تسريحات محدودة.. آبل تُعيد هيكلة فريق المبيعات

في خطوة تعكس التحولات العميقة التي تشهدها صناعة التكنولوجيا العالمية، شرعت شركة آبل في تسريح عشرات الموظفين من فريق المبيعات لديها، ضمن خطة مُعلنة لإعادة هيكلة القسم وتبسيط الأدوار التنظيمية.

 ورغم أن الشركة لم تكشف رسميًا عن العدد الدقيق للموظفين المتأثرين، فإن تقرير مارك غورمان من بلومبيرغ يشير إلى أن عمليات التسريح ليست بسيطة، بل تمس فريقًا امتد نشاطه لسنوات طويلة داخل الشركة.

وقالت آبل في تصريح موجّه لغورمان: "من أجل الوصول إلى عدد أكبر من العملاء، نقوم بإجراء تغييرات محدودة في فريق المبيعات، تؤثر على عدد محدود من الأدوار"، دون الخوض في تفاصيل تتعلق بحجم التخفيض أو طبيعة الوظائف التي تمسّها القرارات. لكنها في الوقت نفسه أكدت فتح باب التقديم لوظائف مبيعات جديدة داخل الشركة، ما يمنح الموظفين المتأثرين فرصة لإعادة الانضمام قبل الموعد النهائي في 20 يناير، وإلا فسيتم إنهاء خدماتهم مع حصولهم على مكافأة نهاية الخدمة.

وعلى الرغم من إعلان الشركة أن الهدف هو "تبسيط الهيكل التنظيمي"، كشفت شهادات بعض الموظفين المسرّحين لغورمان أن الصورة الداخلية أكثر تعقيدًا. فوفقًا لهؤلاء، يأتي القرار متأثرًا برغبة آبل في نقل جزء متزايد من مسؤوليات المبيعات إلى موزعين خارجيين معتمدين، وهو تحوّل استراتيجي يهدف إلى خفض النفقات التشغيلية.

اعتماد آبل على قنوات خارجية، بحسب الموظفين، يعني تقليل عدد الموظفين الداخليين الذين يتقاضون رواتب أعلى، خاصة أولئك الذين قضوا في الشركة عقودًا تتراوح بين 20 و30 عامًا، سواء كانوا مديرين أو متخصصين في المبيعات الحكومية أو التجارية. هذا التوجه يُعد جزءًا من اتجاه أوسع بين شركات التكنولوجيا للتركيز على الموارد الأساسية وتوظيف الشركاء الخارجيين لتقليل التكلفة والاستفادة من الانتشار الأوسع لدى الموزعين.

من بين أكبر المتأثرين تأتي وحدة المبيعات الحكومية، التي تتعامل مع وكالات حساسة مثل وزارة الدفاع ووزارة العدل الأمريكية. ورغم أنه لم يتم التأكد بعد من أن هذه الخطوة مرتبطة بالإغلاق الحكومي الأخير في الولايات المتحدة، إلا أن التوقيت أثار تساؤلات حول أثر التغيرات السياسية والاقتصادية على إستراتيجيات آبل التجارية.

هذه الوحدة كانت مسؤولة عن التعامل مع عقود حكومية ضخمة، وتوفير حلول تقنية وأجهزة حساسة لمؤسسات رسمية. وتأثرها قد يشير إلى أن الشركة تعيد النظر في طريقة إدارة هذا النوع من الشراكات، وربما تتحوّل إلى نموذج يعتمد فيه الموزعون الخارجيون على تسويق المنتجات المؤسسية بدلاً من فرق داخلية ضخمة.

اللافت أن عمليات التسريح تأتي في فترة تبدو فيها آبل في أوج قوتها المالية. فبعد أن حققت الشركة إيرادات وصلت إلى 102.5 مليار دولار في الربع المنتهي في سبتمبر، يتوقع المحللون أنها تسير لتحقيق نحو 140 مليار دولار في الربع الحالي المنتهي في ديسمبر — وهو رقم قياسي آخر يُضاف إلى سلسلة نجاحاتها.

هذا التناقض بين الأرباح العالية والتسريح الوظيفي يعيد إلى الواجهة سؤالًا مهمًا حول الأولويات الجديدة لشركات التكنولوجيا الكبرى: هل أصبحت الكفاءة وخفض النفقات أهم من الحفاظ على الهيكل الوظيفي التقليدي؟ أم أن التحولات التقنية والتجارية المتسارعة تجعل من الضروري إعادة رسم خرائط الموارد البشرية باستمرار؟

آبل تجهز لمرحلة جديدة

ما يبدو واضحًا هو أن آبل تتحرك نحو نموذج أكثر مرونة في إدارة المبيعات، يعتمد على الشراكات الخارجية وتحسين الهيكل الداخلي. وبينما يرى البعض أن التسريحات خطوة قاسية، يراها آخرون تحديثًا ضروريًا يواكب ديناميكية السوق العالمية.

وفي خضم هذا التغيير، يبقى على الموظفين المتأثرين اتخاذ قرار سريع قبل 20 يناير، إما التقدم إلى أحد المناصب الجديدة داخل الشركة، أو قبول نهاية الخدمة والمضي قدمًا خارج آبل — الشركة التي عمل بعضهم داخلها طوال عقود.

بهذه الخطوة، تكتب آبل فصلًا جديدًا في طريقة إدارتها للمبيعات، فصلًا قد يحمل في طياته إعادة تشكيل واسعة لمستقبل الشركة في الأسواق العالمية خلال السنوات المقبلة.

المصدر: بوابة الوفد