر والتأييد .
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاثنین 23 دیسمبر 2024 مدینة عسقلان
إقرأ أيضاً:
فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء
لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على جبهات واضحة أو بخطوط تماس تقليدية، بل أصبحت مختبرات الأبحاث البيولوجية والجينية جبهات متقدمة في صراع القوى الدولية، ومع تسارع وتيرة التقدم في علوم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية، تلوح في الأفق ملامح عصر جديد من الحروب، الحروب البيولوجية المستقبلية، التي قد تُعيد تشكيل النظام العالمي وتُحدث تحولات جذرية في مفاهيم الأمن القومي والسيادة.
التحول الجوهري في طبيعة الحرب البيولوجية المستقبلية يكمن في دقتها الانتقائية، ففيما كانت الأسلحة البيولوجية التقليدية تُطلق في نطاق واسع غير موجه، بات الآن بالإمكان استخدام أدوات مثل تقنية "كريسبر" لتعديل الجينات وتصميم فيروسات موجهة تصيب فئة بشرية معينة بناءً على خصائص وراثية محددة، كالسلالة أو العرق أو حتى التكوين الجيني لسكان منطقة بعينها.
في قلب هذه الحرب القادمة تقف البيانات الوراثية للبشر، باعتبارها الوقود الحقيقي للصراعات، ملايين الأشخاص أرسلوا عينات حمضهم النووي إلى شركات لتحليل الأنساب أو الأمراض الوراثية، هذه الشركات، رغم ما تعلنه من التزام بالخصوصية، قد تكون في يوم ما هدفًا للاختراق أو الشراء من قِبل جهات أمنية.
ويمكن استهداف مجموعات بشرية معينة بفيروسات مصممة بدقة. ويمكن معرفة نقاط ضعف الشعوب صحيًا، وتطوير أدوات قتل صامتة، وهذا النوع من الأسلحة يُحدث ثورة في موازين القوى، لأنه يتيح لدولة صغيرة أو تنظيم مسلح امتلاك قدرة تدميرية تضاهي النووي، ولكن دون الدمار الشامل للبنية التحتية أو الحاجة إلى جيوش ضخمة.
التهديد لا يأتي فقط من الدول العظمى التي تستثمر في البحث البيولوجي، بل من تعدد اللاعبين غير التقليديين، شركات التكنولوجيا الحيوية العابرة للحدود، التي تُجري تجارب على الجينات، أصبحت تملك بنوك بيانات ضخمة يمكن استخدامها لأغراض هجومية، كما أن السوق السوداء للفيروسات والمُعدلات الجينية باتت متاحة عبر الشبكة المظلمة.
والتقارير الاستخباراتية تؤكد أن بعض الدول استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث الجينوم البشري بهدف جمع قاعدة بيانات جينية عالمية، يمكن من خلالها تطوير فيروسات مخصصة وهي ليست مجرد خيال علمي، بل مشروع يُطبخ في الخفاء على نار باردة.
والتنظيمات المتطرفة قد تستخدم فيروسًا مُهندَسًا كأداة إرهاب واسعة النطاق، بل إن بعض الفرضيات الاستخباراتية تتوقع هجمات بيولوجية بوساطة طائرات درون صغيرة تنشر رذاذًا معديًا في أماكن التجمعات.
وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 هشاشة البنية الصحية العالمية، حتى في الدول المتقدمة، وكشفت مدى تداخل الأمن الصحي مع الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والجائحة كانت، في نظر كثير من المحللين الاستراتيجيين، محاكاة عملية لحرب بيولوجية محدودة.
فحرب بيولوجية واحدة قد تُسقط دولة قوية دون طلقة واحدة هذا يجعل بعض الدول تفكر بالبيولوجيا كأداة للانتقال من وضعية القُطر الصغير إلى لاعب إقليمي أو عالمي فإذا استطاعت دولة ما توجيه ضربة بيولوجية تُحدث انهيارًا اقتصاديًا في دولة عظمى، دون أن تُكتشف، فقد تحقق نفوذًا غير مسبوق دون الحاجة لمواجهة مباشرة.
ولو ظهر الآن فيروسًا أكثر فتكًا، مُصممًا في مختبرات عسكرية، لا يُظهر أعراضه إلا بعد أسبوعين من العدوى، يُصيب فئة عمرية منتجة، ويُطلق بهدوء في أحد المطارات الدولية لن يكون حجم الخسائر يُقاس بالموتى فقط، بل بالانهيار الكلي لسلاسل الإمداد، والثقة المجتمعية، وحتى استقرار الأنظمة السياسية.
