كشف المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) عن تزايد العنف الجنسي وزواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار في اليمن.

 

وقالت المركز في بيان لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن البلد الذي دمرته سنوات من الصراع، يواجه أزمة إنسانية كارثية، حيث تتحمل الفئات الأكثر ضعفًا - وخاصة النساء والأطفال - العبء الأكبر.

 

وأضاف "من بين الآثار الأكثر إيلامًا لعدم الاستقرار المستمر ارتفاع معدلات العنف الجنسي وزواج الأطفال. لا تعكس هذه القضايا المزعجة للغاية المعاناة الواسعة النطاق الناجمة عن الحرب فحسب، بل إنها تؤدي أيضًا إلى تفاقم التحديات الطويلة الأجل لإعادة بناء مجتمع تمزقه الحرب.

 

وتابع "منذ عام 2014، تورطت اليمن في حرب وحشية، شاركت فيها قوى خارجية، مما أدى إلى دمار واسع النطاق. أدت الحرب إلى انهيار البنية الأساسية، وتعطيل أنظمة التعليم، وتدمير خدمات الرعاية الصحية، مما ترك الملايين من اليمنيين مشردين وفي حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية".

 

مع تدهور الوضع، حسب التقرير- عانت الفئات الأكثر ضعفًا - النساء والأطفال - بشكل غير متناسب. في هذه البيئة غير المستقرة، تم تقويض حقوق وحماية هذه الفئات بشدة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات العنف الجنسي وزواج الأطفال.

 

وحسب المركز الأوروبي فإن زواج الأطفال يعد أحد أكثر العواقب المأساوية للصراع المستمر في اليمن، والذي تفاقم بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش في البلاد.

 

وقال "كان لدى اليمن أحد أعلى معدلات زواج الأطفال على مستوى العالم حتى قبل بدء الحرب، حيث تزوجت ما يقرب من واحدة من كل ثلاث فتيات قبل سن 18 عامًا. ومع ذلك، تصاعدت الأزمة منذ الصراع، حيث دفعت الفقر وانعدام الأمن والنزوح الأسر إلى تزويج بناتها في أعمار أصغر".

 

وفقًا لمنظمة Girls Not Brides، فإن انتشار زواج الأطفال في اليمن مرتبط بعدد من العوامل، بما في ذلك الأعراف الثقافية المتجذرة والفقر والآن الحرب. تتجه الأسر، في محاولة للبقاء على قيد الحياة أو حماية بناتها، بشكل متزايد إلى الزواج المبكر، غالبًا كوسيلة لتأمين المهور أو ضمان سلامة بناتهم في بيئة غير مستقرة.

 

ويرى أن عواقب هذه الزيجات وخيمة. وتواجه الفتيات الصغيرات اللاتي يتعرضن لزواج الأطفال مخاطر صحية مثل الحمل المبكر، والذي قد يؤدي إلى مضاعفات أثناء الولادة، وكثيراً ما يقعن في فخ علاقات مسيئة. كما تحرمهن هذه الممارسة من التعليم، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والحد من فرصهن المستقبلية.

 

وكما أبرز تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن حالة أم تبلغ من العمر 16 عاماً في اليمن تشكل مثالاً مدمراً لكيفية دفع الحرب للعديد من الفتيات إلى زواج الأطفال في سن مبكرة. وبالنسبة للعديد من الفتيات في اليمن، فإن الزواج ليس خياراً - بل هو آلية للبقاء تمليها الحقائق الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهنها.

 

وأكد المركز أن العنف الجنسي في اليمن أصبح نتيجة للصراع المستمر وأداة للحرب. وقال إن انهيار القانون والنظام، أدى إلى جانب الافتقار إلى الوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى زيادة العنف الجنسي، وخاصة ضد النساء والفتيات.

 

وكما ورد في تقرير صادر عن المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن العنف الجنسي يستخدم في كثير من الأحيان كسلاح من قبل الفصائل المتحاربة لإرهاب المجتمعات، وتعطيل التماسك الاجتماعي، والسيطرة على السكان.

 

وأشار إلى أن النساء والفتيات، اللاتي يواجهن بالفعل وطأة العنف، يقعن في كثير من الأحيان ضحايا للاغتصاب والعبودية الجنسية وأشكال أخرى من الإساءة. وفي كثير من الحالات، تُترَك الناجيات من العنف الجنسي دون دعم طبي أو نفسي، حيث انهار نظام الرعاية الصحية في اليمن تحت وطأة الصراع. وعلاوة على ذلك، فإن المحرمات الثقافية والافتقار إلى الحماية القانونية تجعل من الصعب على الناجيات السعي إلى العدالة أو حتى الإبلاغ عن إساءة معاملتهن.

