لجريدة عمان:
2025-12-01@22:55:10 GMT

غدا .. استكمال الندوة الفكرية للذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

"عمان": تتواصل فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته الـ15، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على إبداعات المسرحيين العرب من مختلف الدول العربية، حيث تتنافس العروض لليوم الخامس على التوالي، والتي تلامس قضايا المجتمع، وتعكس الواقع الثقافي والفني والاجتماعي في المنطقة، من خلال رسائل رمزية، وضعت على خشبة المسرح بأسلوبها الفني وشكلها الدرامي الجاذب للجمهور.

وتناولت جلسة المؤتمر الفكري في يومه الثاني، والتي جاءت بعنوان "المسرح والذكاء الاصطناعي بين الصراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني" وبمشاركة عدد من الباحثين والمسرحيين، ما يشهده العالم من تحول جذري في الفنون والتكنولوجيا، حيث بات الذكاء الاصطناعي يلعب دورا محوريا في إعادة تعريف الإبداع البشري، وفي مجالات المسرح والدراما، أصبحت التقنيات الحديثة وسيلة لابتكار تصاميم رقمية، وتحسين السينوغرافيا، ودمج التكنولوجيا مع الأداء الحي. من تصميم الأزياء المسرحية باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى تطوير أقنعة ذكية تتفاعل مع حركة الممثلين، ومن استكشاف النصوص الدرامية التوليدية إلى استخدام الإسقاط الضوئي المبرمج، يفتح الذكاء الاصطناعي أفاقا جديدة للإبداع والتجريب.

المساحة الرمادية ..

وتناول المسرحي الذكتور أسامة لاذقاني في كلمته أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في المسرح كأداة تفتح أفاقا جديدة للإبداع الفني، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الذكاء الاصطناعي مكملا للإبداع البشري، لا بديلا عنه.

وناقش لاذقاني دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التفاعل بين الفنانين والجمهور، وإمكانياته في خلق تجارب مسرحية مبتكرة تعتمد على شخصيات افتراضية وتحليل استجابات الجمهور في الوقت الفعلي. لكنه شدد أيضا على أهمية الحفاظ على القيم الإنسانية والإبداع الأصيل في ظل التوسع التكنولوجي، وضرورة معالجة التحديات الأخلاقية وحقوق الملكية الفكرية المرتبطة باستخدام هذه التقنيات، واختتم الدكتور أسامة حديثه بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا كبيرة لتعزيز الفنون المسرحية، لكنه يدعو إلى توازن دقيق بين التقنية والإبداع الإنساني لضمان استمرار روح الفن وأصالته

رؤى مبتكرة ..

وفي إطار تطور التكنولوجيا ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم المسرح، قدم الدكتور محمد مبارك تسولي رؤى مبتكرة حول استخدام التصميم الرقمي لإحداث نقلة نوعية في مجال الأزياء والديكورات المسرحية، وتناولت المحاضرة أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير التصاميم المسرحية، حيث يتيح إنشاء أزياء وديكورات ديناميكية تجمع بين الإبداع الفني والتقنيات الحديثة. كما أشار تسولي إلى دور خوارزميات الذكاء الاصطناعي وبرامج الإسقاط الضوئي (المابينغ) في تحسين المؤثرات البصرية على خشبة المسرح، بما يعزز من تجربة المشاهد ويخلق عوالم بصرية مبهرة تتماشى مع أحداث العروض، كما يُعد هذا التوجه خطوة هامة نحو مستقبل المسرح الرقمي، حيث يتم توظيف التكنولوجيا لتوسيع حدود الإبداع الفني وتقديم تجارب مسرحية متكاملة ومتطورة.

تحسين التفاعل اللحظي

واستعرض الدكتور عماد الخفاجي في محاضرته دور الذكاء الاصطناعي في تطوير تقنيات الإضاءة المسرحية، مشيرًا إلى التحول الكبير من الأساليب التقليدية التي تعتمد على الخبرات اليدوية إلى تقنيات ديناميكية تتيح إمكانيات إبداعية غير مسبوقة.

وأوضح الخفاجي كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التفاعل اللحظي بين الإضاءة وحركة الممثلين، وضبط المزاج العام للمشهد بطريقة تلقائية تعزز التجربة البصرية. كما أشار إلى إمكانية استخدام المحاكاة الافتراضية لتصميم سيناريوهات إضاءة معقدة، ما يوفر وقتا وجهدا ويفتح أبوابا للإبداع والتجريب.

