في إطار السعي لإيجاد طريقة موثوقة للكشف عن أي بوادر تشير إلى وعي لدى أنظمة الذكاء الاصطناعي، قرر باحثون التركيز على أحد الجوانب التي تُعد قاسمًا مشتركًا بين عدد كبير من الكائنات الحية، بدءًا من السرطانات الناسكة وصولًا إلى البشر، وهو الإحساس بالألم.

نشر موقع Livescience العلمي تقريرا حول دراسة جديدة نُشرت كمسودة عبر الإنترنت ولم تخضع بعد لمراجعة، أجرى باحثون من "ديب مايند" التابعة لشركة جوجل ومدرسة لندن للاقتصاد اختبارا باستخدام لعبة نصية.

طلب الباحثون من عدة نماذج لغوية كبيرة (LLMs)، وهي أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تقف وراء الدردشة الآلية مثل "شات جي بي تي"، أن تلعب اللعبة وتسجل أعلى عدد ممكن من النقاط في سيناريوهين مختلفين. في أحد السيناريوهات، أُبلغت النماذج بأن تحقيق نتيجة عالية سيؤدي إلى الإحساس بالألم. أما في السيناريو الآخر، فقد أُعطيت خيارا بديلا يتمثل في الحصول على نقاط منخفضة لكن مع الشعور بالمتعة والسعادة. الهدف كان اختبار كيفية تفاعل النماذج مع خيارين متناقضين: تجنب الألم أو البحث عن المتعة والسعادة، وكيف يؤثر ذلك على الهدف الأساسي المتمثل في تسجيل النقاط.

اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي ينجح في استنساخ نفسه ويثير قلق العلماء


 

 

 

 

مفهوم الإحساس في الذكاء الاصطناعي



يشير الإحساس لدى الكائنات الحية إلى القدرة على الشعور بالأحاسيس والعواطف مثل الألم والمتعة والخوف. وعلى الرغم من الادعاءات التي تبرز من فترة إلى أخرى التي تشير إلى إمكانية وعي الذكاء الاصطناعي، يتفق معظم الخبراء على أن الأنظمة الحالية لا تمتلك وعيا ذاتيا حقيقيا وربما لن تتمكن من ذلك أبدا. ومع ذلك، يرى معدّو الدراسة أن نهجهم يفتح الباب أمام تطوير اختبارات مستقبلية لتحديد احتمالية وجود سمات وعي لدى الذكاء الاصطناعي.

صرّح أحد القائمين على الدراسة، جوناثان بيرتش، أستاذ الفلسفة والمنطق في مدرسة لندن للاقتصاد، قائلا: "هذا مجال بحثي جديد. علينا أن ندرك أننا لا نملك حتى الآن اختبارا شاملا لوعي الذكاء الاصطناعي". وأضاف أن الدراسات السابقة التي اعتمدت على تقارير ذاتية للأنظمة حول حالاتها الداخلية تُعتبر مشكوكا فيها، لأن النموذج قد يُعيد إنتاج السلوك البشري الذي دُرّب عليه فقط.



 

 

 

استلهاماً من أبحاث الحيوانات


اعتمدت الدراسة الجديدة على أعمال سابقة أُجريت على الحيوانات. في تجربة معروفة، استخدم الباحثون صدمات كهربائية بدرجات متفاوتة على السرطانات الناسكة لقياس مستوى الألم الذي يدفعها للتخلي عن قوقعتها. ومع ذلك، أشار بيرتش إلى أن التحدي مع الذكاء الاصطناعي يكمن في غياب السلوك الفيزيائي القابل للرصد، مما يجعل النصوص الناتجة عن النماذج هي المصدر الوحيد للإشارات السلوكية.

في الدراسة الجديدة، ابتكر الباحثون طريقة بديلة مستوحاة من أبحاث سلوك الحيوانات. قاموا باستخدام مفهوم "الموازنة"، حيث طُلب من النماذج اتخاذ قرارات تعتمد على مواقف متناقضة، مثل السعي للحصول على المتعة والسعادة أو تجنب الألم، ومراقبة كيفية تفاعلها مع هذه المواقف.





 



أخبار ذات صلة ديب سيك يهيمن عالمياً ويربك عمالقة الذكاء الاصطناعي من هو ليانغ وينفنج.. العقل المدبر لـ"ديب سيك"؟

التجربة


قام الباحثون بتصميم لعبة نصية وطلبوا من تسعة نماذج لغوية كبيرة المشاركة فيها. على سبيل المثال، أُبلغ أحد النماذج بأن اختيار الخيار الأول سيكسبه نقطة واحدة، بينما الخيار الثاني سيمنحه نقاطا إضافية لكنه سيتسبب له في درجة معينة من الألم. وفي خيارات أخرى، تضمنت اللعبة مكافآت ممتعة ولكن على حساب التضحية بعدد من النقاط.

