أحمد ياسر يكتب: الملك الأمريكي.. يرسم العالم من جديد!
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
كما هو الحال دائما، كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية حدثا متوقعا ومثيرا للجدل على نطاق واسع، نظرا لعواقبها الاستراتيجية والسياسية الأكثر أهمية.
وهذه المرة ليست استثناء، حيث تحمل النتيجة، مرة أخرى، تداعيات كبيرة على الساحة السياسية الدولية، إن عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي ليست عودة سياسية بقدر ما هي تحول زلزالي في السياسة العالمية.
من الحروب التجارية إلى النزاعات الإقليمية، فإن إعادة انتخابه كملك عالمي من شأنه أن يغير ديناميكيات القوة في المنطقة التي يمكن أن تشعل التنافسات العالمية أو تشكل تحالفات غير متوقعة واستراتيجية.
إن الصراع الأكثر أهمية في السياسة العالمية هو الصراع المستمر بين إسرائيل وفلسطين، والذي لفت انتباه علماء الاجتماع في العالم… لقد نظر دونالد ترامب إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط كأولوية، لكن عودته إلى المكتب البيضاوي من المقرر أن تجلب لغزة المزيد من التشتت، ولا شك أن فريق عمله، الذي يتسم بنهج مؤيد لإسرائيل، سوف يلتزم بالنص الذي قدمه ترامب، ولم يهدر ترامب أي وقت في تعيين مجموعة من المتشددين المؤيدين لإسرائيل الذين قد يعوقون عملية السلام في المنطقة.
وقد أصدر الموظفون، بما في ذلك مايك هاكابي (المتوقع أن يشغل منصب السفير الأمريكي في إسرائيل)، ومايك والت (مستشار الأمن القومي)، وماركو روبيو (وزير الخارجية)، عدة بيانات تعكس بشكل لا لبس فيه العقلية الشاملة لفريق الرئيس المنتخب وسياساته المحتملة في منطقة الشرق الأوسط.
وتشير هذه التأملات في السياسة الخارجية لترامب إلى توافق تاريخي مع نهج ترامب التاريخي في المنطقة، والذي يتميز بالتركيز على العلاقات المعاملية والتحول المحتمل في العلاقات الخارجية.
خلال فترة رئاسته، قدم ترامب باستمرار دعمًا ثابتًا لإسرائيل، وتجسد ذلك في مبادرة مثل خطة ترامب للسلام لعام 2020 التي شرعت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والأراضي المتبقية من فلسطين.
ومن المرجح أن تتأثر أي تطورات جديدة بين إسرائيل وفلسطين خلال فترة ولاية ترامب الثانية بالإطار الذي أعطى الأولوية لمصالح إسرائيل والولايات المتحدة نفسها، جنبًا إلى جنب مع سياسات القوة في المنطقة.
قبل ذلك، أيدت إدارة بايدن الإرث الإداري المرتبط بمكتب الرئاسة الأمريكية، مما يشير إلى أنه لا يُتوقع حدوث أي تحول في السياسة تجاه فلسطين.
لقد أعرب دونالد ترامب باستمرار عن دعمه لإسرائيل في العديد من تصريحاته العامة ومحادثاته الإعلامية، وفي أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وصف الحدث بأنه "واحد من أحلك الساعات في تاريخ البشرية"، إلى جانب انتقاده لرد الإدارة الأمريكية السابقة.
كما أيد ترامب بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، قائلاً: "افعل ما يجب عليك فعله لحماية بلدك؛ سندعم إسرائيل للفوز في حربها ".
بالإضافة إلى ذلك، دعم (ترامب) علنًا العمل العسكري الإسرائيلي ضد حماس، بما في ذلك القضاء على يحيى السنوار.. وفي مقابلة سابقة له، علق ترامب قائلاً: "لا أعتقد أنه كان رجلاً صالحًا، ونتنياهو يقوم بعمل رائع".
لقد عبر خطاب ترامب المنحاز بشكل لا لبس فيه عن نواياه فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مفضلاً مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل مع تجاهل المعاملة الإنسانية للفلسطينيين تمامًا.
سيحافظ ترامب على الإرث الذي اشتهر به البيت الأبيض؛ واعتقد أن فترة ولايته الثانية ستتعهد باستمرار السياسات التي تبناها الرؤساء الأمريكيون دائمًا.