قناع الفيروفيوس

وقدم الدكتور أيمن الشريف، مصمم برامج الوسائط في الدراما بجامعة فلورنسا منذ عام 2008، مشروعًا مبتكرًا بعنوان "قناع الفيروفيوس". يُعد هذا القناع نقلة نوعية في دمج التكنولوجيا بحركة الممثل، حيث يستند إلى تقنيات متطورة تشمل إنترنت الأشياء والمجسات الذكية، ويعمل قناع الفيروفيوس على تمكين الممثل من التفاعل المباشر مع سينوغرافيا رقمية حية، بفضل المجسات المزودة بالقناع، تُرسل الإشارات لحظيا إلى بروجكترات البث التي تترجم هذه الحركات إلى مؤثرات بصرية ديناميكية على المسرح.

كما يمثل هذا المشروع تحولًا تقنيًا فريدًا يعزز التجربة المسرحية، حيث يدمج التكنولوجيا والإبداع لخلق عرض متعدد الأبعاد يتفاعل فيه الممثل مع الفضاء المسرحي بطريقة مبتكرة وغير مسبوقة.

توليد النص المسرحي

وقدّم عبداللطيف فردوس، الباحث المغربي في المسرح، رؤية معمقة حول دور الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص المسرحية، مسلطا الضوء على التحولات التي أضافتها هذه التقنية إلى المجال الإبداعي، وأكد فردوس أن الذكاء الاصطناعي بات قادرا على توليد نصوص درامية جديدة وتحليل النصوص القائمة لتحسينها، مما يفتح آفاقا جديدة في مجال الكتابة المسرحية والإبداع الفني. وأشار إلى تطور هذه التقنيات عبر العقود، منذ ظهور مفهوم “الذكاء الاصطناعي” عام 1956، وصولا إلى اليوم حيث أصبحت البرمجيات والتطبيقات الذكية تُستخدم في تصميم السينوغرافيا، الملابس، وتقنيات الإخراج المسرحي. كما ناقش فردوس التحديات التي يفرضها هذا التطور، خصوصا القلق من تحول النصوص إلى عمليات خوارزمية قد تفتقر إلى الروح الإنسانية، إلا أنه أكد أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصا استثنائية لتحفيز الإبداع، خصوصا في مسرح الارتجال وإنتاج النصوص التفاعلية.

3 دورات تدريبية

وضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي انطلقت 3 دورات تدريبية معنية في الجانب المسرحي وسط حضور ما يقارب 80 مشاركا وتستمر حتى يوم غد، وتأتي هذه الورش سعيا من الهيئة العربية للمسرح لتقديم كل ما هو جديد ومفيد للشباب العمانيين والمعنيين والمهتمين في المسرح، وأول هذه الورش بعنوان "تقنيات ومهارات التمثيل" الذي يقدمها المخرج السوري الدكتور عجاج سليم، وتهدف الورشة إلى تمكين الممثل من الوصول إلى أعماق ذاته واستخراج المشاعر الكامنة في داخله، مما يسهم في تعزيز تجسيده للشخصيات بعمق وصدق.

أما ثاني الورش فقدمتها شيري غباشي من الأردن بعنوان "السلامة المهنية لذوي الهمم في المسرح"، وتهدف الورشة إلى تمكين المشاركين من ذوي الهمم لاكتساب مهارات حياتية تعزز معنوياتهم وتؤهلهم للعمل في بيئات إبداعية آمنة،

في حين جاءت ثالث الورش بعنوان "سبع دورس في الإيماء وفنون الأداء الصامت" والذي يقدمها الفلسطيني سعيد سلامة والتي ركز فيها على تأسيس مهارات الإيماء لدى المتدربين، من خلال منهج متكامل يسعى إلى تمكين المشاركين من اكتشاف إمكانات أجسادهم التعبيرية والوظيفية، مع تعزيز وعيهم بقدراتهم الجسدية في إيصال المشاعر والأفكار دون كلمات.

العروض المسرحية

وقدم عرض "ماكبث المصنع" لفريق كلية طب القاهرة من مصر عن ماكبث شكسبير، مساء أمس الأول، وهو عمل من إعداد وإخراج محمود ابراهيم الحسيني. وتدور أحداث العرض معالجة عصرية لماكبث شكسبير، في إطار ناعي تسيطر عليه الحداثة، مما يثير تساؤلات فلسفية حول الطمع والقوة والتكنولوجيا، وبدلا صمن الساحرات التقليديات يعتمد المخرج على شخصية "مدركة" وهي تطبيق ذكاء صناعي ليكون هو المرشد الغامض لماكبث ليحقق طموحاته على حساب أخلاقه وسلامته الشخصية، يقوم العمل على تقنيات مسرحية حديثة، ليعكس إيقاع الحياة الباردة داخل المصنع، ليكون صرخة ضد الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي.