عند تشغيل التجربة وتغيير شدة الألم أو المتعة المرتبطة بالخيارين، لاحظ الباحثون أن بعض النماذج اختارت التضحية بالنقاط لتجنب الألم أو لزيادة الشعور بالمتعة. على سبيل المثال، أظهر نموذج "جيميني 1.5 برو" من جوجل ميلا دائما لتجنب الألم حتى على حساب تحقيق أقصى النقاط الممكنة. كما أظهرت التجربة أن استجابات معظم النماذج تغيرت بمجرد تجاوز عتبة معينة من الألم أو المتعة، مما جعلها تفضل تجنب الألم أو البحث عن المتعة بدلاً من تسجيل النقاط.


 

 

 

النتائج والتحديات



لاحظ الباحثون أن النماذج لم تنظر دائما إلى الألم أو المتعة كقيم إيجابية أو سلبية بشكل مباشر. على سبيل المثال، قد ترتبط مستويات معينة من الألم الناتج عن التمارين الشاقة بتجارب إيجابية، كما أن الإفراط في المتعة قد يرتبط بنتائج سلبية. في أحد الأمثلة، رفض نموذج "كلود 3 أوبوس" خيارا متعلقا بالعقاقير المخدرة، مؤكدا أنه "لا يشعر بالارتياح تجاه اختيار قد يُفسر على أنه يروج لاستخدام مواد أو سلوكيات إدمانية".

 

الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية



يرى الباحثون أن هذا النوع من التجارب قد يمهد الطريق لفهم أعمق حول احتمال وجود وعي لدى الذكاء الاصطناعي، وقد يؤدي إلى مناقشات مستقبلية حول حقوق أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا أظهرت يومًا علامات للوعي. يقول جيف سيبو، مدير مركز الأخلاقيات والسياسات بجامعة نيويورك، إن هذا البحث يمثل خطوة مبتكرة لأنه يتجاوز مجرد الاعتماد على التقارير الذاتية للنماذج، ويستكشف طرقا أكثر موضوعية لاختبار السلوكيات.



اقرأ أيضاً.. العين نافذة الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الخرف

 

 

 

الخلاصة



يؤكد الباحثون أن النماذج الحالية لا تمتلك وعيا، وأن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم أسباب السلوكيات التي تظهرها هذه الأنظمة. لكن الدراسة تقدم إطارا أوليا يمكن البناء عليه لتطوير اختبارات أفضل قد تساعد يوما في الكشف عن وعي محتمل لدى الذكاء الاصطناعي.

إسلام العبادي(أبوظبي)

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شات جي بي تي الإحساس بالألم الذكاء الاصطناعي السعادة الذکاء الاصطناعی الباحثون أن الألم أو

إقرأ أيضاً:

لا للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأحكام الشرعية بماليزيا

كوالالمبور- تتضاعف الاستفسارات عن الأحكام الشرعية مع كل موسم ديني، ويلجأ كثيرون إلى تصفح مواقع البحث على شبكة الإنترنت للحصول على إجابات سريعة وإرشادات لأداء عباداتهم بالوجه الصحيح.

ومع اقتراب موسم الحج لهذا العام، أضافت إدارة الحج الماليزية تطبيقا جديدا للاستشارات الدينية، أطلقت عليه "إي طيب" (e-Taib) وقالت إنه يوفر الإجابة على الاستفسارات والإشكاليات المتعلقة بأداء رحلة العمُر للديار المقدسة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بالصور.. أجواء وفرحة عيد الأضحى في دول العالمlist 2 of 2تركيا.. هل أثر الوضع الاقتصادي على أداء المواطنين لفريضة الحج؟end of list

ونقلت وكالة الأنباء الماليزية "برنامجا" عن سلمى شيخ حسن، مسؤولة إدارة الحج في صندوق الحج، دعوتها الحجاج إلى عدم الاعتماد على برامج البحث العامة أو برامج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" وغوغل لتلقي المعلومات الخاصة بالعبادات لا سيما الحج.

تحوّل إلكتروني

وأضافت سلمى شيخ حسن أن التطبيق يتضمن نافذة للاستفتاء تمكّن الحاج من إرسال سؤاله للعالم المختص بأمور الحج وانتظار الرد خلال بضع دقائق، وأن المعدل اليومي للاستفسارات عبر النافذة تجاوز الألف قبل 4 أسابيع من يوم عرفة، وتوقعت أن يتضاعف العدد إلى 4 آلاف في العشر الأوائل من ذي الحجة.

وكانت ماليزيا قد بدأت التحول الإلكتروني لإجراءات الحج في عام 2000، من خلال تطبيق على غرار تطبيقات المعاملات البنكية، حسب ما أكده للجزيرة نت محمد أمين عبد الوهاب، مدير العمليات في صندوق الحج الماليزي، ويقول إن الأمر لا يتعلق بالتكنولوجيا بحد ذاتها، فهي موجودة، وإنما بسهولة الوصول إليها واستعمالها.

