3 نقاط ضعف تتسم بها الدول الصناعية الكبرى تحدد قرار الحرب
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
يرى الباحث في مؤسسة RAND الشهيرة، تيموثي هيث، أن ضعف الحكومات سيؤدي لمخاطر جسيمة تنعكس على قرار الحرب والسلم في دولها. فماذا يقصد الباحث بعبارة "حكومة ضعيفة"؟
إن قرارخوض حرب طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وأي دولة كبيرة أخرى كالصين مثلا يجب أن ياخذ في عين الاعتبار ثلاث نقاط ضعف تتسم بها الدول الصناعية الكبرى بشكل عام.
تتضاءل شرعية الحكومات المركزية، الديمقراطية منها والديكتاتورية، عندما تعجز عن توفير الخدمات والرعاية لمواطنيها. كما تعجز عن تحقيق فرص متكافئة للمواطنين في ظل تباطؤ اقتصادي يخيم على معظم هذه الدول. كما يمكن مشاهدة السلوك السيء للشرطة في بعض هذه الدول مما يضعف ثقة المواطنين فيها.
وتؤدي ظاهرة الجهات غير الحكومية ذات النفوذ لتزيد من إضعاف شرعية الدولة. فالاعتماد على المتعاقدين العسكريين، والعنف الذي يرتكبه المجرمون المسلحون والمتطرفون السياسيون يروّع المواطنين ويقوّض الثقة في إنفاذ القانون. وفي ظل تراجع شعبية الحكومة تزدهر العرقية والتعصب للثقافة والدين، ليشكل هؤلاء ضغطا كبيرا على الحكومات. فقد سبق أن تعرض حاكم ميتشيغن لمحاولة اختطاف وتعرضت رئيس مجلس النواب، نانسي بيلوسي، لهجوم. وشهدت الولايات المتحدة غضبا غير مسبوق في الهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2023.
يرى الباحث أن هذه الحكومات الضعيفة غير قادرة على الانخراط في حروب طويلة الأجل لأن أيا من هذه الحكومات سوف تعجز عن إعادة ملء الصفوف بقوات نظامية مدربة، بل ستعتمد على المرتزقة غير الوطنيين. ويمكن أن تواجه تمردا محليا ذا استقطابات سياسية وشعبوية ومعاشية. ولذلك على مخططي الدفاع أن يأخذوا نقاط الضعف هذه على محمل الجد قبل الانخراط في حرب مديدة يكون طرفاها خاسرين ولأجل غير مسمى.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الحرب العالمية الثانية ركود اقتصادي
إقرأ أيضاً:
مذبحةُ الحجاج اليمنيين في “تنومة”.. 105 أعوام ولم تُـنْـسَ
يمانيون../
يظلُّ الحزنُ متقداً في قلوب اليمنيين لما جرى من مذبحة متوحشة لحجاج بيت الله الحرام في “تنومة” قبل 105 أعوام، حَيثُ قُتل الحجاج اليمنيون بدم بارد، ومضت هذه الجريمة مرور الكرام على الرغم أن ضحاياها فاق 3 آلاف حاج.
لقد أوصل آل سعود رسالتَهم لليمن واليمنيين، وهي مليئة بدماء الأبرياء، ومزينة بالأشلاء والرؤوس المقطوعة إلى كُـلّ بيت يمني، وهي سياسة متوحشة لا تزال مُستمرّة إلى يومنا هذا، وإن كانت مجزرة “تنومة” قد ارتكبت بعيدًا عن الأعين والشواهد، فَـإنَّ جرائم العدوان السعوديّ موثقةٌ بالصوت والصورة وستظل عالقة في أذهان الأجيال جيلاً بعد جيل.
ويؤكّـد الباحث الأكاديمي الدكتور حمود الأهنومي في كتابه “مجزرة الحجاج الكبرى” أن تلك الجريمة تسببت في أضرار ونتائج اجتماعية وإدارية، فقد تقرحت أجفانُ كثيرٍ من الأولاد الذي تيتموا إثر مقتل آبائهم وشغرت الكثير من الوظائف الإدارية في الدولة لفترة من الوقت، وظل الكثير من الأهالي ينتظرون عودتهم، واعتبروهم مفقودين وليسوا شهداء، وظلت بعضُ تركات الشهداء عشرات السنين لم تُقسم ونشأت عنها مشكلاتٌ شرعية، كما في حالة شهيد النصرة وولده أيهما قتل أولاً، ليترتب على ذلك تقسيم المواريث؛ ولهذا يؤكّـد الباحث وجودَ وثيقة بخط الإمام يحيى حميد الدين تثبت أن محكمة الاستئناف بصنعاء حكمت بعد مدة من وقوع المجزرة؛ باعتبَار كُـلّ المفقودين في هذه المجزرة موتى، وعليه يجوز تقسيم مواريثهم، وتزويج نسائهم.