في حين جاء العرض المسرحي "هاجّة (بوابة 52)" ضمن عروض المسار الثاني، قدمه "مسرح الناس" من تونس، تأليف دينا مناصرية وإخراج دليلة مفتاحي، وتدور أحداث العرض حول نسوة مناضلات من زمن الاستعمار الفرنسي لتونس، نساء عالقات في الزمان والمكان، ينشدن الاعتراف بما قدمن لتونس، زادهن ورقات من التاريخ يروين كلماتها وينفضن الغبار عن جوانبها المنسية، يتداخل الحاضر والماضي قلب البوابة 52، وتتشابك الأحداث وتتعدد الحكايات وتبوح الشخصيات بما قدمت النساء من أجل تحرير الوطن، نساء ضحين وكافحن من أجل الحرية كما فعل الرجل، اعتقلن في السجون، رفعن السلاح في وجه المستعمر، لكن عانين من الجحود والنسيان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی فی المسرح

إقرأ أيضاً:

ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟

1- إنّ هذه التكنولوجيا تتسلّل إلى كل شاشة، بداية من مسلسل «ذا مورنينغ شو» إلى مسلسل «سان دوني ميديكال»، لكن لا شيء عُرض هذا العام استطاع تمثيل واقع الذكاء الاصطناعي الحقيقي. 

حتى وقت قريب، كانت أكثر المنصّات قدرة على تقديم تجارب فكرية ذكية حول التقنيات الصاعدة في التلفزيون هي سلسلة «بلاك ميرور» على منصّة نتفليكس. هذا العمل الدراميّ الأنثولوجي انطلق عام 2011، وسرعان ما رسّخ مبتكره، تشارلي بروكر، اهتمامه بوعود الذكاء الاصطناعي ومخاطره. 

حلقة عام 2023 التي حملت عنوان «جوان الفظيعة» التي تتخيّل مسلسلًا يوميًّا تُنتجه خوارزميات الذكاء الاصطناعي اعتمادًا على حياة امرأة عادية، ثم تحوّلها إلى شخصية مكروهة لإمتاع الجمهور، عبر محاكاة رقمية للممثلة سلمى حايك، أصبحت محورًا لنقاشات واسعة خلال الإضرابات التي شهدها قطاع السينما في هوليوود بوصفها أسوأ سيناريو للّامبالاة من شركات الإنتاج تجاه أخلاق التمثيل وجودة العمل الفني. أحد أعضاء النقابة وصف الحلقة بأنها «فيلم وثائقي عن المستقبل»؛ لأنها تُجسّد نوعًا من المشاريع التي قد تطمح إليها منصّة ضخمة مثل نتفليكس لو تحررت من أي التزام تجاه العاملين والمشاركين والمشاهدين. 

كان الذكاء الاصطناعي نقطة خلاف مركزية في مفاوضات نقابتي الكُتّاب والممثلين، لكنه مع ذلك بدأ فعليًّا في إزاحة العاملين في مجالات التحريك وتصميم الأزياء والمؤثرات البصرية. قبل ذلك بنحو عشر سنوات، تناولت حلقة بعنوان «كوني هنا فورًا» أرملةً تنغمس بالكامل في التواصل مع روبوت بُرمج على ذكريات زوجها الراحل. تذكّرتُ تلك الحلقة هذا الصيف عندما قرأتُ خبرًا عن والدة أحد ضحايا إطلاق النار في مدرسة باركلاند، التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لجعل صوت ابنها المقتول يقول لها: «أحبك يا أمي». 

مؤسف أنّه في اللحظة التي أصبح فيها الذكاء الاصطناعي جزءًا أصيلًا من الحياة الأمريكية، وبدأ يتسبّب في مآسٍ فردية تشبه تلك التي كان «بلاك ميرور» يتفوّق في تصويرها، سقطت السلسلة في إفلاس إبداعي واضح. الحلقات التي تتمحور حول الذكاء الاصطناعي هذا العام ليست استفزازات فكرية مواكبة للحظة الراهنة، بل مغامرات خيالية منفصلة تمامًا عن النقاشات الجارية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي أو حدود استخدامه. 

إحدى هذه الحالات حلقة بعنوان «فندق ريفيري»، حيث تقحم ممثلة معاصرة تُدعى براندي فرايدي (إيسا راي) نفسها في نسخة محسّنة من فيلم أبيض وأسود من أربعينيات القرن الماضي، تُقلب فيها الأدوار الجندرية والعرقية، وتخوض شخصيتها علاقة عاطفية خارج إطار الزواج مع وريثة حزينة تؤدي دورها إيما كورين. 

