يمانيون../
ضربت موجة من الاستقالات جيش العدو الصهيوني، بدأها أمس الثلاثاء رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي على خلفية الفشل في صد هجوم “طوفان الأقصى”، لتتواصل بذلك التداعيات الأمنية والسياسية للعملية التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر 2023.

وتتوالى العواصف السياسية والعسكرية داخل كيان العدو الصهيوني منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، أعنفها الهزة التي أحدثتها هذه التطورات في هيكل القيادة العسكرية الصهيونية، والتي تمثلت في استقالات متلاحقة لقادة عسكريين بارزين، على رأسهم هاليفي.

ويتفق الخبراء والمُحللون أن هذا الحدث ليس مجرد تغيير إداري، بل يعكس أزمة هيكلية عميقة ضربت جذور المؤسسة العسكرية الصهيونية وعلاقتها المتوترة مع حكومة بنيامين نتنياهو.

وفي التفاصيل أعلن رئيس الأركان الصهيوني هرتسي هاليفي استقالته رسميًا، على أن تدخل حيز التنفيذ في السادس من مارس المقبل.. وجاءت هذه الاستقالة عقب فشل جيش العدو الصهيوني في منع العبور الكبير الذي استهدف مستوطنات “غلاف غزة”، وترك بصماته المريرة على المشهد الأمني والسياسي داخل كيان العدو.

وتزامنت هذه الاستقالة مع توقف إطلاق النار في غزة، بعد أكثر من 15 عامًا من الإبادة الجماعية التي جوبهت بصمود واستبسال فلسطيني فريد؛ ما كشف الستار عن صراعات داخلية حادة بين القيادة العسكرية والسياسية في الكيان الصهيوني.

وحفزت استقالة هاليفي موجة جديدة من الاستقالات في المؤسسة العسكرية، أبرزها قائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان، والمسؤولة عن النيابة العسكرية اللواء يفعات يروشلمي.. كما سبق ذلك استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا، الذي تحمل مسؤولية الإخفاق الأمني في أحداث السابع من أكتوبر.

وكشفت هذه الاستقالات توترًا متصاعدًا بين المؤسسة العسكرية وحكومة بنيامين نتنياهو، خاصة مع التدخل السياسي الواضح في شؤون الجيش.

وخلال حرب الإبادة، تكررت الانتقادات الموجهة إلى رئيس الوزراء ووزير الجيش يسرائيل كاتس، بسبب تدخلاتهما في القرارات العسكرية، وتعمدهما تأخير التحقيقات في إخفاقات الجيش، فضلًا عن فرضهما تعيينات مثيرة للجدل في المناصب العليا.

ويؤكد المحللون العسكريون الصهاينة أن استقالة هاليفي لم تكن بسبب الإخفاق الأمني فقط، بل جاءت أيضًا نتيجة ضغوط سياسية، ما يعكس عمق الأزمة داخل جيش الإحتلال.. مشيرين إلى أن هذه الاستقالات ستترك جيش الإحتلال غارقًا في أزمة قيادة، وسط استنزاف للموارد البشرية وصراعات سياسية متفاقمة.

ومنذ اللحظات الأولى لهجوم “طوفان الأقصى”، واجه جيش العدو اتهامات بالجهوزية المتدنية والارتباك في اتخاذ القرارات.

ويقول مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية عميحاي أتالي: إن الجيش كان “فوضويًا”، منغمسًا في عقيدة عسكرية منفصلة عن الواقع.. فبعد 15 شهرًا من الحرب، لم تحقق “إسرائيل” أهدافها العسكرية، ولم تتمكن من تحرير رهائنها إلا ضمن صفقات تبادل.

ويتفق المحللون على أن استقالة هاليفي ستفتح الباب أمام تداعيات خطيرة، أبرزها رحيل مزيد من القادة العسكريين واهتزاز الثقة بين القيادة السياسية والعسكرية.

ويرى المحلل السياسي والخبير في الشأن الصهيوني إيهاب جبارين، أن توقيت الاستقالة يأتي لإحراج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته.. مشيرًا إلى أن هاليفي باستقالته يعترف بفشل الجيش في أداء مهامه، محملا نفسه المسؤولية في ظل لجنة التحقيق والضغوط العامة.

ويؤكد جبارين أن الفشل لا يقتصر على المستوى العسكري، بل يمتد إلى المستوى السياسي الذي كتب السيناريوهات وأدار الحرب بشكل سيئ.. مُقدرًا أن الاستقالة تضغط على نتنياهو الذي يواجه تحديا كبيرا لإقناع الحلفاء الدوليين -مثل الولايات المتحدة- بقدرة حكومته على إدارة المرحلة المقبلة بعد 15 شهرا من الفشل العسكري والسياسي.