ويؤكّـد الباحثُ الأهنومي أن المجرمَ عبدَ العزيز آل سعود لما قَوِيَ مركَزُه السياسي والاقتصادي والعسكري بدأ بفرض خياراته بشأن عسير ونجران وجيزان وشأن الحجاج بالقوة والإملاء وأفشل المفاوضات وفجّر الحرب اليمنية السعوديّة في عام 1934م والتي انتهت بما عُرِفَ باتّفاقية الطائف في العام نفسه وأملى شروطها المنتصر عسكريًّا في المجمل، ومع ذلك فقد استطاع الإمام يحيى؛ بسَببِ انتصاره وتقدمه في جبهة نجران وعسير وبحصافته أن يتفادى كَثيراً من الاملاءات التي كان يفرضها الوضع العسكري والسياسي آنذاك.
وفي الواقع أن تلك المعاهدة أقرت واقعاً مفروضاً بشأن الحجاج، بحسب الباحث، وهو أن ابن سعود لا علاقة له بالمجزرة وأنه لا تلزمه أيةُ تبعة، ومع أن المعاهدة أفضت إلى نوع من التطبيع بين اليمن والنظام السعوديّ، وبالعودة إلى نصوصها نجد أن مملكة قرن الشيطان بحربها على اليمن قد خالفتها مخالفةً صريحةً وأفرغتها من مضمونها الملزم لليمنيين بالكف عن المطالبة بالأراضي اليمنية المحتلّة واستعادتها.
وبناءً على ذلك وعلى أن تلك المعاهدةَ لم تتناول المجزرة بأي حَـلّ وأن ولاية أولياء الدم باقية فَإنَّه شرعيٌّ وقانونيٌّ يحق لأولياء الدم أن ينتصروا اليوم لقضيتهم، وأن يرفعوا دعاوى حقوقهم المدنية من الديات والتعويضات أمام المحاكم الدولية ضد نظام ابن سعود.
حركة آل الحاضري الشعبيّة:
وبما أن معاهدةَ الطائف 1934م لم تحمل أي حَـلّ أَو إنصاف لشهداء تنومة، بل طوت القضية ووأدتها سياسيًّا تحت وطأة الانتصار العسكري لابن سعود، فقد شعر اليمنيون عندها بالغيظ والحنق والإحباط، ولمسوا خسارةَ أراضٍ يمنية، فتحَرّك حينها الجانبُ الشعبي اليمني لأخذ الثأر والقصاص بنفسه، ففي الساعة السابعة والنصف صباح يوم الأضحى 10 ذي الحجّـة 1353 – 1935م انبرىثلاثة رجال من أسرة بيت الهجام من بيت حاضر سنحان، للاقتصاص من ابن سعود، حينما كان يطوف طوافَ الإفاضة في الحرم المكي، حَيثُ انقضوا عليه وخلفه ابنه سعود وحرسه، وبحسب الروايات فقد أُصيب وليُّ العهد سعود بطعنة في كتفه وأفَادت بمقتل شرطي يُدعى أحمد العسيري طعناً ومقتل شرطي آخر يُدعى مجدوع بن هيثان.
وحول الدافع الأَسَاسي لهؤلاء الفدائيين الثلاثة (النقيب علي بن علي حزام الهجام، صالح بن علي الهجام، مبخوت بن مبخوت بن حسين النجار الهجام) يقول الباحث كان المشهور على ألسنة الناس أن الدافع لهم هو الثأرُ لشهداء “تنومة”، لكن تاريخ الفدائيين الثلاثة كما تشير إليه المذكرات المنسوبة إلى أحدهم عن طبيعة تفكيرهم ووعيهم الأممي وَالإسلامي ووعيهم بعلاقة ابن سعود ببريطانيا في السعي إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين يرجح أن الدافع لهم دافعٌ شعبي وإسلامي ينطلقُ من الدين والحمية الإسلامية.
ويستنتجُ الباحثُ الأهنومي في خلاصة بحثه أن ما حدُثُ من عدوان سعوديّ ضد اليمن ليس كما يتوَهمه البعض نتيجة عدوان استجد أَو رغبة عدائية طارئة، بل لم يعرف اليمنيون النجديين من أول يوم إلا وهم يعتدون على هذا الشعب ويوجهون إليه مجازرهم، ومنها مجزرة “تنومة”، وبعدها استخدم النجديون الحرب الباردة أَو الهيمنة ثم بالحرب الساخنة والمجازر المروعة التي أرتكبها العدوان الأمريكي السعودي خلال التسعة الأعوام الماضية.