ستعزز فترة ولاية ترامب السياسات التي تبناها طاقمه المناهض للفلسطينيين، الذين ستشكل وجهة نظرهم المتشددة المؤيدة لإسرائيل السياسات المحتملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
إن إرث الدعم الثابت للأنشطة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل والذي طالما دافع عنه ترامب سوف يستمر، مع إعطاء الأولوية للسياسة البيئية الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ومن المرجح أن يؤدي استمرار هذه السياسات إلى تعميق الانقسامات في المنطقة، حيث يعمل النفوذ الأمريكي، الذي يتم الحفاظ عليه من خلال الاحتلال العسكري، على تقويض أي أفق لحل عادل.
وبالتالي، لم يعد من الخطأ أن نقول إن عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي من شأنها أن تجلب المزيد من القتلى والدمار إلى غزة، وهي المنطقة التي دمرتها بالفعل عقود من الزمان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب إسرائيل دونالد ترامب فلسطين غزة المزيد فی السیاسة فی المنطقة ترامب إلى
إقرأ أيضاً:
خالد الشناوي يكتب: السادات و المسجد الأحمدي بطنطا
تم انتدابي في مهمة مهنية في طنطا، وكنت على علم قبل ذلك بأن مدينة طنطا "طندتا سابقاً" تتزين بالاحتفال بمولد القطب الكبير سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وقدس سره الشريف .
ولما كنت منذ طفولتي مشدودا لحب العترة المحمدية من آل بيت حضرة سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولعا بسيرهم والسير نحو ديارهم لكونهم يمثلون لي ريحا طيبة بالفعل اشمها من عبق تاريخ أمتنا المجيد والذي لا ينسى .
فوجدت أن الفرصه سانحة للترجل نحو ساحة قطب الأولياء السيد أحمد البدوي ومن معه من أولياء صالحين لا سيما خليفته الأول الولي الكبير سيدي عبد العال الأنصاري وشقيقيه عبدالرحمن ونور الدين والشيخ مجاهد إمام المسجد الأحمدي في قديم الزمان والولي المعاصر العالم الكبير أحمد حجاب دفين المسجد الأحمدي بقرار جمهوري من الرئيس الراحل أنور السادات في سنة ١٩٧٨ من الميلاد والذي كان الرئيس الراحل كثير الزيارة له في خلوته بالمسجد الأحمدي .
حيث أن للرئيس السادات واقعة مشهوره مع هذا الرجل الصالح سيدي أحمد حجاب .
كان السادات قبل ثورة يوليو مفصولا من الجيش وكان يشتغل في المعمار والمقاولات وكان أن التقى بالشيخ حجاب أثناء زيارته المسجد الأحمدي فابلغه الشيخ بنوع من الكشف الواقع للعارفين بالله كنوع من الكرامه بأنه سيكون رئيساً للبلاد فتعجب السادات ولم يكترث بحديث الرجل!
فكيف سيكون رئيساً للبلاد وهو مفصول من الجيش وقد اعياه الشغل في المعمار!
ودارت الأيام و تم رد السادات إلى الجيش ومن ثم بعد سنوات طويلة تولى رئاسة البلاد وعادت الذكريات بالرئيس المؤمن فعجل بزيارة الشيخ في خلوته وظل ملازماً له مكثرا من زيارته حتى انتقل الشيخ العارف بربه إلى الرفيق الأعلى .
ما فعله الشيخ الكبير هو نوع من الكرامة أجراه الله على يديه حيث أن الكرامه هي أمر خارق للعاده يظهره الله على يد عبد من عباده ظاهر الصلاح .
ولذا قال أهل التوحيد في كتبهم والتي تدرس بالأزهر الشريف جامعا وجامعة وأثبتن للأولياء كرامه ومن نفاها فانبذن كلامه.
ظل السادات مكثرا من زيارة المسجد الأحمدي وما به من أضرحة كبيرة وكان كثير الجلوس في الضريح الأنور وبحجرة الآثار الأحمدية بما تحويه من ملابس السيد أحمد البدوي ومتعلقاته كعباءة الشيخ ومسبحته وعصاه حتى أنه قبيل اتخاذه قرار الحرب على العدو الصهيوني في ٧٣ زار القطب الكبير سيدي أحمد البدوي وكان في استقباله الشيخ أحمد حجاب والعالم الكبير الشيخ محمد خليل الخطيب الملقب بشاعر الرسول والكائن ضريحه بمسجد المحافظة بمدينة طنطا محافظة الغربية .