وأوضح أن استقالة هاليفي في هذا التوقيت تعني أن “إسرائيل” بدأت مرحلة جديدة من المحاسبة الداخلية.. مشيرا إلى أن الحرب على غزة وضعت أوزارها، لكن “الحرب السياسية داخل “تل أبيب” بدأت الآن”.

وتبقى استقالة هاليفي حلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي تواجه الكيان الغاصب، ولا تقتصر على المؤسسة العسكرية، بل تمتد إلى النظام السياسي برمته.

وتنوعت ردود الفعل في الصحافة الصهيونية على استقالة هاليفي، ففي حين دعا كُتّاب، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تقديم استقالة حكومته لأنها شريكة في الفشل، اعتبر آخرون الاستقالة جزءا أساسيا من حالة الاعتراف الصهيوني بالفشل في توقع هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.

وسلط آخرون الضوء على أن حكومة نتنياهو ستستغل هذه الخطوة وما يليها من استقالات لضباط كبار آخرين للقيام بتعيينات جديدة تكرس المنهج اليميني المتطرف للحكومة في القضايا السياسية والعسكرية.

وكان هاليفي الذي ستدخل استقالته حيز التنفيذ في السادس من مارس المقبل، قال في خطابه: إن الجيش الصهيوني فشل في مهمة الدفاع عن “إسرائيل”، والدولة دفعت ثمنا باهظا”.. مضيفاً: “أتحمل المسؤولية عن فشل الجيش في السابع أكتوبر 2023.. مسؤوليتي عن الفشل الفظيع ترافقني يوما بيوم وساعة بساعة”.

ويعتبر وزير العدل الصهيوني الأسبق حاييم رامون أن هناك ثلاثة أشخاص مسؤولين عن هذا الفشل وهم بالإضافة إلى هاليفي، وزير الحرب يوآف غالانت الذي قدم استقالته في وقت سابق، ورئيس الوزراء نتنياهو.

ويقول “نتيجة لذلك، اضطررنا إلى إبرام صفقة تبادل كانت هزيمة كاملة”.. مستدركاً بالقول: “حتى لا يكون هناك سوء فهم، أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية لم يكن هناك خيار سوى السعي للتوصل إلى اتفاق، وعلى الأقل سنحقق هدف إعادة المحتجزين حتى بثمن إنهاء الحرب وأن تظل السيادة في غزة بيد حماس”.

وفيما يلي أبرز الاستقالات الصهيونية على خلفية الفشل العسكري والأمني والاستخباراتي في التوقع والتصدي لهجوم السابع من أكتوبر 2023م:

-في 21 يناير 2025: رئيس هيئة أركان جيش العدو هرتسي هاليفي يعلن استقالته بداية من السادس مارس المقبل، ويقول في كلمة متلفزة: “في السابع من أكتوبر فشلنا في الدفاع والهجوم، وسأحمل نتائج ذلك اليوم الرهيب معي لبقية حياتي”.

-في اليوم ذاته يُعلن قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الصهيوني يارون فينكلمان استقالته، ويقول في كتاب الاستقالة: “في السابع من أكتوبر فشلت في الدفاع عن (منطقة) النقب الغربي، وسيبقى هذا الفشل محفوراً في ذهني لبقية حياتي”.

-في 12 سبتمبر 2024: قائد الوحدة 8200 الاستخبارية في الجيش يوسي سارييل يستقيل قائلاً: “في السابع من أكتوبر لم أقم بالمهمة كما توقعت وكما توقع المرؤوسون والقادة”.

-في اليوم ذاته استقال قائد الشرطة الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة اللواء عوزي ليفي.

-في 11 يوليو 2024: قائد المنطقة الجنوبية في جهاز الشاباك (يشار إليه بالحرف “أ”) يستقيل جراء إخفاقه في التعامل مع هجوم حماس.

-في التاسع من يونيو 2024: استقالة قائد فرقة غزة في الجيش آفي روزنفيلد بسبب فشل فرقته في صد الهجوم، وتمكُّن مقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، من احتلال مقارّ الفرقة.

-في 22 أبريل 2024: رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون هاليفا يستقيل، ويعلن تحمله مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر.

-في الرابع من أبريل 2024: استقالة رئيس قسم لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية عميت ساعر.

هذا ومن المتوقع أن يشهد جيش العدو الصهيوني مزيداً من الاستقالات حتى نهاية يناير الجاري، إذ حدد وزير الحرب يسرائيل كاتس هذا التاريخ الراهن موعداً لإنهاء الجيش تحقيقات داخلية في إخفاق السابع من أكتوبر.. في المقابل، يرفض رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تحمُّل أيّ مسؤولية، ويتمسك بمنصبه، ويرفض دعوات المعارضة إلى انتخابات مبكرة.