وفي السنوات الأخيرة، ومع تنامي الصراعات الجيوسياسية وحمى سباق التسلح الصامت، تصاعد الحديث في أوساط المخابرات والمراكز البحثية عن تجارب بيولوجية سرية تجريها بعض الدول الكبرى، هدفها ليس العلاج، بل تطوير فيروسات معدلة وراثيًا لتُستخدم كأسلحة دمار شامل.
ويؤكد تقرير صادر عن "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي" أن هناك دلائل متزايدة على أن بعض الدول تسعى لخلق "فيروسات ذكية"، يصعب اكتشافها، وتتميز بسرعة الانتشار، وارتفاع معدل الوفاة، وإمكانية برمجتها لاستهداف جينات معينة.
وفي أوائل عام 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب القصوى بعد ظهور سلالة متحورة من فيروس "ماربورغ" في وسط إفريقيا، أُطلق عليها اسم “ماربورغ 2.0”، السلالة الجديدة لم تكن طبيعية في نمط تطورها، وهو ما أثار شكوكًا حول تدخل بشري في تعديل بنيتها الجينية.
وتمتاز هذه النسخة بسرعة الانتشار عبر الهواء وهو تطور خطير مقارنة بالسلالة الأصلية التي كانت تنتقل عبر سوائل الجسم فقط، ومع معدل وفاة يصل إلى 85% في الحالات المصابة، وغياب لقاح فعال حتى اللحظة، بدا العالم وكأنه على شفا كارثة بيولوجية.
لكن ما أثار الجدل أكثر، هو تسريب وثائق من مركز أبحاث في أوروبا الشرقية، تشير إلى تجربة سرية كانت تهدف لاختبار قدرة الفيروس على الانتشار في بيئات مغلقة كالمطارات والسجون، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس "مختبرات الموت".
وفي جنوب آسيا، رُصدت حالات لفيروس "نيباه" المتحور، والذي تم تطويره في ظروف غامضة ليصبح أكثر مقاومة للأدوية وأسرع في الانتقال من إنسان لآخر والنسخة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "نيباه X"، تتسبب في تورم دماغي حاد يودي بحياة الضحية خلال أقل من 48 ساعة من ظهور الأعراض.
اللافت أن التحاليل الجينية أظهرت تلاعبًا واضحًا في الشيفرة الوراثية للفيروس، مما دفع جهات استخباراتية غربية إلى اتهام أطراف غير معلومة بتطوير الفيروس داخل مختبرات عسكرية، ربما بغرض اختباره كسلاح كتمهيد لحرب بيولوجية محتملة.
ما يجعل هذه الأسلحة البيولوجية الفيروسية أكثر خطورة من غيرها، هو أن اكتشافها يتم بعد فوات الأوان، فغالبًا ما يُعتقد أن انتشار الفيروس هو وباء طبيعي، حتى تتضح الحقيقة، ولا يمكن مواجهة هذه الفيروسات بأسلحة تقليدية، ولا حتى بالجيوش، مما يجعل الدول أمام خيارين الانهيار أو العزلة، ولعل ما حدث في أعقاب جائحة "كوفيد-19" يُعد تحذيرًا مبكرًا لما هو قادم لكن الفرق أن الفيروسات التي ظهرت مؤخرًا أكثر خبثًا، وأسرع فتكًا، وربما للأسف أكثر ذكاءً.
وفرض التوازن النووي حالة من الردع بين القوى العظمى، والعالم الآن بحاجة إلى مفهوم جديد للردع البيولوجي لكن التعقيد في الأسلحة البيولوجية يكمن في إمكانية إنكار استخدامها، وصعوبة تتبع مصدرها، مما يجعل المحاسبة الدولية شبه مستحيلة.
من هنا تنبع الحاجة إلى معاهدة دولية مُلزمة تُعزز الشفافية في الأبحاث البيولوجية، وتُنشئ هيئة تحقيق عالمية لديها صلاحية التفتيش الفوري على المختبرات، تمامًا كما هو الحال مع وكالة الطاقة الذرية.
وسيحتاج الأمن القومي في العقود القادمة إلى إعادة تعريف جذري. الجيوش التقليدية، مهما كانت قوتها، لن تستطيع حماية دولة من فيروس موجه، والمطلوب هو بنية تحتية للذكاء الحيوي، تُراقب التغيرات البيولوجية غير المعتادة، وتحلل التسلسل الجيني للفيروسات الجديدة فور ظهورها.
الدول الذكية لن تستثمر فقط في الطائرات والسفن، بل في قدرات رصد بيولوجي مبكر، وفي العلماء باعتبارهم جنود الخط الأمامي في الحروب القادمة والتي قد لا تصدر عنها أصوات انفجارات، ولا ترفع فيها رايات، لكنها ستكون الأكثر تأثيرًا في تاريخ البشرية، حرب تُخاض داخل خلايا الجسد، وميادينها مجهرية، ولكن عواقبها عالمية.