أصوات من غزة.. غياب المواصلات يُضيف معاناة جديدة للعائدين للشمال
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
غزة- اختار محمود عطية أن يعود لمدينة غزة فور سماح الاحتلال الإسرائيلي للنازحين في جنوبي القطاع بالعودة، صبيحة يوم الاثنين 28 يناير/كانون الثاني الماضي.
وقُرب منتصف الليل، عقب عودته لمنزله، جاء المخاض لزوجته الحامل، فحاول العثور على سيارة كي ينقلها للمستشفى، لكنه من دون جدوى، كذلك أخبره جيرانه المقيمون أن العثور على وسيلة نقل في شمالي القطاع يعد أمرا بالغ الصعوبة بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي.
اضطر عطية إلى أن يبحث عن عربة يجرها حمار، كي ينقل زوجته للمستشفى لتضع مولودها، ويصف للجزيرة نت تلك اللحظات قائلا: "عانيت بشدة لكي أجد وسيلة نقل، لم أجد! لولا أني أخذت عربة من جيراني، لم أكن أعرف ماذا أفعل".
ويناشد الشاب الفلسطيني "الجهات كافة" العمل على توفير المواصلات لقطاع غزة، للتخفيف من المأساة التي يحياها السكان، متسائلا: "ألا يكفي ما نعاني من الأمور الأخرى؟ أنا دبرت نفسي، لكن غيري، كيف سيدبر أموره؟".
منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، شرع عشرات الآلاف من النازحين بالعودة إلى مناطقهم التي هُجّروا منها، حسب ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إعلانلكن سكان شمال القطاع يعانون من أزمة في المواصلات، بفعل منع الاحتلال إدخال الوقود بكافة أشكاله منذ بداية الحرب التي بدأت في أكتوبر/تشرين الثاني 2023، كما فاقم من المشكلة تدمير قوات الاحتلال آلاف السيارات.
تبدو مشكلة المواصلات بالنسبة لرأفت دغمش مضاعفة، نظرا لمعاناته من بتر كامل في قدمه اليمنى، وجزئي في اليسرى، إذ أُصيب في بداية الحرب خلال قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد "إحياء السنة" بحي الصبرة، يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكان هذا القصف أسفر عن استشهاد أكثر من 50 مصليا.
وخلال المجزرة ذاتها، فقدَ دغمش اثنين من أبنائه، واضطر للنزوح إلى جنوبي القطاع، ثم عاد مؤخرا بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار مشيا على الأقدام، مستخدما عكازين، ليفاجأ بافتقار مدينة غزة للمواصلات، وهو ما جعل معاناته مضاعفة.
لكنه يشير إلى أن المواصلات في وسط القطاع وجنوبه كانت متوفرة، إما بواسطة السيارات أو العربات التي تجرها الحيوانات، وهو أمر مفقود في الشمال، ويضيف: "أنا مُصاب ولا أستطيع التحرك، وأتمنى من الجهات المختصة أن توفر مواصلات لهذا البلد، وأن يوفروا لي كرسيا كهربائيا للتحرك".
يشير أبو محمد فارس، الذي عاد أيضا مؤخرا لشمال القطاع، إلى أن أي "مشوار بسيط" يستغرق منه نهارا كاملا، لعدم توفر المواصلات، ويضيف "نشعر هنا بالعزلة؛ في الجنوب كانت هناك مواصلات حتى على عربات (تجرها الحيوانات)، والحياة أسهل، هنا نعاني بشدة، لا توجد وسائل نقل".
كما ذكر أن نسبة كبيرة من الطرق مغلقة بفعل الركام والأنقاض، وهو ما يجبر المواطنين على سلك طرق التفافية تزيد من معاناتهم.
ويُبدي بدر كنعان تخوفه الشديد من حدوث أي حالة طارئة له أو لأهله أو جيرانه، تستوجب الانتقال إلى المستشفى، في ظل عدم توفر المواصلات، ويقول: "حاليا، نخاف إذا وقعت إصابة أو أي مشكلة صحية، لأننا سنعاني بشكل كبير ولا نعرف كيف سنذهب للعيادة أو المستشفى".
إعلانويضيف "منذ عودتي من الجنوب، أعاني كثيرا من موضوع المواصلات، لا نجد أي نوع من وسائل النقل، لا سيارات ولا عربات ولا توكتوك"، مشيرا إلى أنه في حال توفرت أي وسيلة مواصلات، فإنها تكون باهظة الثمن.
أما عبد العال عبد العال، الذي يمتلك دراجة هوائية قديمة، فيقول إن "الناس تحسده عليها"، ويشير إلى أن امتلاك أي وسيلة نقل مهما كانت يسيرة، يخفف كثيرا من المعاناة الكبيرة التي يتكبدها السكان.
لكنّ الدراجة لا تحل مشكلته، فهي قديمة ومرهِقة، ويضيف "منذ عودتنا من الجنوب، لا طرق ولا مواصلات، الحياة معدومة"، مشيرا إلى أن الذهاب للسوق وشراء بعض الأغراض يعني الاضطرار لحملها لمسافات طويلة جدا، وهو ما يصيبه بالإرهاق الشديد، ويختم قائلا "أزمة المواصلات بهدلت الناس، ربنا يرفع عنا هذه الغمة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
علق الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، على هجوم سيدني، قائلا إنه رغم رفض القيادة الفلسطينية لمثل هذه الأعمال، والتزامها بمبدأ «لا تزر وازرة وزر أخرى»، فإن الاحتلال الإسرائيلي يظل المسؤول الوحيد عما يجري على أرض فلسطين.
مربع الانتقام والكراهيةأوضح الهباش، خلال مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال، في برنامج «منتصف النهار»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن تحليل ما وقع أو ما قد يقع مستقبلًا من أحداث مماثلة يشير بوضوح إلى جهة واحدة تتحمل مسؤولية جرّ العالم إلى مربع خطير، هو مربع الانتقام والكراهية القائمة على أسس عرقية ودينية، محذرًا من أن الاحتلال الإسرائيلي يدفع بالأوضاع نحو هذا المسار.
وأكد أنه لطالما تم تحذير الاحتلال من الاقتراب من هذه المربعات الخطرة، ومن السعي إلى تفجير حرب دينية أو جرّ العالم إلى أتون صراع قائم على الكراهية الدينية أو العرقية، من خلال الجرائم التي تُرتكب في فلسطين، ولا سيما انتهاك حرمة المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
ردود فعل لا تقتصر على المسلمينوأشار مستشار الرئيس الفلسطيني إلى أن هذه الممارسات تجعل الاحتلال مطالبًا بتوقع ردود فعل لا تقتصر على المسلمين وحدهم، بل تمتد إلى كل أحرار العالم الذين تؤرقهم مشاهد الجرائم والانتهاكات المستمرة، لا سيما في قطاع غزة.