السياسية – مرزاح العسل

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی السابع من أکتوبر جیش العدو الصهیونی المؤسسة العسکریة بنیامین نتنیاهو استقالة هالیفی من الاستقالات رئیس الوزراء طوفان الأقصى فشل فی

إقرأ أيضاً:

مدير “حكومي غزة” يكشف حجم الدمار في خيام النازحين بفعل المنخفض الجوي

الثورة نت /..

حذّر مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، من تفاقم الكارثة الإنسانية في مخيمات النزوح في ظل المنخفض الجوي، مؤكداً أن مليوناً ونصف المليون نازح يعيشون أوضاعاً قاسية.

وقال الثوابتة، في تصريحات صحفية، اليوم الأربعاء، إن مئات آلاف العائلات باتت تقيم في خيام مهترئة تضررت بفعل حرب الإبادة والظروف المناخية المتلاحقة، وفق موقع “فلسطين أون لاين”.

وأوضح أن القطاع يحتاج بشكل عاجل إلى 300 ألف خيمة جديدة لتأمين الحد الأدنى من احتياجات النازحين، بينما لم يدخل إلا نحو 20 ألف خيمة فقط، أي ما يعادل 7% من الاحتياج الفعلي.

وبيّن أن المنخفض الجوي الحالي، تسبب في غرق آلاف الخيام وإتلاف كميات كبيرة من الغذاء والفُرش والأغطية.

وأفاد بأن أكثر من 10 نقاط طبية متنقلة تعطلت وفُقدت مستلزمات ضرورية، فيما تواجه الطواقم الطبية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المناطق الغارقة.

وأضاف أن النازحين “فقدوا الحد الأدنى من مقومات الحياة”، ويعيشون في خيام لا توفر حماية من البرد والرياح والأمطار.

وأكد مدير المكتب الإعلامي الحكومي أن ما يجري انعكاس مباشر للحصار “الإسرائيلي” ومنع العدو الصهيوني إدخال الخيام ومواد العزل وتجهيزات الصرف الصحي ووسائل التدفئة والطاقة البديلة.

ولفت إلى أن أكثر من 288 ألف أسرة بلا حماية أمام المرض والبرد والمطر، مبيناً أن العدو الإسرائيلي سمح بدخول كميات محدودة جداً من المستلزمات رغم المطالبات المتكررة بإدخال 300 ألف خيمة وبيوت متنقلة.

وأشار إلى أن المنخفض الجوي السابق أغرق عشرات آلاف الخيام، وحوّل المخيمات إلى مناطق مغمورة بالمياه والطين، مبيناً أن الخسائر الأولية تتجاوز 3.5 مليون دولار نتيجة انهيار بنية الإيواء المؤقتة والبنية الإنسانية الهشة المحيطة بها.

وذكر أن أكثر من 22 ألف خيمة تضررت بالكامل، بما في ذلك الشوادر ومواد العزل والبطانيات، فضلاً عن انهيار أماكن الإيواء الطارئة.

وتابع: “شبكات المياه المؤقتة تعطلت واختلطت المياه النظيفة بمياه الأمطار، فيما انفجرت حفر الامتصاص في التجمعات المكتظة، وتضررت ممرات مراكز النزوح والمدارس”.

وحمّل الثوابتة، العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية وما ترتب عليها من أضرار واسعة، معتبراً أن استمرار منع إدخال مستلزمات الإيواء يشكّل “سياسة عقاب جماعي” تستهدف المدنيين وكرامتهم وسلامتهم.

ودعا الأمم المتحدة والجهات الضامنة والرئيس الأمريكي والدول الوسيطة إلى التحرّك الفوري لإلزام العدو الإسرائيلي برفع القيود والسماح بإدخال الخيام ومواد التدفئة والطاقة والمياه والصرف الصحي.

وأكمل: “إن التأخر في الاستجابة قد يفتح الباب أمام كارثة أكبر لا يمكن احتواؤها، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية”.

مقالات مشابهة

  • لقاء في الشاهل بحجة يناقش جوانب التحشيد لدورات “طوفان الأقصى”
  • “المجاهدين الفلسطينية”: العدو الصهيوني يواصل إبادة شعبنا بمنع ادخال مستلزمات الايواء والإغاثة لغزة
  • “الشعبية” تدين إعدام العدو الصهيوني 110 أسيرا فلسطينيا
  • “حماس” ترفض مزاعم تقرير العفو الدولية عن ارتكاب المقاومة جرائم في جيش العدو الصهيوني
  • مسير ومناورة لخريجي دورات” طوفان الأقصى” في حرض بحجة
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
  • مدير “حكومي غزة” يكشف حجم الدمار في خيام النازحين بفعل المنخفض الجوي
  • أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
  • “حماس”: مصادقة العدو الصهيوني على إقامة 764 وحدة استيطانية جديدة بالضفة خطوة تهويدية
  • يديعوت تكشف تفاصيل خطة لاجتياح غزة بريا قبل “طوفان الأقصى”