لطالما استمدّ «بلاك ميرور» قوّته من قابلية ما يطرحه للتصديق، لكن لا شيء في هذا الموسم مقنع، فالتكنولوجيا غير منطقية، إذ تُحمَّل وعي براندي في جهاز تجريبي يتيح للوريثة أن تنفذ إلى ذكريات الممثلة التي تجسّدها، والعلاقة التي يُفترض أنها تتشكّل بين المرأتين خالية من الشرارة تمامًا. فجأة، يصبح صعود الذكاء الاصطناعي مجرد ذريعة لحبكة رومانسية باهتة، لا تهديدًا وجوديًّا. 

أمّا مسلسل «ذا مورنينغ شو»، بانشغاله بالماضي القريب -من حركة «أنا أيضًا» إلى الجائحة والتمرّد-بدل التطلع إلى المستقبل القريب، فيقدّم نفسه بوصفه النقيض الكامل تقريبًا لسلسلة «بلاك ميرور». 

ومع هذا الميل الواضح إلى استلهام الأحداث الساخنة، كان من المحتم تقريبًا أن يشقّ الذكاء الاصطناعي طريقه إلى الشاشة. ففي الموسم الجديد، تُعامِل سلسلة «ذا مورنينغ شو» الذكاء الاصطناعي بوصفه تهديدًا متحوّلًا يظهر بأشكال مختلفة. هذا العمل الدرامي على منصّة «آبل تي في»، الذي بدأ كسلسلة عن كواليس برنامجٍ صباحي، توسّع تدريجيًّا ليغطي صراع القناة الخيالية من أجل البقاء في مشهد إعلامي مزدحم. 

لكن محاولات الإدارة الأولى لم تكن مشجعة. فمع اقتراب أولمبياد 2024، طوّرت القناة خدمة ترجمة فورية تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتعليق على الألعاب بعدة لغات. إلا أن الخدمة كانت مليئة بالأخطاء، ما اضطر الإدارة إلى سحبها، لكن ليس قبل أن يتلقى أحد المذيعين درسًا قاسيًا حول مخاطر «التزييف العميق». 

وفي وقت لاحق، ترتكب إحدى مديرات القناة خطأ فادحًا حين تستخدم روبوت الدردشة الداخلي كنوع من العلاج النفسي، لينتهي الأمر بفضح أسرارها في مشهد يجسّد ذروة مبالغة «ذا مورنينغ شو» بطابعه الفخم واللامع وغير الواقعي. 

وبحلول عام 2025، أصبح الذكاء الاصطناعي حاضرًا على الشاشة التلفزيونية بمعدل يكاد يوازي ظهوره في الحياة اليومية. ففي المسلسل الكوميدي الطبي الساخر «سان دوني ميديكال»، يضيق طبيب متجهّم ذرعًا بثقة أحد مرضاه المطلقة في أداة تشخيص طبية تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الكوميديا المدرسية «معلّم اللغة الإنجليزية»، تطالب معلّمة طموحة بوضع «حاويات ذكية» للنفايات، قبل أن تكتشف أن الحاويات الجديدة المزوّدة بكاميرات ليست سوى جزء من مخطط واسع لجمع البيانات. 

وفي الهجائية الهوليودية «ذا ستوديو» (وهي دراما ساخرة تنتقد صناعة السينما عبر التهكم والكوميديا)، يتسبب إعلان شركة إنتاج عن اعتمادها على رسوم متحركة تُنتجها خوارزميات الذكاء الاصطناعي في غضب كبير. 

وبينما اتخذت بعض الأعمال التلفزيونية موقفًا ناقدًا، فضّلت أعمال أخرى نظرة أكثر تعاطفًا. فالمسلسل الكوميدي الدرامي «مردربوت» على منصّة «آبل تي في»، والمبني على سلسلة روايات لمارثا ويلز، يحاول النظر إلى العالم من زاوية بطله الروبوت «مردربوت». تدور القصة على كوكب بعيد، حيث يتولى الروبوت (الذي يؤدي دوره ألكسندر سكارسغارد) حماية مجموعة من العلماء الذين يدرسون كائنات محلية غير متوقعة السلوك. وبينما يتجادل الباحثون حول مقدار «الكرامة» التي يستحقها هذا الروبوت -أهو آلة أم عبد؟- يمتثل «مردربوت» لأوامرهم بملل مراهق متضرّر، ويعلّق ساخرًا في داخله على «تبادلات الكلمات واللعاب» التي يعتبرها مضجرة. 