 

وأوضح التقرير أن عواقب العنف الجنسي عميقة، وغالبًا ما تؤدي إلى صدمة جسدية ونفسية دائمة للناجيات، فضلاً عن انهيار ثقة المجتمع وقدرته على الصمود. وفي اليمن، حيث سيادة القانون ضعيفة، يظل العديد من الجناة دون عقاب، مما يؤدي إلى استمرار دورات العنف.

 

وأفاد أن ارتفاع حالات زواج الأطفال والعنف الجنسي ليس مجرد أزمة إنسانية؛ بل إنه يمثل تهديدًا طويل الأمد لاستقرار اليمن وتطورها في المستقبل.

 

ودعا المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) المنظمات الإنسانية والحكومات والهيئات الدولية إعطاء الأولوية لحماية النساء والأطفال في اليمن، ليس فقط من خلال تقديم المساعدات الطارئة ولكن أيضًا الحلول طويلة الأجل التي تعالج الأسباب الجذرية لزواج الأطفال والعنف الجنسي.

 

وقال "لا بد من بذل جهود أكبر لمحاسبة مرتكبي العنف الجنسي. ومع انهيار النظام القضائي في اليمن، أصبح الدعم الدولي ضروريا لضمان حصول الناجين على العدالة ومقاضاة المسؤولين عن الجرائم".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن العنف الجنسي أطفال صراع المرکز الأوروبی زواج الأطفال فی الیمن

إقرأ أيضاً:

أهالي غزة يجابهون الحرب بالموسيقى وسط الدمار والحصار

وسط دمار الحرب وقصف الطائرات، يُمسك أهالي غزة بالآلات الموسيقية ليعبروا عن صمودهم ورفضهم للاستسلام. في مخيمات النزوح وزحام المعاناة، تصبح الموسيقى لغة الأمل، حيث يعزف الأطفال والشباب النغمات بين الخيم، ليصنعوا من الألم جسرًا نحو الحياة. اعلان

وسط دمار الحرب وقصف الطائرات، تبقى الموسيقى صوتًا للأمل في قلب غزة. في مخيمات النازحين وزحام المعاناة، يُقاوم الفلسطينيون الألم بالعزف والغناء، حيث تتحول الآلات الموسيقية إلى سلاحٍ ناعم يزرع الفرح ويعيد للطفل براءته، ويذكّر الجميع بأن الحياة لا تزال تستحق العيش.

ساحة الجندي المجهول، القلب النابض لمدينة غزة التي فقدت صخبها وعاد إليها الوجع بصمت. هنا، حيث تحولت الساحة إلى مخيم مؤقت للنازحين، تجمع مئات العائلات تحت خيم ممزقة، وسط نقص حاد في أدنى مقومات الحياة، يعيش أحمد أبو عمشة، معلم الموسيقى، مع عائلته، بعد أكثر من 19 شهرًا من النزوح المستمر.

أبو عمشة ليس مجرد مدرس جيتار، بل هو رجل الرسالة، يحمل بين يديه آلة موسيقية بدل البندقية، ويرسم بالأوتار لوحة الأمل على خلفية الدمار. كان يسكن في بيت حانون، قبل أن تدمر الحرب كل شيء، وتطرده وزوجته وأطفاله من منزلهم. لكنه، وفي كل مرة اضطروا فيها للفرار، لم ينسَ أن يحمل الآلات الموسيقية معه. يقول: "إنها الشيء الوحيد الذي يمنحنا الأمل".

رحلة النزوح والبقاء

لم تكن حياة أبو عمشة سهلة منذ اندلاع الحرب. تعرضت عائلته للنزوح 12 مرة، قبل أن تستقر بهم الحال في مخيم ساحة الجندي المجهول. الطريق كان طويلًا ومليئًا بالمعاناة، لكنه ظل يحمل موسيقاه معه، كأنها جزء من نفسه.

وسط مشهد اليوميات الصعبة، من البحث عن المياه وتأمين لقمة العيش، يشق أبو عمشة طريقه عبر الزقاق الضيق في المخيم، ويحمل على كتفه زجاجات المياه، وعلى ذراعه جيتاره. وخلفه، يتبعه مجموعة من الأطفال الذين حولهم إلى طلاب، يتعلمون منه العزف، ويستعيدون من خلال الموسيقى شيئًا من براءتهم المفقودة.