أخذت التجوال في المسجد الأحمدي الأثري العتيق متذكرا كيف جاء القطب البدوي الكبير إلى طندتا باشاره مناميه وكيف اتخذ من دار ابن شحيط منزلا له ومدرسة سطوحية حيث اتخذ من سطح المنزل مرتكزا فكريا وثقافيا وتعليميا و روحانيا .
وكيف ربى هذا الإمام الهمام المريدين فصنع منهم قادة ومصلحين وأولياء صالحين فكانت خلوته هي مركز إشعاع نوراني كبير وكانت ولا تزال نقطة ارتكاز وسط الدلتا .
وكيف تحول المسجد الأحمدي فيما بعد ليكون صنوا للجامع الأزهر الشريف وكيف انتقلت إليه في زمان ليس ببعيد حلقات العلم حين توقفت بعض السنين في الجامع الأزهر الشريف إبان احتلال البلاد .
وكيف انطلق شيخ العرب-كما يطلق عليه المحبين والمريدين وأشياخهم هذا اللقب
و كيف انطلق بسفينة التصوف نحو العالميه ليصبح هذا القطب الكبير هو واجهة التصوف السني في العالم الإسلامي فلا يكاد يذكر التصوف حتى يقرن باسمه .
وكيف كان الرجل مقاتلاً كبيرا للصليبيين والفرنجة في مواجهة حملاتهم على البلاد فلم يك منزويا في منزل أو متقوقعا في خلوه كما ظلمه البعض وحاولوا تشويه تاريخه ورحلته الفياضه والممتده بالعطاء!
وكيف أن هذا الولي الصالح كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي فلم يتقاعس في يوم من الأيام عن خدمة وطنه ودينه بواجب قومي كبير .
اطلعت فيما اطلعت وقرأت في الكثير من المصادر الموثقة والتراجم التاريخية كالطبقات الكبرى لشيخ الاسلام القطب الشعراني قديما ومن الأولياء والكتاب المعاصرين الولي المعاصر والعالم الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور جوده محمد أبو اليزيد المهدي عميد كلية علوم القرآن الكريم بطنطا ونائب رئيس جامعة الأزهر الشريف الأسبق في مؤلفه الجامع "أعلام الولاية المحمدية" وترجمته عن السيد البدوي ترجمة كبيرة موثقة بالمصادر والمراجع التاريخية من أمهات الكتب مما يوضح مكانته وريادته وتمكنه وورعه وصلاحه وبطولاته وفروسيته وكيف أنه كان يأتي بالأسرى من بلاد الفرنجة مفتحما حصونهم المنيعة حتى كانت الكلمات الشهيرة :
"الله الله يا بدوى جاب الأسرى" وأصبحت فيما بعد جزء من الفلكلور الشعبي المأصل والموثق تاريخيا .
والى جانب كل ما سبق ناهيك عن بصيرة العارفين واشاراتهم حول ولاية الشيخ وتمكنه علما ودراية صلاحا وولاية .وكذا اجماع الأمة والسواد الاعظم من الخاصة والعامة تراهم يسيرون نحو هذا الرمز الكبير أبد الدهر وإجماع الأمة لا يخطئ فلا نلتفت لشذوذ من شذ عن القاعده .
ومن رواد المسجد الأحمدي من العلماء المعاصرين الراسخين في العلم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف وفضيلة إمام العصر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي والمحدث والمسند الكبير فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رحمهم الله رحمة واسعة وتقبلهم في الصالحين .
حين أزور مثل هذه الأماكن الطاهره فإنما أزور جزءا من تاريخنا العظيم الذي لا يجب أن ننساه أو نتغافل عنه فربط الماضي بالحاضر من أساسيات بناء واستكمال حلقات التاريخ وإن تنصلنا من ماضينا المشرف فعلى الدنيا السلام .
لم اتعرض في مقالي هذا عن سيرة السيد أحمد البدوي بالتفصيل فقد تعرضت لها قبل ذلك في مقالات موثقة في كثير من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية .
وانما قصدت هنا توثيق رحلة لي روحانية بارزا جوانب العظمة التاريخية والأصالة في كافة أنحاء وطني فوطني تشد له رحال السائحين من طالبي المعرفة الحقيقة للاطلاع على تاريخه الفياض وحق لكل هؤلاء في الداخل والخارج أن يشدوا الرحال نحو وطني الآمنة دياره إلى قيام الساعة .