ثمّة حروب أخذت وقتا طويلا ومرهقا للمتحاربِين استنزفت قدراتهم البشرية والعسكرية وأكلت مواردهم الطبيعية وأحالت حياة شعوبهم إلى عذاب، وقد صُنف البعض من تلك الحروب على أنها الأطول في التاريخ، مثل تلك التي جرت بين المسلمين في الأندلس من جهة والأسبان والبرتغاليين من جهة أخرى والتي استمرت أكثر من 700 عام كاملة!

لكن الحرب التي تشنها دولة الاحتلال، أو بتعبير أدق الاعتداء الوحشي الذي يشنه الصهاينة منذ ما يزيد على 14 شهرا مدعوما من كل جيوش الغرب بالأسلحة والذخائر والمعلومات السخية من أجهزتهم الاستخباراتية، ليست حربا متكافئة بين قوتين متناظرتين، بل هو اعتداء همجي مفتول العضلات مدجج بأحدث الأسلحة الفتاكة للإجهاز على شعب أعزل، معبرا بلسان الحال والمقال عن إرادته في الهدم والتدمير والتخريب لكافة صور العمران لديهم.



الحرب التي تشنها دولة الاحتلال، أو بتعبير أدق الاعتداء الوحشي الذي يشنه الصهاينة منذ ما يزيد على 14 شهرا مدعوما من كل جيوش الغرب بالأسلحة والذخائر والمعلومات السخية من أجهزتهم الاستخباراتية، ليست حربا متكافئة بين قوتين متناظرتين، بل هو اعتداء همجي
ولا يتوانى هؤلاء الصهاينة بعقيدتهم التلمودية المنحرفة عن قتل الحياة في غزة المحاصرة منذ ما يزيد على 17 عاما في ظل تواطؤ غربي وعربي، بل وفلسطيني من أشاوس السلطة التابعة لعباس! لسحق هؤلاء المقاومين ممن شذوا عن القاعدة العريضة المنبطحة لأمريكا -إمبراطوار العالم- وللغرب الأوروبي، ليس ذلك فحسب بل الوقوف خلف الاحتلال من أجل الفت في عزيمة الشعب الفلسطيني وإنهاء وحدته وتماسكه..

لقد تخلت البشرية عن إنسانيتها واصطفت خلف البرابرة في اعتداءاتهم على شعب أعزل عقابا له على رفضه للقهر والذل الذي ارتضاه السيد الأمريكي بارا بعقيدته الصهيونية، وباتت دولة الاحتلال في ظل الحماية الدولية والعجز العربي في حالة من الفُجر والعربدة لا مثيل لها في التاريخ، لا تتوقف عن جرائمها وسيكوباتيتها وتلذذها بإحراق كل كائن حي في غزة، وتدمير كل وسائل الحياة من محطات طاقة ووقود وسيارات إسعاف، ولا تهدأ طائراتهم ومسيّراتهم حتى تُركت الجثث في الشوارع تنهشها الكلاب الضالة في مشهد مؤلم ومروّع تخطى في ضراوته ما كنا نقرأه عن مأسي الحروب في العصور الوسطى!

وثمة أسباب جوهرية فرضت تساؤلات هامة عن قوة الدفع التي تحرك حكومة "بنيامين نتنياهو" والتي تحملها على الاستمرار في تلك الحرب رغم خسائرها البشرية والاقتصادية المهولة، ولماذا يبدو إيقاف الحرب أمرا مستحيلا على الأقل في الأفق القريب؟!

1- وقوف الولايات المتحدة الأمريكية بكل طاقتها خلف الاحتلال ودعمه بكافة وسائل الدعم المادي والعسكري والسياسي والإعلامي، وسيُخيّل للمتابع للتحركات المكوكية للإدارة بدءا برئيسها مرورا بوزير خارجيتها مع باقي المتنفذين داخلها بأن المعركة بين أمريكا وبين الفلسطينيين! حتى وُجهت الاتهامات من قِبل الأمريكان أنفسهم لحكومتهم بسبب التراخي في معالجة كارثة الإعصار الذي ضرب ولاية فلوريدا، وقالوا إن الإدارة لم تقم بالمجهود والدعم للإعصار مثلما تفعل في دعمها لإسرائيل!

ثمة أسباب جوهرية فرضت تساؤلات هامة عن قوة الدفع التي تحرك حكومة "بنيامين نتنياهو" والتي تحملها على الاستمرار في تلك الحرب رغم خسائرها البشرية والاقتصادية المهولة، ولماذا يبدو إيقاف الحرب أمرا مستحيلا على الأقل في الأفق القريب؟!
2- سيطرة اليمين من غلاة المتطرفين أعضاء الحكومة الإسرائيلية على الأغلبية في الكنيست الإسرائيلي، مما يعطي الحماية والحصانة ضد أي محاولات سحب للثقة من حكومة نتنياهو، وابتزازهم لرئيس الحكومة بذلك لحمله على المضي قدما في الحرب رغم رفض الشارع الإسرائيلي واحتجاجاته المستمرة لانهاء الحرب وعقد صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية..