ويشير الباحث إلى أن الفترة من عام 1918 م إلى عام 1923م كانت أهم وأخطر فترة في تأريخ اليمن المعاصر وأن ابن سعود كان حليفَ بريطانيا المفضَّل، وأنه كان الحاكم العربي الوحيد الذي يقبض إعاناته الشهرية من الإيرادات الإمبراطورية البريطانية، بالإضافة إلى الأسلحة والذخائر، وأنه هو من أسّس هِجَرِ الإخوان التكفيريينومنها هجرة الغطغط الذين قتلوا الحجاج في تنومة وسَدْوَان، لافتاً إلى أن المجزرة وقعت في ظهر يوم الأحد، 17 ذي القعدة 1341 للهجرة الموافق وَالأول من يوليو 1923م وكان الحجاج قد نزلوا على ثلاث فرق: الفرقة الأولى نزلت في تنومة والفرقة الثانية والثالثة في سدوان، وأن جملةً من الأسباب السياسية والعقائدية والمادية كانت وراءَ الحادث، وأنها مجزرة دُبِّــرَ أمرُها بليل شيطاني، وأن ابن سعود وحدَه هو الشخصُ الذي يمكنه اتِّخاذُ قرار بذلك الحجم وتلك الخطورة وأن هناك دلائلَ وإماراتٍ تؤكّـدُ أنه العقلُ المدبِّرُ لتلك المجزرة.
ويوضح الباحث الأهنومي أن الخطة الشيطانية النجدية اقتضت إيجاد طرف ثالث يتولى المجزرة في كمين ينقض على الحجاج ويتحمل في الظاهر وزر قتلهم، وتبين أن سلوكيات داعش والقاعدة كانت حاضرة فيها، حَيثُ يصل عدد من طالتهم سكاكين الإخوان الوهَّـابيين كانوا حوالي تسع مِئة شهيد وأن عدد الشهداء أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وأن الناجين منهم حوالي خمسمِئة شخص.
معاهدةُ الطائف لم تحسم مِلَفَّ المجزرة:
لقد وضعت تلك المجزرة الإمام يحيى في وضع صعب لا يُحسَدُ عليه، وترجح للباحث أن خيارَ المواجهة السلمية السياسية والقضائية الذي سلكه كان رهاناً خاسراً، وأنه بذلك حُرِمَ من شرف التصدي العسكري لأخطر مشروع منتحلٍ للإسلام، كما لا يُعفى من المسؤولية أُولئك الطامحون والمتمردون وأُولئك المرتزِقة المنافقون الذين فضّلوا حكمَ الانجليز على حكم الإمام يحيى، مبينًا أن تلك المجزرةَ أشعلت الغضبَ الشديدَ في قلوب اليمنيين، ولذلك عبّروا رسميًّا وشعبياً عن استعدادهم للاقتصاص من القتلة أينما كانوا، كما أَدَّت المماطلةُ من ابن سعود في الإنصاف، بالإضافة إلى مِلف عسير ونجران وجيزان إلى توتر العلاقات السياسية بين الطرفين ثم إلى إشعال حرب 1934م.
وتبين للباحث أن قضية الحجاج ظلت مطروحة طوال المسار التفاوضي بين الإمام يحيى وابن سعود قبل الحرب وأن الأخير كان يلاين الجانب اليمني، لكنه ما أن قوي موقفه العسكري والسياسي والاقتصادي حتى أنه كشف عن حقيقة موقفه الرافض لتعويض الحجاج أَو دفع دياتهم.
وظهر له أن معاهدة الطائف إنما أقرت بشأن تعويض الحجاج واقعاً مفروضاً بالقوة العسكرية وهو أن لا علاقة لابن سعود بهذه المجزرة وأنه لا تلزمه أية تبعة، ولهذا لم تتناولِ المجزرة بأي ذكر، وأن محاولةَ الاقتصاص من قبل الفدائيين من آل الحاضري كانت تعبيراً شعبياً عفوياً عن السخط والإحباط والشعور بالغَبن الشديد.
طرحُ تعويضات شهداء تنومة في مفاوضات قادمة:
ويوصي الباحثُ الأهنومي في كتابه “مجزرة الحجاج الكبرى” بإجراء المزيد من الدراسات حول العلاقة بين اليمن والنظام النجدي وكشف المزيد من الحقائق حول تلك المجزرة وتداعياتها واشتمال المناهج التربوية على مظلومية تلك المجزرة ومجازر العدوان الأمريكي السعوديّ مقرونة بذكر الانتصارات التي حقّقها الشعب اليمني وأبطال قواته المسلحة .
كما يوصي أن تكونَ مجزرةُ تنومة ومجازر هذا العدوان القائم ضمن مفردات حملة التعبئة الجِهادية وإثارة السخط والتحريض ضد المعتدين، وأن تتولى الدولةُ تهيئةَ الظروف المختلة لرفع الدعاوى القضائية ضد المعتدين أمام المحاكم الدولية، بشأن ضحايا مجزرة تنومة وتعويضهم، وأن يتمَّ التوثيقُ بشكل يومي لكل أحداث وجرائم هذا العدوان الأمريكي السعوديّ القائم وتمكين الباحثين من الوصول إليه، وأن يعادَ طرحُ موضوع تعويضات شهداء تنومة في أية مفاوضات قد تنشأ بين اليمن والسعوديّين؛ باعتبَاره مِلفًّاً ما زال مفتوحاً لم تحسمْه معاهدةُ الطائف.
المسيرة- عباس القاعدي