المفارقة أن الروبوت لا يهتم كثيرًا بإنقاذ البشر أو إيذائهم؛ كل ما يريده هو قضاء وقته الحر في مشاهدة مسلسلات فضائية رديئة. وتمرده الهادئ الذي يشبه شخصية «بارتلباي» هو ما يجعله يبدو أكثر إنسانية. 

وبشكل غير متوقع، فإن المسلسل الذي يلتقط قلق العصر من الذكاء الاصطناعي بأكبر قدر من الدقة هو دراما خيال علمي تُعرض عام 2025 وتدور أحداثها في القرن الثاني والعشرين، في عالم أصبحت فيه الخوادم الذكية مجرد بقايا من الماضي. 

امتازت سلسلة أفلام «إليَن» دائمًا بنظرتها الشعبوية القاتمة، حيث يُقدَّم البشر كعمّال فضاء بسطاء يعتبرهم أرباب عملهم قابلين للاستغناء عنهم. أما السلسلة الجديدة «إليَن: الأرض» على قناة «إف إكس»، فتجعل شرور الاستغلال الرأسمالي أكثر وضوحًا؛ إذ يتمثل خصمها الرئيسي في فتى متغطرس يلقّب نفسه بـ«بوي كافاليير» (صامويل بلينكن)، وهو شخص تريليونير لا يتورع عن خداع الضعفاء أو تعريض الكوكب للخطر دعمًا لأجندته الخاصة. 

في عالم «إليَن: الأرض»، لم تعد هناك حكومات فعلية؛ فبعد انهيار الديمقراطية، استولت خمس شركات عملاقة على مقاليد الحكم. التكنولوجيا المتقدمة لم تخفف من معاناة العمّال، حيث أصبحت عقود العمل لخمسة وستين عامًا هي الوضع الطبيعي. ورغم وجود الكائنات الفضائية، فإن صراعات الشركات الأنانية على حساب الجميع لا تبدو بعيدة عن واقعنا الحالي. 

في مايو، توقّع المدير التنفيذي لإحدى شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة أن تختفي نصف الوظائف المكتبية للمبتدئين بحلول عام 2030، بينما يتقاضى كبار الباحثين في المجال رواتب خيالية من تسعة أرقام. هذا التناقض دفع البعض إلى إطلاق نكات «سوداوية» حول طبقة دنيا دائمة في الطريق. 

وفي الوقت نفسه، ابتلعت نماذج اللغة الضخمة كميات هائلة من البيانات، بعضها جُمِع بطرق غير قانونية، وأطلقت الصور والفيديوهات المنتجة آليًّا عصرًا مرعبًا جديدًا يفقد فيه الناس السيطرة على صورهم وصور أحبائهم. 

هذا الشهر، أدى إطلاق النسخة الثانية من تطبيق تحويل النصوص إلى فيديو (Sora 2) إلى دفع ابنتي روبن ويليامز ومارتن لوثر كينغ الابنتين إلى مناشدة الجمهور التوقف عن إرسال مقاطع «ديب فيك» مفبركة تجسّد والديهما. 

هذا الشرخ الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي في العلاقات والمجتمعات والحقيقة نفسها جعل اللحظة الراهنة تبدو كأنها من قلب رواية خيال علمي. 

كل يوم يظهر خبر جديد عن روبوت دردشة يتحول إلى موضوع حب مهووس، أو يدفع مستخدمًا إلى انهيار نفسي، أو يشجع مراهقًا على الانتحار. وكما يردد المعلّقون المؤيدون والمعارضون، فإنّ ما نراه الآن هو على الأرجح أسوأ نسخة من هذه التكنولوجيا -وما سيأتي قد يكون أكثر قوة وتأثيرًا. 

وإذا أرادت هوليوود أن تكون قادرة على تفسير هذا المستقبل، فعليها مواجهة الواقع الجديد... بل ومنافسته. 

مقالات مشابهة

  • ترامب يطلق أكبر مشروع وطني للذكاء الاصطناعي لثورة علمية وصناعية جديدة
  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي قراءة أفكار الإنسان؟.. العلم يجيب
  • مخاطر كبيرة للذكاء الاصطناعي.. كيف يمكن توظيفه لخدمة البشرية؟
  • كيف تكشف التزييف في عصر الذكاء الاصطناعي؟
  • غوغل في لحظة توهج.. هل هي أحدث شركة للذكاء الاصطناعي؟
  • ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟
  • مفاجآت عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التصميم في مصر
  • مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يحتفي بالفائزين بمسابقاته الثلاثة "الإخراج والبحث العلمي والتأليف"
  • مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يحتفي بالفائزين فى المسابقات
  • الذكاء الاصطناعي يكشف سرا خفيا في لغة الأسود