Relatedاليونيسف: أكثر من 50 ألف طفل قُتلوا أو جُرحوا في غزة منذ 7 أكتوبر... والأهوال تتجاوز الوصفغزة: جوع وطوابير ولا حل في الأفق.. الآلاف يتجمعون أمام مركز جديد للمساعدات في رفحالجيش الإسرائيلي يقترب من السيطرة الكاملة على خان يونس وسط تصاعد وتيرة التصعيد في قطاع غزةطيور غزة

في إحدى محطات النزوح، في منطقة الماويسي بمدينة خانيونس، ولدت فكرة جديدة. شعر أبو عمشة أن الموسيقى يمكن أن تكون جسرًا يعبر به الأطفال فوق مأساتهم، فأسس مجموعة موسيقية أسماها "غناء طيور غزة" (GBS)، وتضم الأطفال المشردين الذين تميزوا بموهبتهم في الغناء والعزف.

قدمت المجموعة عدة عروض في مخيمات النازحين، واستقبلتها وسائل التواصل الاجتماعي باهتمام واسع، كصوتٍ يتعالى من تحت الركام، ليذكّر العالم بأن الإنسان الفلسطيني لا يموت، وأن الفرح يمكن أن ينبض حتى في أشد الظروف قسوة.

مولع، نجل أحمد، يبلغ من العمر 14 عامًا، وهو أحد أعضاء المجموعة. يعزف على آلة الناي، ويقول بكل ثقة رغم ما مرّ به: "لقد تم نزحنا أكثر من 11 مرة، وكنت دائمًا أحمل نايي معي. إنه الشيء الوحيد الذي يساعدني على نسيان صوت القصف". ويضيف أنه من الصعب العثور على مكان هادئ للعزف وسط الضوضاء، ولكنهم يحاولون التدرب داخل خيمة خاصة، بعيدًا عن ضجيج الألم.

أما الطفلة يارا، ذات العشر سنوات، فتتعلم العزف على الكمان. تعبر عن خوفها من كل عملية نزوح جديدة، لكنها تؤكد: "كلما شعرت بالخوف، ألتجئ إلى الموسيقى. فالموسيقى تجعلني أشعر بالأمان."

عزف الأمل تحت الخيم

داخل المخيم، تتجمع المجموعة يوميًا، وتبدأ الحكاية من جديد. الأطفال والشباب يعزفون مختلف الآلات الموسيقية تحت خيم ممزقة، في منظر قد يبدو غريبًا لمن لا يعرف المعنى الحقيقي للحياة. لكن هنا، في قلب غزة المنكوبة، أصبحت الموسيقى لغة جديدة، تتحدث بها الجيل الجديد عن الأمل، وعن الوطن، وعن الرغبة في العيش.

ويصر أحمد أبو عمشة، وهو ينظر إلى طلابه، على مواصلة رسالته الإنسانية. يقول بهدوء، بينما يعلو صوت العود في الخلفية: "نغني من أجل السلام، نغني من أجل الحياة، نغني من أجل قطاع غزة".

وفي ظل نقص الغذاء والماء والكهرباء، يبقى هذا المعلم يزرع الأمل، ليس بالكلمات فقط، بل بالأوتار، وبكل نغمة تُعزف في وجه القصف، وترتفع فوق دمار الأرض لتلامس سماء الإرادة والإنسان.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مركز أوروبي: ضغوط شعبية تطالب بتعويض الليبيين عن جرائم «الناتو» في 201‪1
  • المركز المثالي للتأهيل يحتفل بالأطفال ذوي الإعاقة
  • وزارة الإعلام تستجيب لأكثر من 1500 بلاغ حول محتوى مسيء ومحرض على العنف ومضلل
  • ترتيب صادم للدول العربية في سرعة الإنترنت 2025.. بأي مركز حلت اليمن؟
  • أهالي غزة يجابهون الحرب بالموسيقى وسط الدمار والحصار
  • العنف الأسري في اليمن.. زوجة تُذبح في عدن وأب يُقتل في شبوة
  • تأجيل امتحانات الشهادة الإعدادية لمدة ساعة بسبب الأمطار بالإسكندرية
  • رئيس المركز الأوكراني للحوار: نجاح مفاوضات السلام مرهونة بتنازلات متبادلة وحسن نوايا
  • تصاعد التضامن ’’العالمي’’ مع غزة تنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية بحق الأطفال والنساء .. اليمن نموذجًا للموقف المشرّف
  • «أونروا»: غزة تحولت من جحيم إلى مقبرة بسبب تزايد القصف الإسرائيلي