3- انتقال العرب من خانة العجز إلى خانة التواطؤ والتحريض على إنهاء المقاومة، وهو ما فضحه "دينيس روس"، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمستشار في معهد واشنطن حاليا، قائلا: إن الرغبة في القضاء على حماس والمقاومة ليست رغبة أمريكية أو إسرائيلية فقط ولكنها رغبة عدد من الزعماء العرب!

4- الدور الشيطاني للإعلام العربي في تحميل المقاومة مآلات ما يحدث في القطاع، متجاهلا كافة الأسباب المتعلقة بالاحتلال والخطط التي كشفت رغبته في مهاجمة القطاع قبل انطلاق الطوفان، ونظرته للضفة الغربية التي يسكن فيها حليفه "محمود عباس" بأنها الجائزة الكبرى! وهذه الميديا من محطات فضائية ومواقع وصحف ومراكز للدراسات؛ لا تكف عن النواح مثل البوم! ولا تكف عن الغمز واللمز في رموز المقاومة وفي النيل من ذمتهم وكرامتهم واتهامهم بأبشع الأوصاف التي يعرفون براءتهم منها، كما حدث مع قائد المقاومة الشهيد "إسماعيل هنية" وأسرته التي ارتقى أغلبها بالقصف والقتل داخل قطاع غزة..

5- ضعف المنظمات العربية والإسلامية وعدم قدرتها عن الخروج من حظيرة الحكام، بخلاف اعتلاء سدة تلك المنظمات من بعض الشخصيات المعروفة بكراهيتها وعداوتها للمقاومة الفلسطينية، والكيل بمكالين الذي يحسنه المتحدثون باسم تلك المنظمات ممن لا يقدمون حلولا ولا تسمع لهم قولا يشفي الصدور ولو على مستوى بيانات وتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة السيد "أنطونيو جوتيريش"!

ختاما.. هل ستمضي الحرب إلى ما لا نهاية وهل أصبح أمر إيقافها مستحيلا؟!

الأمر بيد الله وحده يُقلّب الموازين، ويفضح المتآمرين، ويقوّي ساعد المقاومين للذل والهوان نيابة عن أمتهم وعن العاجزين من شعوبنا العربية والإسلامية، ولربما اختل توازن المحتل وانفرط عقد اللُحمة بين شركاء الغدر والخيانة كما انفرط عقد الأحزاب ممن تجمعوا لاستئصال شأفة المسلمين والقضاء على دولتهم في المدينة..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة المقاومة احتلال مقاومة غزة جرائم مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لجان المقاومة تِهنئ حماس بذكرى انطلاقتها الـ38

غزة - صفا هنأت لجان المقاومة في فلسطين وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، حركة المقاومة الإسلامية "حماس"وذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام" وأعضاء المكتب السياسي، وعموم قادة الحركة وكوادرها ومجاهديها بذكرى انطلاقتها الثامنة والثلاثين. وقالت لجان المقاومة في بيان وصل وكالة "صفا"، يوم الأحد: إن انطلاقة حماس شكّلت إضافة نوعية للحركة الوطنية الفلسطينية، وإسهامًا كبيرًا في تعزيز نهج وفكر المقاومة.  وأضافت "في هذه الذكرى المباركة نستذكر بكلّ فخر واعتزاز مسيرة قادتها الشهداء الأبطال، المؤسّس الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب، وإسماعيل هنية والقادة الشهداء أبو إبراهيم السنوار وصالح العاروري وأحمد الجعبري ومحمد الضيف ومروان عيسى، وقافلة الشهداء والجرحى والأسرى من كافة أبناء شعبنا الفلسطيني". وأكدت أن حركة حماس أثبتت عبر تاريخها الطويل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي انها عصية على الإنكسار، وأنها جزء مهم وثابت وراسخ ومتجذر من الحركة الوطنية الفلسطينية. وأشارت إلى أن حماس كانت وما زالت تمثل رأس الحربة في مواجهة مخططات الاحتلال وأطماعه ومؤامراته التوسعية. وعبرت عن خالص اعتزازها بالصورة المشرقة التي جمعت كتائب القسَّام والوية الناصر صلاح الدين وكلّ أذرع المقاومة في مواجهة الاحتلال في "انتفاضة الأقصى"، ومعركة "طوفان الأقصى"، والتي رسخت مبدأ المواجهة والتصدي للعدو المجرم في قطاع غزة. وأكدت لجان المقاومة على وحدة الموقف والتنسيق المشترك بيها وبين حركة حماس وكافة فصائل المقاومة. وشددت على أن هذه الوحدة ستظل ثابتة وراسخة ومستمرّة حتّى تطهير أرضنا ومقدساتنا من دنس الاحتلال. 

مقالات مشابهة

  • ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
  • "حماس" تنعى الشهيد القائد رائد سعد
  • معركة المرحلة الثانية في غزة
  • الرئيس عون يدين الإعتداء الذي وقع في سيدني
  • لجان المقاومة تِهنئ حماس بذكرى انطلاقتها الـ38
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • صديق المهدي .. المشروع المدني الديمقراطي هو الوحيد القادر على إيقاف الحرب
  • المرور يكشف الحالات التي تتطلب تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة 
  • "لجان المقاومة": ما يجري في غزة فصل جديد من حرب الإبادة وسط صمت دولي
  • الاحتلال يعتقل أحد حراس الأقصى عقب الاعتداء عليه