تهجير الفلسطينيين بين مخطط نتانياهو وصمود العرب
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
مع دخول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للبيت الأبيض ليتولى قيادة أقوى دولة اقتصادياً وعسكرياً في العالم، تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة وسط متغيرات إقليمية متسارعة ومرعبة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ورغم نجاح اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس وعودة مشاعر التفاؤل إلى السطح، جاء ترامب ليقذف بحجر جديد – بل بالأدق قنبلة جديدة – في قلب المنطقة، بعد مطالبته مصر والأردن باستقبال الفلسطينيين على أراضيهما، وهي الخطوة الأخطر على الإطلاق، إذ تعني وبكل وضوح تصفية القضية الفلسطينية تماماً والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية.ولن تنتهي تداعيات هذه خطوة، فإن كان الهدف تصفية القضية الفلسطينية تماماً، فذلك يعني تصدير التوتر إلى سيناء المستهدفة من قبل إسرائيل منذ ردّها الأول على اقتحام حماس لمستوطناتها في 7 أكتوبر 2023.
فمنذ بداية الحرب، حذّرت مصر من أن تدمير البنية التحتية في غزة وتحويلها إلى منطقة غير صالحة للحياة يهدف إلى الضغط على الفلسطينيين وتهجيرهم إلى سيناء. وإذا تحقق هذا المخطط، فلن تقتصر دائرة الصراع التي تشعلها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل على قطاع غزة والضفة الغربية، بل ستمتد إلى شبه جزيرة سيناء.
وحينها، ستتحرك الأطراف الإقليمية والأنظمة الأصولية في المنطقة والتي عبثت بالقضية الفلسطينية لصالحها، محوّلة غزة وجنوب لبنان وسوريا والعراق واليمن إلى ساحات لتصفية الحسابات مع إسرائيل والقوى الدولية على حساب أمن واستقرار وحياة شعوب تلك الدول، لكي تفرض أجندتها المسمومة على حساب أمن واستقرار مصر.
وسيواجه الأردن السيناريو ذاته، إذ إنه يعاني بالفعل من تهديدات أمنية، بسبب تهريب المخدرات عبر أراضيه، فكيف سيكون الوضع إذا تم تهجير سكان الضفة الغربية إليه؟ والأردن، الذي يشكل الفلسطينيون نسبة كبيرة من سكانه، لطالما كان هدفاً لتدخلات محور الشر، مما قد يحوّله إلى ساحة صراع بين إيران وإسرائيل.
لذلك، سارعت الدول العربية الفاعلة المعنية بشؤون الإقليم إلى اتخاذ موقف موحد لوقف هذا المخطط الشيطاني الذي يستهدف إنهاء القضية الفلسطينية وتهديد أمن مصر والأردن، من خلال الاجتماع الذي عُقد في القاهرة بداية الشهر الجاري، وضم وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، إضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأمين عام جامعة الدول العربية. وأكدت هذه الدول على رفضها القاطع لأي مقترح يسعى إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتبليغ رسالة واضحة إلى جميع الأطراف الإقليمية والدولية مفادها أن هناك إجماعاً عربياً حول قضايا المنطقة.
أخيراً، تحتاج الأمة العربية في الفترة الراهنة إلى توحيد الآراء والمواقف، وتنسيق التحركات، وتوزيع الأدوار بفاعلية، فالمستقبل القريب يحمل تحديات جسيمة وتهديدات واضحة للأمن القومي العربي، ولم يعد لدينا رفاهية الوقت في ظل تسابق القوى الإقليمية للتوسع على حساب الأمن القومي العربي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة ترامب غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
التصعيد اليمني .. مواجهة مع خطوط الإمداد الإقليمية لـ “إسرائيل”
أعلنت صنعاء دخول المرحلة الرابعة في الحصار البحري ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة تصعيدية تهدف إلى تحقيق مزيد من الضغط على خط دفع العدو باتجاه وقف حربه على قطاع غزة. والمرحلة الجديدة لا تعرف استثناءات، إذ أن بيان المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أشار إلى أن الاستهداف سيطال أي شركة شحن تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، بصرف النظر عن جنسية الشركة، وفي أي مكان تطاله الأيدي اليمنية.
العملية ليست مجرد توسيع للحصار، بل هي تحول استراتيجي ينقل المعركة من ملاحقة السفن المرتبطة مباشرة بموانئ الاحتلال إلى ضرب كل أذرع الإمداد وشل الموانئ المحتلة بالكامل، لإلحاقها بميناء إيلات المعطل منذ أشهر.
عمليات رصد دقيقة باشرتها القوات المسلحة اليمنية للسفن العاملة على خطوط الإمداد، بين شرق المتوسط والموانئ المحتلة، إضافة إلى ناقلات النفط التي تُضخ يوميًا في شرايين الكيان. والخطوة اليمنية أتت بعد رسالة تلقاها زعيم أنصار الله السيد عبدالملك الحوثي من قيادة حماس الأسبوع الماضي. الرسالة وصفت بشديدة التأثير، فقد كشفت حجم المأساة الإنسانية في غزة، وتضمنت نداءً في طلب العون من اليمن.
لعل مضامين الرسالة كانت تتبدى في نبرة وملامح في خطاب السيد الحوثي الأخير؛ وهو يعري “الموقف العربي السلبي السيئ، والمتخاذل والمتواطئ” الذي أثر في مواقف الدول الإسلامية،” التي كانت ستقف مواقف أقوى مما هي عليه الآن.. لو وقف العرب مواقف أقوى، لكن معروف أن كبار الأنظمة العربية لها موقف سلبي أزاء من يتحرك في هذا المسار، في هذه القضية الفلسطينية بشكل أكبر؛ ولذلك موقفهم سلبي جدًا من الجمهورية الإسلامية في إيران”.