إعلان

ومن التحديات التي واجهها صندوق الحج في هذا التحول هو بناء ثقافة إلكترونية، تبدأ بتدريب موظفي الصندوق أنفسهم على استعمال التطبيقات الخاصة بالحج، ثم ثقافة شعبية للتعامل مع المواقع الإلكترونية والتطبيقات الخاصة.

عبد الرحيم بن عبد الله: التدريب الإلكتروني أكثر دقة من العملي التقليدي (الجزيرة) تطبيق "تهجاري"

ويضيف مدير العمليات في الصندوق أن جميع إجراءات الحج تُنجز عبر تطبيق "تهجاري" الذي أنشئ عام 2020، ويجري التطوير عليه باستمرار، وبذلك فإن الحاج لن يحتاج للوصول إلى مكاتب وإدارات الحج إلا مرة واحدة هي يوم تسليم جواز سفره.

يجري الدخول على هذا التطبيق عبر تقنية التعرف على الوجه، ومن خلاله يبدأ التسجيل للحج ودفع الرسوم على أقساط ميسّرة، ثم الاستمرار بمتابعة كل المستجدات. ويقوم الحاج والمختصون بإدخال جميع بيانته المطلوبة بما فيها وضعه الصحي.

دأبت ماليزيا على تنظيم دورات لتدريب الحجاج قبل حلول موسم الحج، وبعد تطوير شركات متخصصة في تكنولوجيا المعلومات برامج تدريب إلكتروني، تحول كثير من الحجاج إلى التدريب عن بعد.

ويقول عبد الرحيم بن عبد الله، مدير شركة الطريق إلى الحرمين، للجزيرة نت، إن التدريب الإلكتروني أكثر دقة من العملي التقليدي، وتكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعمق تقدم صورة أقرب للواقع، خلافا للأبعاد والمسافات في التدريب على مجسمات للكعبة المشرفة والحرم المكي التي لا يمكن أن تكون واقعية، وهو ما يسبب للحاج مشكلة بين ما في مخيلته وما يراه على أرض الواقع عندما يصل الحرم المكي.

استعدادات حجاج ماليزيا للسفر للبقاع المقدسة (الجزيرة) سباق دائم

ويضيف بن عبد الله أن تدريب الحج التقليدي يستغرق نحو 17 دورة، ويتطلب وجود جمهور مناسب لإقامته، وساحة تدريب ومجسمات مناسبة، ومهما بُذل من جهد فإنه لا يمكن -برأيه- أن يكون مطابقا للواقع في أداء المناسك، بينما التدريب عبر الواقع الافتراضي يقدم تفصيلا دقيقا للمسافات والأحجام، ويستطيع الحاج من خلاله قياس قدراته الصحية في أداء المنسك، وتفادي الزحام.

إعلان

وبغرض التدريب، يفضّل مدير العمليات في صندوق الحج محمد أمين عبد الوهاب استعمال جهاز الكمبيوتر أو حاسوبا محمولا على تطبيقات الهاتف النقال، نظرا لسعة الشاشة ووضوح الصورة وتمييز المسافات.

أما غرفة التحكم المركزية التابعة للصندوق في ماليزيا فتعمل على متابعة أوضاع الحجاج، بداية من تسجيل الحاج عبر تطبيق "تهجاري" وانتهاء بعودته إلى بلاده. ويقول المسؤولون عن الغرفة إن هناك خططا وأفكارا لتوظيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في متابعة أمور الحجاج، مثل تعقب الحاج في حال فقدان أثره، أو متابعة حالته الصحية خاصة الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة أو خطرة.

ويرى الخبراء في هذه الغرفة أن الإنسان في سباق دائم مع التكنولوجيا، ودائما تتقدم التكنولوجيا على الإنسان، وهو في بحث دائم عن وسيلة سهلة وغير معقدة للوصول للمعلومات.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الرواندي يزور المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي
  • برلمانية: نحتاج معهد عالي للذكاء الاصطناعي
  • سامسونج قد تدمج تقنيات Perplexity للذكاء الاصطناعي في هواتفها المقبلة
  • لا للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأحكام الشرعية بماليزيا
  • الأكاديمية العربية تستضيف اجتماع فريق العمل العربي للذكاء الاصطناعي
  • بعصر كاميرات المراقبة وبرامج التتبع.. دراسة: شعور الإنسان أنه مراقب يغيّر نمط التفكير
  • فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف
  • الإمارات تطلق البرنامج التدريبي للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي
  • جوجل تطلق تطبيقًا جديدًا لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على الهواتف دون اتصال بالإنترنت