بشكل غير مباشر، يحذر السيد الحوثي يحذر التي تذرف دموع التضامن إعلاميًا بينما سفنها تغذي أسواق الاحتلال، حتى تقدم حلولاً وبدائل اقتصادية لتعويض الخسائر التي يحققها الحصار اليمني.
تركيا خط الإمداد الأكبر
“نظام إسلامي يظهر التعاطف إعلاميًا مع الشعب الفلسطيني، وعدد ما قدمته سفنه أكثر من أي دولة في العالم”، عن تركيا كان يتحدث قائد أنصار الله.. تركيا الداعم الأكبر لـ “إسرائيل” في البحار، وفق ما أظهرته بيانات الملاحة العالمية. وقد شهد حجم الشحن البحري من تركيا إلى “إسرائيل” ارتفاعًا ملحوظًا خلال العدوان على غزة، وتحديدًا خلال النرحلة الممتدة من 3 مايو إلى 7 ديسمبر 2024م، وهي المرحلة الزمنية التي أعلنت خلالها أنقرة رسميًا قطع العلاقات التجارية مع الكيان الإسرائيلي. وخلالها، تجاوز عدد رحلات الشحن البحري بين تركيا و”إسرائيل” 340 رحلة، وبلغ عدد السفن التي أبحرت من الموانئ التركية إلى الموانئ المحتلة 108 سفن.
في تقرير نشره في أبريل الماضي، تحدث موقع Türkiye Today›s» “ عن حركة تصدير نشطة جدًا من تركيا إلى السوق الإسرائيلي. واستند إلى بيانات وزارة التجارة التركية ومجلس المصدرين الأتراك TİM) ) لشهر مارس الماضي، والتي كشفت أن صادرات تركيا من الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية ومشتقاتها في المرتبة الأولى ضمن الصادرات التركية إلى الأراضي المحتلة، تليها صادرات الصلب التي سجلت ارتفاعًا غير مسبوق بلغ نحو 9 آلاف بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. وقد بلغت قيمة صادرات تركيا من الصلب إلى الأراضي المحتلة في مارس 2024م نحو 13 مليونًا و901 ألف و470 دولارًا، مقارنة بـ153 ألفًا و400 دولار فقط في الشهر نفسه من العام 2023م، وهو ما يمثل زيادة سنوية مذهلة بنسبة 8962.2%، بحسب التقرير التركي .
موانئ مصر والسعودية خطوط امداد
على خط موازٍ، شكّلت الموانئ المصرية جسر إمداد بحري نشط آخر. ومع إطباق الحصار على غزة بإغلاق المنفذ البري الوحيد الذي يصل القطاع بالعالم، تحولت خمس الموانئ المصرية إلى منافذ إمداد رئيسة للكيان لقربها الجغرافي، وهي: الإسكندرية، دمياط، الدخيلة، بورسعيد والعريش.
كما كشفت البيانات الرسمية المصرية، والصادرة عن “المجلس التصديري”، أن قيمة الصادرات المصرية من الأسمنت إلى “إسرائيل” خلال العام 2024م هي الأعلى منذ بدء التجارة بين الجانبين. وبحسب الأرقام التي استعرضها تقرير نشره موقع “عربي بوست” في أغسطس 2024م:
– في العام 2021م: بلغت قيمة صادرات الأسمنت المصرية إلى الكيان 1.38 مليون دولار.
– في العام 2022م: ارتفعت إلى 1.65 مليون دولار.
– في العام 2023م: سجلت 3.80 مليون دولار.
– من يناير وحتى أكتوبر 2024م: قفزت قيمة صادرات الأسمنت المصرية إلى 50.7 مليون دولار.
إلى جانب ذلك، يتكشّف مؤخرًا الدور الذي تؤديه الموانئ السعودية، والتي دخلت ضمن خطوط الإمداد. وقد نشر الإعلام الحربي اليمني، قبل يومين، مقابلات مع طاقم السفينة «ETERNITY C» التي أغرقتها القوات المسلحة اليمنية، والذين أقروا أن ميناء إيلات كان وجهة السفينة التي اتجهت من ميناء بربرة في الصومال، وأن ميناء جدة السعودي كان سيكون وجهة لغرض التمويه والتموين.
هذا؛ وتشكل الموانئ السعودية محطة لتفريغ حمولات لبضائع تستوردها “إسرائيل” من الشرق (الصين، الهند..) منها ما يُعاد شحنه بحرًا، أو يُشحن برًا عبر الأردن، وهو ما فعلته الإمارات والبحرين، وتناوله تقرير “تايمز أوف إسرائيل” ومصادر إسرائيلية أخرى.
إن استعراض حجم الإمداد التركي والعربي النشط إلى الكيان يكشف حجم التواطؤ الفاضح، ويطرح تساؤلًا: بأي منطق تقدم الأنظمة العربية، ومعها تركيا، مصلحة “إسرائيل” على أمنها القومي؟ أمن يترنح تحت تهديدات إسرائيلية-أمريكية معلنة بتهجير سكان غزة ما يضرب عمق مصر والأردن، وبمشروع تقسيمي يتسلل من خاصرة سوريا، وبعربدة إسرائيلية تجتاح المنطقة بلا رادع ولا حساب.
أي مستقبل أسود يمهّده هؤلاء لدولهم وشعوبهم، وأي أنظمة حكم بمنظورهم ستنجو من ارتدادات هذا الانهيار الاستراتيجي؟!
إن المشهد برمته يعيدنا إلى كلمات الشهيد يحيى السنوار يوم وقف متحدثًا عن غزة: “ستفضح هذه المدينة كل المطبّعين، وتخزي كل المنسقين، وتكشف حقيقة كل المفرطين والمتنازلين.”
*صحافية لبنانية